عودة البيض إلى عدن: هل دنت ساعة الحل / بقلم الكاتب حسن علي كرم طباعة
مقالات - مقالات عامة
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
السبت, 08 سبتمبر 2012 05:42

اليمن من أسوأ البلدان أمنياً وعودة البيض مغامرة غير مضمونة قد تطال حياته
حسب وكالة يونايتد برس انترناشيونال التي اجرى مندوبها لقاء في الاسبوع الماضي مع الرئيس اليمني الجنوبي علي سالم البيض، والذي يقود حركة فك الارتباط بين بلاده اليمن الجنوبي واليمن الشمالي اللذين دخلا في وحدة فاشلة انتهت

 

بحرب مايو 1994. ان البيض يعتزم العودة الى مدينة عدن (عاصمة الجنوب) بعد وساطة رعاها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لاقناعه بالمشاركة في الحوار الوطني المزمع اجراؤه بين القوى والفصائل اليمنية

المتنازعة..!!
هذه لم تكن المرة الاولى التي يعلن فيها عن عودة الرئيس البيض الى وطنه بعد (18) سنة قضاها في الشتات ففي يناير (2011) اعلن ايضا عن عودته الا انها لم تتم ولكن هذه المرة قد تبدو الصورة مختلفة سيما مع التدخل القطري الذي

يقال انه قد نجح في تبريد الاجواء وتهيئة الارضية المناسبة للحوار، الا ان احتمال اجراء حوار جنوبي شمالي في ظل الاحتلال. فذلك مرفوض من البيض حيث اصر دائماً على ان الحوار ينبغي ان يكون ندياً وبين دولتين، فالرجل يشعر

بمسؤوليته ازاء جر بلاده الى وحدة فاشلة، وكذلك يشعر بمسؤوليته ازاء الحراك الشعبي السلمي ولايريد خذلان هذا الحراك الذي يقود الساحة الجنوبية نحو الاستقلال، فهو لا يطمح للكرسي وقد كرر ذلك في كل اللقاءات والمناسبات وانما

يسعى الى تحقيق الاستقلال وفك الارتباط. حتى ينعم الجنوبيون في بلادهم احراراً لاتنازعهم فيها قوة محتلة غاصبة غاشمة.
يعد اليمن بشطريه الشمالي والجنوبي من أسوأ البلدان من حيث الانفلات الامني. فالحكومة المركزية في صنعاء عاجزة عن السيطرة على الامن في ظل انتشار السلاح وفي ظل نفوذ القبائل ورجال الدين وفي ظل القوة الخفية للرئيس اليمني

المخلوع علي عبدالله صالح الذي مازال يحكم اليمن ولكن من وراء الستار، وفي ظل الخلافات المتصاعدة بين الرئيس التوافقي والضعيف عبدربه منصور هادي وحكومة باسندوة، وكذلك في ظل وجود تنظيم القاعدة القوى الذي تنتشر

عناصره انتشار السرطان في تلك البلاد، ناهيك عن نزعة الانفصال في مناطق النفوذ مثل تعز وصعدة ولذلك فعودة البيض في ظل تردي الاوضاع الامنية لاشك في انها تعد مغامرة غير مضمونة قد تطال حياته حتى لو اعطى من قبل السلطة

الحاكمة في صنعاء وعوداً بضمان الحماية الشخصية، فقبل ايام كاد ان يفقد ياسين نعمان وهو من القيادات السياسية البارزة حياته عندما تعرض لاطلاق نار في العاصمة صنعاء، من قبل نقطة تفتيش وهمية. وكذلك تعرض وزير النقل (

الجنوبي) واعد باذيب للاغتيال على اثر التوقيع على الغاء عقد تأجير ميناء عدن الى شركة دبي العالمية. وايضا تعرض عضو الحراك احمد الحسيني للاعتقال، ولعل الرئيس الجنوبي السابق واول رئيس للوزراء في عهد الوحدة حيدر ابو

بكر العطاس كان واضحا عندما سئل عن تأخر عودته الى عدن حيث قال «على العكس الظروف اليوم أسوأ بما يقاس من ذي قبل وفي كل الاتجاهات».
احتمالية عودة البيض اذا صحت لن تكون قطعاً عودة بمعنى استراحة المحارب وان كان خصومه يريدون له ذلك فلن يظل البيض في راحة وبلاده محتلة، وهكذا وجدناه حاملاِ هموم وطنه فالرجل الذي تربى منذ نعومة اظافره على النضال

والحراك لن يركن للاسترخاء وبلاده ترزح تحت نير الاحتلال، ولعل ما يدور في الاوساط الاعلامية الجنوبية وعلى صعيد الحراك السلمي عن التصفيات الجسدية قد تطال قادة الحراك قبل بدء الحوار الوطني الذي لم يتحدد حتى الآن موعده،

غير ان في كلمة له القاها خلال افتتاح مؤتمر حزبه الاحد الماضي قال الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح «ان من خرج من الجنوبيين من السلطة من الباب لن يعودوا من الطاقة» حسب تعبيره واصفاً القادة الجنوبيين «خفافيش

ظلامية».
وفي المحصلة اذا صدقت عودة البيض. فالاحتمال المؤكد ان وراء العودة ثمة مؤشرات قريبة نحو الحل، سيما ان حديث العودة قد تزامن مع التحضير لمؤتمر حوار الجنوب الذي كان من المفروض عقده في الاول من الشهر الجاري، ثم

تأجل الى تاريخ قادم، غير ان السؤال هو: ما نوع او شكل التسوية المفترضة؟ هذا هو السؤال المعضلة، هل تقوم التسوية على اساس فك الوحدة وهو مايرفضه الشماليون؟ ام على اساس الحكم الذاتي الذي يروج له ممثل الامين العام للامم

المتحدة جمال بن عمر والسفارات الغربية والخليجية ام على اساس الفيدرالية المقترحة من بعض القيادات الجنوبية التقليدية وفي مقدمهم حيدر ابو بكر العطاس وعلي ناصر محمد المقيمان حالياً في القاهرة، كل الحلول قد تبدو مطروحة

ولكن السؤال هو هل يرضى علي سالم البيض والحراك السلمي الذي دفع صفوفاً من الشهداء من شبابه باقل من الاستقلال الناجز وعودة الوطن الجنوبي الى احضان ابنائه حتى يشعروا بدفء الوطن والتنعم بخيراته..؟!
بقلم الكاتب حسن علي كرم