طموح إيران يصطدم بمصالح القوى العظمى - بقلم - محمد عوده الأغا – باحث في الشأن الإقليمي طباعة
مقالات - صفحة الدكتور/ محمد عوده الأغا-
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأربعاء, 11 مارس 2015 05:52

بعد نجاح الثورة الإيرانية بإسقاط حكم الشاه، وُضع أمام صانع القرار في السياسة الخارجية الإيرانية ملفات عدة ومتنوعة ما بين الإقليمية والدولية، فأبقى على السياسات المُتبعة في بعض الملفات كما هي، مثل احتلال جزر الإمارات الثلاث، والنظرة بشأن البحرين، ومفهوم أمن الخليج العربي.

أما الملفات التي تغير فيها سلوك إيران الخارجي عديدة كان أهمها الموقف من التدخل الغربي في شؤون المنطقة، وملف القضية الفلسطينية.

بالعودة قليلاً لما قبل الثورة الإيرانية، نجد أن الإيرانيين قد عانوا من التدخل الأجنبي بصورة سافرة في بلادهم، ونلاحظ أيضاً تجذر الفكر الثوري في الثقافة الإيرانية ورفضهم للظلم والاضطهاد، هذان الأمران شكلا الدافع لتبني إستراتيجيتي تصدير الثورة ونصرة المظلوم، وبطبيعة الحال كانت دول الخليج العربي أول

 

ساحات الاستهداف بصفتها تمثل المجال الحيوي لإيران لدواعي الجوار الجغرافي، لكن التحرك الإيراني اصطدم بالمصالح الغربية، فأرادت إيران أن تعمل على إثبات نفسها كلاعب أساسي لا يمكن استثناؤه في أي ترتيبات سياسية أو أمنية، مما دعا دول الخليج العربية الست (السعودية والكويت والإمارات وسلطنة عمان

وقطر والبحرين)، -وإضافة إلى أسباب أخرى- إلى إعلان قيام مجلس التعاون الخليجي في مايو 1981 ليكون بمثابة آلية لتوحيد الجهود في مواجهة الأخطار التي بدأت تعصف بالمنطقة.

وبعد محاولات إيران الحثيثة للتحرك في الإقليم ضمن ثوابت الثورة التي رسمها المرشد الأعلى للثورة الإيراني الخميني، اصطدمت مصالح إيران القومية بتلك الثوابت الثورية، فغلَّبت القيادة الإيرانية المصالح القومية سعياً لبناء دورها الإقليمي من خلال ترميم علاقاتها مع دول العالم.

برغم ذلك استمر التحرك الإيراني بصورة موازية تضمن تهديد مصالح الغرب دريجياً، فكان الملف الأمثل والذي يتماشى مع شعارات الثورة ومصلحة إيران القومية هو ملف دعم القضية الفلسطينية،  فبدأت إيران بنسج علاقات قوية مع منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، الأمر الذي فتح المجال لإيران عبر اتفاقيات

مشتركة لأن تجد موطئ قدم في جنوب لبنان، وصولاً لإنشاء تنظيم حزب الله بعد الأسابيع الأولى للاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.

استمرت العلاقات بين إيران ومنظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح حتى الإعلان عن اتفاقية أوسلو، مما أدى إلى تراجع العلاقات مع المنظمة وفصائلها على حساب تقدم في العلاقة مع فصائل المقاومة ذات المرجعية الدينية (حماس والجهاد الإسلامي).

اعتقاداً بأن إشغال إسرائيل من خلال دعم فصائل المقاومة سيشكل هاجساً للغرب والولايات المتحدة الأمريكية، مما سيجبرهم على الجلوس لطاولة المفاوضات والتفاهم حول مكانة إيران في المنطقة استناداً للبعد التاريخي للإمبراطورية الفارسية القديمة.

ولكن المشكلة بالنسبة لإيران أنها تسعى إلى دور في غاية الطموح؛ لقناعتها أن الدولة القوية تمتلك سيطرة أكبر على مصائرها ومواردها من الدول الأقل قوة، مما يعزز استقلالها السياسي، وقرارها الذاتي، الأمر الذي جعلها تغرق في المستنقع السوري دعماً لحليفها السياسي، ولم تقف عند هذا الحد من التوَرُّط، بل

وضعت ثقلها في دعم جماعة الحوثي في اليمن مما كلفها استنزاف المزيد من مواردها، في ظل تراجع أسعار النفط العالمية، الأمر الذي قد يشكل ضغطاً على القيادة الإيرانية لصالح القبول باشتراطات دولية حول برنامجها النووي.

ويبقى نجاح دور إيران مرتكزاً على قدرتها في إدارة سياستها الخارجية بذكاء لجهة عدم التورط أكثر في تعريض مصالح الدول الكبرى في المنطقة للخطر بصورة أكبر، وألا يتعارض هذا الدور مع مصالح القوى العظمى.