الي متى يا شعب الجنوب الابي

[مهفوف]

الى متى ..؟
فيصل سالم القحطاني
قرأت باهتمام الملاحظات الواعية التي ابداها الاخوة الاعزاء حول وثيقة الحوار بين الاحزاب الممثلة في مجلس النواب ( قضايا وضوابط وضمانات الحوار فيما بينها ) واود ان اسجل الملاحظات التالية :
1 – ان النقطة الايجابية الابرز في هذه المبادرة هو التئام هذا العدد من الشخصيات والكوادر الجنوبية التي توزعت على مختلف الوان الطيف السياسي وعلى مساحة ارض الجنوب كاملة ( من باب المندب حتى المهره ) ، وهذا بحد ذاته دليل وعي وعافية ، وان المعاناة قد صهرت الكل في بوتقة واحدة ليس دفاعآ عن حقوقهم ومصالحهم الآنية فقط ، بل وعن وحقوق ومصالح ومستقبل الآجيال القادمة .
2 – ان " القضية الجنوبية " وفق تسميتها هي مسوؤلية ابنائها ، لذلك يجب ان لا ننتظر من أي كان ان يتبنى ويتحمس للدفاع عن هذه القضية طالما ظل من تكويهم معاناتها على صمتهم واستسلامهم . لذلك يعتبر هذا التعبير البسيط كسرآ لحاجز الصمت والتواطؤ الذي احتجزت فيه القضية الجنوبية تحت طائلة الاتهام بالانفصالية والخيانة لكل من يطالب بحق او يدعو لأنصاف من ضيم لحق به .
بل حتى الذين احتضنهم الجنوب وعلمهم واشركهم في خيراته واعطاهم من سلطاته وولاهم على رقاب ابنائه ( دون ان يكونوا حاصلين على الحد الادنى من التعليم ) لأنه كان وحدويآ صادقآ ولو على حساب حقوقه ومصالحه ، وقفوا موقف المتفرج بل والمتشفي في اغلب الحالات . هذا في وقت كان محظورآ على أي من ابناء الجنوب الذين فرضت عليهم الظروف العيش في مناطق الجمهورية العربية اليمنية ، الانتقال من منطقة الى اخرى دون الحصول المسبق على اذن وتصريح من الامن السياسي ( المخابرات ) باعتباره اجنبي .
3 – واليوم نرى ادعياء الديمقراطية والليبرالية من (مثقفي) اليمن ، الذين يطالبون بحقوق الانسان في اقاصي الارض ، يتجاهلون عمدآ حقوق الانسان الجنوبي ، رغم انهم يعايشون معاناته بين ظهرانيهم في صنعاء ، وهم يشاهدونه على ابواب الوزارات والمؤسسات الحكومية يعاني الاذلال وسوء المعاملة ، وهم يسمعون ما يلحق بالجنوب من اذى منهجي ومنظم عبر التهميش والافقار واحتكار السلطة والثروة ونشر اوكار الفساد في مدنه والمخدرات لتدمير شبابه وكيانه بلاوازع من دين او ضمير. رغم كل ذلك لم يتحرك منهم احد الا بعد ان اصبحت القضية الجنوبية بيد ابنائها . وحتى عندما تم الالتفات الى حقيقة " القضية الجنوبية " فقد تم ذلك من باب التشويش على عدالتها وعلى سلامة مطالبها ، بل ان هناك من حرض السلطة واجهزتها على قمع المطالب الجنوبية بالمساواة والعدل .
4- ان من المهم الان ليس التباكي على اللبن المسكوب ، فالمطلوب الآن هو التماسك والتعاضد الحقيقي وعدم السماح لهذه السلطة الظالمة / الغاشمة ان تفتت هذا التلاحم العظيم الذي اتى بعد معاناة مريرة من مصاعب التفرق التي تثبت الوقائع اكثر فاكثر



من كان وراءها ومن استفاد منها منذ سبعينيات القرن العشرين وحتى العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين . فقد خسر الجنوب خيرة قياداته واشجع ابنائه في دوامات
من الفتن لم يحصد منها سوى الهزائم والضياع . فتارة تمزقنا الى " تقدميين " و " رحعيين " واخرى الى " يسار " و " يمين " ثم الى " وحدويين " و " انفصاليين " وفي كل موجة كنا نحن الضحايا والاخرون هم المستفيد الاوحد .
5 – ان الوضع الراهن هو ابلغ تعبير عن الحاجة الى ان يتحول هذا التلاحم الى شكل " منظم " يؤطر هذه النضالات ويوفر لها امكانية الاستمرارية والتواصل .. وسيكون ذلك هو الوعاء الذي يربط مستويات النضال المختلفة ويوحدها في تيار واحد يجمع الاجزاء المتفرقة وينظم الجهود المبعثرة ويوصل ما انقطع من حبل التواصل مع ابناء الجنوب في كل مكان .. من اجل الانتصار الكامل "" للقضية الجنوبية " .
6 – في الاخير .. كان من المستغرب ان تستنجد هذه الكوكبة الرائعة من خيرة ابناء شعبنا وكوادرنا بمن اختاروا ان ينأوا بأنفسهم عن معاناة شعبهم واختاروا الدنية ، فذلك هو القاسم المشترك بين من ذكروا من مقيمي الخارج والداخل ، ونسي الاخوة الموقعين على البيان – او تناسوا – ان من بين من استنجدوا بهم من كان له دور كبير في زرع الفرقة والفتن بين ابناء شعب الجنوب .
اننا في هذا المنعطف احوج مانكون الى وضوح الرؤية وصفاء الذهن لتحديد مطالب نضالنا واهدافنا والوسائل الضرورية للوصول اليها .. اننا بحاجة الى افكار ورجال لدحر هذا الواقع المهين الذي تردى فيه جنوبنا العظيم .. ارض الانبياء .. وارض الحضارات .. ومنبع العروبة .. بسبب تهاوننا وتخاذلنا واتكالنا ..
فألى متى .. ؟

فيصل سالم القحطاني