- -((الوفاء الكاذب )) - -

[بن عطـَّاف]

حضر الشاعر الكبير حافظ ابراهيم
الى الاجتماع التأسيسي لجمعية مصر (لا ادري ما كان اسمها بالضبط)
وكان الحضور كبيرا جداً جداً
وقد أعلن عن إنشاء تلك الجمعية
في ذلك اليوم
فصفقت القاعة كلها وهللت بالتصفيق والتكبير والتصفير فرحة بانشائها
وبعد التهليل والتكبير
طلب من الحاضرين التبرع للجمعية
وكانت الفاجعة
ان التبرع كان ضعيفاً جداً
فهاجت قريحة الشاعر
والقى هذه القصيده في ذلك اليوم


سمعـت أن امـرأً قـد كـان يألفـه ***كلب فعاشا على الإخلاص واصطحبا
فمـر يومـا بـه والجـوع ينهبـه *** نهبا فلم يبـق إلا الجلـد والعصبـا
فظل يبكـي عليـه حيـن أبصـره ***يزول ضعفاً ويقضي نحبـه سغبـا
يبكي عليـه وفـي يمنـاه أرغفـة *** لو شامها جائع مـن فرسـخ وثبـا
فقال قـوم وقـد رقـوا لـذي ألـم *** يبكي ، وذي ألـم يستقبـل العطبـا
ما خطب ذا الكلب؟ قال:الجوع يخطفه *** مني وينشب فيـه النـاب مغتصبـا
قالوا وقد أبصروا الرغفـان زاهيـة *** هذا الـدواء فهـل عالجتـه فأبـى؟
أجابهم ودواعي الشح قـد ضربـت **بين الصديقين من فرط القلى حجبـا
لذلـك الحـد لـم تبلـغ مودتـنـا ** أما كفى أن يرانـي اليـوم منتحبـا
هذي دموعي على الخديـن جاريـة *** حزناً وهـذا فـؤادي يرتعـي لهبـا
أقسمـت بالله إن كانـت مودتـنـا *** كصاحب الكلب ساء الأمـر منقلبـا
أعيذكـم أن تكونـوا مثلـه فنـرى *** منكـم بكـاءً ولا نلفـي لكـم دأبـا
إن تقرضوا الله في أوطانكـم فلكـم *** أجر المجاهد طوبـى للـذي اكتتبـا
فالناس بالكلام اسود ولكن حين الجد وحين وقت المال
(والمال آلهة عند بعض الناس )
يبخلون ويشحون
ولان لنتحدث عن واقعنا المعاش
هل نندب حضنا كما ندب ابراهيم حضه


رايتها بأم عيني اسرة فقيرة جنوبية فقدت عائلها الوحيد
في مهرجان من مهرجانات الجنوب الطاهره
الزوجة الثكلى والام الحزينة
والأيتام الصغار في كل الازقة
من حال الى حال يقلب الله الايام
ولكن لا احد يبالي
كل ما في الامر اننا اقمنا لهم مهرجانا


وكتبنا لهم نعياً


وتألمنا ونحن مسترحين على الفرش
نحرك ازرر الماس الى الاعلى والاسفل لنرى من يقول لنا
((شكراًَ لتعاطفك معهم ))
ثم بعد ذلك لم يسأل احد عن حالهم
وعندما نقول ان هناك دعم لهذه الاسرة التي سقط معيلها او تلك التي جرح ابنها
ترى الكثير منا يذوبون وكأنهم الملح
وهذا صندوق الأغاثة الجنوبي فاليشمر كل واحد منا ساعده
فهنا لا نكون كصاحب الكلب
الم نسأل انفسنا والدنيا لماذا يا دنيا فررنا بما نملك خوفا على ما نملك
هذه هي حال اسر شهداء الجنوب
بادلنا وفاءهم بالجفاء
اخذنا منهم الغالي ومنعنا عنهم الغالي
والنفس طماعه واحضرت الانفس الشح
اما الجرحى فحدث ولا حرج
كل هذه المشاهد جلبت الى ذاكرتي المثقله بالاحزان
القصيدة القاها الشاعر الكبير رحمة الله عليه
واسكنه الجنه فقلما نجد شاعر مثله هو الشاعر حافظ ابراهيم
واكر ابياته الاخيره لكي تأخذنا العبرة قليلاً
هذي دموعي على الخديـن جاريـة *** حزناً وهـذا فـؤادي يرتعـي لهبـا
أقسمـت بالله إن كانـت مودتـنـا *** كصاحب الكلب ساء الأمـر منقلبـا
أعيذكـم أن تكونـوا مثلـه فنـرى *** منكـم بكـاءً ولا نلفـي لكـم دأبـا
إن تقرضوا الله في أوطانكـم فلكـم *** أجر المجاهد طوبـى للـذي اكتتبـا