زيارة وزير الخارجية اليمني عبد الكريم الارياني لتل ابيب.

[%الوحيد%]

عدن تايمز - فؤاد معمر
لم يعد المتابعون لتطور الاحداث في اليمن قادرون على فهم ما يريده النظام فيما يتعلق بثلاث جبهات تتقاتل مع القوات الحكومية مما اضعف القدرات القتالية للجيش والقوى الامنية ، حيث يسقط القتلى يوميا، وحيث تزداد الازمة الاقتصادية حدة لدرجة انتشر معها الجوع والمرض والأوبئة ، الامر الذي ادى الى انفراط عقد الامن في العديد من المحافظات والمدن.
ففي جبهة الجنوب وصل الاحتقان بسبب الممارسات الحكومية الى درجة "الموت انتحارا" خير من العيش على هامش الحياة والشعور باحتلال ذوي القربى بدلا من المساواة والعدالة وضمان العيش الكريم، وهذا ما يصدع به الجنوبيون صباح مساء ، في حين يتسلى النظام بتوزيع الاتهامات بأن قوى خارجية تدعم الجنوبيون من اجل الانفصال، علما ان هذه الاتهامات تطال دول عربية حليفة لليمن وتقدم له العون والمساعدة حتى في الاحتياجات العسكرية والامنية والتنموية.
واما على جبهة صعدة والصراع مع الحوثيين فقد تجاوز النظام اكثر من اتفاقية للتهدئة، او لوقف النزاع المسلح، وقد استثمر النظام هذا النزاع لاشعال فتيل صراع اقليمي ادخل المملكة العربية السعودية طرفا فيه بعد ان وجه العديد من الاتهامات الى ايران وليبيا بدعم الحوثيين في نزاع اقليمي، بمعنى ان النظام اليمني ضحى بالحليف السعودي مقابل اشعال حرب باردة وساخنة على الصعيد الاقليمي مقابل ترحيل ازمته الداخلية والتعتيم على ما يحدث من ممارسات اطلقت لسان اليمنيين الذين كانوا عصب النظام والمدافعين عنه فانقلبوا عليه.
وعن جبهة القتال مع القاعدة فان النظام اليمني يرتكب خطأ استراتيجي سيلحق الضرر بجميع دول الجوار وعلى وجه الخصوص السعودية، فكلما ضعف النظام وترسخت اقدام تنظيم القاعدة، كلما تصاعد التهديد لامن واستقرار السعودية ودول الجوار اليمني الافريقية والعربية، واغرب ما صدر عن الرئيس اليمني عبد الله صالح انه اقحم اسرائيل في أتون المعارك الداخلية مصرحا ان الخلية الارهابية التي القي القبض عليها قبل عامين (10/2008) هي خلية اسرائيلية تعمل على تفجير سفارات امريكية وبريطانية وسعودية واماراتية، فيما صرح وزير الاعلام اليمني حسن اللوزي خلال الشهر الماضي (9/2010) بأنه مورست ضغوط على اليمن لدفعه للتفريط بموقف الاجماع العربي واقامة علاقات مع اسرائيل، في حين ان الجنوبيين يحملون النظام مسؤولية التعاون مع اسرائيل واستخدام السلاح والخبراء العسكريين والامنيين الاسرائيليين اثناء الحرب على الجنوب ويؤرخون لعمق العلاقات اليمنية الاسرائيلية منذ زيارة وزير الخارجية اليمني عبد الكريم الارياني لتل ابيب.
النظام اليمني يوزع الاتهامات على دول المنطقة بلا حساب وآخرها الادعاء بأن اريتريا اصبحت مرتعا للنفوذ الايراني ونقل السلاح الى الحوثيين رغم ان قادة اريتريا يؤكدون جهارا ومرارا بأن هذه الاتهامات غير صحيحة, ويحاول النظام ادارة ظهره للسلم الداخلي، فالذي يتحدث عن الامن والاستقرار والسلام في الشرق الاوسط عليه اولا ان يؤكد حصانة وضعه الداخلي، ولا يمكن ان يكون ذلك عن طريق "القوة" فالولايات المتحدة الامريكية في عهد المحافظين الجدد اعتمدت على "القوة الخشنة" لتوسيع نفوذها في العالم، فكانت النتيجة انها انهارت اقتصاديا وماليا من الداخل، وما تزال تنزف دماءً لجنودها في الخارج.
ان اليمن كنظام "مدعو لاجراء مراجعة" لحساباته ومعادلاته الوطنية والاقليمية، ولا يكفي الاختباء وراء الادارة الامريكية لاستمرارية النظام كما صرح بذلك وزير الاعلام اليمني حسن اللوزي، فالسلم الداخلي هو الكفيل برتق الجراح وتجاوز المحنة لا سيما ان الشعب اليمني شعب طيب وأصيل وقادر على تدارك كل المخاطر فيما اذا ابعدت البنادق عن صدور ابنائه، واذا ما استمر النظام في "التحدي والتصدي" فان ذلك مقبول في مواجهة الاعداء الخارجين وليس مع الشعب اليمني الذي آن الأوان ان ترتفع الاصوات لنصرته، ووقف معاناته وايصاله الى بر الامان بتحقيق السلم الداخلي قبل ان يتحول اليمن الى مرتع لتدخلات دول كبرى لا يعتريها القلق اذا اصبح اليمن تكرارا لتجربة افغانستان او العراق او الصومال.