د.فاروق حمزة : مأســــاة بقرار جمهوري (قطعة سكر سريعة ذوبان) طباعة
مقالات - صفحة د/فاروق حمزه
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأربعاء, 04 أكتوبر 2006 10:28
صوت الجنوب نيوز 4.10.2006/د.فاروق حمزة
في الواقع لقد شدني موضوع الأخ الكاتب الصحفي/ لطفي شطارة، "شبوة قبائل .. وليسوا هنود حمر" إلى كتابة هذا الموضوع، والذي لم أكن أحبذ البث فيه حالياً،
لكن وبما أن صديقي الكاتب هذا قد صوب موضوعه في حينه، أجد نفسي مضطراً بأن أكون جزءاً منه في عرض قضايا أبناء الجنوب، وإبرازها على السطح، ليس لغرض النقمة أو التشهير، لكن من منطلق الحق والحقيقة، التي صار شعب الجنوب يدفعها في مأساة لم يكن هو يتوقعها إطلاقاً في حياته، خاصة وأنه قد أفتكر، أنه بمشروع إعلان الوحدة ربما لعل وعسى يكون قد تجاوز كل محناته السابقة والتي أيضاً ربما يكون قد أرسى لنفسه بهكذا مشروع، برنامجاً جديداً في الحياة السعيدة والكريمة، متمنياً للدول العربية الأخرى بأن تحدو حدوه. لكن في الواقع ودون إستثناء كل أبناء الجنوب وبمختلف محافظاتهم، صاروا يدفعون ثمناً باهضاً في المعاناة، الأمر الذي أوصلهم لحالة أنهم صاروا يكرهون شئ إسمه إعلان مشروع وحدوي كهذا الذي صار عندنا متمنيين لبقية أقطار الوطن العربي، وخاصة ممن هم أقل سكاناً بأن لا يخدعون بشعارات زائفة كاذبة تعطلهم وتعطل بلدانهم، بل وترجعهم إلى الخلف كثيراً. ويكونوا مجرد ضحايا لنزعات ضيقة، تريد العيش على حساب آخرين، بشتى الوسائل والأساليب.

 ولم تكن شبوة لوحدها وبمفردها هي التي تتعرض لهكذا إبتزاز، ظاهره الحرص وخفاياه خبث وقهر وإذلال، فالشواهد كثيرة جداً ولا تحصى، وفي كافة الحياة المعيشية المعاشاة ومجالاتها السياسية والثقافية والاٍجتماعية والاٍقتصادية وكلها مجتمعة، وتسير هكذا بصورة منظمة ومستقصدة، وإلا ما معنى أن يفقر شعب الجنوب عنوة بكل شئ حتى ماكان يملكه الأفراد على المستوى الشخصي، ويتجر ممن هم أصلا كانوا فقراء في وطنهم الشمال اليمني، فألم يكن هذا الإعلان للمشروع الوحدوي ليجعل الناس سواسياً في الحقوق والقوانين، ومتكافئين بالفرص؟ أم أن ممن هم أصلاً من اليمن الشمالية يعتبروا أنفسهم في درجات أعلى ومتقدمة وبكثير على ممن هم من اليمن الجنوبية، وهذا للحقيقة ماهو صائر وما هو في الواقع أصلاً لدرجة أن أي جنوبي لا يستطيع أن يحصل على حقه إلا إذا كانوا راضيين عنه بعد تودده لهم، وبالطبع أن يكون هناك وسيط شمالي لذلك، فائق الذكاء وقادر على الإقناع وعلى خوض غمار المقامرة مع ممن هم من أبناء جلدته، بينما يكون الجنوبي مجرد منتظر للرد منه متمنيا ولو ببصيص من الأمل في الحصول على رد شبه مقنع، ليرتضي به، خاصة بعد أن يكون قد داخ في معاناته بمتابعة  ممن هم مقربون لمواقع القرار من الجنوبيين، ويكون قد يأس منهم كونهم لهم هم واحد فقط، وهو التأكد بوصول أخبار لرجالات القرار الشماليين، بأنه قد عمل على تعطيل متطلبات جنوبي من أبناء جلدته، لأنه يتوهم بأن ذلك هو الكرت في ضمانة بقاءه بالموقع المؤقت.


 وأما على مستوى المؤسسات الجنوبية فالفهلوة قد فاقت حتى الخيال، وهكذا دون مبرر تمت عملية إلغاءها وإستبدالها بشمالية مع إبراز كل أساليب التسهيلات والفبركات والإمدادات لها، وحتى إن دعى الأمر بسن قانون زائف لها فكل شئ مسخر لها، المهم أن لا يكون هناك شئ له بصماته الجنوبية. ناكرين على أنفسكم هوية ودولة الجنوب وكأن الدنيا قد فرشت لهم ورود في المباركة لإحتلال دولة الغير، حتى وإن كانت دولة إخوة لهم في العروبة والإسلام، ودولة في الجوار. ونفس الشئ هو ما صار للكادر العسكري والمدني الجنوبي أي لكل جهاز الدولة الجنوبية مجتمعة، فهل بالله عليكم أنتم تعملون من أجل ترسيخ وحدة؟ علماً بأنه حتى من يعمل ويعلن عن إحتلاله لدولة أخرى لا يجرؤ ولو مثقال ذرة أن يعمل ما عملتموه وما تعملوه أنتم في بلادنا، بالرغم من إدراكنا لتخبطكم هذا المستمر، وإستخراجاتكم المستمرة من خلال إبتكاراتكم في المصطلحات المتنوعة لهكذا إحتلال، وإنفعالاتكم في ردود الأفعال لكل حبة وقبة، ويبدو أنكم حتى وهكذا تبقون في التوتر النفسي والعصبي من ظلكم الشخصي، تتوقعون وعلى الدوام إسقاط السحابة حتى وإن مرت مجرد عابرة.


  وأعتقد بأنه حتى وإن كان موضوع ما سبقنا به، أخي الكاتب/ لطفي شطارة في موضوعه عن شبوة، وإنما ما أردت أنا قوله لكم بأن قضايا العرب يجب بأن لا تكون مجرد قتل فراشة في حقلها، وأن لا تكون القضية اليمنية، وأقصد بذلك قضية دولة الجنوب ودولة الشمال أن تكمن في إبادة دولة الجنوب وشعبها ودفن وهويتها، وأنا أقصد بكل معانيها للكلمة إبادة، ففي الجمالة للغير والتقمص في الشراكة بمكافحة الإرهاب و...إلخ. لم ولن يثني العالم بكله من غض النظر عن ما يعمل وعمل بشعب ودولة الجنوب، فإبادة شعب الجنوب وتمزيقه وإفقاره وتجويعه وقتله وتشريده بالداخل والخارج، وإلغاء دولة الجنوب، هو الإرهاب بعينه. وهذا هو الإرهاب الكبير، إن لم يكن فقط كذلك، وإنما يأتي في أكثر الجرائم البشعة في حق الإنسانية. وهو ماقد يكون من مهام العالم كله المحب للحرية والسلام، والشواهد كثيرة، فالصهيونية لم تعد تطالب بدولة من النيل للفرات، والصراع صار يزداد حدة بين كوندليزا رايس وكولن باول، وما نحن إلا بالأخير أصحاب قرارات للشرعية الدولية 924-931 وأصحاب حق، ومطالبين بحق تقرير المصير في العودة لدولتنا الشرعية، علما بأن مطلبنا يكمن فقط في الحرية والسيادة والإستقلال، ولا تستطيع أي قوة في الأرض أن تمنعنا من ذلك، لأن ذلك هو خيارنا.


       د. فاروق حمـــــــــــــــــــــزه

        صنعاء في أكتوبر 04 ، 2006

آخر تحديث الأربعاء, 04 أكتوبر 2006 10:28