ديمقراطيتهم ... وقضيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة الجنوب طباعة
مقالات - صفحة د/فاروق حمزه
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأحد, 24 سبتمبر 2006 12:48
صوت الجنوب نيوز---24/09/2006م  --- د/ فاروق حمزة
حيث دخول المرء للمرحاض يحتاج إلى قرار والشمس كي تطلع تحتاج إلى قرار
والديك كي يصيح يحتاج إلى قرار ورغبة الزوجين في الإنجاب تحتاج إلى قرار
وشعر من أحبها يمنعه الشرطي في الريح أن يطير بلا قرار
   نزار قبــــــــــاني
في الواقع، أنا في الآونة الأخيرة لحسن الحظ أو لسوئه لا أدري، صرت أشعر هكذا بنوع من الغثيان والإشمئزاز، عندما مجرد أحاول التفكير بالكتابة في الديمقراطية، وأقصد بذلك أي موضوع بهذا الاٍتجاه، لأن الديمقراطية مجرد نطقها أو الفظ بها في غير أماكنها، أو إستخدامها كشماعة، أو للمنجهة لغرض كسب مودة الآخرين، أو للترف الفكري بإعتبارها سلعة سياسية، كلام أنا من هذا القبيل يتعبني كثيراً، لأنني سلفاً أعرف بأن أكثر الناس عداوة لها، هم في الواقع بأحوالنا، أكثر الناس يتعبونها ويتعبون أنفسهم، كما يتعبون الآخرين معهم، لأنهم يفهمونها بأنها شطارة وفهلوة ومجرد سياسة، لدرجة أنهم لايأخدون منها بالسياسة سوى الاٍستراتيجية الخاصة بهلاك مجتمعاتهم وهذا هو أسوى أحوالها، بالرغم من تمنياتنا لهم ووفق فهمهم بأنه في أقل التقديرات، وهكذا كان يفترض أن يفهموا السياسة بأنها فن الممكن، ليبتعدوا من المفهوم السوقي لها بأنها أي "السياسة مدياسة"... ولذا أنا شخصياً لا أحبذ أن أناقش في الموقف أو أكتب في الديمقراطية إطلاقاً، لهذا السبب، ولأنني أفهم بأن الديمقراطية هي ليست سياسة، وإنما الديمقراطية هي أصلاً تعني "المناقشة بالسياسة" أي "الحوار بالسياسة"، و بحيث يظل الحوار مستمر ومستمر طالما وأن حركة المجتمع مستمرة، فبخروج هؤلاء عن هذا الفهم، يعني أن هؤلاء الحكام يعملون على إلغاء القيم الإنسانية لشعوبهم ، لأن الديمقراطية هي عبارة عن مجموعة قيم إخلاقية وإنسانية.

  فخيارات الناس أو الحكام للديمقراطية، يعني  أنهم يقرّون بهذه القيم من خلال المناقشات بالسياسة للوصول إلى بر الأمان، فالمناقشة بالمواضيع الخاصة بالحريات السياسية، وأقصد بذلك المناقشة في ... من يحكم؟ ولصالح من يحكم؟ وماهو أسلوب الحكم؟ وماهي ظوابطه؟ وماهو دستوره؟ وما هي ضماناته ... ألخ، بحيث يكون هذا هو عنوان الحوار السياسي بالحياة السياسية كلها ومن يمارسها، وبحيث تتجلى الأمور بصميمها أي في ... من يتخذ القرار؟ كيف يتخذ القرار؟ وكيف ينفذ القرار؟ وهذه هي صميم الديمقراطية. أما أن تبقى الأمور " صولو" أي فرادي، وتأتي صحافة الحاكم، ومجمل أجهزته الإعلامية ووو....... لتصل إلى العسكر، ولتفسر للبشر الأمور بمقاييسها بحيث تكون المسألة لا لها أية علاقة، لا بالديمقراطية ولا أيضا بالوحدة، إن أردنا أن نذّكر بأنهما مسألتان وقضيتان متلازمتان في مشروع، إعلان المشروع الوحدوي المتكامل ، وهذه هي الجريمة بعينها وهذا هو التحايل على الديمقراطية نفسها. ويبدو لي أنا شخصياً بأن الموضوع يكمن في أن المسألة كلها تكمن في قلة الوعي، لأن الديمقراطية والذي أريد لها بأن ترتبط أو لتتلازم ومشروع إعلان الوحدة بين الشعبين العربيين المسلمين الجارين أصحاب الدولتين اليمن الجنوبية واليمن الشمالية، والذي كان لمشروع إعلان الاٍتفاق بينهما،  في أن تذوب الهويتين وأن تنشأ أو تأسس هوية واحدة أخرى كبرى عوضاً عن ما كان بالسابق لكليهما، وهذه هي المشروعية للشرعية كلها وبرمتها، وهكذا كان إعلان مشروع الاٍتفاق في الوحدة المتلازمة والديمقراطية، بغض النظر عن أن سكان الجنوب هم عبارة عن ثلاثة ملايين نسمة والشمال قرابة الخمسة والعشرين مليون نسمة، والذي بهكذا إعلان لمشروع لهكذا وحدة قد تحولت دولة الجنوب كلها ليمثلها ممثلون بمجلس النواب بقدرة قادر، قرابة ممثلون لمحافظة واحدة شمالية،  إلا أن مجمل الاٍتفاقيات الموقعة بين الطرفين، أي الدولتين، يبدو أنها وبغض النظر عن ملاحظاتي الشخصية لمحتوياتها، إلا أن الربط، والاٍشتراط الأساسي للديمقراطية ومجمل الاٍتفاقيات الموقع عليها من قبل الدولتين والتي ألغيت كلها بعد حرب صيف 1994م، بهكذا إعلان للمشروع الوحدوي، يكون قد شكل مشروعية لشرعية هكذا إعلان،  بالرغم من كل الاٍختلالات في كل التوازنات، لأن الضمانة في جوهر الديمقراطية هي التي كانت مستقبلاً ستسمح للناس في خلق التوازنات اللاحقة وفي كافة المجالات إبتداءاً من إفساح المجال لهم بالتعبير عن أنفسهم والدفاع عن مصالحهم وإجترام حقوقهم الكيانية المطلقة ومشاركتهم في إتخاذ القرارات السياسية، وهذا بحد ذاته كان سيكون قد شكل للبشر جانب معنوي، ربما نجده أيضاً في معظم الأحيان أفضل من الجانب المادي أو النفسي أو التاريخي.


 لكن للأسف الشديد، لم تقم أساسا هذه الوحدة وقد ألغيت، فقد ألغت حرب 7 يوليو 1994م المشروعين أكان في إعلان الوحدة أو في الديمقراطية، وهو وكما يبدو لي بأن قلة الوعي قد أفقدتهم الإدراك في فقدان هذه الشرعية، لأن الوضع القائم، هو وضع قائم على الحرب، وسيظل فاقداً للشرعية مهما عملوا، وهذا هو الذي لا يدركونه إطلاقاً. وهذا هو مربط الفرس الذي يجعلهم يغامرون لأنفسهم في أشياء كثيرة مما في أحيانٍ كثيرة نراهم يخترقون الكثير من المحاذير لدرجة أنهم خلقوا لأنفسهم  وهم بتشكيل إستراتيجية هوية ثقافة لسلطة شمالية متعالية يعتبرونها أعلى من هويتنا الوطنية الجنوبية، والذي يعملون على إلغاءها ومحوها وجعل هويتنا الجنوبية ذو قيمة إنسانية متدنية في سلم هرم الهوية لما تسمى بدولة الوحدة الوهمية التي هي أصلاً دولة الشمال السابقة وبنظام الجمهورية العربية اليمنية، كما أن تهميشنا بالرغم من تبطينه والتلاعب في إخفاءه، تارة في قلة أو إنعدام التنمية، وتارة في إنعدام أو قلة البناء، ففي الحقيقة هو ليس هكذا ولا يهمنا ذلك إطلاقاً لأن التهميش للجنوبييِن ولدولتهم هو تهميش بقرار سياسي صرف ليس إلا، وشأنه شأن المحاولات الذكية في الصمت الرهيب وعدم حضور الاٍهتمام بقضية الجنوب والذي نعتبره نحن ماهو إلا شئ في أعراض الموضوع وليس جوهره، لأننا إن أردنا أن نستعرض جوهر الموضوع فنقول لكم بالرغم من المحاولات الجمة في دفن تاريخنا، نقول لكم بأن مدينة عدن وهي عاصمة دولة الجنوب قد وجدت وبنيت وتأسست مندو ألفين سنة قبل الميلاد... وهي الأساس في الإرساء  للثقافة العربية والإسلامية والقيم الإنسانية.


  د. فاروق حمـــــــــــــــــــــزه
 صنعاء في سبتمبر 24 ، 2006

آخر تحديث الأحد, 24 سبتمبر 2006 12:48