اعلنوا انسحابكم من الجنوب د. فارق حمزة

[اسد الجنوب]

عدن نيوز - خاص - 18-8-2006

اعلنوا انسحابكم من الجنوب



د.فاروق حمزه

يبدو إن نظام صنعاء يدرك جيداً قبل غيره بأن القضية الجنوبية بالنسبة للجنوبيين وللمنطقة وللعالم العربي والإسلامي والعالم أجمع بأنها تأتي في إطار المطالب الإستراتيجية والتي لا تَسقُط بالتقادُم إطلاقاً، لأنها قضية دولة وشعب أحتلت بلاده، وبقى تحت الهيمنة ومورست وتمارس بحق شعبه الإساءة المفرطة، مما جعل قضيته تَملك جاذبية غلاَّبة تَشـد كل المجتمع الدولي دون إستثناء، وهو الأمر الذي ربما يَخلق مَناخاً مُتَفجِّراً يَصعُب التعامُل معه وبكل المقاييس، وهو ماقد يعطيها أهمية وضرورة كأولوية، في الخلاص من هذا الكابوس المطل على العالم وخاصة بعد أن بداء المجتمع الدولي يعمل بجدية بالغة في نزع فتيل التوترات في العالم أجمع وخاصة في الشرق الأوسط وتحديداً في منطقتنا لأسباب موقعنا وقربنا من منطقة بالغة الأهمية والخطورة. وهذا هو مما يجعلها شئنا أم أبينا في الأولويات. كون منطقة الشرق الأوسـط كانت ولازالت مَدار إستقصاء واسع ودَقيق، ولأن شكل التطوُّرات على ساحاتها المختلفة بـدا وكأنه يأخذ مُنحَنى خطراً ـ أو على الأقل غير مُلائـم.



وكان بودنا أن يكون نظام صنعاء أكثر تعقلاً وإدراكاً في فهم هذا المـأزق الراهن والمستحكم بسبب التَعَسُّف مع الحقيقة. والمترجم لوضع شعب ودولة يبادوا جهاراً نهاراً وتحت مسميات وهمية غير قابلة للنُّضـج من الأساس، لأنها تنطوي على قَصـدٌ في الباطن يَختَلِف عما يقال به في الظاهِر، وهذا يدركه المجتمع الدولي قبل العربي والإسلامي علاوة على التضرر الفاضح الواسع النطاق للجنوبيين، إلا أن نظام صنعاء وكما يبدو أنه يعقد المشكلة أكثر فأكثر من خلال تسابقه مع الزمن ومحاولاته في البحت عن أزمات أخرى ومختلفة المعالم داخلية كانت أم خارجية محبذاً الخارجية منها وتصعيدها لذروتها لتمليء أزمة أخرى لربما لعلى وعسى أن تكون هي الأزمة في رأس القائمة بينما في الجانب الآخر وهو الداخلي نجده في الحقيقة يعمل وبذكاء من خلال إحكام عزلة القضية الجنوبية عن محيطها حتى لا يتسع نطاقها ولو بالعدوى وإفراغها أولاً بأول من عناصر التوثر حتى لا تتفجر في مكانها مدوية ، والعمل بكل جهد وإتقان في تركها للزمن ليزيحها إلى النسيان ولتستهلك نفسها بنفسها بالتحلل والتآكل والتلاشي. إلى جانب إشكالات أخرى لا تَقِـل خطورة واستعصاء ومنها الديمغرافيا والاٍستيطان.



وللحقيقة أيضاً نقول لكم بأن التاريخ لا يصاغ بهذه الحجج إطلاقاً، وإنما عكست نفسها هذه الجرائم بحيث صارت مجرد مآثر نفسية وقلق في الوظائف النفسية لشعبنا وهو أيضاً ما يتجاوز مفهوم العنف وإنما يفهم بأن هو عبارة عن حرب مستمرة ومستدامة. الآمر الذي عكس مفاهيم كثيرة وجعلنا نشعر بأنكم لم صرتم تملكون فقط وإنما أحرقتموها. فصارت قضية الحقوق مسلوبة والدولة منكوبة.



وللعلم أيضاً نقول بأن ظروف الأمس، ربما تكون قد تغيرت بسبب الكثير من العوامل، كما ربما يكون قد تغيرت وإلى حد ما عوامل وأسباب الخلل في توازن القوى في مجلس الأمن والتي ربما أيضا كانت سبباً في إعاقة تنفيذ القرارات الدولية 924- 931 بحينها ليس لحسابات أو مجاملة في جانب على حساب جانب آخر، وإنما لظروف تطلبت أولويات أخرى ومحددة برزت على السطح مؤخرا وأتضحت معالمها ً، بالرغم من إبقاء هذه القرارات عالقة لحين يأتي وقتها.



واليوم كلنا نسمع المخاضات والتصريحات المتلاحقة للشرعية الدولية والتي تدريجيا تجبر إرساء توازنان ومعادلات جديدة في المطالبة بعدم إستعباد الشعوب والإفراط في الإساءات بحق هذه الشعوب والهيمنة وتنشيط مبادئ تحرير الشعوب والأوطان. وفي الوقت الذي نحن نطالب بتحرير بلادنا من الاٍحتلال وإنعتاقنا من العبودية وبالطرق السلمية، نشعر بأن هناك من لم يزل يشطح وينطح وكأننا نستقوي بالخارج، وكأنه يلغي تاريخ أسود في الحروب المفتعلة التي أحرقت في بلادنا الأخضر واليابس، والتي بواسطة الدبابة صاغ لنفسه تاريخ أمجاد كاذب في زيف أرض الميعاد، والتي أيضاً وكما يبدو أن إسرائيل نفسها قد أسقطت مفهوم الدولة العبرية من النيل للفرات، فهل هؤلاء يفهمون أو يستطيعوا إدراك ما معنى كلمة وطن أم أنهم يستمرون في تجارتهم بالألفاظ، ومغالطتهم للتاريخ؟ ... كما أننا ننصح أخواننا هؤلاء ونقول لهم إن الوضع في كل المنطقة العربية يبدو أنه دقيق للغاية ... وحتى لا تبقى الأمور عالقة في كافة مساراتها ... جنبوا منطقتنا الويلات ... فأحملوا عصاكم وأرحلوا.



هل التاريخ كذبة وطنية أم مثلنا التاريخ كاذب
نزار قباني