على من نطلق الرصاص .. الجزء الثالث - بقلم - عبده النقيب* طباعة
مقالات - صفحة /عبده النقيب
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأربعاء, 23 ديسمبر 2015 19:54

 في خضم البحث عن حلول ناجعة لمشاكلنا المزمنة والمعقدة  تبرز اهمية تظافر الجهود المختلفة لإيجاد قراءة واقعية ودقيقة لواقعنا الجنوبي الراهن ادعو كل المخلصين للمساهمة في البحث عن

أسباب فشلنا المتكرر خلال المرحلة الماضية فبمعرفة اسباب الفشل نستطيع تحديد ماهي البدائل المناسبة لنا حيث تنتصب امامنا جميعا مهام ملحة يتوقف علي انجازها شكل المستقبل الجنوبي بأكمله.

هذه مساهمة مني في ثلاث حلقات  اتمنى ان اكون قد اسهمت ولو حتى بتوجيه النقاش إلى المكان الصحيح.

الحلقة الثالثة وألاخيرة


الحراك السلمي هو هجين مركب متعدد الأجزاء يضم أولئك الذين جاءوا من خلفية وطنية جنوبية متمسكة بالهوية وبتاريخ الجنوب العربي واولئك الذين  جاءوا من المدرسة الشمولية ومن خلفية

ثقافية وأيديولوجية يسارية اصحابها مازالوا يرون في الدعوة لمشروع الجنوب العربي وهويته التاريخية عودة للماضي والتجزئة السياسية في عهد المشيخات والسلطنات. يتخلل هذا المكون الهلامي

المسمى بالحراك السلمي بقايا لأثار الصراع السياسي الجنوبي ونتوءات واختراقات سياسية لأحزاب يمنية ناهيك عن وجود حالة ضعف شديد في تركيبة وهيكل الحراك الداخلي وشكله الهلامي

الخارجي.. هكذا يمكن لنا قراءة وتفسير ظاهرة الحراك من خلال النظر في تركيبتها وبنيتها المفككة ومكوناتها المتناقضة. هذا بالطبع ينطبق على ما يسمى بالمكونات المهلهلة  لكن للحراك معنى

اوسع واشمل يتعدى المكونات وهياكلها والذي يشارك فيه دون انتماء للمكونات التيار الشعبي الجارف والذي يطوقها تيار ويمثل السواد الاعظم من الشعب الجنوبي الذي لا يفقه في شكل المكونات

ولا تعقيداتها فيكتفي بما يقال في الخطابة والشعارات يغذي تحركه المشاعر الجياشة المشحونة بالغضب والمعادية لكل ما هو يمني مسبوغ بالحنين للحرية والعودة للدولة الجنوبية المستقلة.
اذا اردنا ان نقرأ ونفسر مواقف القيادات السياسية خلال المرحلة التي تبدا من النصف الثاني من القرن الماضي لا يمكن لنا الا ان ننظر لمرحلة الصعود التحرري العالمي وسيادة الافكار القومية

واليسارية والتي اصيبت بالانتكاسة والخيبة بسقوط المنظومة الاشتراكية في اوائل تسعينيات القران الماضي فهم يعيشون حالة فصام سياسي.  كما ان علينا ان ننطلق ايضا في فهم موقف بعض

الفصائل والشخصيات الجنوبية لما قبل الحرب الراهنة بانها كانت ترى حينها باستحالة تحقيق الاستقلال الجنوبي وتنظر لإصلاح الاوضاع كأمر واقعي وأكثر منطقية. كذلك كانت اوضاع وجود 

سلطة واحدة يتبعها الجنوبي قبل اليمني لارتباطها بمعاشه وحقوقه وامتيازاته وهيمنة ادوات السلطة عليه يحول دون اتخاذ مواقف جذرية للكثيرين تتعلق بالانتصار للجنوب وهويته واستقلاله.. هذه هي

المقاربة التاريخية لفهم وتفسير حالة الحراك السلمي لما قبل حرب المقاومة والدفاع عن الجنوب.
 ثم نأتي للركيزة الثالثة المتعلق بالمصالح الأيديولوجية التي يحققها هذا الموقف السياسي او ذاك ويمكن تقسيم  اصحاب هذه المصالح الايديولوجية الى ثلاث فئات مختلفة:
الفئة الاولى وهي التي اصبحت جزء من النظام السياسي والفساد المستشري ولديها مصالح كبيرة مرتبطة بكيان الوحدة السياسي وايديولوجية يمننة الجنوب وهم الجنوبيون المشاركون في سلطات

الاحتلال اليمني كعناصر سياسية ولا ينطبق ذلك على قطاع الموظفين حتى وان كانوا في وظائف كبيرة..
الفئة الثانية وهم المرتبطون بالأحزاب السياسية اليمنية ببرامجها الوحدوية اليمنية والتي تعمل كقاطرة تشرع للاحتلال اليمني وتتغلل في كيان المجتمع الجنوبي لخلخلته والتصدي لأي محاولات

للنهوض والمقاومة. اصحاب هذه الفئة يعتنقون ايديولوجية الوحدة واليمننة ويبررون لها بمختلف السبل مثل ان الوحدة بريئة من ممارسات عناصر السلطة دون الاعتراف بفشل الوحدة التي تحولت

الى احتلال واستحالة قيامها في هذه الظروف ودون الاعتراف بان الصراع صار يمني جنوبي. كذلك يحاولون تصوير الدعوة للجنوب العربي  بانها عودة للمشيخات والسلطنات وان ذلك مشروع

استعماري قد فشل ويسعون بشكل متعمد وممنهج للخلط بين الحديث عن هوية الجنوب العربية المستقلة وبين المشروع السياسي للاتحاد الفيدرالي للجنوب العربي الذي عارضه دعاة الجنوب العربي

انفسهم وجل اصحاب هذه الفئة هم من قيادات الحزب الاشتراكي اليمني بشقيه( الزمرة والطغمة) والذي ترتبط مصالحهم ببقاء هذا النظام السياسي الذي طالما ناضلوا من اجل قيامه مع التأكيد على

أن حزبي الاصلاح  و المؤتمر  الشعبي بقيا متقوقعان خارج اطار الاندماج الاجتماعي ويبقى تأثيرهما على الحراك هامشيا مقارنة بدور الحزب الاشتراكي اليمني المزدوج..
الفئة الثالثة: وهم المرتبطون اجتماعيا باليمن والمنحدرون من اصول يمنية حيث يراودهم الخوف من التعرض للاضطهاد  كأقلية في الدولة الجنوبية المستقلة ممن يتوقون لتحقيق الوحدة حتى وان

جلبت لهم المعاناة . وهم ايضا من الذين ينتمون الى المشروع التاريخي لليمن الاسفل من الساعون للتحرر من هيمنة قبائل اليمن الاعلى عبر الاستقواء بالجنوب, ناهيك عن وجود مصالح تجارية

ضخمة لهؤلاء تحتضنها مدينة عدن.
عدم وجود مراجعة نقدية لأسباب الفشل في تشكيل قيادة سياسية جنوبية موحدة يضع الكثير من الجنوبين في موقف ضبابي خاطئ حيث مازال البعض يستجيب لأي تحركات بدون وعي ومازال

البعض يعاني من حالة الايمان والثقة العمياء ببعض القيادات السياسية الجنوبية السابقة التي اثبتت عجزها كليا على مدى فترة زمنية طويلة ناهيك عن انتشار ثقافة الولاء التي مازالت مؤثرة على

بعض كوادر النظام الجنوبي السابق واعتقادها بان ذلك سيحقق لها مكانة جيدة  في أي تشكيلة سياسية قادمة.
كشفت التحركات الاخيرة لبعض القيادات السياسية الجنوبية السابقة انها مازالت غير مستوعبة للمهام المستجدة وانها لا تدرك ان كل المحاولات التي سبقت الحرب كانت قد فشلت للأسباب التي

فندتها سابقا اما وأن الاوضاع السياسية والعسكرية قد تغيرت الان بشكل كامل فإن اي تحرك سياسي لا يستوعب هذا المستجد لابد وانه سيجلب الانقسام ولن يحق الغرض المطلوب.
ما هو المستجد الاهم الذي تغير بسبب الحرب؟
تعتبر المقاومة المسلحة الجنوبية نبته طبيعية شرعية وشجرة جنوبية خالصة رواها شعبنا الجنوبي بالدم وهي اهم منجز تحقق لشعب الجنوب منذ بدء محاولات انطلاق المقاومة الجنوبية للاحتلال

اليمني في بداية تسعينيات القرن الماضي فيما سميت بالمرحلة الانتقالية 1990-1994م فهي الامل الوحيد الذي يعلق عليه شعب الجنوب اليوم  كل طموحاته للسير بالثورة التحررية الى بر

الامان.
لقد خاضت المقاومة الجنوبية معركة الدفاع والتحرير ضد قوات الاحتلال اليمني بكل جداره وهي تمتلك عقيدة وطنية جنوبية قوية  كان للحراك السلمي الجنوبي دور كبير في ترسيخها مكنتها من

تحقيق الاصطفاف والتلاحم رغم غياب القيادة السياسية الموحدة التي تقودها... هذا الاصطفاف  والتلاحم الأسطوري رفع من مستوى ادائها العسكري والسياسي على الارض وجذب اليها جماهير

الجنوب التي التفت حولها وحصنتها من السقوط دعما بالمقاتلين والعتاد والتمويل.
هكذا نصل الى الاستنتاج او النتيجة بان المقاومة هي الكيان القائم  فعلا  وهي والقادرة على توحيد الجنوبين وقيادة نضالهم التحرري وهي الوعاء الذي ينخرط فيه الاغلبية الساحقة من ابناء الجنوب

وقواهم السياسية وقد وجدت بطريقة طبيعية ولم تصنع او يخطط لها في المكاتب المظلمة. لا اتصور وجود أي كيان سياسي بديل يستطيع القيام بهذه المهمة ولما نحاول البحث عن البديل عبر

صناعته او خلق كيان موازي لها من اساسه. ولذا ارى بان أي مشاورات جنوبية يجب ان تبدا في البحث عن اسباب الفشل في الماضي البعيد والقريب وان نوجه سلاح النقد لها دون تردد لتجنب

تكرار الفشل والانقسامات المدمرة اولا ثم لتحديد الطرق المثلى لدعم المقاومة وتعزيز دورها السياسي وفي المقدمة منها تفويض المقاومة في التصدي للدعوة لعقد مؤتمر وطني توافقي جنوبي تكون

المقاومة عموده الفقري.
 دون شك إن تضافر الجهود السياسية من مختلف الاطراف الجنوبية له اهمية كبيرة  بعيدا عن أي حسابات قديمة آخذين بعين الاعتبار ان الحرب قد احدثت تغيير جذري لدى الكثير ممن كانوا

مترددين او مازالوا يراوحون في المنطقة الرمادية او ممن كانوا مصابين بداء اليأس من امكانية تحقيق الاستقلال الجنوبي,  لكني ارى بان كل تلك الجهود يجب ان تنصب في تعزيز دور المقاومة

كسلطة نطعمها باللجان الاستشارية السياسية وبالقادة السياسيين ونمنحها الولاء ثم نعمل تحت امرتها حتى لا نعود الى مربع الخلافات والحسابات السياسية القديمة فالمرحلة لا تسمح بذلك مطلقا .
 ان التفافنا من مختلف القوى السياسية حول المقاومة يشكل ضمان اساسي لنجاحها وستكون قادرة على التصدي للمهام الجسيمة المنتصبة امامها والمتعلقة بتحرير ما تبقى من اراضي محتلة وإعادة

بناء مؤسسات الدولة الجنوبية كمقدمات لازمة للحصول على القرار السياسي الدولي الذي يدعم استقلال الجنوب, وهي مهام لا يستطيع ان يقوم بها أي كيان سياسي آخر.
 بهذا نكون جميعا قد ساهمنا في تمكين المقاومة الجنوبية من تشكيل قيادة سياسية جنوبية موحدة تستوعب في اطارها كل الجهود الفردية والسياسية الجنوبية وتضمن المشاركة الوطنية الواسعة

للجنوبيين دون محاصصة سياسية ودن تفرد خاصة وان مختلف الشخصيات والمكونات والافراد هم منخرطون جميعا في اطار المقاومة الجنوبية بشكل او بآخر

سكرتير العلاقات الخارجية للتجمع الديمقراطي الجنوبي "تاج"*