الحراك السلمي الجنوبي مدرسة حضارية لحرية الشعوب - بقلم: * المهندس علي نعمان المصفري طباعة
مقالات - صفحة/ علي المصفري
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الخميس, 25 مارس 2010 08:13

نشر موقعكم الموقر وصحيفة الرياض السعودية مقالا على حلقتين للسيد علي الشاطر تحت عنوان: الحراك الجنوبي أداة لإلغاء الهوية اليمنية وتفتيت الدولة اليمنية وعملا بحق الرد أرجو نشر المقال مقالي هذا لنترك للقارئ الكريم من معرفة الحقيقة كما هي.

 

شعوب كثيرة على الأرض أزيلت, لكن أسمائها بقت ولو حتى أفرادا. فالهنود الحمر فقدوا مشروعيتهم كشعب في أطار الجغرافيا والموروث والتاريخ لكنهم في كل الهوامش ظهروا ولو حاملين الاسم في صفحات الولادة أو الوفاة. على ذات الشاكلة اصطبغت صفات الإزالة عند أبناء فلسطين والإيماء في اليابان والسكان الأصلين لأستراليا.
المحتلون, تمادوا في سياسات الاستيطان حتى النخاع وغابت كل قواعد الحياة الإنسانية بمثلها وقيمها وأخلاقياتها عند قاع عدوانية ونزوة المحتلين وجشعهم في الأرض وما فوقها وتحتها وتركوا الإنسان الأصلي أبن الوطن في كشاكيل النسيان.وعاثوا في الأرض فسادا وأحلوا دماء أبناء تلك الشعوب.
فالشعوب الحية ومنها شعب الجنوب العربي قاومت الاستسلام و تحرك التاريخ مرورا على صفحات الأزمنة وأحداث ووقائع الحياة فيها, لكنة لم يمتلك قوة في تجاوز حقوق الإنسان عندما حان الوقت من الاستئثار بها وهنا كان النزال في ميدان المعارك الحقيقية بين محتل غريب وصاحب حق ثابت على الأرض منذو فجر التاريخ.
الهنود الحمر والأيمائيون والأستراليون بقوا حاملين ولو الاسم والفلسطينيون على خارطة الطريق ولو حتى أدنى السنتيمترات من أوصال الوطن الأم فلسطين, لكن شعب الجنوب العربي أفقدوه كل شئ الأرض والهوية والتاريخ والدولة. وكأن الأرض ابتلعتهم. لقد تعرض هذا الشعب لأكبر مؤامرة في التاريخ قديمة ووسطه وحديثه وفق عمل منهاجي فكري ديماغوجي مبرمج تم الأعداد له عبر جملة من مشاريع اليمننه تلك التي وللأسف كان الجنوب قربان فيها, ذبحوه من الوريد إلى الوريد دون وازع ضمير سوى نزوة وغريزة اعتلت بحيوانية نادرة أركان عقليتهم المتخلفة وسكنت في خلايا عدوانيتهم الوحشية سبيلا في الانقضاض المستمر على أبناء شعب الجنوب بمرض نفسي أنتقامي وغرائزي أستوطن كل حركة شاذة عن المألوف الإنساني لتغذية دائمة لنهجهم الاستيطاني والتلذذ بعذاب أبناء الجنوب وبسلطة سادية لا مثيل لها في اسكولوبيديا عالم الإنسان.
نعم, هكذا تعاملوا مع شعب الجنوب معتقدين من قدرتهم على طمس هويته وقبرة والى الأبد. ولم يدركوا من أن شعب الجنوب العربي حيوي غزير بفكرة الإنساني وسهل ممتنع, والمشهود له في نشر عقيدتنا الإسلامية السمحاء في شرق آسيا وأفريقيا. لا يمكن بغفلة زمن من تزييف التاريخ والذهاب بهم إلى مشارح نشوة الظالمين مهما تفننوا وتحذلقوا في عالم التزييف بقوة سلطانهم الممول من ثروة شعب الجنوب العربي.
لقد صبر الجنوب طويلا بعدما تجاوزا الدخلاء حدود الوقاحة في استغلال طيبة الجنوبيين منذو بداية تغيير الاسم عشية الاستقلال وحتى اقتتالهم بحروب داخلية كانوا أبناء اليمن مصدرا لها وزيت مستمر يصب على مجمل أحداثها, وتواصل المسلسل حتى كانت النهاية في 22 مايو 1990.
لم تتوقف عقلية اليمننه عند تلك الحدود بل استمرت عبر الحروب المتواصلة وحتى اللحظة منزو غزوها الجنوب واحتلاله في 7 يوليو 1994 المشئوم. الساعة التي توقف التاريخ الجنوبي فيها وركدت كل مناحي الحياة وأقفلت كل أبواب الرزق والعشق إلى الحياة لوقوع الجنوب أرضا وشعبا تحت احتلال أبشع عقلية في التاريخ وهي عقلية ما قبل الدولة التي تسكن في قاع أدغالها نزوات ما قبل التاريخ الإنساني.

نهض شعب الجنوب عندما أدرك مسئولية النهوض الحقيقي لاستيعاب أن الهوية هي المفتاح الحقيقي لاسترداد الحرية والعزة والكرامة, للخروج من هذة المأساة. وأن تذرّع المحتلون اليمنيون بأننا شعب واحد ووطن واحد وجغرافيا واحدة وعقيدة واحدة ودين واحد, لم تعد سوى مبررات استمرارية احتلالهم لشعب الجنوب أرضا وأنسانا وبقاء الجنوبيون عبيد والى الأبد.
فمن يحلم بوحدة ضمن أطار عقلية لم تستطع تجاوز والى اللحظة أسوار صنعاء القديمة, فأنه يعيش خارج حدود العقل كونها تحتاج إلى قرون لإزالة التخلف الماثل عنها  وما يسكن  فيها لتأهيلها للاستجابة لمتطلبات قبولها للدولة الحضارية وتعاملها مع خصوصيات احترام الآخر و استيعابها لثقافة الرأي والرأي الآخر ونبذها ومحاربتها الكراهية. وهي العقلية التي حاول المدعو علي الشاطر في مسلسله الكاذب من استخدامها وسيلة لتبرير واقع احتلالهم للجنوب العربي أمام الرأي العام العربي والأجنبي عبر صفحات جريدة الرياض السعودية في العدد الصادر يوم 23 مارس 2010 تحت عنوان: الحراك أداة لإلغاء الهوية وتفتيت الدولة اليمنية.
ودحضا لذلك نجزم نحن معشر مثقفي الجنوب العربي, أن الحراك الجنوبي العربي السلمي  أداة لتثبيت هوية الجنوب بعدما طمستموها وحلّت  دولتكم الجمهورية العربية اليمنية على أراضي الغير, ولذلك لأنها ليست على أرض يمنية بل على أراضي الجنوب العربي. وجاء الحراك لتحرير هذة الأرض بطرق حضارية سلمية. وهذا نفاخر به ونعتزّ به وليس عيبا. وأصبحت الهوية عقيدة مسكونه في وجدان كل جنوبي. ومجسّدة في الجوهر الحقيقي للحراك  الذي ينطلق من حضارية النهج السلمي في استعادة الهوية وبناء الدولة وإصلاح الخلل في الميزان السياسي لغياب دولة الجنوب واستتباب الأمن والاستقرار للمنطقة والعالم أجمع, ومفتاح لحل الأزمات القائمة. وضمانة لمستقبل الأجيال.
لذلك  فمن  يحاول الافتراء  واعتناق عقيدة وعقدة اليمننه في الكذب والتضليل, دون علمه من أن لدينا من المعارف كثيرا في فهم واستيعاب تاريخنا وهويتنا, ولا نحتاج إلى متشعوذين جدد, مثل هولاء علية أن يبادر إلى حزم أمتعبة للتوجه فورا إلى أحدى المشافي النفسية, ليعود إلى صوابه, وعلى البعض الحالمون خارج نسق المنطق والحقائق في فلسفة التعاطي مع حقوق الشعوب الإنسانية, عليهم تجريب أحلامهم النرجسية بالوحدة العربية على الطريقة التي صارت بالحالة اليمنية, عليهم الذهاب إلى صنعاء أولا وتجريب الصلاة في كعبة أبرهة. أما نحن فقبلتنا كعبة محمد صلاة الله عليه وسلم. والله من وراء القصد.

* كاتب وباحث أكاديمي مقيم في لندن
مارس 2010