مشاهد من مسيرة المليون

[ابو عهد الشعيبي]

بسم الله الرحمن الرحيم


لا أدري من أين أبدأفالجنوب الكبير حاضر المشاهد والدلات بتفاصيل كل الأشياء في دهني وحواسي ..واللكثير الكثير تحتوية جمجمتي المتواضعة لما سجلته من صور لمسيرة شعب عريق تجدسدت عظمتها يوم 11 ديسمبر 2007م ـ فقد كنت ممن شرفهم الحظ بالمشاركة في تشييع جثامين شهداء ردفان ـ وأمام مشاهد الكبرياء والوفاء الجنوبي وقفت مدهولاً لما رأيت ليس لحجم وضخامة الحشد الجماهيري الكبير الدي تزاحم للمشاركة وإلى مواقع مختلفة بأمتداد مناطق وطرق الجنوب الكبير صوب ردفان الثورة والدي فاق بحسب تقديرات الكثيرين ألـ 800 ألف جنوبي بل إن هناك من قال المليون وأكثر وكل هده الأرقام صادقه وبالقلب من الحقيقة وليس للعزيمة الجنوبية والوفاء الجنوبي الدي تعودنا عليه في كل المناسبات من قِبل أبناء الجنوب أقل من إن نصدقها النقل الحيادي والحقيقي لمواكبتها وإبرازها للناس بعيداً عن التهويل والمبالغات .
إن ما جعلني بحق منهدشاً كان بالفعل إستثناء نوعي في مسيرة التشييع هده فالوجيه تكسوها علامات التصميم والصلابة للمشاركة في هدا التشييع و الوجيه والأفواه بكل صبغاتها تردد وبصرامة آيات التكبير تارة وتارة أخرى شعارات الوفاء الجنوبي للشهداء ولقضيتهم العادلة الدي أستشهدوا أولئك الفرسان لأجلها في صورة من أبها وأرقى وأنبل صور الإستشهاد وفي مواجهة شجاعة بصدور عارية لجبناء الفيد وجُند الطاغوت السنحاني ـ فالتشييع والدي أطلق عليه البعض تسمية " عرس الشهداء الجنوبي " تشييع قط لم تر عيني له مثيل على كل المستويات حضور وحماسه وإصرار كبير على مواصلة النضال في تحدي لكل الصعاب والعراقيل حتى إني سمعتها من أفواه كثيرين كانت أقدامي تزاحم أقدامهم ونحن نخطو خطوات الوصول إلى قلب الجنوب النابض "ردفان " سمعتهم يقولونها بكبرياء وشجاعة " كلنا نتمنى الشهادة لأجل الجنوب ما دام وشعب الجنوب على هدا القدر من الوفاء للشهداء ".

فلا جنازة عبدالناصر ولا موكب تشييع كل الراحلون من أبطال النضال الوطني أو القومي والأممي بمختلف مسمياتهم رؤساء أو ملوك داخل الجنوب أو على مستوى البلاد العربية والإسلامية كاملة حصل إن
كان لهم تشييع كالدي شُيع به شهداء النضال السلمي الجنوبي يوم 11 ديسمبر 2007م ـ لم تكن مشاركة الناس على دلك النحو الكبير والنوعي إلا أبلغ موقف سجله الجنوبيون كعلامة فاصله غير مسبوقه في التاريخ الجنوبي للتعبير عن تمسكهم بقضيتهم وتضحيات رجالاتها والإنتصار لمستقبل أولادهم ومصيرهم .
من مستشفى إبن خلدون بحوطة لحج إلى مسقط رؤس الشهداء في الحبيلين ردفان كنا نلتحم بقافله تتبعها أخرى بإمتداد الطريق من عدن صبر الوهط طور الباحة كرش المسيمير إلخ ـ تقابلنا على الضفه الأخرى من جهة الشرق والشمال أرتال أخرى من جهات مختلفه من يافع والضالع وعبر الحرور من المهرة وأبين وشبوة وحضرموت ـ كانت الأرتال تلتحم عند كل محطة بشكل يجعل المشاهد لتلك المناضر في حالة دهول لما يراه من زخم وتزاحم جماهيري جنوبي جعل الأرواح محلقه داخل كل جسد ..
ومند اللحظات الأولى لصباح الأثنين أبتدأت جماهير الجنوب
من مختلف مناطقه بالتوافد على الحبيلين وإلى جوار مستشفى إبن خلدون بالحوطة ــ وقد كنت أنا ضمن مئات السيارات التي قدمت للمشاركة من محافظة عدن وفي طريقنا إلى الحوطة حيث ترقد جثامين الشهداء الأبطال
كانت وسائل النقل المختلفة تتزاحم على منفد عدن الشمالي في منطقة الرباط ـ وهناك كانت سياراتنا الخارجة
من عدن تقف طوابير أمام عساكر الإحتلال للتفتيش الدقيق وبشكل إستفزازي وعنجهي حيث تعرض الكثير منا لأساليب
الإبتزاز وقد صودرت العديد من هواتف النقال على البعض منا وآخرين كاميراتهم الخاصة ـ ولم تكن تلك الأساليب الهمجيه مجدية أبدأ في إثناء الناس عن مواصلت مهمتهم الوطنية النبيلة أو التراجع إلى الخلف بحسابات كانت تضنها هده الأجهزة القمعية قادرة لإن تضعف من حماس الناس وقوت إراداتهم بل إنها على العكس تماماً كانت تحفيز للجميع للمضي في إستكمال السبيل وتنفيد المهمة ومشاركة الجنوب يومه العظيم .. وبجوار المستشفى " إبن خلدون " ومن كل الجهات تجمعت أرتال سيارات الجنوبيين لأخد توجيهات اللجنة التحضيرية وكان أبناء لحج الأبطال بدلك المكان أكثر من حضر وتجمهر وتحمس لأداء الواجب الوطني الكبير ، ولم يشفع لعساكر الإحتلال وضع نقطة عسكرية مستحدثة في مداخل الحوطة لمنع الناس وسياراتهم من الوصول حيث أظطر الكل إلى تجاوزها مشياً على الأقدام للوصول لمكان تجمع الجماهير وهي تردد شعارات "بالروح بالدم نفديك يا جنوب "ـ وطوال حوالي الثلاث الساعات تجمع الناس بمحيط المستشفى وكان بمقدمة الحاضرين أبرز رموز الجنوب البطل حسن باعوم والعميد ناصر النوبة والناشط السياسي أحمد بن فريد والناشط الحقوقي والقانوني المحامي يحي الشعيبي والمناضل محمد ناجي سعيد وصلاح الشنفرة وعلي منصر وإنصاف مايو وعدد كبير جداً من الرموز الجنوبية بمختلف مسمياتهم ومراتبهم ـ من كل مكان توافدت الحشود إلى دلك المكان ..

وفي لحظة تاريخية كانت بإمتياز مميزة كما هي دائماً لأبناء ردفان وبحوالي الساعة التاسعة والنصف صباحاً شق هدا التجمع موكب ردفان القادم بحماسة وقوة يتقدمه المناضل الدكتور ناصر الخبجي وشخصيات أخرى بعدد من السيارات تبعها مباشرة موكب المسير الراجل لأبناء ردفان وهم يرددون شعار " عهداً عهداً للشهداء والموت والعار للجبناء " وتكبيرات التشييع " لا إله إلا الله محمد رسول الله " وقد فض المكان ليقتحم بوابة المستشفى على نفس الوتيره وإلى الساحة الداخلية للمستشفى وبأرجائها تجول الحشد الجماهيري الظخم والهتافات تتعالى كلما أقترب الحشد من موقع جثامين أبطال الجنوب ـ لحظتها كانت الجثامين قد نُقلت من الثلاجة إلى سيارات الإسعاف ــ وبعدها مباشرة جابت الجماهير الساحة ليعودوا إلى الساحة الرئيسية للتجمع بالخارج والممتده من دوار الحوطة بإمتداد الشارع العام إلى منفد الحوطة بإتجاه صبر ــ وبعد دقائق معدودات أمر الخبجي بتحرك قافلة التشييع صوب ردفان
وعلى نفس الزخم سارت الحشود في مسيرة كبرى بالشارع العام لمدينة الحوطة حتى منفد الشارع العام للمدينة
بإتجاه الحسيني تلته مباشرة أرتال السيارات بالألآف وهكدا سارة القافلة في مسير وبكل محطة من محطات المناطق المشاركة أنظم الجنوبيون لبعضهم في بوتقة وفاء عظيمة حتى وصل المسير مدخل قرية الجدعاء
حيث توجد مقبرة الشهداء وساحة الصلاة وقد كان بالإستقبال هناك مئات الألآف من المشاركين القادمين إلى
ردفان من مناطق الضالع وردفان ويافع وحالمين والشعيب وعبر الحرور من محافظات الجنوب الشرقية
ـ وبمدخل القرية الواقعة جنوب غرب مدينة الحبيلين ألتحم الجنوبيين ببعضهم ليمتزجوا في لوحة وفاء عظيمة
وغير مسبوقة بتاريخ الجنوب العظيم ـ أثناء دلك الإمتزاج والتلاحم كانت سيارة المناضل الوطني باعوم تشق طريقها الوعر ة بين الأشجار والجبال المجاورة لتجاوز الزحمة إثر توقف الخط عن الحركة وعدد كبير جداً من الجماهير المستقبلة من حواليها بكثافة كبيرة جداً وهم يرددون " يا باعوم سير سير نحن جنودك للتحرير " .. وبعدما وصل باعوم لساحة المصلى وكان قبله قد وصل قادة الحراك الجنوبي وكل المشاركين في التشييع ..
بعد دلك أقيمة صلاة الميت على جثامين الشهداء تلتها الدعوات والتكبيرات وأستمر الحال بالمسير إلى المقبرة حيث تم دفن الجثامين ـ وبحوالي المنطقة وعلى قمم التلات المجاورة تزاحمة مئات الألآف في مشهد رائع وعظيم دكر أغلب الحاضرين " بحشود الحجاج على عرفه "
والحمد لله كثير سارت الأمور بشكل سلس ومرتب دون إن يحصل مكروه وواصل المسير وجهته ليصل إلى قلب
ردفان النابض مدينة الحبيلين حيث تجمعة الجماهير في مختلف الساحات والشوارع المختلفة بالمدينة وعلى نفس
الزخم تواصلت الهتافات والتكبيرات وكان أبرزها عالإطلاق تلك الهتافات التي رُددت وهتفت بحياة الزعيم باعوم وناصر النوبه وبن فريد ـ وغيرها من تلك المعهودة من جماهير الجنوب في مثل هده المناسبات والتضاهرات ـ وبعد إن وصلت أعداد كبيرة من الجماهير إلى الساحة الرئيسية أمام المنصة وبعد إن أخد رموز
الحراك الجنوبي مواقعهم في المنصة وبوسط الزحمة كانت بتلك الأثناء الجماهير المتهيجه لا تزال تردد الشعارات الجنوبية الوطنية ـ وبشكل لم يسبق له مثيل تزاحمة الجماهير باتجاه باعوم بمقدمة المنصة وكانت
حناجرهم وأفواههم " تردد بعدك بعدك يا باعوم وبالروح بالدم نفديك يا جنوب " وبتلك الأثناء كانت ملامح باعوم تبادل الناس الشعور بنفس الأهمية من الإحاس والإيمان بالقضية على الرغم من حالة الإجهاد الضاهره عليه ..

ومباشرة وبتلك الأجواء المشحونه بالحماس الوطني أمسك باعوم بالمايك ليخاطب الجماهير بلغتهم
وبعنفوانهم وعلى نفس الإيقاعات الوطنية النبيلة والعظيمة التي تردها نبضات قلوب الجنوبيين.. قالها مدوية صريحة واضحة ..
يا أبناء الجنوب المحتل ..
كلمتين ثارت بعدها الجماهير بكل الساحات وهي تردد "بالروح بالدم نفديك يا جنوب " كانت كلمة باعوم أكثر ملامسه لنخوت الناس وأوجاعهم وآمالهم وآلامهم وبالفعل كانت المرهم على الجرام وبلسم الإطمئنان .. وواصل قائلاً .. وفائكم هدا لهؤلاء الشهداء هو من وفاكم للجنوب ودماء الشهداء هو سقف قضيتكم العادلة التي تستحق إن نستشهد لأجلها جميعاً وبعد اليوم لن نطالب بالإصلاحات كما سبق لنا وإن طالبنا بل سنطالب بالإستقلال الكامل لأرض الجنوب الطاهر المحتل ..
والكثير من الكلمات المؤثرة والهامة كان باعوم قد واصل حديثه بها إلى جماهير الشعب الجنوبي المحتشده في ساحة الحرية بالحبيلين ..

تلت كلمة باعوم كلمة المناضل علي صالح عباد مقبل وعلى نفس النبرة المعروف عليها مقبل في كل خطبه
في عدن وصنعاء كانت مفردات خطابه التي غلب عليها الطابع الفلسفي والثقافي بأسلوب مطاط .. وإن كان من جديد بها أي كلماته فهي تلك الكلمات التي أقتبستها صحيفة الأيام " دماء الأبرياء لن تدهب هدراً والقوة الغاشمة أوهن من خيوط العنكبوت " وبتواصل الكلمات ضلت الساحة ملتهبة بهتافات الجماهير والتي لم تصمت للإصغاء سواء لكلمات المناضل باعوم والمناضل النوبه والمناضل أحمد عمر بن فريد ..

وبعدكلمة مقبل كان النوبة قد ألقى كلمة إرتجالية في الجماهير " أختصرها متجاوز الخطاب المسجل بالقول أنا أَقدر وقوفكم تحت حرارة الشمس وحضوركم هدا وبهده الصورة المهيبه إنما هو إستفتاء صريح وواضح بشأن قضيتكم ونعاهدكم على الإستمرار في النضال السلمي ـ وبوقت لاحق كان قد أكد على إن رغبة الجماهير يجب
إن تُنفد وكان يخاطب الجماهير الملتهبة بالحماس بعد إن رفضت الجماهير وبشكل قطعي وجاد كلمة السعدي نائب الأمين العام للإصلاح بأسم اللقاء المشترك وقد قاطعت الجماهير كلمة المشترك بترديد شعارات لا مشترك
بعد اليوم ولا حزبية بعد اليوم " يا نوبه يا باعوم لا مشترك بعد اليوم ولاحزبية بعد اليوم " أثر دلك ما كان أمام السعدي سواء مغادرة المنصة تلبية لرغبة الجماهير الغاضبة والمنفعلة .....
وقد أخد المايك من يد السعدي ناصر النوبة وقال للناس هل تريدون الأحزاب تقود نضالكم ؟؟.. رددت الجماهير بالرفض لا ـ بعدها قال النوبة لا مشترك ولا رابطة وبأسم الفعاليات الوطنية سنظل ندعوكم ونواصل المسير معكم لأجل قضيتكم وكانت الجماهير لحظتها تهتف بحياة باعوم والنوبه مجسدة كل معاني الوفاء والتلاحم الوطني لرموز العمل السلمي الجنوبي ..

الجدير بالإشارة والأهمية إلى إن كلمة الناشط السياسي أحمد عمر بن فريد والتي أُلقيت قبل كلمة السعدي قد نالت إستحسان الجماهير مما دفع الجماهير أثناء إلقاءه لها بترديد شعار " يا بن فريد سير سير نحن بعدك للتغيير "
وقد خاطب بن فريد الحشد بكلمات وطنية وحماسية كان من ضمنها " انتم روح الجنوب وهويته وقوته ـ ودماء الشهداء كانت عربون إنتصاركم القادم لتحرير كامل تراب الجنوب ، وواصل بالقول لقد غيرتم المعادلة في واقع اليوم وأصبحتم رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه ..


وبعد إن أختتم العميد البطل النوبه كلمته بإستفتاء الجماهير بشأن الأحزاب ودورها وبعد إن بادلته الجماهير
الوفاءذ بالوفاء .. أنطلقت جموع الجماهير من أمام المنصة بإتجاه الشارع العام وهي تزاحم سيارة باعوم
وحناجرها تهتف بروحه وبمربع آخر من الساحة كانت حشود أخرى تلتف حول البطل النوبه وعلى نفس النمط
تفدي الجنوب وتهتف بحياته ، وبمكان آخر من نفس الساحة كانت الجماهير ملتفه حوالي بن فريد والشنفرة والخبجي وهي تردد هتافات الوفاء للجنوب بكل زخم وعنفوان في مشهد قل نظيره بينما تتوزع على الجميع إبتسامات الأخاء والود الجنوبي من على أفواه هؤلاء الأبطال ..


وقد تواصل حشد الناس بعد عصر نفس اليوم وبحسب التواصل مع بعض الزملاء فقد كانت جلسة جنوبية بإمتياز
بكل ما حوت من كلمات وتداخلات كان أبرزها كلمات باعوم والنوبه وبن فريد والناشط السياسي علي هيثنم الغريب ..
وقد حضر الأخوين المناضلين سلطان السامعي وأحمد سيف حاشد مند الصباح مراسيم التشييع عبر الضالع .

هنيئاً للجنوب هده الإنتصارات الكبيرة والمستمرة التي جسدهاء الشهداء بدمائهم والجماهير بوفائهم
والرموز الوطنية المختلفة بصلابة مواقفهم وشجاعتهنم ..

والعزة والنصر للجنوب



عدن