القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
#1
|
||||
|
||||
المنتدى الأكاديمي الجنوبي : يصدر قراءة تحليلة عن قضية شعب الجنوب ( الماضي والحاضروالم
المنتدى الأكاديمي الجنوبي : يصدر قراءة تحليلة عن قضية شعب الجنوب ( الماضي والحاضروالمستقبل)
يافع نيوز – عدن : أصدر المنتدى اللأكاديمي الجنوبي قراءة تحليلة عن قضية شعب الجنوب تحدثت عن مسار الماضي وأتجاهات التعامل مع الحاضر والبحث في خيارات المستقبل ولأهمية الدراسة العلمية المصيرأون لاين ينشر نصها : بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة: لقد خلق الله الكون وجعل له بناء كرمنا الله نحن بنو الإنسان بوضعنا في أعلى درجات السلم البنائي لهذا الكون، وأوكل لنا الولاية عليه، ومن أجل نجاح الإنسان في تحقيق أمر الاستخلاف والولاية أودع الله سننه التي يسير عليها العالم المخلوق، وميز الإنسان بالقدرة على التعقل والعقل، ومن نافذة هذا التميز يقيم الإنسان خط العلاقة مع نفسه ومع العالم بغية معرفته وإدراك سننه وقوانينه، وتشكيل الوعي والإرادة التي ينبغي أن تتأسس عليها إدارة الإنسان لوجوده. يتضح على هذا النحو ارتباط الطاعة للإدارة الإنسانية بميزة العقل والقدرة على التعقل والمعرفة التي تميز بها الإنسان، (بالعقل المدرك لسنن العالم والممتثل لها)؛ فالله سبحانه وتعالى لم يأمر الملائكة بالسجود لآدم إلاّ بعد أن علمه الأسماء كلها، وفي ذلك يكمن الربط بين المعرفة والسلطان فلا سلطان إلا سلطان العقل والمعرفة، إذ أن معرفة آليات الحق التي يقوم عليه وجودنا حق وواجب على كل من كرمه الله بالعقل. نحن في هذه المنطقة من العالم جزء من هذا الكون ومحكومين بسننه وقوانينه، إن ادر كناها وامتثلنا لها استقرت أوضاعنا وأن لم نمتثل فقدنا أسباب الاستقرار واضطربت حياتنا. إن رحلة التاريخ الإنساني بباطنها هي رحلة البحث عن هذه السنن والامتثال لها. لقد نقلتنا هذه الرحلة من وضع كان فيه كوكب الأرض حق مشاع لبني البشر لا يعرف تعيين ولا حدود، يتحرك فيه الإنسان حيثما شاء ومتى شاء، إلى وضع جديد تعينت فيه الحقوق وتحددت حدودها بعد ان اكتملت شروط اقتسام البشرية إلى شعوب يوازيها إتمام عمليات اقتسام السيادة على أقاليم الأرض بين الشعوب. وهو اقتسام غايته تأمين أسباب الوجود والبقاء الإنساني؛ ففي سيادة الشعوب على أقاليمها الجغرافية تكمن أسباب الحياة وديمومتها بما يعنيه ذلك من تأمين للأمن والمعيشة والحرية لأبناء كل شعب وبكل أجياله المتعاقبة. لم يكن صدفة أن يوضع حق الحياة البند الأول في بنود ميثاق العهد الدولي لحقوق الإنسان بما يعنيه من تأمين لثلاثية الأمن والمعيشة والحرية، وليس من فراغ أيضا ان يكون مبدأ حق سيادة الشعوب على أراضيها هو المبدأ الأول الضامن لكل هذه الحقوق، وهو المبدأ الذي يشكل إلى جانب مبدأ حقها في تقرير المصير الركيزتان اللتان يقوم عليهما كامل النظام الدولي والقوانين والمواثيق والاتفاقيات المنظمة للعلاقات الدولية. ولم يكن من قبيل المصادفة أيضا ان ينص القانون الدولي صراحة على ان هذه الحقوق هي حقوق ثابتة غير قابلة للتصرف تتوارثها أجيال الشعوب المتعاقبة عبر الزمان لا يسقطها التقادم ولا تلغيها أخطاء السياسة. ولهذا ميز علم السياسة على نحو واضح بين الدولة والحكومة؛ فالدولة تمثل جانب الثبات والحكومة العنصر المتغير، فهي أي الحكومة ليست غير وكيل للدولة اما السيادة فهي حق للدولة وحدها ولا تملك الحكومة (السلطة) حق التصرف بها. ومن ثم لا شرعية لأي تصرف تقدم عليه السلطة (الحكومة) يضر بالسيادة ويلغي مؤسساتها؛ فهي ليست مفوضة بذلك، ولا يوجد من يمتلك حق التفويض في التصرف بالحقوق الثابتة المرتبطة بوجود وبقاء الشعوب؛ فهي حقوق للأجيال المتعاقبة والمتبدلة عبر الزمان ومحال جمعها حتى تعطي تفويض بالتصرف بهذه الثوابت، ولهذا ثبتت في نصوص القانون الدولي بوصفها حقوق غير قابلة للتصرف، وتستمد ثباتها من ثبات الحق الذي يتوقف عليه الوجود والبقاء الإنساني، شرعتها الرسالات السماوية وصارت فيما بعد مضمونا للقانون الوضعي المنظم للعلاقات الإنسانية. مسارات التاريخ وتشكل البنية الشعوبية لمنطقة جنوب الجزيرة العربية: لا تشكل منطقة جنوب الجزيرة العربية استثناء في مسيرتها التاريخية عن غيرها من بقاع الأرض، فقد أفضت مسارات التاريخ في هذه المنطقة إلى تشكل الوضع الحقوقي والقانوني والبنية الشعوبية التي جسدت هذا الاستحقاق الذي أفضت إليه مسارات التاريخ الطويل لشعوب المنطقة، الأمر الذي شكل أساساً لتشكل الخارطة السياسية لدول المنطقة. على هذا النحو يمكن رؤية النتاج العام لمسارات التاريخ وقد تشكل في بنيتين الأولى حقوقية وتمثلت في البنية الشعوبية لمنطقة جنوب الجزيرة العربية، وتحددت بذلك حدود الأقاليم السيادية لكل شعب، اما البنية الثانية التي تشكلت تجسيداً للأولى فهي البنية السياسية وتتمثل في البناء الدولي لمنطقة جنوب الجزيرة العربية. الخارطة الحقوقية ( خارطة الشعوب) الخارطة السياسية ( خارطة الدول) 1- شعب المملكة المتوكلية الهاشمية دولة المملكة المتوكلية الهاشمية 2- شعب الجنوب العربي دولة الجنوب العربي 3- شعب سلطنة عمان دولة سلطنة عمان 4- شعب الإمارات العربية دولة الإمارات العربية 5- مضافا إلى ذلك ما يدخل في جغرافية جنوب الجزيرة العربية من شعب دولة المملكة السعودية. تحددت طبقا لهذه الخارطة بشقيها الحقوقي والسياسي الأسس والقواعد التي ينبغي ان تحكم العلاقات البينية بين دول المنطقة مع بعضها ومع دول العالم الأخرى، وهي نفس الأسس والقواعد التي تشكل مضمونا للقانون الدولي والمواثيق والاتفاقات المنظمة للعلاقات الدولية، وهو ما يعني أنه لا فصل بين الحق والسياسة. والأصل ان السياسية ينبغي ان تجسد الحق وتكون امتداداً له ومحكومة به، ولهذا نجد قاعدة ثابتة في كل دساتير دول العالم تقريباً ان الشعب وهو صاحب السيادة على أرضه مصدراً للسلطة. مع كل ذلك توجد قضية قائمة بين دولتي جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية (دولة الجنوب العربي) والجمهورية العربية اليمنية (دولة المملكة المتوكلية الهاشمية) وتزداد خطورتها وتداعياتها ليس على شعبي الدولتين فحسب، بل وعلى شعوب المنطقة كلها وعلى الأمن والسلم الدوليين ان بقيت على ما هي عليه دون حل كما أنها تضع مصداقية مؤسسات الشرعية الدولية والقانون الدولي في المحك. من اجل الإمساك بمفاتيح الحل والمسارات التي ينبغي إتباعها للوصول إليه لابد من التعرف على جذور نشؤ فكرة اليمن الواحد (الفكرة المشكلة) وعلى الظروف التاريخية التي بدأت فيها كفكرة وما تلى ذلك من تطورات ساعدت على تحويلها إلى معتقد أيديولوجي، ثم سياسة وفعل سياسي قاد إلى الوضع الكارثي الذي أنتج القضية الماثلة والتي تعد الأخطر في تاريخ شعوب المنطقة. الجذور التاريخية الأيديولوجية والسياسية لنشؤ القضية وظهور مسمى ” اليمن” الأسباب والدلالات: بسقوط وتهاوي الإمبراطوريات وتراجع المد الاستعماري اكتملت شروط ظهور الخارطة الشعوبية والتأسيس لنشؤ الدولة الوطنية بشقيها البسيط والاتحادي. نجح الغرب في التقاط اللحظة التاريخية وتشكلت دولهم الوطنية البسيطة والاتحادية بهدوء، وفشل العرب في إدراك اللحظة التاريخية لأنهم ببساطة لم يعوا ذاتهم كشعوب ولم يعوا ذاتهم كأمة، لم يستطيعوا التمييز بين المفهومين، ولم يروا ان الإنسانية تنقسم إلى شعوب ارتبطت باقتسام حق السيادة على أقاليم الأرض، وأنه بتكامل عدد من الشعوب تتشكل الأمم وتشكل اتحاداتها السياسية لخلق توازن أكبر وفي نطاق أوسع يحقق في النهاية العدالة الإنسانية. بالنظر لغياب هذا الوعي، غاب عن العرب وعي الحق والقوة وضرورة التكامل بينهما ” لا حق بدون قوة ولا قوة بدون حق”. ففكر لهم الغير وجاءت المفاهيم الجهوية الشرق أوسطية واتفاق سيكس-بيكو بدلا عن مفاهيم العرب والأمة العربية وشعوبها التي خرجت من رحم الإمبراطورية العثمانية التي تهاوت وتحولت الحالة التكاملية التي ينبغي ان تسود بين الأمة وشعوبها إلى حالة من الصراع المستمر وفتحت الأبواب للأطماع الداخلية كلا بالآخر لأضعافها ونجاح مخطط الأطماع الاستعمارية الأجنبية. تزامناً مع هذه الأحداث وبالتناغم معها نشأت فكرة الإطماع التوسعية لحكام صنعاء باتجاه الجنوب العربي والشعوب المجاورة وظهور المفهوم الجهوي لمسمى اليمن لفظ معناه الجنوب يشمل في دلالته اللغوية جنوب الجزيرة العربية عنواناً لهذه الأطماع. تعود ظاهرة استخدام المفاهيم الجهوية الجغرافية إلى زمن ما قبل ظهور الهويات والبنى الشعوبية وتشكل الأمم وفي محاولة لإلغاء ما أنتجته مسارات التاريخ من هويات وبنى شعوبية وتحديدات حقوقية على الأرض وفي فعل يتناغم مع الرغبة في السيطرة على المنطقة وزرع الأجسام الغريبة فيها أعيد استخدام هذه المفاهيم لتغييب المسميات والهويات التي شكلها التاريخ ووضع المنطقة كلها بالاتجاه المعاكس لحركة التاريخ. على غرار مفهوم “الشرق الأوسط” وتزامناً مع ظهوره الذي شكل غطاء لاتفاق سيكس-بيكو وزرع إسرائيل واعتبارها دولة شرق أوسطية وكان سبباً في دخول المنطقة كلها في اضطراب وحروب وعدم استقرار ما تزال متواصلة إلى اليوم، جاء مفهوم ” اليمن” ليلغي تاريخ المنطقة ويضعها في مواجهة مع التاريخ ؛ فقد ظهر في زمن اكتملت فيه مسارات تشكل البنية الشعوبية وتراجع المشروع الاستعماري ونضج شروط استقلال شعوب المنطقة والاعتراف بها وبسيادتها على أرضها واكتمال شروط تأسيس دولها الوطنية، هذا يعني ان الجهوية اليمانية جاءت كمفهوم مضاد وبديل لهويات شعوب منطقة جنوب الجزيرة وإلغاء لحقوقها السيادية على أقاليمها الجغرافية. إن كلمة اليمن آتية من لغة عرب الجنوب القديمة مثلها مثل كلمة الشام والتي وردت في النقوش ” يمنت” و ” شأمت” بمعنى الجنوب والشمال وتنتمي إلى زمن ما قبل تشكل الشعوب والهويات فقد كان يشار إلى تقسيم الجزيرة العربية في ثلاثة أقسام الشام واليمن والحجاز بمعنى شمال الجزيرة وجنوبها ووسطها ” الحاجز” بين الجنوب ” اليمن” والشمال” الشام”. التطور التاريخي (ونزول القرآن) بلغة الحجاز أفضى إلى تشكل الشعوب والهويات وبالتالي انتقال المنطقة من حالة اللا تحديد إلى التحديد هذا التطور شمل اللغة أيضا. لم تعد كلمة ” يمنت” أو اليمن تستخدم للإشارة إلى الجهة الجنوبية مثلما لم تعد كلمة ” شأمت” أو الشام تستخدم للإشارة إلى الجهة الشمالية فقد حلت محلها كلمات الجنوب والشمال وفي حالتنا هذه جنوب الجزيرة العربية وشمالها بدلالاتها الجهوية الجغرافية ولم تشر بمعناها إلى أي دلالة عرقية اجتماعية أو سياسية، والفرق بين اللفظين القديم والجديد ان الأول ينتمي إلى زمن اللا تحديد، فيما ينتمي الثاني إلى التحديد الشعوبي والهويات والحدود السيادية داخل كل جهة جغرافية، لقد أنتجت المسيرة التاريخية مضموناً جديداً لمنطقة جنوب الجزيرة العربية. وكانت اليمن ” يمنت” في الزمن القديم مسرح جغرافيته جنوب الجزيرة العربية تتحارب داخله ممالك العربية الجنوبية حضرموت وأوسان وقتبان وسبا والأعراب والتهائم، لا حدود ثابتة بينها حيث كانت الحدود هي حدود القوة، حيثما يصل جند الملك هي حدوده (زمن اللا تحديد)، الأمر ذاته ينطبق على الشام ” شأمت”. أما في الزمن الحديث المسميات تغيرت وأصبح الناس يتحدثون عن الجزيرة العربية، عن شمال الجزيرة العربية وعن جنوب الجزيرة العربية، حين يدور الحديث عن شمال الجزيرة العربية فهو يشمل شعوب ودول: سوريا، لبنان، الأردن، فلسطين وبعض الأجزاء الشمالية من المملكة العربية السعودية وأجزاء من دولة العراق، وحين تتحدث عن جنوب الجزيرة العربية فأنت تتحدث عن شعوب ودول المملكة المتوكلية الهاشمية، الجنوب العربي، سلطنة عمان، دولة الإمارات العربية المتحدة والأجزاء الجنوبية من المملكة العربية السعودية. ومن أجل الإطاحة بمخرجات التاريخ الممتد إلى آلاف السنين تم نبش كلمة اليمن من حفريات اللغة في العشرينيات من القرن الماضي، وتم تفعيلها حين أقدم أمام المملكة المتوكلية الهاشمية على تغيير اسم مملكته، إلى اسم المملكة المتوكلية اليمنية لتغيير الدلالة الجهوية للكلمة إلى دلالة سياسية فما هي الفكرة الخفية التي تقف خلف تغيير الاسم؟. المريب في الأمر هو التزامن الذي لازم طرح الفكرة من قبل إمام صنعاء ومن قبل الشخصية المقربة منه وهو (راغب بيك) ذو الأصل التركي، الذي شغل منصب وزير خارجية الإمام، وكذلك السير جاكوب (يعقوب)، البريطاني من أصول يهودية الذي شغل مساعداً للمندوب السامي البريطاني في عدن صاحب الجولات المكوكية بين عدن وصنعاء في العشرينيات من القرن الماضي وتزامناً مع خطوة الإمام بتغيير اسم مملكته إلى اليمنية وكان مباركاً للفكرة ان لم يكن له دور في اقتراحها هو ونظيره التركي في صنعاء، بالرغم من ان السياسة البريطانية لم تؤازره في ذلك بل وأنهت خدماته في عدن بسبب تبنية هذه المقترحات (أنظر، جافين، عدن تحت الحكم البريطاني 1839-1967م). خاصة وان الإمام كان قد أعلن بوسائل مختلفة ادعاءاته بان أراضي مملكته بعد تغييره لأسمها تشمل: ما اسماه بالإقليم المحرر وهو إقليم المملكة المتوكلية الهاشمية (اليمنية) وإقليم الأدارسة في جنوب المملكة العربية السعودية وإقليم الجنوب العربي وإقليم سلطنة عمان والإمارات العربية وهي أقاليم محتلة: الإقليم الشمالي مع السعودية والأقاليم الأخرى تحت الاحتلال البريطاني وأشار انه من واجب الإقليم المحرر العمل على تحرير الأقاليم المستعمرة وإعادة ضمها إلى الوطن الأم (المملكة المتوكلية اليمنية) مسقطا بذلك النتيجة العامة التي أفضى إليها تاريخ المنطقة.(أنظر، كتاب عبدالله الثور، هذه هي اليمن) فكرة الأطماع وتغيير الخارطة الحقوقية والسياسية في جنوب الجزيرة العربية المتخفية تحت مسمى اليمن يمكن فهمها في نشؤ الفكرة ومراحل تطورها وبالارتباط الوثيق بمفهوم الجهوية الأكبر (الشرق الأوسط). في المرحلة الأولى من مشروع الجهويات نجحت جهوية الشرق أوسطية في شمال البحر الأحمر باختلاق إسرائيل وفشلت في جنوبه حين دخل إمام صنعاء بحربين: حرب مع المملكة العربية السعودية هزم فيها وأذعن لتوقيع اتفاق 1934م لترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية، وحرب العدوان على الجنوب مع سلطنات الجنوب المدعومين من قبل بريطانيا (الدولة المحتلة للجنوب)، هزم فيها ووقع اتفاقية حدود مع الجنوب العربي عام 1934م؛ فتراجعت الأطماع بفعل هذه الهزائم وأخمدت ولو إلى حين. في 1959م وتزامناً مع الإعلان عن قيام دولة اتحاد الجنوب العربي ” فاجأت مفوضية المملكة المتوكلية اليمنية في واشنطن موظفي وزارة الخارجية الأمريكية المهتمين بالشؤون العربية، بإرسالها لهم بطاقة تهنئة فاخرة وغير عادية، بها خريطة كبيرة للجزيرة العربية تمثلت فيها العاصمة اليمنية صنعاء بجوهرة صغيرة تحيطها منطقة مظللة تحدد المدى الذي تشمله أقاليم المملكة المفترضة، وقد شملت هذه المنطقة بالإضافة إلى اليمن- كما توضحها الخرائط المعروفة في ذلك الوقت- عدن وكل محمية عدن وظفار ومسقط وعمان وشاطئ الإمارات المتصالحة وجزءاً كبيراً من الربع الخالي ونجران وعسير” روبرت ستوك، كتاب السياسة في الجمهورية العربية اليمنية 1978م. وبرغم كل ذلك انتهت المرحلة الأولى بتأسيس دول منطقة جنوب الجزيرة العربية كثمرة لتشكل شعوبها والاعتراف بها وسيادة كل شعب على أرضه وحقه في تقرير المصير. المرحلة الثانية وإعادة طرح فكرة اليمن الواحد عبر بوابة الأيديولوجيا: بعد فشل فرض فكرة اليمن الواحد بالحروب أعيد تفعيلها عبر بوابة الأيديولوجيات القومية والأممية بشقيها الديني والاشتراكي حيث تركزت الأطماع على شعب الجنوب العربي وأراضيه ومن ثم شعوب الجوار الأخرى. لقد حدث تغير في تكتيكات تحقيق الفكرة بتناغم مع المتغيرات الدولية والإقليمية مع الإبقاء على التسميات الجهوية ” الشرق أوسطية” و ” اليمن” والدفع باتخاذ خطوات تثبيتها سواء كان في تغيير تسميات الشعوب المستهدفة أو في السياسات التي تتبعها أنظمة تلك الشعوب أو حتى في التشريعات القانونية، كل هذه التغيرات تخفت خلف غطاء الأيديولوجيات باستخدام الأيديولوجيا القومية تم تأسيس أول فرع لحركة القوميين العرب سمي بفرع اليمن وقصد به حينها ان الفرع يشمل المملكة المتوكلية اليمنية والجنوب العربي وحين تأسست الجبهة القومية لمقاومة الاستعمار البريطاني في الجنوب العربي المتفرعة عن حركة القوميين العرب أطلق عليها تسمية ” الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل”. استمرت معركة التاريخ وما أثمره من نتائج مع فكرة يمننة منطقة جنوب الجزيرة العربية وبلغت ذروتها في التحضير لمحادثات استقلال شعب الجنوب العربي، حيث طرحت تسمية الدولة الوليدة التي ستعلن تزامناً مع إعلان الاستقلال وتم مناقشتها قبل ذهاب وفد الجنوب إلى مفاوضات الاستقلال وطرحت ثلاثة خيارات: 1-الخيار الأول: جمهورية الجنوب العربي العاصمة عدن. 2- الخيار الثاني: جمهورية حضرموت العربية العاصمة عدن. 3- الخيار الثالث: جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية العاصمة عدن. وتم التوافق على خيار جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية تمييزاً عن الجمهورية العربية اليمنية القائمة في الشمال وكحل وسط بين الخيارات المطروحة. وتبين وثائق محادثات الاستقلال ان إعلان منح الاستقلال كان باسم شعب الجنوب العربي وإعلان قيام دولة الجنوب كان باسم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وهذه مفارقة عجيبة لأن تسمية الدولة ينبغي ان تجسد مسمى الهوية، وهي تسمية الشعب. سلسلة المسميات التي تم أطلاقها على الحركات السياسية قبل إعلان الدولة وإعطاء اسم اليمن لدولة شعب الجنوب العربي كان تفعيل جديد لمشروع يمننة المنطقة واختصارها إلى حين على شعبي المملكة المتوكلية الهاشمية والجنوب العربي. ولم يتوقف الأمر عند تغيير اسم الدولة بدولة اليمن الجنوبية الشعبية والا لكان الأمر عادياً، ولكن الاسم كان مقدمة لتعبئة أيديولوجية وتهيئة سياسية وتشريعية لبلورة فكرة اليمن الواحد ورفع شعار ” الوحدة اليمنية” وربطها بالمشروع القومي العربي باعتبارها خطوة في طريق الوحدة العربية حينذاك. وعندما أخلى المد القومي المكان لصالح المد الاشتراكي ومن أجل استمرار تحقيق فكرة اليمن الواحد تم تكييفها في تعبئة الوعي الجمعي بأن الوحدة اليمنية ستكون خطوة مهمة في طريق توسيع دائرة النفوذ الاشتراكي؛ فسقطت الأيديولوجيات ولم تسقط معها الفكرة، بل إن الإعلان عن الوحدة اليمنية تم تزامناً مع تراجع المد القومي وسقوط الاشتراكية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهذا يكشف عن زيف الغطاء الأيديولوجي التي تخفت خلفه سياسة اليمننة التي يتبين يوم بعد يوم أنها تمثل مساراً لإلغاء البنية الحقوقية للشعوب وإلغاء المكونات السياسية المعبرة عنها وإعادة المنطقة إلى زمن اللا تحديد تمهيداً لتحديدها من جديد خارج رغبات شعوبها. لقد كان بحق مساراً معاكساً لحركة التاريخ انفصلت فيه السياسة عن الحق، بدأ بفكرة، تم تأطيرها باسم ” اليمن” الذي جرا استدعاءه من لغات الماضي السحيق للتعبير عن أطماع تتخفى وراء الاسم أشعلت حروباً ثم تخفت بأغطية أيديولوجية سرعان ما تحولت إلى سياسات وفعل سياسي أشعل حروباً أخرى وبرغم كل ذلك أعلن عن نجاح الفكرة وقيام وحدة 22 مايو بين الدولتين. وبهذا الإعلان وما تلاه من أزمات وحروب أسقطت كل شيء. سقطت فكرة اليمن الواحد وسقطت الفكرة القومية لإعلان الوحدة اليمنية، وسقطت فكرة الوحدة اليمنية خطوة في توسيع دائرة النفوذ الاشتراكي وسقطت أطماع أنظمة الحكم المتعاقبة في صنعاء بضم الجنوب وأرضه لصالح الشمال وجاء بدلا عن كل ذلك مفهوم ” اليمن الجديد” تزامناً مع طرح مفهوم ” الشرق الأوسط الجديد”، وهو الأمر الذي يؤكد الترابط بين المفهومين ويهدف إلى تفكيك منطقة جنوب الجزيرة العربية تزامناً مع المشروع التفكيكي لكامل العالم العربي على غرار ما نشاهد في ليبيا والعراق وغيرها، هذا هو النتاج الحقيقي الذي جاء به حوار صنعاء (مخرجات الحوار في مواجهة مخرجات التاريخ) أنها بحق مخرجات إلغاء التاريخ، إلغاء البنيان الحقوقي والسياسي الذي جاء ثمرة لتاريخ يمتد الآف السنين، مخرجات التأسيس للمجهول يقوم على إلغاء الماضي والقطيعة معه، وهي خطوة معاكسة لكل قواعد العلم والمنطق فلا حاضر بدون ماضي ولا مستقبل لمن لا حاضر له. لقد كان الحوار بمثابة خطوة لصياغة تشريع محلي للتخلي عن السيادة وعن أصحابها وتسليم القرار للغير ليفعل في المنطقة ما يشاء وكيفما شاء. إذا كانت أطماع الإمام والتسمية فخ والأيديولوجيات فخ أكبر ووحدة 22 مايو فخ أعمق والحرب فخ رابع فإن حوار صنعاء ومخرجاته جمع في جوفه كل الأفخاخ وعلى الشعبين أن يصنعا معجزة للخروج منها. مسارات الحل وخيارات المستقبل: تبين مما سبق عرضه الزيف الخطير الذي شكل المضمون الخفي المحمول على مسمى ” اليمن” بعد أن تم نبشه من لغات الماضي السحيق وتحميله مضمون مغاير لمضمونه الحقيقي ونقله من مفهوم جغرافي جهوي يشير إلى اتجاه الجنوب إلى مفهوم سياسي يشار به إلى مسمى لكيان سياسي يدخل في حدوده كل ما يقع في هذا الجنوب (جنوب الجزيرة العربية). ولكن كان الزمان كفيل بكشف أسرار الأخذ بهذا المسمى، ولماذا تم الأخذ به في جنوب الجزيرة العربية (اليمن) ولم يؤخذ به في شمال الجزيرة العربية (الشام) والإجابة كانت واضحة لأن الشام داخل في جغرافية سيكس-بيكو ولم تدخل فيها وسط وجنوب الجزيرة العربية التي ظلت منطقة نفوذ بريطانية. اليوم وبعد مضي ما يقرب من قرن على ظهور مفاهيم “الشرق الأوسط” و” اليمن” وسيكس بيكو وبعد ان أصبحت الدول العربية حقائق قائمة ظهرت أصوات تنادي بإلغاء الدول الوطنية القطرية في العالم العربي باعتبارها جاءت ثمرة لاتفاق سيكس بيكو ” الخاطئ” ومن ثم لابد من إلغاء ذلك الاتفاق وإعادة تشكيل خارطة المنطقة على أسس عرقية ومذهبية ودينية بدلا عن الأسس الوطنية ومن أجل ذلك ينبغي ان تدخل المنطقة كلها في فوضى خلاقة (حروب عرقية ومذهبية) كآلية لإعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة تقود إلى ظهور الشرق الأوسط الجديد الذي ينادون به . وما يحدث في ما أسمى بـ” الحالة اليمنية” هو جزء من السيناريو العام الذي يحدث في المنطقة. واستخدام مفهوم ” الحالة” في وصف الوضع في اليمن في جميع القرارات الدولية التي صدرت منذ حرب 1994م حتى اليوم ليس صدفة، فالمفهوم هنا مستعار من علم الفيزياء في تبدلات ” حالة” المادة بين صلبة، وسائلة وغازية وهو ما يشير إلى الصيرورة غير المستقرة لشيء ما. ووصف الوضع في اليمن على هذا النحو يشير إلى التبدلات الجارية التي لم تستقر بعد، فقد انتقلت من واقع الشعبين والدولتين إلى واقع الدولة الواحدة لتتجه اليوم إلى واقع ثالث لا يعلم أحد بالمآل الأخير الذي ستتجه إليه التطورات اللاحقة. وتأكيداً على ذلك اختتمت جميع القرارات الدولية التي صدرت منذ 1994م إلى اليوم بعبارة ” بقاء القضية قيد النظر”. بفعل كل هذا الزيف والخداع انفصلت السياسة ومساراتها عن الحق، ظلت الطريق وتاهت على مدى ما يقرب من قرن كامل وألحقت كل هذا الضرر الخطير بحقوق البشر في هذه المنطقة من العالم، وبهذا الانفصال كانت ولازالت فاقدة للشرعية. لقد آن الأولان لإعادة ربط السياسة بالحق واستعادة الشرعية السياسية التي تجسد مصالح الشعب داخل كل دولة وتجسد الحق الذي تعين وتحددت حدوده وتشكلت بناه الحقوقية والسياسية كما أثمرتها مسارات التاريخ ومخرجاتها. في هذا الوضع الشائك البالغ التعقيد تلوح مسارات الحل من نافذة واحدة هي نافذة الحق والبنى الحقوقية التي شكلها التاريخ واعترف بها العالم ومؤسساته الشرعية. والحق هو ان الجنوب وجود قائم شعب وأرض وهوية بصرف النظر عن التبدلات السياسية التي حدثت وبصرف النظر انه كان في وحدة مع دولة أخرى أو أنه قد أنفرط عقدها فالتبدلات السياسية مهما كبرت لا تلقي الشعوب ولا تسقط حقوقها. هذا الوجود القائم تلازمه حقوق ثابتة هي حقوق السيادة على الأرض وتقرير المصير، ينتج عنها وطن ودولة. ومن ثم لشعب الجنوب قضية حق لها ثلاثة أركان: الشعب موجود الركن الوجودي هوية (الهوية هي مركب الانتمائين للشعب وأرض محددة والأرض) القدرة(ما تختزنه الأرض في جوفها) الركن السيادي الشعب وتنظيمه الوطني القوة(ما هو قائم ومستخدم بالفعل) وعي الركن السياسي وثيقة مشروع وطني وقيادة تدير الداخل وتتعامل مع وإرادة الخارج باتجاه استعادة الوضع الحقوقي والقانوني لدولة الجنوب في مؤسسات الشرعية الدولية واستعادة سيادتها على أرضها وإعادة بناء مؤسساتها هذه الحقوق الثابتة لشعب الجنوب العربي تدعمها قرارات دولية صدرت في ستينيات القرن الماضي تضمنت الاعتراف بشعب الجنوب العربي ووحدة هويته وبحقه في السيادة على إقليمه الجغرافي الذي يشكل منطقة سيادية غير قابلة للتجزئة وبناء على ذلك صدر حينها قرار ثالث يقضي بحق هذا الشعب في تقرير مصيره. هذه الحقوق لا تسقط بالتقادم ولا تلغيها أخطاء السياسة ويمكن ملاحظة أنها موضوعة بتسلسل منطقي يبين اشتراطها لبعضها البعض فالوجود والبقاء لأي شعب يشترط وجود إقليم سيادة، وحق تقرير المصير لا يتحقق بدون سيادة قائمة؛ فالشعب السيد على أرضه هو شعب حر والحر وحده القادر على تقرير مصيره، ومن ثم يمكن تثبيت المطالب الشرعية لشعب الجنوب بحسب الآتي: أولا: تجديد الاعتراف الإقليمي والدولي بشعب الجنوب ووحدة هويته. ثانيا: التسليم بحقه في استعادة سيادته الكاملة على أرضه. ثالثاً: الإقرار بحقه في تقرير مصيره هذه الثلاثية بتكاملها مع بعضها تشكل مضمون ولب قضية الجنوب. وتحقيقها يقود للوصول إلى دولة الجنوب وإعادة بناء مؤسساتها الشرعية. الأطراف المعنية بالقضية: 1- شعب الجنوب العربي (شعب دولة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية). 2- مؤسسات الشرعية الإقليمية والدولية. 3- شعب الشمال (شعب دولة الجمهورية العربية اليمنية). وبوصف شعب الجنوب الطرف المعني الأول في هذه القضية فهو مطالب بالحوار مع نفسه، ومع مؤسسات الشرعية الدولية والإقليمية وصولا إلى تهيئة الشروط لتفاوض ندي مع الشمال. أولا: الحوار الجنوبي ، أولوياته وأهدافه: يحتاج الجنوب وهو يتحاور مع نفسه إلى وقفة تأمل الأخطاء الكبرى الذي وقع فيها بدءاً بالأيديولوجيات وما ألحقته من أضرار وتشوش في وعي شعب الجنوب لذاته الوطنية ووعيه لهويته وحقوقه وما ترتب على ذلك من سياسات وأفعال سياسية روجت لفكرة اليمن الواحد وتغيير مسمى شعب الجنوب العربي إلى اليمن الجنوبي، فاليمن الديمقراطية ثم الوحدة ومسمى الجمهورية اليمنية وإلغاء الدولتين بتذويبهما ودمجهما في ما اسمي بالجمهورية اليمنية وهي حرفياً تعني بلغة اليوم الجمهورية الجنوبية الدلالة مبهمة ناقصة لأنها كانت مجرد محطة في مسار لم يزل مستمراً.لقد كان ذلك تأسيساً للازمات والحروب والفوضى وحالة اللا دولة التي نحن عليها اليوم. يستنتج من ذلك إن الأوضاع سارت وفق خارطة مسار توحي وكأنها معدة سلفاً: فمن الأزمات والصراعات المفتعلة داخل الدولتين وتبني أفكار وسياسات انتهت بإلغاء الدولتين تحت مسمى الوحدة وظهور ما اسمي بالجمهورية اليمنية التي حملت في جوفها كل أسباب انهيارها وألغيت هي الأخرى بحرب 1994م. فاتضح لأحقاً إنها لم تكن في خارطة المسار سوى محطة عبور للوصول إلى ما اصطلح عليه منذ 1994م بـ” الحالة اليمنية” وحل المصطلح في جميع القرارات التي صدرت بشأن اليمن محل الدولتين ومحل دولة الجمهورية اليمنية لأنه لم يعد لها وجود، سقط عقدها وسقط دستورها وطويت صفحتها بالكامل. والحديث اليوم هو حديث عن اليمن بدون دولتين وبدون أيديولوجيات وبدون دولة موحدة في انتظار ما سيتشكل عليه من خرائط، الأمر الذي يتفق تماماً مع الأهداف الخفية للمسميات الجهوية ومنها مسمى ” اليمن” ويبدو ان حوار القوى السياسية في صنعاء قد وظف بالضبط لوضع بذرة التشكل الجديد في ما اسمي بـ ” اليمن الجديد” (اليمن المتعدد الأقاليم أو المتعدد الدول) والذي لم يزل في أطوار الصيرورة والتبدل ولم يصل بعد إلى المرسى المراد له ان يرسو فيه. في ضوء كل هذا الوضوح في المشهد ومن أجل وقف التدهور والانزلاق نحو الفوضى والحروب المتعددة بين الأقاليم ( حروب تقاسم الأرض والثروة والمنافذ) يبرز حل العودة إلى الحق المعلوم والمعترف به من قبل كل دول العالم ( حل الشعبين والدولتين) والاعتراف بحقيقة فشل المسارات التي أوصلتنا إلى هذا الوضع غير الطبيعي الذي ينذر استمراره بكوارث اكبر. ولكن هذا هو ما يجب ان يكون. عملية الانتقال السياسي من الوضع القائم إلى ما يجب ان يكون يحتاج إلى خارطة مسار وعلى الجنوب ان يرتقي إلى مستوى القدرة على رسمها، بل ومستوى القدرة على السير الحثيث في تنفيذها. والحوار الجنوبي معني في الوصول إلى صياغة الاتفاق المرجعي الذي ينبغي أن يتحول إلى مضمون لميثاق وطني دستوري يلتزم به الجميع يحدد المسائل الاتفاقية واعتبارها أساس لاتفاق الجنوبيين ووحدتهم والوصول إلى فهم وتفاهم حول تنظيم العلاقة بين الاتفاق والاختلاف بين الوحدة والتعدد وجعل الاختلاف والتعدد في خدمة الاتفاق والوحدة وان يكون محكوماً لها، فما هو محط إجماع الشعب يكون ملزم لأصحاب الرؤى غير المؤيدة شعبياً. توجد مسائل اتفاقية وأخرى قابلة للاتفاق والاختلاف عند كل شعوب الأرض وشعبنا لا يشكل استثناء عن القاعدة. والأركان الثلاثة لقضية الحق الجنوبي تكشف بوضوح عن هذه الحقيقة. الركن الوجودي المتمثل بحقيقة الوجود القائم والثابت لشعب الجنوب وهويته وإسقاط أكذوبة انه فرع من أصل أو انه شطر من شعب آخر حقيقة ثابتة وغير مطروحة للحوار والنقاش ينبغي الإقرار بها فحسب. الركن السيادي المتمثل بأرض الجنوب بوصفها منطقة سيادية وكل لا يتجزأ حق ثابت لهذا الشعب، فوجود الشعب يفترض له حق امتلاك أسباب الوجود والبقاء وهو حق السيادة على إقليمه الجغرافي بحدوده الدولية المعروفة والمعترف بها. فانتماء كل أبناء الجنوب لشعب الجنوب ولأرض الجنوب يحدد هويتهم الوطنية مثلما يحدد انتماء كل منهم لأب محدد وأم محددة يحدد هويتهم الشخصية، ومثلما المرء لا يحاور احد في أمه وأبيه وليس بيده تحديدهما أو تغييرهما فالأمر كذلك بالنسبة لشعبه وأرضه وهويته فهذه من الثوابت التي يقر بها الناس وتعد مسائل اتفاقية عند كل شعوب الأرض وتشكل أساس للوصول لصياغة الاتفاق المرجعي سواء كان ميثاق يوصل إلى الدولة أو دستور بوجود الدولة. أما الركن الثالث الركن السياسي فهو الركن المرتبط بـ( حق تقرير المصير) فهو الحق الذي يجمع في جوفه واجب الاتفاق وحق الاختلاف، وهو الحق المعني بتنظيم العلاقة بين الوحدة والتعدد بوصفهما تعبير عن الاتفاق والاختلاف؛ فالناس جميعهم ينتمون للشعب ووحدته ويتوزعون في انتماءاتهم الصغرى بين مكونات التعدد والاختلاف ولكنهم يتفقون على تحكيم خلافاتهم لمرجعية الشعب فيما يجمع عليه غالبية الشعب يلتزم به الجميع بصرف النظر عن آرائهم. وعلى هذا النحو يتبين ان حق تقرير المصير يمثل الإطار المرجعي الذي تحمي به الشعوب حقوقها ومؤسساتها الوطنية الدستورية والقانونية وآلية لفرض القانون الدولي ونظام العلاقات الدولية، مثلما هو آلية لتنظيم الاتفاق والاختلاف بين أبناء الشعب ومكوناته الاجتماعية والسياسية. تحمي الشعوب تماسك ذاتها الوطنية وتأمين وحدتها الداخلية وتحمي نفسها من الاستبداد الداخلي والطغيان الخارجي بواسطة حق تقرير المصير الذي هو حق ثابت لكل شعوب الأرض تقوم بتفعيله واستخدامه متى تعرض وجودها للخطر. فهو حق: 1- تقوم بموجبه الدول. 2- وهو آلية لتحديد شكل الدولة ونظامها السياسي وآليات الحكم وتحديد اسمها وعلمها، ودستورها ونظامها القانوني. 3- وهو أيضا آلية لتنظيم علاقة الدولة بالدول الأخرى باستخدامه تقيم الدولة اتحادات ومعاهدات وتحالفات مع الدول الأخرى بحسب ما تقتضيه مصالحها وبه تنسحب من هذه الأحلاف والاتحادات والمعاهدات متى ما شعرت بتضرر مصالحها وعدم استمرارها في مثل هذه الاتحادات. إذا وجود شعب الجنوب ووحدة هويته، وحدة إقليمه السيادي وسيادته عليه وحقه في تقرير المصير ثلاثية حق ينبغي ان تقوم عليها الاتفاق والتوافق الجنوبي وبالانطلاق منها يصيغ مشروعه الوطني الواحد ويعيد بناء تنظيمه الوطني وإعادة تشكيل مرجعياته في كل مستويات الهرم الوطني لهذا التنظيم وتأسيساً على تبني كل ذلك يتم التوافق على اختيار قيادة وطنية مؤقتة لهذه المرحلة تقود الجنوب وتمثله أمام الغير مميزاً بين مرحلة استعادة وطن شعب وأرض وهوية، سيادة وحق تقرير مصير ومرحلة إدارة وطن. آليات المرحلة الأولى هي وحدة الشعب الوطنية، ووحدة مشروعه الوطني، وحدة التنظيم ووحدة القيادة الذي تحقق وحدة قيادة الداخل ووحدة الظهور والتعامل مع الخارج. ثلاثية وحدة الهوية والسيادة وتقرير المصير يمكن ان تشكل الاتفاق المرجعي لوضع نهاية للتوزع القائم في المشهد الجنوبي. وهو توزع يمكن حصره في ثلاثة اتجاهات رئيسية: الاتجاه الأول: الاتجاه الذي يتبنى التحرير والاستقلال (فك الارتباط واستعادة الدولة وإنهاء أي علاقة مع الجمهورية العربية اليمنية- الشمال). الاتجاه الثاني: اتفاق على مرحلة انتقالية مزمنة تنتهي باستفتاء شعب الجنوب على تقرير مصيره. الاتجاه الثالث: الإبقاء على الارتباط مع الجمهورية العربية اليمنية مع تطويره إلى الشكل الاتحادي. والحوار الجنوبي ينبغي ان يفضي إلى التوافق حول المسائل الاتفاقية المتمثلة في ثلاثية الهوية والسيادة وتقرير المصير بما تعنيه من تثبيت لوحدة هوية شعب الجنوب وتثبيت حقه في استعادة سيادته على أرضه والاتفاق على معالجة الركن السياسي الخاضع للاتفاق والاختلاف بواسطة تفعيل حق تقرير المصير وآلية الاستفتاء، وحينها الأطراف الجنوبية ستجد نفسها جميعها مجتمعة تحت مضلة واحدة. وسيخرج عن هذا الإجماع كل من لا يعي أو لا يريد انتماءه لشعب الجنوب وأرضه أو انه لازال واقع تحت الوعي الخاطئ الذي شكلته الأيديولوجيات أو أنه يعمل لأجندات لا صلة لها بأجندة الشعب الذي ينتمي إليه.. وبهذا الاتفاق وإنجازه تصبح الطرق مفتوحة للتوافق على ما يلي: أولا: تحويل مضامين الاتفاق إلى وثيقة للاتفاق المرجعي الجنوبي الملزم لكل أبناء شعب الجنوب (ميثاق وطني دستوري) تتولى صياغته نخبة من أصحاب الاختصاص الأكاديمي (أساتذة الفلسفة والقانون وعلم السياسة والاقتصاد) يتم اختيارهم على قاعدة معايير الكفاءة والقناعة. ثانيا: إعادة تشكيل وبناء التنظيم الوطني لشعب الجنوب وإعادة تشكيل مرجعياته القيادية بكل حلقاته الشعبية والاجتماعية والسياسية. على المستوى الشعبي يتم العمل على تشكيل مجالس تنفيذية في المديريات والمحافظات ومجلس وطني في المستوى الوطني والمستوى الاجتماعي المدني تتشكل مجالس تنسيق تظم في تكوينها ممثلين عن كل منظمات ونقابات ومؤسسات المجتمع المدني في القطاعات الوظيفية المختلفة وتمثيل لقطاع الشباب والمرأة، بحيث تتشكل هذه المجالس في كل حلقات الهرم الوطني الجنوبي (المديريات) المحافظات وفي المستوى الوطني. ثالثا: الحلقة السياسية…. بالنظر إلى خصوصية المرحلة الحالية التي يمر بها الجنوب وقضيته الوطنية التي ينحصر هدفها باستعادة الوطن الجنوبي شعب وأرض وسيادة وتقرير مصير، فإن الأمر يقتضي ضرورة وجود مشروع وطني واحد وتنظيم يعمل بآليات موحدة وقيادة واحدة. أما حالة التعدد السياسي غير الطبيعي القائم الذي ليس له أساس واقعي في الساحة الجنوبية، فقد تحوّل إلى عامل معيق ومعرقل لإنتاج قيادة موحدة ومشروع موحد الأمر الذي كان له انعكاسات سلبية خطيرة على قضية الجنوب وعلى التعاطي الإقليمي والدولي معها، بل وأضعفها أمام الطرف الآخر، واستمرار هذا الوضع يهدد بإجهاضها. ومن هنا الحاجة إلى التعامل الحاسم مع ما يسمى بالمكونات لابد لها الدخول في تحالف وطني ومجلس تنسيق يتبنى الإرادة الشعبية لشعب الجنوب والعمل تحت القيادة الوطنية التوافقية لشعب الجنوب والالتزام بمضامين وثيقة الاتفاق الوطني التي ينبغي ان تتبناها جميع المكونات السياسية والحراكية الجنوبية التي حسمت ولائها للجنوب وحدة شعب وأرض وهوية وسيادة ودولة. ترتبط كل الخطوات التي يقوم بها الجنوبيون بعامل الزمن. لسنا أمام زمن مفتوح ونعمل تحت ضغط تسارع الأحداث، نتعامل مع الآني والمستقبلي، معنيون بالأحداث المتسارعة من حولنا ومعنيون بالتعامل معها ليس بالاجتهادات المبعثرة ولكن باتخاذ موقف موحد يتم التعبير عنه من منبر جنوبي واحد. من اجل ذلك ومن أجل التوفيق بين الآني والمستقبلي على الجنوب إتباع مسار يأخذ بالحسبان الحاجتين معاً: حاجة التعامل المدروس والموحد مع الأحداث المتسارعة والحاجة إلى عمل متأني يتم التحضير له بصورة جيدة وسليمة يوصل إلى إنتاج شرعية سياسية جامعة تقود شعب الجنوب وتمثله أمام الغير، الأمر الذي يمكن تحقيقه بالتوافق على اختيار هيئة وطنية تجمع في تكوينها العضوي تمثيل ثلاثة أبعاد: البعد الوطني، ثم البعد الوظيفي والبعد الثالث هو بعد التواصل بين الأجيال. وتكون لهذه الهيئة التي سيتم التوافق على تسميتها وظيفتين: - الوظيفة الأولى تقوم بدور القيادة المؤقتة تدير الداخل الجنوبي وتكون نافذته للتعامل مع الخارج بحيث تتشكل البناءات المؤسسية وتنظم عملها وتكون في خدمة القيادة المؤقتة (إعلام، الشأن المالي، إدارة أزمات، العلاقات الدولية، الدائرة المختصة بمسائل التفاوض والحوار وغير ذلك). - الوظيفة الثانية تقوم بوظيفة اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الجنوبي والذي سيكون معنياً بإقرار وثيقة المشروع الوطني الجنوبي واختيار القيادة الوطنية الانتقالية لشعب الجنوب وبانعقاده وإقراره للمشروع واختياره للقيادة الانتقالية ينتهي دور هذه الهيئة. ثانيا: الموقف الإقليمي والدولي: تعد مؤسسات الشرعية الدولية والإقليمية طرف رئيس وفاعل في معادلة الحل الذي ينبغي أن تفضي إليه العمليات التفاوضية والحوار بين الأطراف المعنية؛ فطرفي المشكلة هم شعبان ودولتان أجزاء في بنية النظام الإقليمي مثلما هم أجزاء في بنية النظام الدولي وبالتالي فهما محكومان في علاقاتهما بالقانون الدولي وبالمواثيق والمعاهدات والاتفاقات المنظمة للعلاقات الدولية. والجميع يقر أن ما يحدث في جزء أو أجزاء في بنية النظام الدولي يؤثر بشكل مباشر على الكل العالمي والإقليمي وما يحدث في الكل يؤثر في أجزائه. ولهذا فإن أمن واستقرار المنطقة يدخل في أولويات الاهتمام العالمي واضطرابها يهدد الأمن والسلم الدوليين، الأمر الذي يفسر الحضور الدائم لمؤسسات الشرعية الإقليمية والدولية في كل المحطات والأحداث التي مرت بها الدولتان (طرفا المشكلة) وهو حضور مرّ بأربع محطات رئيسية: المحطة الأولى: وترتبط بمرحلة التأسيس حين تعين الحق السيادي لكل شعب وقام على ضوئه البنيان الحقوقي والسياسي شعبان ودولتان وصدور قرارات الاعتراف الدولي من الأمم المتحدة ومؤسسات الشرعية الدولية والإقليمية الأخرى وقبول الدولتين (الجمهورية العربية اليمنية و جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية) دولاً كاملة العضوية في الأمم المتحدة وفي الجامعة العربية، وبهذا التعيين الحقوقي وجد الأساس المرجعي الذي ينبغي ان تحتكم له الدولتان في علاقاتهما الثنائية وفي علاقاتهما ببقية دول العالم وعلاقات دول العالم بهما. المحطة الثاني: وترتبط بلحظة الخروج عن الحق وظهور المشكلة وهي مرحلة حدوث وحدة مايو 1990م، الخاطئة بين الدولتين وحرب 1994م، الناتجة عنها وظهور المشكلة، حينها كان حضور إقليمي ودولي عبرت عنه قرارات مجلس الأمن (924) و (931)، والمواقف الصادرة عن دول مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية عبرت جميعها عن عدم جواز فرض الحلول السياسية بالقوة والتأكيد على مبدأ العودة للتفاوض وان استمرار ما اسمي بالوحدة بين الطرفين من عدمها مرهونة بالتراضي بينهما ورفض كل أشكال اللجوء إلى القوة لفرضها من قبل طرف على طرف آخر. المحطة الثالثة: وترتبط بالحضور الإقليمي والدولي الرامي إلى فك الاشتباك وتجزئة المشكلة وتفكيك البناء السياسي والعسكري الذي كان سبباً في تعميق المشكلة ودفعها إلى حافة الانفجار. وهي مرحلة متصلة بسابقتها بعد أن تطورت حالة الخروج عن الحق وتحولت إلى فوضى وانهيار للأمن وتسيد حالة اللا دولة. وهو وضع أنتج ثورة في الجنوب تحدد مطلبها باستعادة الوضع الحقوقي والقانوني لدولة الجنوب وإعادة بناء نظامها السياسي الجديد، وثورة في الشمال تحدد مطلبها بإسقاط النظام السياسي واعتبرته مسئولاً عن حالة الفشل السياسي التام السائد في الشمال والجنوب. تحددت أقطاب المواجهة بالشعبين وثورتيهما السلمية بأهدافهما المختلفة من جهة والنظام السياسي في الجهة المقابلة: 1- قطب صناع المشكلة والفشل السياسي( النظام السياسي بجناحيه). 2- القطب المعني بصناعة الحل (الشعبان وثورتيهما السلمية). جاء التدخل الدولي وسار على خارطة طريق لها مراحلها لكل منها موضوعاتها وأطرافها ومرجعياتها وعمليات حوارية وتفاوضية خاصة بها. المرحلة الأولى، مرحلة التعامل مع الطرف المرتبط بصناعة المشكلة وهو النظام السياسي بجناحيه والمرحلة الثانية ترتبط بالتعامل مع أصحاب الحق (الشعبان وثورتيهما السلمية: الحراك السلمي لشعب الجنوب وثورة الشباب السلمية لشعب الشمال). ونرى ان هذا التقسيم يقوم على حقيقة الاعتراف ان لا مشكلة في تحديد الحق وأطرافه وان كل المشكلة تتركز في حلقة السياسة التي تعاملتا مع الشعبين ودولتيهما وصناعها وهم هنا القوى السياسية التي تشكل جناحي النظام السياسي. المرحلة الأولى: المشكلة جذورها ونتائجها وأطرافها (صناعها) تحددت وظائف هذه المرحلة بالآتي: 1- فك الاشتباك ونزع فتيل الانفجار. 2- نقل السلطة مقابل الحصانة. 3- الهيكلة وتفكيك القوة التي حكم بها النظام السابق القائمة على الولاء للنظام. 4- الحوار بشأن وضع تشخيصي لجذور المشكلة وتحديد ما أفرزته من نتائج. 5- إقرار إجراءات بناء الثقة ومعالجة الأضرار الناجمة عن المشكلة. لقد دعت دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن حواراً بين أقطاب النظام السياسي (المؤتمر وحلفائه + المشترك وشركائه) أفضى إلى التوقيع على المبادرة الخليجية والتي تضمنت بالضبط التحديد الوظيفي للجزء الأول من المرحلة الانتقالية كما ورد أعلاه. وبحسبها تقاسم جناحي النظام السياسي السلطة الانتقالية وتم نقل سلطة الرئيس إلى نائبه ومناصفة الحكومة الانتقالية بينهما وتقاسما اللجنة الفنية التي وضعت مبادئ وآليات الحوار وتقاسما مقاعد الحوار، وعلى قاعدة نقل السلطة مقابل الحصانة كان عليهم انجاز المهمات الوظيفية للجزء الأول من المرحلة الانتقالية وطي صفحة الماضي وتثبيت فشلها (فشل الوحدة، فشل الحرب وفشل الدولة). والإقرار بسقوط عقدها واعتبار ذلك تأسيساً لبدء مرحلة جديدة- هي مرحلة الحلول التي ستكون لها أطرافها ومرجعياتها وموضوعاتها وحقيقة الأمر ان معظم مهمات الجزء الأول من المرحلة الانتقالية لم ينفذ بعد ولازالت الأوضاع حبلى بكل الاحتمالات. ان المشكلة الكبرى تكمن في خروج حوار صنعاء عن مساره فبدلا من ان يركز على إنهاء مهمات المرحلة الأولى ووضع نهاية لمسارات تشكل المشكلة وطي صفحتها والتمهيد لبدء المرحلة الجديدة والتي كان قد بدأ الإقرار بها والتأسيس لها بتشكيل الفريق التفاوضي بين الجنوب والشمال (فريق 8+8) تم الانقلاب عليه وذهب الحوار في منحى البحث في قضايا هي من صلب مهمات المرحلة الثانية ولا تدخل في مهمات ممثلي النظام السياسي المتحاورين فهم صناع المشكلة وليس من حقهم التدخل في صناعة الحل فهم ليسوا مفوضين بذلك. ولهذا نعتبر ان الحوار خرج عن مساره ودخل في الطريق المسدود المر الذي استدعى صدور القرار الدولي الجديد ووضع المنطقة كلها تحت الفصل السابع. المحطة الرابعة: وترتبط بالحضور الدولي في المرحلة الانتقالية الثانية. حيث كان ينبغي الانتهاء من مهمات المرحلة الانتقالية الأولى تزامناً مع الانتهاء من الحوار بين صناع المشكلة (طرفي النظام السياسي) وتدشين التأسيس لبدء المرحلة الانتقالية الثانية وبالتزامن مع بدايتها يتم الانتقال إلى المسار التفاوضي بين صناع الحل (ممثلي الشعبين وثورتيهما السلمية). في هذه المرحلة دشن الحضور الدولي بصدور القرار (2041) الذي كرس مفهومي ” الحالة اليمنية” و” بقاء القضية قيد النظر” وهوى الأمر الذي يعني استمرار الأوضاع في اليمن على حالها دون حل ودون حدوث أي تحول جديد على خلاف ما تروج له وسائل أعلام السلطة حول نجاح الحوار وحل الدولة الاتحادية من ستة أقاليم الذي رفض في كل من الجنوب والشمال على السواء وكانت له تداعيات خطيرة باتت تنذر باتساع رقعة تفجر الأوضاع على امتداد الساحة لها. أكد قرار مجلس الأمن (2041) على طي صفحة الماضي وإلى عدم اكتمال عمليات نقل السلطة وإجراءات بناء الثقة بما يعنيه من تأكيد على ما كان قد أقر به مؤتمر الحوار بين أطراف النظام السياسي بشأن فشل وحدة 22 مايو وسقوط عقدها وإدانة الحرب ونتائجها ومعالجة الأضرار الناجمة عن كل ذلك والإقرار بمبدأ المناصفة بين الجنوب والشمال ودعاء في هذه المرحلة الأطراف التي ظلت حتى الآن خارج العملية السياسية وغير الموقعة على المبادرة الخليجية وهي الحراك السلمي الجنوبي وممثلي ثورة الشباب والحوثيين إلى الانخراط في العملية السياسية وأكد على الشكل الاتحادي للحل، ووضع المنطقة تحت الفصل السابع. محطات الحضور الدولي الأربع تزامنت مع أحداث وتحولات كبرى مر بها الشعبان والدولتان. 1- بلوغ الشعبين مرحلة اكتمال التشكل والتحديد الحقوقي والاعتراف الدولي بهما وبسيادة كل منهما على أرضه وقبول دولتيهما أعضاء كاملين في مؤسسات الشرعية الدولية والإقليمية. 2- أحداث 1990-1994م (الوحدة والأزمة والحرب) والموقف الدولي والإقليمي الذي أكد على مبدأ التفاوض وعدم جواز فرض الحلول بالقوة وان بقاء الوحدة من عدمها مرهون بالتراضي بين أطرافها. 3- الرفض الجنوبي الشامل للواقع الذي فرضته الوحدة والحرب والمطالبة باستعادة الوضع الحقوقي والقانوني لشعب الجنوب ودولته. وثورة الشباب السلمية في الشمال المطالبة بإسقاط النظام. لازمها موقف دولي وإقليمي حدد المشكلة ووضع خارطة طريق لتفكيكها (المبادرة الخليجية + قرارات مجلس الأمن 2014+2051 ). 4- الدخول في مرحلة الحلول والقرار الدولي 2041. هنا نصل إلى اكتمال تشكل الإطار المرجعي للحل مأخوذاً بمحطاته ومراحله الأربع وبأبعاده الداخلية والإقليمية والدولية واعتباره كلً لا يتجزأ وينبغي ان يشكل أساس مرجعي للانتقال إلى المرحلة الانتقالية الثانية- مرحلة التفاوض بين الجنوب والشمال بشان الحلول وتقرير شكل العلاقات المستقبلية بينهما. ثالثا: المرحلة الانتقالية الثانية ومسار العلاقات التفاوضية بين الجنوب والشمال: محددات الاتفاق والتوافق الداخلي الجنوبي المتمثل بالأركان الثلاثة التي تشكل قضية الجنوب (الهوية + السيادة + حق تقرير المصير)، والتي اعترفت بها مؤسسات الشرعية الدولية بقرارات واضحة في الستينيات من القرن الماضي، هي نفسها منطلقات العلاقات التفاوضية مع الطرف الآخر وخارطة المسار الذي ينبغي ان تسير عليه الجنوب في هذه المرحلة ينبغي ان تنطلق من الإطار المرجعي الذي تم تناوله وأخذه كلً غير قابل للتجزئة ومدخل الجنوبيين لتقديم تصوراتهم لمسارات الحل في ضوء الدعوة التي تضمنها قرار مجلس الأمن الدولي 2041. على هذا النحو يمكن الاتفاق على بدء المرحلة الانتقالية الثانية بالاتفاق على تحديد مهماتها وزمنها والتي يمكن ان تشمل ما يلي: 1- الإعلان عن فشل وسقوط كامل البناء السياسي للدولتين والدولة الموحدة والتأكيد على بقاء البناء الحقوقي المتمثل بالشعبين وحق كلً منهما في السيادة على أرضه وحقه في تقرير مصيره مع الإقرار بالمنطقة السيادية لكل منهما تشكل كلً غير قابل للتجزئة. 2- الإعلان عن تشكيل حكومة انتقالية جديدة تصبح فيها المناصفة بين الجنوب والشمال بدلاً من المناصفة بين جناحي النظام السياسي. 3- انجاز ما تبقى من مهمات المرحلة الانتقالية الأولى باستكمال إجراءات نقل السلطة إلى الرئيس الانتقالي وحكومة المناصفة بين الشمال والجنوب، وتفكيك القوة القائمة على الولاء لرموز النظام السابق واستكمال تنفيذ إجراءات بناء الثقة (20 + 11 نقطة) التي اقرها الحوار. 4 – تزامناً مع ذلك يجري التفاوض الندي بين الطرفين بالانطلاق من ثوابت الحق المعترف بها لكل طرف وعلى قاعدة الإطار المرجعي مأخوذاً في كليته غير القابلة للتجزئة. 5- البحث المستقل في خيارات الحل الداخلي لكل شعب والتفاوض بشأن خيارات مستقبل العلاقة بين الطرفين. المنتدى الأكاديمي الجنوبي
__________________
|
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
أدوات الموضوع | |
طريقة عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
الساعة الآن 06:49 PM.