القرآن الكريم - الرئيسية -الناشر -دستور المنتدى -صبر للدراسات -المنتديات -صبر-صبرفي اليوتيوب -سجل الزوار -من نحن - الاتصال بنا -دليل المواقع -
لكل شيء لجنة من صنعاء صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
حقوق وحريات - جرائم
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الثلاثاء, 28 أغسطس 2007 02:37
صوت الجنوب /د: عبــده يحيى الدبانــي/2007-08-28
جاء في الأمثال اليمانية (لابد من صنعاء وإن طال السفر) ومايزال لهذا المثل ألقه الشعري وحاجته الواقعية، فما أكثر الذين يشدون رحالهم اليوم إلى صنعاء، لأنها عاصمة الدولة أولاً ولأن الوزارات هناك وغيرها من المصالح الحكومية بما فيها العسكرية قد مركزت كل شيء في يدها، فصار أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية أكثر
تضرراً من هذا الوضع لبعدهم عن العاصمة أولاً ولأنهم لا يملكون هناك بيوتاً وليس لديهم قاعدة من الأهل المقيمين في صنعاء أومعارف واسعة ثانياً فيتحولون إلى سياح فتعتمر بهم الفنادق واللوكندات وتكتظ بهم المخابيز وأسواق القات وتجلدهم صنعاء بغلائها وغلوائها فيحسون بالغربة وهم في عاصمة دولتهم إلا القليل منهم من علية القوم مثل أقارب الوزراء وغيرهم من المسئولين الجنوبيين القليلين، ولو أن البردوني الشاعر عاش إلى يومنا هذا لحور بيته المشهور الذي يقول :

جنوبيون في صنعاء

شماليون في عدن

إلى الآتي : سياحيون في صنعاء

وأهل الدار في عدن

(سياحيون) ولكنهم لا يملكون ما يملكه السياح عادة من المال وليس هدفهم السياحة إنما هدفهم المتابعة والمراجعة والمشارعة ومواقع سياحتهم التعيسة هي الوزارات والمصالح المختلفة، علاقتهم بالسياحة أنهم غرباء فقط وأنهم يهدرون أموالهم هناك، يشهد الله تعالى أنني أحب أبناء وطني جميعاً ولكن مشكلتنا في السياسة القائمة التي أفقدت الوحدة توازنها واتزانها ووزنها. لكن هناك مركزية من نوع آخر تمارسها الوزارات تبدو وكأنها ضد الأولى التي ذكرتها ولكنها في الحقيقة امتداد لها ففي مواسم الفساد الدائمة تبعث الوزارات في صنعاء لجانها المختلفة التي تجوب اليمن شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً ولعل أكثر اللجان هي التي تحط رحالها في عدن فما من صغيرة ولا كبيرة في المحافظات إلا وجندت الوزارات لها لجاناً تنزل لمعالجتها وكم يظل الناس منتظرين هذه اللجان البيروقراطية الارستقراطية وكم تتعطل معاملاتهم بسببها، إنها تشبه ما كان يبعثه الإمام إلى المناطق من فرق في سبيل تحصيل الضرائب والزكوات، إلا أن هذه اللجان تعد بؤرة من بؤر الفساد وثقباً كبيراً في خزان المال العام، إنها لا تعالج مشاكل بل تشكل مشكلة بحد ذاتها فهي جزء من المرض وليس جزءاً من العلاج، لا أقصد كل اللجان فهناك بعض اللجان لها مشروعيتها وضرورتها ولكنها قليلة في خضم بحر اللجان الهائج الذي تغرقنا فيه صنعاء العاصمة. تأتي هذه اللجان فتهدر المال العام ويذهب المراجعون إلى صنعاء فيهدرون أموالهم وليست الظاهرة الأولى علاجاً للثانية ولكنها امتداد لها أو الوجه الآخر لها، وإلا ما فائدة المكاتب العامة التابعة للوزارات في كل المحافظات والمديريات، وما فائدة عشرات الآلاف من الكوادر والموظفين المداومين فيها؟؟ إنه بمجرد ما تأتي اللجنة من صنعاء يتعطل عمل هذه المكاتب بما في ذلك عمل المدراء أنفسهم ويجري عزلهم عن صلاحياتهم، وتحصل ازدواجية وفوضى ويصاب المسئولون المباشرون بالإحباط من هذا التدخل الفج في صلاحياتهم وأعمالهم. أضرب لكم مثلاً من أمثلة كثيرة مع أنني لست متابعاً لكل شيء فهناك لجنة قدمت من صنعاء إلى عدن مبعثها وزارة التربية والتعليم الموقرة، هل تعلمون لماذا قدمت هذه اللجنة؟ لقد قدمت من أجل قبول الطلاب المتفوقين في الصف السابع والأول ثانوي في مدرسة البيحاني النموذجية فقط لا غير، وجدت في باب المدرسة الآباء والأمهات يتكلمون بخوف عن هذه اللجنة التي جاءت تمتحن أولادهم من صنعاء، وكأنها جاءت لتضع الموزاين القسط! فماذا عن الكوادر التربوية في عدن وما أكثرها وأكفأها من مدرسين وموجهين وإداريين ومستشارين، أليس بينهم من يستطيع أن ينهض بهذه المهمة على تواضعها ومحليتها وتربويتها، ولكن لا مكان للتكنوقراطية في ظل هيمنة البيروقراطية والارستقراطية بنتي الفساد المدللتين .

عن صحيفة الايام العدنية 2007-08-28
آخر تحديث الثلاثاء, 28 أغسطس 2007 02:37