(التعمية) على القضية الجنوبية طباعة
مقالات - صفحة/أحمد بن فريد
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأربعاء, 22 أغسطس 2007 04:08
صوت الجنوب /أحمد عمر بن فريد/2007-08-22
من السهولة ومن الحقيقة بمكان القول إن مختلف الفعاليات السياسية التي نظمتها جمعيات المتقاعدين العسكريين والمدنيين ونشطاء العمل السياسي من المستقلين خلال الخمسة أشهر الماضية , في مختلف محافظات الجنوب , لم تسجل أن أحداً من المشاركين فيها قد رفع
رغيفاً للخبز أو شعاراً مكتوباً يندد فيه بغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار أو المطالبة بمحاسبة المفسدين والقضاء على الفساد , على الرغم من ضنك العيش وسوء الحال المعيشي الذي يواجه جميع المشاركين الذين تجشموا عناء السفر والتنقل من محافظة إلى أخرى لإنجاح هذه الفعالية السياسية أو تلك .. ومن السهولة أيضا القول إن تلك الفعاليات كانت ذات مطالب سياسية بحتة وذات شعارات ترتبط بإيمان عميق لدى هؤلاء بقضيتهم الرئيسية العادلة وهي (القضية الجنوبية) ولا شيء سواها.. التي من أجلها وفي سبيلها تناست كل هذه الجموع البشرية الضخمة عناء السفر وارتفاع الأسعار وضنك العيش وخطورة المواجهة .

ومن جانب آخر.. فإن تلك التجمعات الجنوبية الكبيرة التي قوبلت وجوبهت بخطط أمنية عالية المستوى والإمكانيات ومبالغ فيها من حيث الإفراط في استخدام القوة و القسوة والقمع والمجابهة المسلحة, لم تكن لها أي علاقة - على الإطلاق - بأي أجندة سياسية لأي حزب في الساحة سواء أ كان في المعارضة الحقيقية أم في المعارضة الأليفة .. وإنما جاءت ونزلت للشارع تعبيراً عن حنقها وغضبها إزاء الخذلان المتعمد الذي انتهجته تلك الأحزاب بلا استثناء, فيما يخص (القضية الجنوبية) .. هذه القضية التي حولتها الأحزاب في مختلف اتفاقيات حوارها الثنائي مع الحزب الحاكم إلى قضية (مطلبية- حقوقية) بحسب إرادة ورغبة حزب السلطة.. فكان أن قذفت حتى بهذه (الجزئية البسيطة) من هذه القضية الكبيرة, وهي جزئية (إزالة آثار حرب صيف 94م) إلى المرتبة السابعة من قضايا الحوار , طريقة تنبئ بأن لا حوار جدي يمكنه أن يحدث بشأنها .

نقول .. إنه من حق أحزاب اللقاء المشترك أن تصنف قضية الجنوب كما تشاء, وفقاً لمعاني المصلحة التي تمثلها وتسعى لتحقيقها, ومن حقها أن تختصر هذه القضية الكبيرة, إلى ما آلت إليه في نهاية الأمر في وثائقها الموقعة مع الحزب الحاكم , ومن حق هذه الأحزاب مجتمعة ومنفردة أن تنزل إلى الشارع في الوقت المتأخر الذي تحدده مع الجماهير الجائعة أو بدونها, ويجوز لها أيضاً أن تسير فوق حواجز الخوف المحطمة بفعل الإرادة الفولاذية التي سطرها أبناء الجنوب من خلال نضالاتهم السلمية على امتداد الخمسة أشهر الماضية بنزولهم الميداني في مختلف محافظات الجنوب, ولكن من (العيب كل العيب) على هذه الأحزاب أن تركب موجة الأبطال بغرض (حرف) قضيتهم العادلة عن مسارها السياسي إلى مسارات أخرى تتعلق برغيف الخبز أو محاربة الفساد!!.. لأنها إن فعلت هذا ستكون قد تعاملت معنا بطريقة (أسوأ) مما تعامل به معنا أجهزة السلطة والحزب الحاكم .. نستثني من هذا القول (فروع) المشترك في محافظات الجنوب التي أعلنت وقوفها إلى جانب قضية الجنوب .

وفي المساعي الحثيثة نفسها (للتعمية) على القضية الجنوبية وإبهات النضال السلمي الذي جسده المؤمنون بها على أرض الواقع, شاهدنا (بانوراما) الفضائيات تخصص أوقاتاً (محترمة) لاعتصامات (الروتي) وتجري حولها الحوارات المستفيضة, ما بين أقطاب من المعارضة وجهات مختصة من الحكومة في حين لم تفسح هذه الفضائيات ولو دقيقة واحدة للحديث حول ما حصل في ساحة الهاشمي بالشيخ عثمان من أحداث أثناء اعتصامات أبناء الجنوب التي تطالب فيها بحقوقها السياسية المغتصبة, وتبدو المقارنة ما بين الحالة التي تعاملت فيها سلطات تعز مع المعتصمين ابتداء من المحافظ وانتهاء بأي عسكري أمن مركزي أو شرطة غير ممكنة و غير قالبة للتفسير إذا ما طرحت أمامها الكيفية التي تعامل بها (القرناء الرسميون) مع معتصمي يوم 2 أغسطس .. فلا مجال للمقارنة من حيث الرأفة, ولا مجال للمقارنة من حيث القيمة السياسية .. ولا مجال للمقارنة من حيث الدلالات السياسية الواضحة ما بين مختلف ظروف الحالتين , ويبقى التفسير الوحيد كما يقولون في بطن الشاعر .

وعلى صعيد آخر (مجتمعي - قبلي) تدافعت لجان قبلية هنا وهناك, لتشكيل أطر ومجالس وطنية تبدو في ظاهر الأمر أنها متباينة ومتناطحة فيما بينها, بينما هي في الحقيقة تعمل في مسار واحد ومن أجل هدف واحد .. وهي وبكل تأكيد يمكن أن تختلف في الجزئيات والتفاصيل الصغيرة فقط, ولكنها- حتما - ستتفق على أنه لا يوجد في الأصل أو في المنشأ ما يمكن أن يسمى سياسياً (بقضية الجنوب) .. وقد تجسد هذا الأمر عملياً, حينما أبدى أحد مشايخ الجنوب وجهة نظره الخاصة بهذه المجالس, فكان أن هب من مقعده الشيخ الداعي للقاء محتجاً بصوت عالي الوتيرة قائلا «الوحدة أخذناها بالسيف» !!

إذن .. بسهولة شديدة يمكن القول إن هناك حالة استنفار (جماعية) تتعدد جبهاتها وتتنوع أشكالها ومصادرها, بحسب ما فندت أعلاه, وهي تعمل بشكل يبدو في ظاهره متضارباً ولكن الأكيد أن باطنه (متناسق ومتوافق ومتفق عليه) .. يهدف في أول الأمر وآخره نحو (الإطاحة) بنضالات المؤمنين بالقضية الجنوبية والقضاء عليها في مهدها.. ونحن إذ نطرح هذا, فإننا على ثقة من مستوى الوعي لدى من يعنيهم أمر مقالنا هذا .

هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته

عن صحيفة الايام العدنية 2007-08-22
آخر تحديث الأربعاء, 22 أغسطس 2007 04:08