القرآن الكريم - الرئيسية -الناشر -دستور المنتدى -صبر للدراسات -المنتديات -صبر-صبرفي اليوتيوب -سجل الزوار -من نحن - الاتصال بنا -دليل المواقع -
من انجازات الاحتلال اليمني في الجنوب صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
حقوق وحريات - جرائم
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الخميس, 23 أغسطس 2007 02:38
صوت الجنوب/ أنيس منصور /2007-08-23
الخريجون الجامعيون من حملة شهادات متنوعة تربويةوصحية تخرجوا في الجامعات إلى مجتمع رسمي يطالبهم بدفع فاتورة الحساب مقدماً، تمر عليهم السنون وهم في أماكنهم صامدين يتهيأون للركض وراء مستقبل ضائع في زحام الوساطات، والمحسوبية كانت أحلامهم تزن الجبال رزانة
وفجأة تمخضت جبال الأحلام فولدت هموماً وحالات نفسية ومستقبلاً غامضاً أسود، ملفاتهم حبيسة أدراج الخدمة المدنية وهم على رصيف البطالة التي أصبحت هاجساً اجتماعياً مقلقاً لكل بيت.

وفي التحقيق التالي سنتجول بين نماذج من الوجوه الشابة المطرقة الواجمة لنتلمس فصول المعاناة ونبحث عن أسباب الانهيار فإلى التفاصيل:

الجامعيون الصامدون

التقينا بعشرات الجامعيين الذين قدموا متأبطين مراسلات وشهادات التخرج وعلى محياهم براءة يحدوها الأمل ويجددها الطموح في وطن أحرق فيه الفاسدون الزهور وأماتوا الحياة الكريمة.. إنهم عاطلون عن العمل يقتاتون آلامهم يلوكون الأحزان عيونهم حسرات وأفواهم لا تفتح إلا مرة واحدة لوجبتين خفيفتين.

خالد أحمد محمد أقبل متحدثاً وقد توزعت شعيرات الشيب على أجزاء من جسمه وسقط شعر مقدمة الرأس، قال:«تخصصي إسلامية منذ خمس سنوات بذل والدي كل غال ورخيص ومضى علينا قطار الزواج وأنا منتظر فرج الوظيفة». كما تنهد فؤاد جندوح تنهيدة والعرق يتصبب من جبينه: «أنا دبلوم عالي معلمين تخرجت قبل ثماني سنوات وظائفنا ذهبت لغير مستحقيها عن طريق الوساطة وعمري الآن 38، لقد مللت من إعادة تجديد قيد الخدمة المدنية وسئمت الحياة»، وسألناه: لماذا أنت ساخط ويائس؟ قال:«يا صديقي الوظيفة تحتاج إلى فيتامين (و) وأنا فقير وأعيل أسرة، ذهبت إلى مكتب الخدمة لحج مرات عديدة فإذا هو فاغر فاه مثل الوحش الكاسر يريد أن يبتلعك لو كنت موظفاً» ثم صمت فؤاد طويلاً طالباً عدم إحراجه بين الشباب.

الجامعي (المقوت) مراد عبدالرب حنش القاضي لجأ إلى مهنة أخرى غير تخصصه وهي بيع القات، له 9 أعوام من تاريخ التخرج مع زميله صادق محد سيف قشيب الذي يعمل أيضاً بالأجر اليومي لتوفير لقمة العيش فقط في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار. كما أفاد مقربون عن وجود الشاب الجامعي فهيم ردمان يوسف ضمن الذين طالتهم سياط البطالة، اقتربنا من فهيم وسرد لـ «الأيام» حياة مليئة بالمنعصات قائلاً:«لقد كانت الأحلام تراودني في بناء منزل وزواج لكن ها هي سنة تأتي وسنة تذهب من أعمارنا وأنا في وضع غريب وكل عام وأنتم بخير». وفي لفتة استطلاعية على كشوفات جمعية عاطلون بلا عمل بكرش وجدنا أن 184 خريجاً جامعياً من كرش توزعوا للعمل في المطاعم والورش بأجر يومي يصل إلى 700 ريال وبعضهم قصد الجبال والبوادي لرعي الأغنام وفريق آخر يعمل في تقطيع الحطب وتحويلها إلى فحم ومآس كثيرة لا تعد ولا تحصى وقصص تراجيدية يطول الوقوف معها لكنهم جامعيون صامدون صامدون ولا فخر.
ضحايا الوعود إلى متى؟!

قال وليد علي أحمد حميدة، بكالوريوس إعلام قبل 4 سنوات:«إلى متى سنظل بهذه الحالة المزرية، سقطت دول كبرى وأنظمة ونحن في انتظار الوعود!». وإضاف:«تقدمت بملف التخرج ووزعته على الشركات وعدد من المحافظات والمؤسسات الإعلامية وجميع الأبواب أغلقت أمامي، إنني أخوض رحلة صراع مع الحياة بدون استعداد مسبق، لدي طموحات وآمال ذهبت أدراج البطالة». أما الجامعي تونس سيف محمد فقد أفادنا بأنه متخرج في كلية التربية صبر قبل 5 سنوات وطال انتظار الوظيفة وإنه رب الأسرة ويعمل بالأجر اليومي في قص وحمل الأحجار وأي عمل عضلي آخر وقال:«أنا جامعي ولست راضياً عن هذه الأعمال ولكن الحالة المعيشية دفعتني إلى ذلك والتدهور الاقتصادي وغلاء الأسعار وانعدام الوظيفة جعلني أعمل وأتحمل ما لا طاقة لي به، هذه هي الحياة عندنا وهذه هي سنتها، ولله في خلقه شئون». وفي حديث عابر وجدنا الجامعيين كليم محمد مجاهد ووحيد عبد محمد اللذين بدورهما تحدثا عن ذكريات الدراسة في الجامعة وبعد التخرج أخذ هاجس الوظيفة أحلامهما وتفكيرهما فطرقا أبواب المسئولين ابتداء من مدير الخدمة المدنية الذي وعد بتوظيفهما لكن دون جدوى، وقال كليم ووحيد:«ها نحن منذ سبع سنوات في انتظار حل معضلة الوظيفة ونعلن انضمامنا قهراً إلى قافلة المغلوبين على أمرهم ذهبت الأحلام والأماني أدراج الرياح».

خريجون مصيرهم مجهول

توافد إلى «الأيام» طابور من خريجي المعاهد العلمية سابقاً وعليهم سمات اليأس والقنوط، قلة منهم التحقوا بالسلك العسكري والأمني براتب لا يسمن ولا يغني من جوع وثلاثة منهم مصابون بحالة نفسية من ضمنهم الخريج خدام محمد صالح الكنس مختل عقلياً يجوب الشارع العام ويتحدث بأحاديث مختلفة غير منسقة ولا مرتبة وأحيانا يقرأ للمتسوقين كل ما تعلمه في معهد اليرموك العلمي!

حزن كبير وألم ممتد على امتداد عزلة كرش لعشرات المتخرجين في معهد الهجر للمعلمين، الجنون ينصب عدسته هنا وهناك يتلقط لنا صوراً لأشباح آدمية تخرجوا في المعاهد المهنية والفنية والصحية أمثال مطنوش عبدالله فارع ومراد جازم سالم ونجيب علي ثابت ويونس عبده عوجري ومحمود سالم عبدالله وجياب أحمد حنش.. أسماء يطول الوقوف معها، جميعها تشير إلى أن جيشاً من الخريجين في مهب الضياع ورحلة التيه التي لا تسترشد بخريطة عبور واضحة أو بوصلة تحدد موقعهم الأساسي.

إنها مفارقات عجيبة لم تصنعها مصاريف القدر ولكن صنعتها نزوات البشر في وطن يرفض شهادات أبنائه الواقفين على أبواب المصير المجهول.

وظائف منهوبة

الجامعي محمد ناجي الجحيلي مضى عليه زمن طويل خلف سراب الوظيفة استخدم طريقة العسل مقابل التوظيف ولكن هناك من دفع أكثر بهدوء وعاد الجحيلي رافعاً راية اليأس قائلاً:«كنت أحمل آمالاً عريضة وأمني نفسي بأني سأحقهها عقب التخرج ولكن تلك الأمنيات تحطمت على صخرة الانتظار ولأن الوظائف بعيدة المنال تذهب لعيال المسئولون وأقربائهم ومن محافظات أخرى على حساب لحج وهناك من يستخدم طريقة قطع بطاقة الهوية على أنه لحجي قباطي أصل كي ينال الوظيفة».محمود سالم عبدالله يحمل شهادة جامعية وتعرض لقصص وأساليب تئن لها الجبال فقد كان له أولوية التوظيف تم الاحتيال على وظيفته عن طريق سرقة رقم القيد الوظيفي لشخص آ،خر قال محمود بنفس ساخن:«بيننا وبينهم الله ماذا أعمل لا يوجد لدي فلوس ولا أستطيع حتى تقديم دعوى قضائية لمقاضاة المتسببين وأفوض أمري إلى الله». لا ننسى أن عزلة كرش البالغ عدد سكانها 25 ألف نسمة تقريبا، يوجد بها فتيات جامعيات ذهبت وظائفهن في المشمش ولمن يدفع أكثر، حتى خريجات المعاهد الصحية والقابلات تجرعن ويل المحسوبية وخضعت الدرجات الوظيفة لمقاسات ومعايير تغضب الله وملائكته والناس أجمعين.

إلى سيدتي الوظيفة!

وهيب أحمد علي غالب خريج المعهد الصحي لحج منذ سنوات ليس لديه ساعد قوي ولا مال وفير جرت مؤامرات بليل بهيم وتم الاستحواذ على وظيفته رغم أولوية الاستحقاق. قال وهيب إنه في انتظار فرج العام القادم وأجاب عن سؤالنا بقصيدة شعرية نثرية قال فيها:«أبحث عنك يا سيدتي/ كغريب في كل مكان/ أبحث عنك/ بوساطتي/بشهادتي/بخواتم ذهب أمي وامرأتي/ودعاء الجدة والصبيان/فهنا طابور ووساطات/ وهنا طابور ووجاهات/ أنا في صف المقهورين/ أهيم أهيم على الأركان».

عن صحيفة الايام العدنية 2007-08-23
آخر تحديث الخميس, 23 أغسطس 2007 02:38