جميعا ولا تفرقوا !

[ابو عهد الشعيبي]

سأكتفي بإبراز وجهت نظري كرؤية للحال والواجب وبإختصار دون الإستدلال بالارقام ولا بتاريخ الاحداث والتفصيل في إفرازاتها وما ترتب عليها من معطيات على كل المستويات ، ولا أخفي احدا على القول بإني اجد مع اسطر للواجب نفسا للحياة يجذبني كثيرا لتحسس مكامن الأمل في شقوق الجروح والآلآم في محاولات لزرع بذور أمل طامحة للحياة الكريمة وقافزة على كل فرضيات عصابات سبعة سبعة على واقعنا وحياتنا ..

كلنا للحق فداء والجق هو إسم الله عز وجل في الارض والسماء ..
إلى كل رفاق الرحلة والمصير .. بدون شك إنكم تدركون جميعكم جيدا حقيقة إن الجنوبيين شعبا تواقا وعاشقا للرايات البيضاء في الأعالي منذ القدم .. شعب حفرت على جبينه الحياة كرامة الأصل وعراقة النسب وعنفوان المجد .. ولما كنا كذلك كجذور وتاريخ كان من الطبيعي اليوم إن نستمد من وهج التاريخ وهج يشعل فتيل الواجب والغيرة بداخلنا بعد إن وصلنا إلى وضع لا يحسد عليه ..
ومن الأمور البديهية جداً التي يجب إن نستحضرها ونحن في محاولات لملمة هي أكثر من ناجحة لصفوفنا في هذه المرحلة إن نعي أننا نحن الجنوبيين !! نمتلك صفة كانت من أهم أسباب تراجعنا وتدميرنا الداخلي و الخارجي ( من ايام بريطانيا وما سبقها إلى من عهد عنتر وعلي إلى ايام علي وعلي ) .. و هي أننا محكومون لعواطف تسيرنا حيثما سارت بها الرياح وامواج الشعارات الرنانة بخاصة في مراحل مابعد الثورة وما كنا عليه من سطحية فكرية تتمشى بخرافات مثالية في بناء الحياة بعيدا عن ارقام وتفاصيل الواقع والحقائق وقد صحونا إثر رضوخنا وقبولنا بذلك على نغمة قرع الأوتار الوطنية في ضروف إستثنائية وكإنها سفينة الرحلة نحو المجهول الذي كشف ستارة 22 مايو ، ا والمعروف عند عامة الناس إن ثمار العواطف ليست تلك الثمار المرجو منها القمة والمجد ، فهي عادة ما كانت نشوة في رحمها إنتكاسة .. وهذا ما حصل فينا كنتاج طبيعي لتراكمات غباء وسذاجه ماهي بحسبان ..
ليست مشاعر الفيض بالوطنية كعمق فكري وواقعي من جعلتنا نقبل فتاح والشرجبي وجارالله وغيرهم حكام لجنوبنا وتسليمهم زمام دوائر القرار السياسي والإستخباري وحتى بناء الإستراتيجية الوطنية البعيدة لدولة الجنوب .. بعد كفاح مرير ضد مستعمر وقيام دولة الجنوب العربي والتي اقمناها بدحن السواعد وبتضحيات لتصبح حينها وكرا لغزاة في صورة رفاق هم وطريق !! إنها السذاجة وغياب الحنكة السياسية والبُعد في النضر ..
وقد كانت دولة الجنوب منذُ النشئة عمق مبالغ لمشاعر الوطنية الحالمة احتضنت كل من هب ودب من الشماال وكانت الأمور تسير وفق رؤيا غير ناضجة ، وبعش وعشق وشوق مبالغ اتخم العقول والقلوب وخدر البصر والبصيرة وضيع اللب كان فعلهم فينا هم " جماعة خينا" .. وعلى انغاام عزفها ايقاع الطموحات المثالية والتحرر سارت المنهجيات بتكتيك من الزخم نفذوا كل تلك الفصول، ولما كنا كذلك كان فعلهم سكين بارد ينحر اوردتنا من الداخل دون ان نحس به كونه يتمشى مع عزف ما رفعنا من شعارات الوهم حتى استطاعوا فعلا شقنا صفين بين زمرة وطغمة وكان يناير وكانت فجيعتنا عنوان نصرهم المؤزر .. ( !!! )حتى وصلنا لما وصلنا اليه عام 90م
ليست مشاعر بدفع ذاتي لخلاصة مرحلة كان الحماس سمتها ولا هي مشاعر من مشروع بأطراف .. بل كانت مزيج من ذلك ومن شيئ لم يعد اليوم اسمه مجهولا !!

العاطفة و الحماس مطلوبان ، و لكن حين يسيران على هدي من العقل و الوعي الشامل لكافة أبعاد المرحلة و إدراكها بعمق و هذا بكل أسف ما زلنا نفتقر إليه على كافة المستويات وإلى اليوم ربما .. ومع إني ارى على الارض الجنوبية نذير تحول فاصل قادم لا محالة إلا إنه لزوم علينا الإعتراف والتسليم بحقيقة إن وحدتنا في 90 م مع الشماال لم تكن إلا صورة واقعية جلية وزاهية لإندفاع وتعجل العاطفة ومبالفت الشعور والنشوة الزائفة التي دكت عقول الجنوبيين من القيادة إلى القاعدة وسيرتهم إلى جحور القرون الوسطئ خاضعين طائعين ما كانت تحلم به عقلية القبائل الحمراء في شمال الشمال .. في حين غيبنا الاولى والاحرى وهو إدراك حقائق واقع وحياة الشمال وأهله ودرك ابعاد مابعد بوابة 90م ، وتوحيد صفوف الداخل الجنوبي !!
وحتى صفو المحيط على ضوء تأثيرات البرسترويكا كان ايضا مفروضا علينا إستشرافة لإعداد حسابات بابعاد حتى نرى القرب في بُعد هالة الموج على الشطئان ، وكذا التود بالعبر بعد النضر لقواميس التجارب على نفس المضمار ، والعودة بقرأت صفحات التاريخ الحديث للحقب الماضية في الجزيرة العربية وصراعاتها القبلية .. وكان الأحرى إن نمتلك رصيد مظبوط وكافي للتحكم بخطوات الإندفاع والإنتشار والتنقل على ضوء دراسة لحقيقة اوضاع العربية اليمنية !!
لا إن نسلم كل الخطط والمواثيق ونقاط التحكم لأكوام كراتين بسكويت وعصائر هائل سعيد في مفارش الشريجة !!
وإن نميز أيضاً كيف نستخدم العقل و ندير به الأمور مع بداية عهد جديد ساقتنا على ركبه العواطف والمشاعر إلى مساحة مفتوحة في صحراء تتسيدها الذئاب والوحوش الكاسرة ، و أن نخلق للعقلانية مفهوماً خاصاً بنا لا تحكمه عادات وفرضيات عنجهية وهمجية قبائل وعقال وشيوخ صنعاء الهالكة الذي تجلئ همهم وغايتهم أن يفرضوا علينا و تحت مسمى الوحدة الزائفة منهجاً جديداً في التفكير والحياة والغوغائية والعبثية و مقاييس لا يقبلها ديننا ولا اعرافنا وعاداتنا في الجنوب أصلاً لأنها تعمل على سلخنا من جذورنا الأصيلة و تحكم علينا بالاندثار و التطويع و تسلب فينا أي إرادة للنهوض و التحدي .. !!!

ولكن لم يحصل ذلك وراحت خطوات السباع بهرولة إلى كل زوايا واركان الجنوب ومربعاته وإلى العمق في كل أصقاع ارضنا الطاهرة وفق خطط مبيتة مسبقا عدتها ورسمتها بحنكة " الإستخبارات العراقية " جُند وجواسيس وزلط ومهرة كاملة نظيفة وشاملة طالت كل الأهداف وفق علامات الإنتشار الشمالي الرهيب ..
لقد كان البيض بحق حملا وديعا يتقدم الخرفان إلى المسلخ !
كان ساذجا ومجردا من حنكة السياسي ..
لست هنا بصدد الحديث التفصيلي عن كل الآم ومأسي الجنوب في الوحدة الزائفة ولكني ارى وبإقتناع إن شيئ من الواجب يتطلب إن نبدي رايآ كهذا للتقييم والعمل والتقدم ..
وأخيرا أقول لكل جنوبي شهم وغيور إن هذا الضباب الذي يلفنا من أعناقنا و حتى أخمص القدمين يتطلب منا نظرة شاملة موضوعية بعيدا عن المثالية وبعيدا عن الشكوك والضنون والإنشقاق .. فالجراحات الجنوبية دامية في كل القلوب .. والتسامح مطلوب .. وما جرى في 13 يناير 2006م في جمعية ردفان من لقاء بين فرقاء المراحل والأجنحة الجنوبية لنبذ الماضي جدير بإن نعمق مبادئه كمنهج عملي في سلوكنا ومسارنا المرحلي القادم كرفقاء مصير مشترك واحد ..
و الأهم أن نمتلك الجرأة لنعترف بأخطائنا حين نخطىء لنستفيد منها و نتلاشى الوقوع بها مستقبلا بدلاً من أن ندفن رأسنا في الرمال .. ووحدتنا بإرادة كاملة وقوية في الجنوب هي الضمانة الأكيدة والرئيسية لعودة كامل حقوقنا وتقرير مصيرنا كما اراد لنا الله على ترابنا الطيب المبارك ..
(( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم ))


والغد خيرا ونحن لها بإذن الله








[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]