هذا ماحصل في عدن !!

[الشبامي]

هذا ماحصل في عدن !!

في مدينة خورمكسر الوادعة ، في حيها المسمى (السعادة) -الذي يبدو أن اسمه لم يعد صالحاً لمسماه- ، وفي وقت خلود الناس إلى الراحة بعد فجر الخميس تهز في وقت سكينتهم قوات مدججة بأعتى أنواع الأسلحة -التي ليتها صوبت نحو احتلال غاشم أو طائرات تنتهك سيادة اليمن محلقة ليل نهار - ..
المشهد : جنود متأهبون ، وأيديهم المرتجفة تعتصر الزناد ، اقتحام صارخ يروع الآمنين ويفزع الأطفال والساكنين ، تقتحم القوات البيت الآمن لتعتقل الأب وابنيه وضيفين كانا يبيتان في بيت الكرم والجود وقد أثخنتهم ضرباً ، منكلة بالكرام أشد مايكون التنكيل وأذله ، ومنتهكة لأبسط حقوق الآدميين .. والتهمة المعلبة الجاهزة دوماً : (القاعدة) !! ، وكونك تحت شبهة انتمائك إلى (القاعدة) تعني عندهم : أنه لايحق لك بحال أن تكون من الأحياء .. نعم إنه دأب الاحتلال مهما كانت جنسيته وصفته ..

تغادر قوات الاحتلال تاركة (بقايا) الأسرة المكلومة غارقة في بحار ذهولها و صياحها ، وجروحاً غائرة في الوجدان لاتندمل تقسم أيماناً مغلظة بأنها ستصنع آخرين يجودون ولن ينتهي بذلهم للمهج !!
لم ينتهي المشهد هنا بل بدأ المشهد الثاني للمعتقلين لتوه فقط ، ففي مقر البحث الجنائي بعدن (البقعة القذرة سيئة الصيت ) السجون ممتلئة بشباب في مقتبل العمر أعرفهم ، ويعرفهم الناس أيضاً .. تعذيب وإذلال لايتوقف ، أحد المعتقلين : (أحمد الدرويش) لم تشفع له نداءاته المتكررة بأنه يعاني من داء السكري وارتفاع ضغط الدم ، علق من يديه بالسقف والسياط والهراوات تنال من جسده وأجساد إخوانه ، يصيح مستنجداً بأعلى صوته بأنه يعاني من ضيق شديد للتنفس ، ولكن هيهات هيهات إنها الأوامر !!
أحد أعضاء المجلس المحلي يزورهم في المعتقل ، يرى تدهور حالته المريع ، يخاطبهم بأن حالته تحتاج إلى نقل عاجل إلى المستشفى (لقد كان يظن أنه يحاور أناساً من بني البشر) !!
يزداد التعذيب والتنكيل ، تزداد شدة آلامه وجراحاته ليغرق بعدها في غيبوبة !!
خرجنا بعد صلاة الجمعة ، صراخ دوى في الحي ، نواح وعويل يحرك جلاميد الصخر ليقطع قول كل خطيب ، هرعنا لمعرفة السبب ، سقط علينا الخبر كالصاعقة .. لقد قتل أحد المعتقلين : (أحمد درويش) جراء التعذيب الذي لحق به !!
تداعى الناس من كل حدب وصوب ، فقد الناس صوابهم ، تحرك بعض الشباب ، يحركهم دافع الثأر لذلك الشاب المغدور ، -الذي لم نعهد عليه إلا خيراً - .. معهم أسلحة شخصية وبضع طلقات متوعدين بالرد على القتلة !!


تجمع الأمن عندها ليفرض طوقاً أمنياً محكماً ، محاصراً الحي وساكنيه ، وتمركز العديد من القناصة على أسطح البنايات والفنادق المحيطة بالحي وبدأ إطلاق النار ..
استمر إطلاق النار متقطعاً ، لم يبرح الناس أماكنهم ، حصلت بعض التصرفات العفوية العنيفة ، الدافع هو الحنق والغيظ ..
في المساء يتحرك بعض الحكماء لاحتواء الوضع ومحاولة التهدئة ، في أثناء ذلك الدولة تحاول التستر على جريمتها فكان (السيناريو المفبرك): "لم يكن هناك تعذيب ، وتم نقل المريض إلى المستشفى وهناك فارق الحياة" !! .. ونسي محترفوا الكذب أن السجين عند نقله إلى المستشفى كان في غيبوبة ويديه مكبلتان وعليه آثار التعذيب !!
سعت لجنة الوساطة -والكاتب مصدر مقرب منها- إلى تهدئة الأوضاع والتقت باللجنة الأمنية وأسمعتهم كلاماً شديداً محذرة لهم من العواقب والتقت كذلك بالمحافظ في اليوم التالي وتعهد بحل الموضوع ، بعد يومين يزور المحافظ الحي معزياً أولياء الدم ومطيباً للخواطر ، وجه بعدها -بإلحاح من لجنة الحكماء- إلى رفع النقاط الأمنية والتعهد بإطلاق المعتقلين (أطلق سراح البعض وبقي 18 معتقلاً قيد الاعتقال) ، وإغلاق ملف القضية ، والسعي في حل قضية (الشهيد) .. مقابل تهدئة مع المسلحين ..
في حمأة التوتر تطالعنا وسائل الإعلام عبر قنواتها الفضائية -منها الجزيرة مع الأسف- بكذب كُبَار مؤكدة بأن المسلحين هم من (القاعدة) !! ، وكأنهم يخاطبون شعوبَ كوكب غير الأرض ، مصدرهم في ذلك وسائل إعلام الاحتلال الذي دأب على الكذب الصراخ لتغطية عجزه ، صدق القائل الحياد .. كذبة إعلامية كبرى) !!لقد كانت النقاط التي قدمتها اللجنة واضحة ، تقضي بإطلاق المعتقلين جميعاً ، والمطالبة بالجناة الذين تسببوا في قتل الشهيد الشاب ، ورفع كافة المظاهر المستفزة في الحي ، والكف عن ملاحقة الشباب واستفزازهم ، وكذا إعادة المسروقات التي نهبها رجال الأمن خلال المداهمات !!..

تحاول السلطة المترنحة أن تسجل انتصاراً واحداً في سجلها الحافل بالإخفاقات المتكررة والفشل المتلاحق ، عبر آلتها القذرة الملطخة بالدماء الطاهرة (الخوف المركزي) ، ولايهمها حينذاك أن يكون ذلك على أنقاض الأبرياء ودماء الأتقياء ودموع الأرامل والثكالى ..


إن الدولة بمعالجاتها الحمقاء تصنع من كل غيورٍ (قاعدياً) ، من كل أبيٍ (قاعدياً) ، من كل رافض للضيم (قاعدياً) ، ومن كل (قاعدٍ) .. (قاعدياً) !!

[طائر الأشجان]

احتلال الجنوب بدأ بكذبة كبرى ، واستمر كذلك يمارس الكذب ، وسينتهي إلى مزبلة كبيرة اسمها مزبلة التاريخ . فلم يعد الضحك على الشعوب جائزاً في عصر تدفق المعلومات ، وما هو على بساط الحقيقة يفوق حد التصور ، لقد بالغ المحتل في مراوغته ، وتمادى في جبروته ، واستمرأ سير الأمور على نحو يجيز له الإستمرار ، ويمنحه الإطمئنان ، ولا يدري إن الله بما يعملون خبير ، وهو القائل : " أفأمنوا مكر الله إنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون "

تحياتي
طائر الاشجان