طايـعه اليافعـي .. والحــزام الناســف ..!

[ضجيج الصمت]

طايعه اليافعي ابنة لا تتعدى السابعة من عمرها ..
تحمل فوق اكتافها عقلاً ذو دهاء وحنكه .. وذكاء وفطنه تفوق عمرها بسنين ..
طايعه كغيرها من ابناء جيلها .. تعشق مشاهدة التلفاز ..وتستمع لأحاديث كبار القوم ..
فهي " دلوعة بابا " يحملها معه أين ما رحل .. واين ماحل ..
تحتفظ طايعه بكل ماتسمعه وتراه .. وتخزنه في الذاكره ..
ومن ثم تبلور أفكارها حسب ماتسمع وترى ..
ذات ليلة شـاهدت طايعه نشرت الاخبار مع والدها العجوز .. على احد شاشات القنوات
العربيه الشهيره .. وكان مفاد الخبر العاجل ..:
" 15 قتيلاً وستون جريحاً .. نتيجة أنفجار سياره مفخخه بأحد شوارع بغداد العتيده "
ثم يعقبه خبراً عاجل اخر ..:
" فجر الطفل ياسين نفسه بحزام ناسف في احد حافلات النقل الداخلي .. مما ادى الى قتل 3 يهود وجرح العشرات .."

سألت طايعه واَلدها ..:
يالله يابابا .. ليش فجر نفسـه ياسـين ؟
أجابها والدها بثقه .. ذلك حُب الاوطان يابنتي .. والنفوس ترخص في سبيل تحريرها ..
ومن ثم عقب قائلاَ ..:
" الى الجنــة ياياسين " ..
ألتزمت طايعه الصمت عكس طبيعتها .. وضعـة رأسها فوق رجل والدها .. وامتدت على ظهرها ..
وإستمر الأثنين بمشاهدت نشرات الأخبار .. وكان العجوز ينتظر موعد بث القناة الوطنيه الحره ..
تنقل بين القنوات حتى وصل إليها ..
" اهلا بكم في قناة عدن الحره .. قناة الجنوب العربي المحتل "
بداء البث .. وظهر على الشاشه شعباً يأن جوعاً .. ويصرخ صمتاً .. وظهرت مسيرات الحق المسلوب ..

ومظاهرات الإصلاح .. المطالبه بإعادة الحقوق الى أهلها .. ورحيل الظلم الجاثم فوق الصدور ..
رفع العجوز صوت التلفاز .. وإذ بالشعارات الطاهره والمقدسه تخترق الأسماع .. وتغادر الى السماوات ..
وتهتك ستر الظلم وتعريه .. وتشيد صوت الحق وتبنيـه .. منددة بالخليفـه وحكمه ..
وكانت التلبيات ترتفع بصوت الوطن .. والأرواَح تتساقط كأوراق شجراً في فصل الخريف ..!

تصحـوا طايعه من صمتها .. وتسأل والدها العجـوز ..:
ليش هؤلاء متجمعون ويصرخون يابابا .. وليش العسكر يقتلونهم ..؟
يتنهد العجوز تنهيدة تكادُ تُذهب روحه ..
اَاَاَه يابنتي .. هؤلاء شرفاء الشـعوب .. يصرخون من الظلم .. ويرجون العدل ..
هؤلاء كالطفل ياسين فقدوا وطناً بعد ان خلقوا من أجله ..
اما العسـكر فهم رعاع وعملاء الخليفـه .. وشياطين الباطل ..

ومن ثم تعم نوبه من الصمت المكان ..ويستمر العجوز وأبنته في متابعة القناة الوطنيه ..
وحين اغلق البث .. نقل العجوز الريموت الى قناة الأطفال حباً بطايعه ..
لعلها تتسلى بمتابعة حلقة " توم وجيري " الذي أدمنته ..
شعر الوالد ان طايعه غير متابعـه .. وإنها تغوص في غُبب من التفكير والتأمل ..
فمد يده الى خاصرتها مداعباً ..
مابكِ يابنتي ..؟ بماذا تُفكريـن ..؟

_ بابا انا افكر في شيئا ما .. وساخبرك .. ولكن عدني انك لن تزعل من يابابا ؟!!

_ وماهو يابنتي ..؟

_ بابا أنا أريد ان اكون مثل ياسين .. فأشتري لي حزام ناسف من السوق غداَ ..
وحين ياتي الخليفه لزيارة مدينتنا .. سأحمل له مقص إفتتاح " شركة الخليفة لسرقة الوطـن "
وعندما يعيد المقص بعد الأفتتاح .. ويقبل خدي ..
سأفجر نفسي يابابا .. ولتسترح انت والشرفاء امثالك .. ويعم السلام أرجاء الوطن
وتعود الحقوق الى أهلها ..

_ دمعــت عيني ذلك العجــوز ... وردد قائلاً ..:
وانا من سيحمل ريموت الحزام الناسف يابنتي ..

ياشهـيده المُستقبل ياطايعه
أطعتي الرب .. وأرضيتي الوطـن
فـ وداَعاً والى الجنــة يابنت امــي ..

ولكــن يبقى السؤاَل حائراً ..
هل سنرى من بنات وطنك من تفكر تفكيركِ ؟

وسيبقى حُلماً جميل في ليلاً داَفئ ..!!!