منذ إن كانت الجنوب لم تحد عن درب المجتمع الواحد

[ابو عهد الشعيبي]

منذ إن كانت الجنوب لم تحد عن درب المجتمع الواحد المتكافل ، المتضامن ، المتآخي يردد الجميع المثل الشائع " كلنا عيال قرية " و " كل أخ يفدي اخوه " الجار يخاف على جاره والقريب يساعد جاره ، والقريب يساعد قريبه ، وكبير العائلة يحتضن الجميع تحت جناحيه ، كلمته مسموعة , أمره مطاع ، وإحترامه واجب ، وحكمتة تسبق كل كلمة يقولها وكل رأي يبديه . فكان التواصل من جيل إلى جيل والابناء يرثَون عن آبائهم القيم والعادات والتقاليد النضيفة والشريفة التي تشيع المحبة والألفة والتعاون والتعاضد وروح الإنتماء للأسرة الجنوبية الواحدة التي يعرف كل واحد فيها مكانتة وموقعه الذي هو بالضرورة متمم ومكمل لمواقع الأخرين .
فلا حسد
ولا جشع
ولا طمع بأموال الحرام
ولا تنابز بالألقاب
ولا تمييز بين مناطق وأخرى
ولا فساد ورشوة
ولا أجرة عسكري
ولا سجن عاقل حارة او شيخ قبيلة
ولا تأجيج لنعرات فئوية وطائفية وقبلية
ولا ظواهر تعكس تزمتا إلى حد الإنغلاق والتخلف ـ تقابلها ظواهر تكشف الإنفلات بإبشع صورة .
ولا مشاحنات ولا مشاجرات وحزازات شخصية يتبارى البعض في خوضها في مجالس القات وقاعات المنتديات واللقاءات وعلى صفحات الجرائد الصفراء وعبر اشرطة التسجيل والمطويات السوداء .
ولا إقدام كل من هب ودب لتعيين نفسه او قريبه وصيا على الخلق
ولا فتاوي إستباحة اعراض المؤمنين الآمنين واموالهم وتكفيرهم

ولا وجود لفرق تصفيات تعمل في الليل لتغيير وجهة مجتمعنا وإشاعة الفوضا والبغضاء فيه وإقصاء الشرفاء من مواقعهم المستحقة ..

كانت بلادنا الجنوب العربي منبع للعلم ونشر الرسالة ومبعث للسماحة والسلام
كان جنوبنا تاريخيا موطن العز والرخاء والعلم والتجارة والأمان
وكانت ارضنا منبت الخيرات والرزق وموطن الإبتسامة والكرم والضيافة والجود ..
كانت ملاذ آمن لمن كانت تطاردهم الشرور وتلاحقهم مصائب الهمج من ابناء المملكة المتوكليه ومابعدها من ملكيات دحباشية جائرة ..

كنا شعبا غيورا يحضى بتقدير وإحترام العالمين العربي والإسلامي وحتى الغربي والشرقي
لما نتمتع به من حظارة شامخة وحياة متأصلة كلها نور على نور عبر المراحل والدهور .. لا فيني جاهل ولا فيني مرتشي ولا فينا مغرور مقرف لا يحترم الآخريين ..
حتى غدونا في نظر انفسنا ونظر اولئك الاشقاء والاصدقاء الذين يتابعون شؤونا ويسمعون أصداء ما تعج به حياتنا الجديدة بعد " وحدة الهلاك والذل والإنحلال " من بلاء وتصطدم عيونهم بصورنا المشوهة وكأننا نعيش في جزر متباعدة عن بعضها البعض ، لا يجمعنا جامع ولا تربطنا بعروة جنوبنا الوثقى ، ولا ننتمي للجذور ذاتها التي غرسها الاباء والاجداد في ارضنا المباركة الطيبة ، بل وبتنى اسرى للفتنة التي نشرها همج الشمال في صفوفنا لا سيما في مناطق الارياف من شبوة وابين والحد وحضرموت وغيرها وأخذت تطل علينا خدعهم ومؤامراتهم صريحة حينا ومتسترة احيانا لكنها مكشوفة المقاصد وواضحة الغايات والاهداف وفي مقدمتها الاسائة لأصالة الجنوبي وفطرتة الدينية والوطنية والتي كانت حصننا الحصين ومبعث قوتنا عندما داهمتنا سيول الغزاة والمستعمرون فواجهناهم بوحدتنا وتكاتفنا وبالأصيل من عاداتنا وتقاليدنا فكان النصر حليفنا مع كل معركة وفي كل المراحل بحمد الله ورضاه ..

بقي إن اقول إن الجنوب برغم ما حل بها وأهلها إلا إنها لا تزال متأصلة بما تبقى فيها وشامخة برجالها الذين لا يزالون يحملون لها الوفاء والغيرة ..
وإن الواجب نحوها لا يزال من اولويات الغيورين حتى تستعيد مكانتها كما عرفتها الأزمان والمراحل وعرفها أهلها والعالم موطن للعز والرخاء والسلام ..
وقد يأتي في مقدمة ما نحن بحاجة إليه من تصعيد وعمل وجهد نحو ذلك هو تفعيل النظال الوطني السلمي لإنتزاع حقوق ارضنا وشعبنا وفق نصوص ومواثيق الوحدة السلمية في مايو 90م مع ابناء العربية اليمنية .. والتي صادرتها عنا بفوهات المدافع وصواريخ الطيران والمجنزرات عصابات سبعة سبعة ..
والله ولي التوفيق
وبه الإستعانة وعلية التوكل

ابو عهد الشعيبي