القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
#1
|
|||
|
|||
تحدّي الديمقراطية !!!!!
تحدّي الديمقراطية
بقلم بيتر بيركويتز مع انطلاق القرن الحادي والعشرين، ظهرت الديمقراطية – وهي نظام حكومي يختار الناس فيه زعماءهم في انتخابات نظامية وحرة ونزيهة وتنافسية – كنظام الخيار للدول في سائر أرجاء العالم. ولكن هذا لا يعني أن التاريخ قد انتهى، وأن جميع الدول، عن طريق عملية ثابتة وشديدة، ستعزز الديمقراطية عاجلا أم آجلا في نهاية المطاف، أو أن المفكرين المعاصرين اكتشفوا في نهاية الأمر النموذج النهائي والحقيقي للحكومة الجيدة. ولكنه يعني، وبتواتر متزايد، أنه عندما يعطى الناس حق الخيار – ليس في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية فحسب، بل أيضا في أميركا الجنوبية وأوروبا الشرقية وآسيا والشرق الأوسط وإفريقيا – فسوف يفضلون أن يكون لهم رأي في الطريقة التي يحكمون بها. ويريد الناس أن يتعرض الأشخاص الذين يتولون مناصب سياسية للمساءلة، ويريدون قوانين مبنية على الاقتناع بدل أن تكون مفروضة عن طريق استخدام العنف، كما يريدون من الحكومة أن تحمي الحرية الفردية وتضمن المساواة أمام القانون. إن أغلبية دول العالم في هذه الأيام ذات أنظمة ديمقراطية، ويستمر عدد الدول الديمقراطية في الازدياد، بل إن التحرك نحو الديمقراطية منذ الحرب العالمية الثانية، وخاصة خلال الثلاثين سنة الماضية، كان مذهلا. وكان هناك حوالي 20 ديمقراطية في العام 1950 من بين دول العالم الثمانين ذات السيادة. وفي العام 1974، أصبح من الممكن تصنيف 40 من دول العالم المئة والخمسين كدول ديمقراطية. ولكن منذ ذلك الوقت، وبفضل انهيار جدار برلين إلى حد كبير، وتفكك الاتحاد السوفياتي بعدم استخدام العنف، وانتهاء المواجهة بين الشرق والغرب عن طريق فوز أميركا في الحرب الباردة، انتشرت الديمقراطية عبر أوروبا الشرقية وآسيا وأميركا الجنوبية وإفريقيا. وقد بلغ عدد الدول الديمقراطية خلال الثلاثين سنة الماضية ثلاثة أضعاف ما كان عليه. وهناك الآن، طبقا لمؤسسة فريدوم هاوس، حوالي 120 دولة ديمقراطية، أي ثلثي دول العالم البالغ عددها 193 دولة. والمنطقة الوحيدة التي لم تشهد تحركا متواصلا جادا في اتجاه التغير الديمقراطي هي الشرق الأوسط. إلا أن العام 2005 شهد فيها مجموعة من التطورات المشجعة. ويشير إجراء انتخابات قومية وعقد انتخابات للموافقة على الدستور في العراق، وطرد القوات السورية من لبنان ومطالبة الشعب بحكومة تمثيلية، وقرار الرئيس المصري حسني مبارك إجراء انتخابات متعددة الأحزاب، وإجازة قانون في مجلس الأمة الكويتي يمنح المرأة حق التصويت، إلى أن شعوب الشرق الأوسط المسلم مفتوحة على الديمقراطية وآخذة في التجاوب معها بصورة متزايدة. ويجعل انتشار الديمقراطية حول العالم فهم افتراضاتها ومبادئها واحتمالاتها ضروريا على نطاق أوسع. ويمكن للأشخاص الذين لم تتح له فرصة العيش في يوم من الأيام في ظل أي نظام حكومي آخر أن يأخذوا الديمقراطية كشيء مسلّم به. كما أن الأشخاص الذين تعدّ الديمقراطية بالنسبة لهم تجربة جديدة نسبيا، أو أولئك الذين يطمحون في تحقيق الديمقراطية، أو أولئك الذين تمثل الديمقراطية بالنسبة لهم تطفلا وتدخلا أجنبيا مهددا أو مزعجا، قد لا يفهمون فهما كاملا ما تتطلبه الديمقراطية من المواطنين، وما تقدّمه لهم. لذا فإن من المفيد، من وجهات نظر متعددة، توجيه الأسئلة التالية: ما هي الديمقراطية؟ من أين جاءت الديمقراطية وكيف تطورت؟ وبأي طرق يمكن للديمقراطية أن تكون مختلفة بشكل معقول؟ وما هي الأسس التي لا غنى عنها للديمقراطية؟ وما هي مواطن الضعف والاتجاهات غير الحكيمة للديمقراطية؟ وكيف تؤثر التطورات الجديدة في السياسة العالمية والتكنولوجيا في احتمالات الديمقراطية؟ الديمقراطية في اليونان القديمة كلمة ديمقراطية مشتقة من كلمتين يونانيتين (ديموس كراتوس) تعنيان حكم الشعب. وكانت كلمة ديمقراطية في اليونان القديمة تفهم ككلمة مناقضة للملكية، حيث يحكم شخص واحد، ولحكومات النخبة، حيث تحكم قلة من الناس. ومع أن الديمقراطية لم تصبح القاعدة في في الأيام الغابرة لليونان، فإن أول براعم للديمقراطية الحقيقية ظهرت في مدينة أثينا اليونانية القديمة. واستمرت الديمقراطية هناك من العام 508 حتى العام 267 قبل الميلاد، وإلى أن يبلغ عمر الولايات المتحدة 241 عاما في العام 2017، ستظل مدينة أثينا القديمة أطول ديمقراطية حية في تاريخ العالم. وحكم في أثينا الشعب أو السكان المؤهلون – أي المواطنون الذكور فوق سن الثامنة عشرة – بصورة مباشرة في الجمعية العامة وناقشوا الأمور السياسية بحرية في الساحة العامة. وقد أشاد رجل الدولة بيريكليس في أثينا في ذروة مجدها في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، طبقا للمؤرخ ثيوسديديس، بديمقراطية أثينا وبتفوقها على جميع البدائل الأخرى. وعلل بيريكليس تفوقها في خطاب شهير ألقاه في جنازة الجنود اليونانيين الذين قضوا في الحرب البيلوبونيسية قائلا إنه نجم عن الحرية والمساواة اللتين تمتع بهما مواطنوها. ولكنها كانت حرية لم تتحول إلى فوضى، كما لم تكن مساواة في كل شيء، ولكن أمام القانون. وأعلن بيريكليس أن الأفراد في أثينا كوفئوا على أساس كفاءتهم واستحقاقهم، وأن الحياة الخاصة والمصلحة العامة حظيتا بالاحترام، وازدهرت الحياة الثقافية ونشط النقاش وشجع الخلق والإبداع ورحب بالغرباء، وتمكنت أثينا، بفضل انفتاحها على ما هو جديد ومختلف، من الحصول على المعرفة لإلحاق الهزيمة بأعدائها في الحرب. ولكن من المؤكد أن حقائق الحياة في أثينا كانت في كثير من الأحيان دون مستوى الصور المثالية التي وصفها بيريكليس. ولكن تلك الصور المثالية، التي تجذرت في المبدأ الديمقراطي، بعثت الحياة في آمال الناس وكانت القوة المرشدة لطموحاتهم. إلا أن ديمقراطية أثينا لم تنج من المنتقدين. فقد اتفق كل من أفلاطون (427 – 347 قبل الميلاد) وأرسطو (384 – 322 قبل الميلاد) على أن الديمقراطية أبعد ما تكون عن كونها أعظم الأنظمة. وأكدا أنها تشتمل على خلل لأنها أتاحت للناس أن يعيشوا حسب أهوائهم وكراهياتهم بدلا من العيش وفقا للعقل والفضيلة. وكان أفلاطون بشكل خاص متأثرا في أحكامه حول الديمقراطية بمحاكمة معلمه الجليل سقراط (469 – 399 قبل الميلاد)، حيث حكمت عليه هيئة محلفين مؤلفة من 500 من مواطني أثينا بإفساد الصغار وبالفسق، ثم حكمت عليه بالإعدام. ولكن رغم تحفظات أفلاطون وأرسطو فقد قدّما دفاعات مشروطة عن الديمقراطية. ويشيد سقراط في كتاب جمهورية أفلاطون بالديمقراطية وبعباءتها المتعددة الألوان التي، حيث توفر مكانا لجميع الأنواع الإنسانية، فإنها توفر أيضا الديمقراطية لأولئك الذين يرغبون في العيش وفقا للعقل والفضيلة. ويجادل أرسطو بأن أفضل نظام عملي – نظام الحكومة الذي يمكن أن يأمل معظم الناس معظم الوقت أن يعيشوا في ظله – هو نظام مختلط، تمارس فيه بعض السلطة بشكل ديمقراطي من قبل الشعب وتمارس فيه بعض السلطة من قبل النخبة، أو من قبل القلة الثرية. ويمكن القول بشكل عام – وهنا لا يوجّه أفلاطون وأرسطو انتقادا قويا – إن مواطني أثينا لم يروا تناقضا بين الديمقراطية والعبودية أو بين الديمقراطية واستثناء النساء من النشاط السياسي. ومع أن الديمقراطية كما فهمها مواطنو أثينا وضعت جميع المواطنين على قدم المساواة، فإنها لم تمنح المواطنية لجميع الأفراد. بل إن الفكرة الديمقراطية المتمثلة في أن الشعب يجب أن يحكم لا تحدد من ينتمي إلى "الشعب". ويحتاج التوصل إلى الاستنتاج بأن الأفراد يجب ألا يستثنوا من النشاط السياسي على أساس الطبقة أو المعتقد الديني او الجنس (ذكر او أنثى) أو العرق، إلى مبدأ آخر. وجاء هذا المبدأ للديمقراطية في العصر الحديث من التقليد الليبرالي. التقليد الديمقراطي الليبرالي لقد تأسس التقليد الليبرالي – تقليد جون لوك (1632 – 1704)، وجيمس ماديسون (1751 – 1836)، والبارون مونتيسكيو (1689 – 1755)، وإيمانيويل كانت (1724 – 1804) وجون ستيوارت ميل (1806 – 1873)، على الاعتقاد بأن البشر أحرار ومتساوون بحكم الطبيعة. ويميل هذا التقليد إلى فهم هذه الحرية والمساواة الطبيعية بمفهوم الحقوق المشتركة بالتساوي بين الجميع. ومن المألوف في هذه الأيام التحدث عن حقوق الإنسان بدلا من الحقوق الطبيعية. ولكن مبدأ حقوق الإنسان الذي يدعم ميثاق الأمم المتحدة ويعزز القانون الدولي في حين أنه يستمد الدعم من طائفة منوعة من التقاليد يعود في أصوله الفعلية إلى تقليد الحقوق الطبيعية الليبرالية. ويعدّّل المبدأ الليبرالي المبدأ الديمقراطي بطريقتين حاسمتين على الأقل. الأولى هي أنه يؤكد، من وجهة نظر الحياة الأخلاقية والسياسية، أن إنسانيتنا المشتركة أساسية أكثر من الاختلافات الطبقية أو الجنسية أو العرقية أو حتى في المعتقدات الدينية. والثانية هي أننا بتعريف الحرية والمساواة بمفهوم الحقوق التي تسبق وجود الحكومة فإن المبدأ الليبرالي يؤكد أن هناك بعض الإجراءات التي قد لا تتخذها الحكومة ضد الأفراد مهما كان حجم ومشاعر الأغلبية المؤيدة لها. وعندما يستخدم الناس في هذه الأيام عبارة ديمقراطية فإنهم يقصدون بالفعل الديمقراطية الليبرالية. كما أن جميع الديمقراطيات الليبرالية الحديثة ديمقراطيات تمثيلية. وبدلا من التجمع للتصويت مباشرة على القوانين كما كان يحصل في أثينا، فإن المواطنين يصوتون في هذه الأيام لمشرّعين يعدّون ويجيزون القوانين، ولتنفيذيين مسؤولين عن تطبيق القوانين. ويشتمل الحكم غير المباشر للناس عن طريق ممثليهم على تعديل آخر للمعنى الأصلي للديمقراطية. وفي الحقيقة أنه حين كانت أميركا وفرنسا تطبقان الديمقراطية الليبرالية الحديثة في القرن الثامن عشر، لزم التغلب على الاعتراض المتمثل في أنه بالنظر إلى أن الشعب يجب أن يحكم بشكل مباشر، فلم تطبق الديمقراطية إلا على عدد صغير من السكان المترابطين الذين يعيشون متقاربين في منطقة جغرافية واحدة ومكتظة ومحددة جيدا. وقبل جيمس ماديسون التحدي في جريدة الفدرالي رقم 10، وهو جزء من سلسلة من المقالات الصحفية التي كتبها مع أليكزاندر هاميلتون (1755 – 1804) وجون جاي (1745 – 1829) لإقناع غيرهم من المواطنين بتأييد إقرار الدستور الأميركي. وأكد ماديسون أن التمثيل يتيح امتداد الحكم الذاتي في جمهورية تجارية معقدة مؤلفة من عدد كبير من السكان تمتد عبر أرض شاسعة ومتنوعة. كما أنه يمثل في الوقت ذاته عاملا تصحيحيا لميل الديمقراطية للتعبير عن الرغبات الآنية للشعب. وبدلا من أن يصوت الناس على كل قانون فإنهم يصوّتون للأشخاص المنتخبين الذين يستطيعون، بفضل معرفتهم في السياسة ومركزهم في المجتمع، والذين يمكن الاعتماد عليهم، مناقشة وصياغة القوانين بصبر وأناة، بحيث تخدم تلك القوانين المصلحة العامة. وإذا ما خلص الناس إلى أن ممثليهم أدوا مهامهم بصورة غير مقبولة وخانوا الثقة التي تم ائتمانهم عليها فإن بإمكان الناس عدم إعادة انتخابهم. إن الشعب هو صاحب السيادة في الديمقراطيات التمثيلية، والحكومة تستند إلى موافقته، ولكن ما يوافق عليه الشعب هو البرنامج الكامل للمؤسسات الحكومية والإجراءات الثابتة لصياغة القوانين والتحكيم في النزاعات. وبهذه الطريقة يوافق الشعب على احترام القوانين الصادرة عن ممثليه، حتى تلك القوانين التي يختلف معها، شريطة أن تكون القوانين التي تسن وفقا للمؤسسات والإجراءات المتفق عليها متوافقة مع الحقوق المضمونة في الدستور أو في القانون الأعلى في البلاد، ولا تنتهك القوانين الطبيعية وحقوق الإنسان الأساسية. كما أن المؤسسات والإجراءات الديمقراطية ذاتها التي تتيح سن قوانين سيئة تتيح للمواطنين الفرصة لإقناع الأغلبية بانتخاب مسؤولين يجيزون قوانين أفضل. الديمقراطية الليبرالية اليوم: الأسس والتنوع قد تختار الديمقراطيات المختلفة إجراءات مؤسسية مختلفة لضمان الحقوق الفردية والمحافظة على المساواة أمام القانون. وقد اختارت معظم الديمقراطيات الحديثة، على سبيل المثال، نظاما برلمانيا يتم من خلاله اختيار زعيم السلطة التنفيذية في الحكومة الذي يعتمد على السلطة التشريعية. وتنتمي الولايات المتحدة إلى الأقلية من حيث أنها تبنت نظاما رئاسيا يتم فيه اختيار رئيس السلطة التنفيذية من قبل الشعب، ويكون بشكل عام منفصلا ومستقلا عن السلطة التشريعية. ويعتمد النظامان على سلطة قضائية مستقلة للتحكيم بإنصاف في النزاعات التي تبرز حتما في ظل القانون. ويعتقد أن ميزة النظام البرلماني تكمن في تجاوبه الأكبر مع إرادة الشعب وفي المرونة الأكبر التي يمنحها للأعضاء المنتخبين. ويعتقد أن ميزة النظام الرئاسي تكمن في نظام المراقبة والتوازن المتعلق بإرادة الشعب وبالسياسيين الطموحين، والمؤسس في الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. ومن مصلحة المواطنين الذين يعيشون في ظل هذين النظامين أن يدرسوا البديل لتقدير مواطن القوة والضعف في نظام حكومتهم. ورغم المدى الواسع للاختلافات في تصميم المؤسسات الديمقراطية، فقد أشارت التجربة التاريخية إلى أن للديمقراطية الحديثة أسسا معينة لا غنى عنها. ويشتمل العديد من هذه الأسس على وجود قيود على عمل الحكومة. فمثلا، فإن حرية التعبير التي تشتمل على حرية الفكر والنقاش، تمنع الحكومة من سن قوانين تفرض على الناس ما يجب أن يفكروا به أو يقولوه. وهذا أساسي لأن جميع الحريات الأخرى تستمد من قدرة المواطن على التوصل إلى أفكاره أو أفكارها وعلى وضع خطط مستقلة. وتساعد حرية التجمع على ضمان حق المواطنين في مناقشة أفكارهم مع غيرهم، بحرية وعلنا إذا هم رغبوا في ذلك، أو بتكتم وبشكل خاص إذا هم فضول ذلك. وتؤكد حرية العبادة أنه لا يمكن للحكومة أن تفرض على الأفراد كيف يمارسون العبادة، أو مضمون العقيدة الدينية، أو ممارسة العبادة في الأساس. كما أن حماية الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم تمنع الحكومة من استخدام سلطتها الهائلة بشكل مجحف عند اعتقال أو احتجاز أو محاكمة الأشخاص الذين يعتقد بأنهم ارتكبوا جرائم. ولا تشتمل جميع أسس الديمقراطية على تفاصيل الحقوق الرسمية. ويوفر القضاء المستقل مصدرا فوق السياسة الحزبية للتحكيم في النزاعات حول ما يطالببه القانون أو يمنعه أو يبيحه. ويمكّن الاقتصاد الحر الأفراد من التمتع بثمار مجهودهم والتعاون والتنافس مع بعضهم البعض بطريقة تعزز ازدهار المجتمع ككل. وتوفر الصحافة الحرة للمواطنين مصادر متعددة للأخبار والآراء المتنافسة، مما يمكّنهم من التوصل إلى قراراتهم الشخصية بطريقة غير رسمية. ولا بد للديمقراطيات، في أية حالة معينة، أن تختلف حول التوصل إلى توازن بين حقوق الأفراد وسلطة الحكومة. كما أن بوسع الناس العقلاء أن يختلفوا حول البنية الأساسية المثالية للجهاز القضائي، والدرجة الملائمة لقيام الدولة بتنظيم الاقتصاد، والحدود القصوى لحرية الصحافة. وهكذا فإن من مصلحة الديمقراطيات أن تنظر إلى ممارسات الديمقراطيات الأخرى للتعرف على وجهات نظر وأفكار جديدة حول أفضل الطرق لبلوغ أهدافها المشتركة في تحقيق الحرية والمساواة في ظل القانون. وللديمقراطيات الليبرالية الحديثة، كسائر أنواع الحكومة، مواطن ضعفها واتجاهاتها غير الحكيمة. وقد اتفق النقاد الذين يمثلون طائفة منوعة من الاتجاهات في استنتاجهم بأن الديمقراطية الليبرالية تميل إلى تفكيك المجتمع وتقويض المطالب العادلة للعادات والتقاليد، وتشجع الأفراد على عزل أنفسهم وتفضيل ميزاتهم الشخصية على المصلحة العامة، وتعزز الاعتماد المبالغ فيه على العملية الرسمية والحقوق الفردية على حساب التفكير في الاستحقاقات الجوهرية والغايات النهائية، وتتجاهل الانضباط والتعليم الأخلاقي في الشخصية الضرورية لبناء مواطنين صالحين، وبحجة تشجيع التنوع تفرض توحيدا للمعتقدات والسلوك. ويتحدث منتقدوها وكأن هذه الانتقادات توجد الأسس لرفض الديمقراطية. ويتصرف بعض الأصدقاء المضللين للديمقراطية وكأن من الخيانة حتى الاعتراف بأن الديمقراطية تشتمل على عيوب. وفي الحقيقة أن معرفة عيوب الديمقراطية مكمل حيوي لتقدير أسس الديمقراطية. إذ يتعين على الدول، في ضوء أسس الديمقراطية، أن تضع وسائل تصحيح ليبرالية وديمقراطية لمواطن الضعف والاتجاهات غير الحكيمة للديمقراطية. الديمقراطية إلى أين؟ على الرغم من عدم وجود سبب للافتراض بأن المستقبل سيجلب تغيرات تجعل أسس الديمقراطية غير ضرورية أو تتغلب بطريقة حاسمة على مواطن ضعف الديمقراطية واتجاهاتها غير الحكيمة، فإن المراحل الجديدة ستخلق حتما تحديات جديدة. وهذه المرحلة، مرحلة العولمة، لا تختلف عن غيرها. وقد جعلت الثورة الحالية في السفر والاتصالات العالم أصغر حجما وجلبت مشاهد وكلمات من جميع أنحاء العالم إلى أجهزة الحاسوب المكتبية والشخصية. وتكمن في ذلك ميزة ديمقراطية. فباستطاعتنا، بالضغط بضع مرات على فأرة الحاسوب، أن نتمتع بالوصول غير المسبوق إلى طائفة مذهلة من الآراء من مصادر متنوعة أصيلة حول قضايا الساعة الهامة. ويمكن لذلك أن يعزز النقاش السياسي وأن يشجع التسامح مع وجهات النظر المخالفة. ولكن ذلك ينطوي أيضا على خطر. فبفضل تكنولوجيا الاتصالات ذاتها أصبح من الأسهل أكثر من أي وقت مضى أن ينغمس الناس في تقديم التقارير والآراء بشكل يعزز الأفكار المسبقة والمحاباة الحزبية. ومن شأن ذلك أن يحدث استقطابا في السياسة وأن يؤجج محاربة الفكرة ذاتها للتنافس بين وجهتي نظر متنافستين. وعلى مناصري الديمقراطية التأكد من أنها قادرة على مواجهة التحديات القديمة والتحديات الجديدة. بيتر بيركويتز أستاذ في كلية الحقوق بجامعة جورج ميسون وزميل في معهد هوفر بجامعة ستانفورد. |
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
|
|
الساعة الآن 09:21 AM.