في الطريق الى قرطبة.. بقلم - ناريمان عواد طباعة
مقالات - صفحة الكاتبة :ناريمان عواد
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الخميس, 17 مارس 2016 11:18

لم تكن خطواتي تجاه شبة الجزيرة الايبيرية عفوية ...انما خلاصة لسنوات طويلة من الانتظار لشهر عسل لم يكتمل في تاريخه ومكانه، حيث تزوجت في الا نتفاضة الاولى في العام 1989 ، ولم يكن بالامكان ان احظى بشهر عسل مؤكد رغم وعود الزوج بان اسبانيا ستكون مكان شهر العسل الموعود ....دخلت الانتفاضة بعد اشهر من الخطبة ، فلم يكن بالامكان الحديث عن مراسيم زواج طبيعية ، حيث كان الشهداء يرتقون واحدا تلو اخر وكافة الاراضي الفلسطينية تشهد انتفاضة عارمة يشارك فيها الصغير قبل الكبير في انتفاضة الحجارة والمولوتوف ، جمعتها وحدة موقف جماهيري للدفاع عن الارض الفلسطينية من قبل المحتل الغاصب.

مرت مراسيم الزواج المختصرة ، نلبس الثوب الابيض ، ثم نغطيه بعباءة سوداء ، ثم تنتقل العروس بمدعوين محدودين من بيتها الى بيت الزوج دون موسيقى ودون مراسيم رسمية ودون اية زينة.


استذكر الان هذه التفاصيل انتظارا للرحلة التي تحققت مع زوجي بعد 25 سنة ،وان كنا قد سافرنا الى امكنة اخرى الا ان شهر العسل الموعود كان ينتظر ...
القرار بالذهاب الى اسبانيا في زحمة المشاغل جاء بعد تفوق ابنتي رندة وقبولها في برنامج تبادل تعليمي بين جامعة بير زيت وجامعة دويستوا في اسبانيا ، وكان من الضروري مرافقتها الى وجهتها التعليمية . وتحقق الحلم.

وصلنا الى مدينة بيل باو التي تقع في شمال اسبانيا ، مدينة جميلة وادعة في اقليم الباسك ، بيئة طبيعية ذات جودة عالية ، بالاضافة الى معايير جيدة جدا لجودة الحياة ، سواء فيما يتعلق بالصحة والتعليم او الاسكان او الترفيه او الرياضة ولديها الكثير من المؤسسات الاكاديمية ذات الجودة العالية ، قضينا يومين في هذه المدينة الجميلة بعد ان رافقنا ابنتنا في تحضيراتها الجامعية والتحقاها وسكنها.
ثم انتقلنا الى مدينة مدريد بمراكزها الاثرية . كانت الرحلة الى مدريد ساحرة ،الانتقال بالقطار لمدة اربع ساعات والاستماع لموسيقى ساحرة ومشاهدة المناظر الخلابة التي اغدقت عليها الطبيعة مدن اسبانيا.

وصلنا في المساء الى مدريد وانتقلنا سريعا للاقامة في الفندق وسريعا ذهبنا للتذود باجمل الذكريات عن هذه المدينة.
اخترنا ان نزور اولا الساحة العامة وهي موقع مركزي كبير في مدريد ، عبارة عن ساحة كبيرة في وسط المدينة يلتقي بها السياح والسكان المحليين ، مليئة بالمقاهي الاسبانية والمطاعم المحلية ، كان المكان يعج بالمتنزهين ، شاهدنا العديد من الفرق الغجرية والبرامج الترفيهية للصغار والكبار ، كما تنزهنا في شوارعها العريقة واخترنا مطعم اسباني لتناول اكلة البقية وهي اكلة شعبية اسبانية ، كما زرنا القصر الملكي وهو قصر ضخم يضم عدة حدائق خضراء ، ويحوي 2800 غرفة ملكية ، كانت تسكنه العائلة المالكة الاسبانية حتى منتصف القرن العشرين.
لكن المغامرة الاكبر كانت عندما انتقلنا الى مدينة قرطبة ، في الطريق اسهب زوجي في اطلاعي على عظمة التاريخ الاسلامي في مدن اسبانيا خاصة قرطبة ، غرناطة ، اشبيلية ، طليطلة ...كان زوجي يحفظ تاريخ الحضارة الاسلامية عن ظهر قلب ، اخترنا ان نذهب باتجاه قرطبة لنصلها كاول مدينة في الجنوب لان الوقت لن يتسع لزيارة كافة هذه الاماكن. اول ما وطات قدماي مدينة قرطبة ...عشقت المكان فالفندق الذي وقع اختيارنا عليه هو اثر اسلامي واضح ، بنقوشه واثاثه وديكوراته ورسومة. استقبلتنا في الفندق مسؤولة الاستقبال ، وجه بشوش ناجح في استقطاب السائحين الى هذا المكان الجميل ....شرحت لنا اهم الاماكن التي يجب زيارتها اولها مسجد قرطبة وهو أحد اشهر المعالم الاثرية للعمارة الاسلامية في اسبانيا ، مسجد اموي حوله الاسبان بعد سقوط الاندلس في عهد الملك كارلوس الاول الى كاتدرائية دون هدم المسجد ، للمكان قيمة ثقافية وتراثية. ارتياد امكنة سياحية اخرى مثل قلعة الكازار ، متحف قرطبة الاثري ، برج كالاهور والذهاب لمشاهدة رقصة الفلامنغوا ، كما ارتياد الحمامات الاسلامية القديمة ...لم احس بنفسي عندما بدات امشي بلا وعي في المكان ... .واشجار البرتقال وازاهيره تعبق بسحر خاص ..احسست بارواح من كان يسكنه من ارواج اجدادنا ...والابنية الرائعة التي تركوها خلفهم .مشيت طويلا وانا اشاهد القناطر التي نصبت في مركز المدينة واشعة الشمس وهي تنكسر على الاثار الاسلامية الجميلة وبدات التقط الصور لاترك بعضا من السحر الروحي الذي خلفه المكان في داخلي.
قضينا يومين في قرطبة ...سلبت روحي عندما قررنا المغادرة الى وجهة اخرة الى غرناطة.