[العبد لله بو صالح]

المأزوم مأزوم يا سيد "مكاوي‏‏"


يحيى بامحفوظ

قد يضطر المرء أحيانا إلى العودة للخلف قليلا للنبش في قصاصاته بحثا عن ما يدعم ما يريد قوله, وهو الأمر ‏‏الذي دعاني للعودة لمقال كتبنه في "بداية أبريل 2013" وقسمته إلى جزأين وعنونته بـ "رقصة الإغواء و ‏‏تداعياتها, والمتساقطون على أنغامها" وانتقيت من الجزء الأول وكمدخل لمقالي هذا, الفقرة التالية: ‏

‏"ما ان بدأت رقصة الإغواء للمشاركة في الحوار اليمني حتى وقع فريسة لها المقايضون بقضية وثورة الجنوب ‏‏ممن اتخذوا زوراً الصفة القيادية للحراك, من ذوي التركيبة الأنانية الطافحة بالطموح الغير مشروع والكسب ‏‏المادي الرخيص والساعين لامتلاك الدور الريادي على جماجم أبناء الجنوب, وكأني بهم يقولون "لقد اضطررنا ‏‏لفعل ذلك إنقاذاً لشعب الجنوب" في محاولة لاستغفاله تحقيقا لمآرب نعرف جُلّها ونجهل البعض الآخر, لذا نجد ‏‏ان الاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية حاضرة بخبث في أجندتهم أي "قولاً لا فعلا" بمعنى انها غير واردة في ‏‏عقل و فكر من يدعون تمثيل الجنوب في حوار صنعاء, ومرفوضة جملة وتفصيلا في قاموس عصابات النهب ‏‏والفيد في صنعاء."‏

ما دعاني لاستحضار ما سبق هو ما قد تظهره لنا الايام المقبلة من مفاجآت غير مستحبة تطبخ بتأنِ وبإيادٍ ‏‏جنوبية, ولكن هدفي هنا هو ما جاء على لسان السيد "ياسين مكاوي.. مستشار الرئيس اليمني"، في مقابلة له مع ‏‏خدمة "سبوتنيك" الإخبارية الروسية, تناقلت فحواها عدد من المواقع الإخبارية, لن أتطرق هنا إلى امتعاضه و ‏‏أسفه الشديد لازدياد حدة العداء لوثيقة مؤتمر الحوار, لأنها قرَّرت للجنوب استحقاقات وطنية كما قررت ‏‏استحقاقات للشمال "حد تعبيره" لان ذلك مردود عليه من ابسط جنوبي لكن, سنتناول بعجالة ما تطرق له عن ‏الواقع البائس الذي تعاني منه اليمن وان ‏حاول جاهدا بلوغ ذلك وبمنطق المأزوم والمحبط مما أقحم نفسه فيه ومع ‏كل ذلك قال متحسرا "لقد قلنا منذ البداية ‏إننا نشارك في الحوار الوطني بدون أي سقوف حتى سقف الوحدة" ‏وقال: "كنا نأمل أن يتم تنفيذ ما جاء في وثيقة ‏الحوار الوطني، ولكن هناك قوى جديدة وقوى مسلحة لم ترغب في ‏التنفيذ".‏

رغم ما جاء به السيد "مكاوي" من تملص قوى لم يسمها بل المح لها كمعرقله لمشروعهم, كان كثيرين من أبناء ‏‏الجنوب يتوقعون هذه الخاتمة للحوار لقناعتهم بعدم الجدّية في حوار بني على أساسات هشة وقوم من أسهل ‏‏أساليبها الانقلاب ونكث العهود. ‏

لقد تناسى السيد "مكاوي" ان الوحدة كانت الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه في الحوار اليمني, وحقيقة لن ‏‏أتناول هنا التصريحات التي رافقت التحضير لذلك المؤتمر والذي تناقض مع ما يدعيه ولكن سأكتفي بما تضمنه ‏‏خطاب الرئيس اليمني في افتتاح المؤتمر حيث قال نصا "باقتناعكم الكامل بأن هذا المؤتمر الوطني ليس أمامه ‏‏سوى خيار واحد هو خيار النجاح والنجاح فقط، ستتجاوزون تعقيدات الماضي وعاداته الأسيرة وأساليبه الجامدة ‏‏وستضعون اللبنات الأساسية لبناء يمن جديد موحد" يعني منذ البداية والوحدة خط احمر يا سيد "مكاوي" عكس ‏‏ما تدعيه, ليس ذلك فقط بل زاد عليه في الكلمة الختامية للمؤتمر حيث قال "يجب ان ينجح المسار الوطني من ‏‏اجل مستقبل اليمن الأمن وبكل أهدافه الوطنية الخلاقة نحو بناء اليمن الجديد وتجاوز كل الإشكاليات بكافة ‏‏تحدياتها وصورها، وهذا النجاح هو من اجل سلامة واستقرار ووحدة اليمن" وكرر قائلا: "من خلالكم أتوجه ‏‏بالحديث لكل الصادقين الذين يحسون بالخوف والقلق على وحدة شعبنا ووطننا، ان هذه الوحدة هي قدرنا ‏‏ومصيرنا جميعا" ليتبعها بالقول: "أقول لكم وبكل ثقة وصدق ان الوثيقة النهائية للحوار هي تعزيز وحدة اليمن ‏‏أرضا وانسانا", مؤكدا: "بأن الدستور الجديد سيؤكد على وحدة الأرض و الشعب وسيضع الضوابط اللازمة ‏‏للحفاظ على وحدتنا الوطنية".‏

ومع كل ذلك نرى السيد "مكاوي" يعبر عن قناعته بأن: "القضية الجنوبية في اليمن هي القضية الأم، وبأنه لن ‏‏تحل أي قضية من قضايا اليمن المتعددة إذا لم تحل القضية الجنوبية بشكل يرضي شعبنا في الجنوب" حسب قوله.‏

تلكم خلاصة ما استطعنا استخلاصه, ولكن يبقى السؤال مطروح للسيد مكاوي ومن لف لفه "هل مخرجات ‏‏الحوار اليمني هي التي ترضي شعب الجنوب..!!؟؟ وهل لا زلتم واثقون من التنفيذ وصدق النوايا..!!؟؟" ننتظر ‏‏منكم أجوبة مقنعة لعلكم تفلحون, ويتراجع شعب الجنوب عن ثورته.‏