عزل المطهاف معزولة بسبب انعدام الطريق و الاتصالات هجرها من هجرها لأن البقاءصعب طباعة
عام - تحقيقات
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأربعاء, 14 يناير 2009 04:40
صوت الجنوب/2009-01-14
المطهاف منطقة جغرافية تطلق على عدد من المناطق والقرى في مديرية رضوم محافظة شبوة والتي تمتد من عقبة عتوك إلى رأس الحيد (جبل العكن) وتضم نحو ثلاثين قرية أهمها المضالع، الغدير الأعلى -الغدير الأسفل- لحوا- السبخة- صوح- السبخات - حوره العليا - حلفا- الغليلة- الريدات - الموطاه- البخار - الرمام - عقاب - السرات - الخربة والفقر وغيرها.

مدرسة السبخة

وسكان المنطقة يتكونون من ثلاث فئات سكانية وهم قبائل آل سليمان ومشائخ آل عفيف ومشائخ المطاهيف.. والمنطقة معزولة تماماً عن غيرها من مناطق بلادنا بسبب وقوعها بين سلاسل جبلية شاهقة وانعدام الطرق والاتصالات فيها..

«الأيام» زارت مناطق المطهاف ورصدت خلال يوم كامل أحلام وآلآم أبناء هذه المنطقة وسجلتها على النحو الآتي:


المطهاف
الطريق مطلب الجميع

(عقبة عتوك) هي البوابة الجنوبية للمطهاف وهي عقبة شديدة الانحدار ولا تتسع إلا لسيارة واحدة فقط وهي غير معبدة.. التقينا الشيخ سعيد محمد البيلق الذي تحدث عن وعورة الطريق قائلاً: «الطريق كما تراها وعرة وغير مسفلتة والناس تئن وتصرخ من هذا الوضع، فالطريق هي مطلب الكل هنا، ويقال إن الطريق معتمدة، ولكن عليها خلاف وعرقلة ولا ندري الحقيقة، ولكن الأهم أننا نعاني كثيراً من هذه الطريق ونحن الآن معنا مريض سننقله إلى أحور محافظة أبين والمسافة حوالي ست ساعات بسبب وعورة الطريق ولك أن تتخيل هذه المعاناة».

وحول الطريق أيضاً، يقول الأخ عبدالله علي عفيف عضو المجلس المحلي بمديرية رضوم:«المطهاف واسعة وتقع بين سلاسل جبلية وهناك بعض المطالب والهموم لابد للحكومة أن تلفت إليها وأهمها مشروع الطريق الاستراتيجي الممتد من منطقة الساحل إلى منطقة هدى وهو مشروع معتمد من قبل الدولة التي تولي اهتماماً بمثل هذه المشاريع، ولكن حدث خلاف حول من أين يبدأ الطريق وأين ينتهي وأين يمر مما أدى إلى عدم التنفيذ، ولذا أملنا في تعاون الجميع ومساعدة المجالس المحلية في المتابعة مع أن موضوع الطريق تم طرحه أكثر من مرة في المجلس المحلي بالمديرية، ولاشك أن إنجاز هذه الطريق التي تعد حلم للناس هنا سيشكل نقلة حقيقية لحياة الناس وسينعش الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة وسيربطها بمناطق المحافظة الأخرى».


وعورة الطريق أوقفت السيارة
عزلة المضالع

المضالع أولى قرى المطهاف.. أشجار النخيل الفارعة أول ما يمكن مشاهدتها مع بيوت صغيرة متناثرة هنا وهناك..

مدرسة المضالع مدرسة صغيرة متواضعة المبنى (بردين) ويقول عنها الأستاذ هادي علي البيلق مدير المدرسة: «مدرسة المضالع للتعليم الأساسي يبلغ عدد طلابها مائة وخمسون طالباً يدرسون إلى الصف السابع فقط، حيث يدرس بها أبناء قرى المضالع- الحلوة - الحليلة - الرحابة - لودية والغليلة، والمبنى قديم، بني بطريقة عشوائية كما ترون وغرف الدراسة صغيرة وكأنها سفول، ونعاني من قلة المعلمين ومع ذلك الدراسة تسير بشكل جيد».

ويضيف: «بعد الصف السابع يترك الطلاب الدراسة والتعليم نظراً لعدم قدرتهم على الانتقال إلى مدرسة حورة البعيدة من هنا ماعدا قلة بسيطة تدرس هناك، حيث يتكبد الطالب الواحد حوالي ستة آلاف ريال شهرياً أجور المواصلات ولذا فإن أغلبية أبناء المنطق يتركون الدراسة بعد الصف السابع».

عزلة الغدير

الغدير مركز انتخابي وعزلة تضم مجموعة من القرى وعنها يقول ممثلها في المجلس المحلي لمديرية رضوم الأخ أحمد عوض الرطيل: «الغدير منطقة محرومة من المشاريع، فالمنطقة بحاجة إلى مشروع للمياه، حيث إن المواطنين يشربون مياه مالحة غير صالحة للشرب، ويعاني المزارعون من حرمانهم من أي مشروع زراعي للاستفادة من العيون المائية، كما يعاني عدد من أبناء المنطقة من حرمانهم من الإعانات».

ويزيد الأخ عوض سعيد غبران من أهالي الغدير:«لا توجد وحدة صحية، وإذا مرض شخص يتم نقله إلى أحور أو عزان ويكلفنا ذلك خسائر كبيرة نتيجة وعورة الطريق»، ويضيف: «المنطقة مثل غيرها من مناطق المطهاف تشتهر بزراعة النخيل، إلا أنه لا يوجد اهتمام بأحوال الزراعة والمزارعين، والنخيل يوجد به مرض ولابد من اعتماد المعاين المائية».


المطهاف
شظف العيش

من المشاهدات المؤلمة التي خرجنا بها في عدد من قرى ومناطق المطهاف الحالة المعيشية الصعبة لدى السكان.. حيث تعاني كثير من الأسر العيش لاسيما وأن كثير من الناس هنا بدون عمل.. حتى أن عدد من أبناء المنطقة هجروا منطقتهم بحثاً عن التعليم والصحة والعمل والحياة الكريمة، وهناك كثير منهم استقر وسكن في بعض مناطق ساحل شبوة بينما استقر آخرون في محافظة عدن وبأعداد كبيرة، كما لجأ آخرون إلى حضرموت والمهرة..

ورغم المعاناة والظروف الصعبة في المطهاف إلا أننا وجدنا كثيرا من الناس يشكون من حرمانهم حتى من الإعانات من قبل صندوق الرعاية الاجتماعية.. وهو ما أكده لنا الوالد يسلم عوض بن لصور، من أهالي قرية النجار الذي قال: «الحكومة لا تهتم بحالنا وظروفنا، فالناس هنا يكابدون ويعيشون ظروف معيشية صعبة ويعانون الفقر والجوع والحرمان، ومع هذا كثير من المحتاجين بلا إعانات ونحن في قرية البخار هناك أربع حالات إعانة فقط والبقية لم يسأل عنهم أحد، والدولة لم توظف أحدا من أبناء القرية».

أما الوالد هادي محمد بن عفيف الذي التقيناه أثناء زيارتنا لقرية الرمام فيقول:«أنا ماشي معي من الحكومة شيء، لا إعانة ولا وظيفة ولا دعم للزراعة، وأنا صابر وأهل المطهاف صابرين وعيالي أميين، ومعتمدين على الزراعة، لكن ما تخارجنا فالظروف صعبة».

وفي قرية عقاب يعاني أبناء القرية من انعدام وجود مدرسة باستثناء مجموعة تلاميذ يدرسون في الصف الأول أساسي يدرسون في أحد السفول المبنية من الطين، ثم ينتقلون للدراسة في مدرسة حورة.

المطهاف في موكب الثورة والنضال

عرفت المطهاف بتاريخها النضالي ومشاركة أبنائها في الثورة على الاستعمار البريطاني وبرز عدد من رجالها الأخيار في مقدمة الثوار، أمثال الفقيد عمر صلفوح والشهيد مبارك لخزع وغيرهم كثير.

وأثناء تجوالنا في مناطق المطهاف كان لـ«الأيام» زيارة خاطفة وسريعة لأسرة الشهيد مبارك لخزع، حيث التقينا شقيقه محمد الذي حكى لنا قصة كفاح شقيقه مبارك الذي اغتال قائد الحامية البريطانية في المكلا عام 1964 إلا أن هذا الثائر المقاوم كان من ضمن الذين تم تصفيتهم وإعدامهم بعد الاستقلال.. الأمر المؤلم أن هذا المناضل لم يكرم ولم يصرف له أي راتب مثل الشهداء والمناضلين بل حتى أسرته محرومة من إعانات الرعاية الاجتماعية.


الوحدة الصحية مغلقة
البقاء صعب والعيش أصعب

المطهاف: شتات العمر وأوراق اغتالها القهر والمعاناة.. البقاء هنا صعب والعيش فيها أصعب.. هنا حيث أنين الشكوى التي تنبع من الأحشاء، وحيث تساق الأسئلة وراء الأسئلة وتزداد الأوجاع في ظل قساوة الظروف وشدة الليل الحالك.. لكن قبل هذا وذاك يتساءل المرء مثلي أي زمن هذا الذي يتجاوز أنين الناس الطيبين، وأي وطن هذا الذي ينؤ عن نكبات وويلات ومآسي أبناء منطقة كهذه مغيبة عن هذا الوطن الكبير ومحاصرة بين تضاريس الجغرافيا الصعبة.



2


«الأيام» تزور قرى وعزل منطقة المطهاف بشبوة .. ظلام دامس وجوع وفقر وحرمان من أبسط مقومات الحياة الكريمة ..(2-2)
«الأيام» جمال شنيتر:

المطهاف
وتستمر المرحلة.. وتستمر رحلة «الأيام» من قرية إلى قرية أخرى من قرى المطهاف.. ومازلت أراقب شاشة المطهاف.

وثمة نخيل متناثرة هنا وهناك ولاصوت هنا إلا صوت السيارة التي تقلنا وهي ترتطم بصخور صلبة في طريق وعرة غير معبدة يعقبه دثار سحابة من الأتربة نخلفها وراءنا.. ومازلت أفتش في حنايا المطهاف عن الغالي والنفيس والنادر، فوجدت صعوبة الحياة عند الناس وضنك العيش وحاجة الناس المعيشية الصعبة، ومع هذا وذاك هناك مشاعر فياضة تصب في قالب إبداعي إنساني جميل وإنساني عاطفي يطغى على كل الصعوبات التي تواجه الإنسان المطهافي.

عزلة السبخة

وصلنا إلى مركز المطهاف الأعلى الذي يضم عددا من القرى أهمها قرية السبخة التي توجد بها مدرسة للتعليم الأساسي يقول عنها مديرها الأستاذ عمر عوض بلعيد:«المدرسة يدرس فيها 179 طالباً وطالبة وتستمر الدراسة فيها إلى الصف السادس وتعاني المدرسة من نقص في عدد المعلمين ونقص الغرف الدراسية وبعض الكتب الدراسية غير موجودة مثل كتب الاجتماعيات للصف السادس وكتب الرياضيات للصف الرابع والخامس، ويدرس بالمدرسة أبناء قرى الريدات - صوح - الشرابة - لحوا - المحراقة وغيرها وياتون مشياً على الأقدام حوالي ساعة زمن، ولاشك أن ذلك يشكل إحدى المصاعب التي تواجه الطلاب».

انتهى كلام مدير المدرسة عن التعليم في مناطق المطهاف عامة، حيث إن المشكلة أن الدراسة تسير إلى الصف السادس أساسي فقط وبعد ذلك يترك نحو 80 % من أبناء المطهاف المدارس، ولهذا ينبغي بذل مزيد من الجهود من قبل الجهات ذات العلاقة لدعم التعليم وتشجيعه وتوفيره بأسهل الطرق مع الإشارة هنا إلى أن هناك جهد لابأس به من قبل السلطة المحلية ومكتب التربية في مديرية رضوم، كما أن المنطقة بأكملها لا توجد بها مدرسة للتعليم الثانوي، وهذه مشكلة أخرى ينبغي حلها ولو تدريجياً من خلال البدء أولاً بفتح الصف الأول ثانوي في مدرسة حورة التي تعد المدرسة الوحيدة المكتملة في التعليم الأساسي.

مشروع المياه

وحول مشروع المياه يقول الشاعر محسن سعيد السليماني أبوصقر:«المنطقة تفتقر إلى مشروع للمياه رغم أنه حفر بئر قبل أربع سنوات، ولكن للأسف لم يستكمل المشروع لهذا نجد كثيرا من مناطق المطهاف تعاني من شحة المياه ويتجرع الناس شرب المياه المالحة غير الصالحة للشرب»، ويضيف أبو صقر:«المنطقة بحاجة إلى مشروع كبير للمياه من خلال استغلال مياه العيون والينابيع، وهناك مشروع مياه المطهاف وهو مشروع لم ينفذ بعد، رغم أنه اعتمد من المحافظ السابق درهم نعمان على أن يكون المشروع من مناطق لحوا والموطاه ويمتد ويمر في مناطق المطهاف حتى ينتهي في منطقة المضالع، ولكن إلى الآن المشروع مجرد حبر على ورق».


طلاب يدرسون
ظلام دامس

يقول الأخ أحمد محمد لخزع:«تعيش المطهاف بكافة مناطقها في ظلام دامس بسبب عدم وجود مشروع للكهرباء، ولا ندري هل الكهرباء من حقنا أم لا، مع أن كثيرا من مناطق محافظة شبوة تم ربطها بالتيار الكهربائي من عاصمة المحافظة عتق، كما أن التيار الكهربائي ليس ببعيد عن مناطق المطهاف فأقرب منطقة لنا منطقة هدى مديرية حبان تبعد حوالي عشرين كم، ولذا فإن من بين مطالبنا إدخال التيار الكهربائي».

مخلفات حرب

حدثنا بعض أبناء المطهاف أنهم تعرضوا خلال سنوات طوال للإقصاء والتهميش والإهمال والنسيان من قبل الحكومات التي تعاقبت على هذه البلاد، وفي هذا الإطار يقول الوالد محسن عوض لحنف الذي التقيناه في سوق قرية السبخة:«هذه المنطقة محرومة أشد الحرمان ولم يزرها المحافظون إلا المحافظ درهم نعمان في بداية الوحدة اليمنية، وبعدها لم يزرنا أحد ولم يتفقدوا أحوالنا وأوضاعنا، والمنطقة لها مطالب كثيرة وأولها الطريق الذي يعد مطلبنا وهمنا وحلمنا الأول، ثم مدارس المطهاف بحاجة إلى مدرسين وبناء صفوف دراسية والشخص فينا عندما يمرض لا يوجد رعاية صحية في مناطقنا فنضطر لنقله إلى عتق عاصمة المحافظة أو أماكن أخرى أبعد منها ويتكلف الواحد عشرين ألف ريال قيمة أجرة السيارة وحاجات كثيرة نعاني منها، باختصار المطهاف تبدو وكأنها من مخلفات حرب لكثرة المعاناة وأنت قدك تشوف وبتشوف».

من هنا وهناك

يقوم المواطنون بالتسوق في سوق العرم بمديرية حبان أوسوق عزان بمديرية ميفعة والمسافة إلى تلك الأسواق تقضي على المرء أن يصبر نحو أربع ساعات من وعورة ومشقة الطريق ، إلى ذلك يوجد في قرية السبخة سوق صغير متواضع يتم فيه بيع وشراء بعض المستلزمات الضرورية خاصة من المواد الغذائية إلا أن المشكلة التي يشكو منها أهل المطهاف تكمن في ارتفاع أسعار المواد الغذائية فمثلاً سعر أسطوانة الغاز تبلغ ألف ريال وهكذا بالنسبة للمواد الغذائية.كثير من الناس هنا يعانون شظف العيش والحياة صعبة ومعقدة بالنسبة لهم وأصبحت الرعاية الاجتماعية والجمعيات الخيرية الاهتمام بمعاناة الفقراء والمعدمين في مناطق المطهاف وهم كثر..

زرعة النخيل

هي الزراعة الوحيدة التي توجد في منطقة المطهاف، حيث يتم ريها من خلال الغيول التي تسيل في أودية المطهاف غير أن معظم الأهالي يشكون من عدم اعتماد معاين كافية في المنطقة للاستفادة من مياه الغيول، الوحدة الصحية في قرية الموطاه مغلقة والمبنى قديم ومتهالك وهناك معاناة كبيرة للمواطنين جراء انعدام المرافق الصحية في مناطق المطهاف باستثناء المركز الصحي في منطقة حورة الذي يحتاج إلى بعض التجهيزات الطبية. تنعدم خدمة الاتصالات في المطهاف مما زاد من عزلتها عن بقية أنحاء البلاد، ولذا يطالب كثير من المواطنين بإنشاء برج للاتصالات في المنطقة.


حصن قديم
آخر المطاف

آخر المطاف في المطهاف.. جبل العكن بكبريائه وجبروته وهو يطل على مناطق المطهاف وكأنه تمثال أسطوري.. كانت الطريق تمر في قلب هذا الجبل, تصعد بنا السيارة رويداً رويداً وتلتف يميناً ويساراً بمنعطفات خطيرة والقلوب ترتجف.. حتى أن وعورة الطريق اضطرت سائق السيارة التي تقلنالإيقافها أكثر من مرة.

ومضينا نحو ساعتين من الزمن حتى انتهينا من الطريق.. وفي مشهد كهذا سألت نفسي، لماذا يتمسك الناس هنا بمنطقتهم، حيث التضاريس الصعبة وصعوبة الحياة والحرمان من أبسط الحقوق الآدمية.. لاشك أن الجواب ببساطة هو ثمة انتماء أصلي للإنسان..دموع الحسرة والحزن والانكسار وما أثقل كاهل المنطقة من هموم ومصاعب هذه الحياة والقحط وآلام لا تعد ولا تحصى.. ولكن يبقى السؤال:بأي ذنب حرمت المطهاف من أبسط حقوقها؟.




نقلا عن الايام الجنوبية: جمال شنيتر

آخر تحديث الأربعاء, 14 يناير 2009 04:40