اليمن خيبت أمل البيت الأبيض، وتحمل الفارين مسئولية التدخل الخارجي

[اسد الجنوب]

اليمن خيبت أمل البيت الأبيض، وتحمل الفارين مسئولية التدخل الخارجي
اعتراضات أميركية على ردة الفعل، ومطالبات بتحقيق دولي، واعتقال مجنون بحثا عن الفارين
11/02/2006
صنعاء، نيوزيمن:

تصاعدت لهجة خطاب الإدارة الأميركية عن الفارين الـ23 من المحكومين والمتهمين بعمليات إرهابية في اليمن. مقابل تكرار الحكومة اليمنية توعدها الفارين بالقبض عليهم مجددا كما حدث مع بعضهم قبل عامين.
وفيما نقل لـ(نيوزيمن) شهود عيان أن عناصر الأمن يداهمون محلات في مناطق مختلفة بالعاصمة صنعاء، كان آخرها مساء أمس حيث فتشت عناصر الأمن أفران لبيع الخبر في المناطق الشمالية الشرقية من العاصمة، أعلنت مصادر عسكرية أن الحكومة قررت دفع "مكافأة مالية مغرية لمن يدلي بمعلومات تقود للقبض على أعضاء تنظيم القاعدة الفارين.
ومع إعلان عن تحقيق "نتائج إيجابية" و"معلومات هامة حول السجناء الفارين والعناصر التي يرجح أنها متورطة في مساعدتهم في عملية الفرار من السجن ومن ثم نقلهم وتهريبهم وإخفائهم". قال موقع (26 سبتمبر الناطق باسم التوجيه المعنوي للقوات المسلحة) أن عملية البحث اعتقلت بالخطأ مواطنا (مختل عقليا)، اشتبه في أنه (إبراهيم محمد الهويدي) أحد الفارين، "غير أنه وبعد القبض على ذلك الشخص من قبل قسم شرطة (المعلمي) بأمانة العاصمة وإرساله إلى الإدارة العامة للمباحث الجنائية تبين أنه شخص آخر وليس هو الشخص المطلوب".
فرانسيس تاونسيند مستشارة الأمن القومي الأميركي لشئون الأمن الداخلي قالت أن إدارة الرئيس جورج بوش تحدثت مع "مسئولين يمنيين، وأبدت لهم إحباطها من أداء الحكومة اليمنية".
وقالت المستشارة التي كانت زارت اليمن مرتين، وعبرت عن إعجابها بالرئيس صالح ودوره في مكافحة الإرهاب "الأمر لم يسبب خيبة الأمل فقط، بل هو مثير للقلق".
واعتبرت تاونسند، في مؤتمر صحافي، إن السعودية تواجه تهديدا لا يقل خطورة عما تواجهه أميركا بسبب هروب المعتقلين إن لم يكن أكبر. متسائلة عن سبب وضع السجناء في مكان واحد.
وكان أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي (كارل ليفن، وتشارلز شومر) وهما من الحزب الديمقراطي، اعتبرا رد إدارة الرئيس بوش عن الحادث "رد فاتر"، وقالا إن ما حدث ليس مخيبا للأمل فقط، بل أكثر من ذلك بكثير، وأن رد الحكومة الأميركية هو المخيب للآمال.
واعتبر وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد أمس، في مؤتمر صحافي، على هامش اجتماع مع نظرائه في حلف شمال الأطلسي في ايطاليا "أنهم أناس خطيرون، ونجاحهم في الفرار هو عار".
وكان ميكا هوبرن وعبر مجلة فرونت بيج ماغازين الأمريكية، اعتبر أن الهرب يرفع رايات حمر كثيرة. وقال "في الغالب الأعم، فالسجن مخصص للسجناء الأمنيين المرتبطين بأنشطة إرهابية؛ الراية الحمراء رقم واحد. من بين الـ23 الفارين، هناك 13 كانوا متورطين بشكل مباشر في هجوم أكتوبر 2000 ضد السفينة البحرية الأمريكية يو إس إس كول؛ الراية الحمراء رقم أثنين من بين أربع عشرة راية. نتج عن الهجوم على يو إس إس كول مقتل 17 بحارا أمريكيا. وهؤلاء هم إرهابيون من القاعدة. ليس هناك ما يكفي من رايات حمر لذلك".
وتساءل في مقال له "اليمن: بداية هروب القاعدة"، "لذلك، كيف تمكن 23 شخصا من الهروب من سجن أمني يحتجز إرهابيين؟". وأضاف "الأكثر رعبا، أن الشخص الذي علينا أن نقلق منه كثيرا من بين الفارين هو جمال البدوي، المتهم بأنه العقل المدبر للهجوم على يو إس إس كول".
واعتبر الكاتب الأميركي أنه "من الواضح أن هناك أشخاص مؤثرين وفي مواقع جيدة في اليمن هم من يساعد ويحرض الإرهابيين خصوصا إرهابيي القاعدة. فليس هناك طريقة تمكن 23 سجينا من الهرب من السجن بدون مساعدة أشخاص من داخل وخارج المنشأة".
ومع تأكيده أنه و"منذ 11 سبتمبر، كانت الحكومة اليمنية فاعلة في تزويد الولايات المتحدة الأمريكية بمعلومات استخباراتية مهمة لمكافحة الإرهاب، وهي المعلومات التي أثبتت فعاليتها في قتال وباء الإرهاب المستشري في العالم"، قال "سواء كان هناك تورط مباشر أو غير مباشر من قبل الشرطة والجيش والحكومة في التخطيط وتنفيذ عملية الهروب من صنعاء، فليس هناك اختلاف. فهذه هي اليمن، حيث يوجد بعض الأشخاص مهمين للغاية هم الذين أرادوا تحرير هؤلاء الإرهابيين".
واستغرب الكاتب أن الحادثة رغم خطورتها لم يتبعها أي إجراء ولو من قبيل "كباش فداء يتم معاقبتهم علانية"، أو "تأنيب (الضباط والزعماء و/أو السياسيين المتورطين) بصرامة بطريقة فريدة تستخدمها حكومات الشرق الأوسط مثل اليمن".
وقال "ولهذا السبب يتوجب على الغرب أن يطالبوا بالكشف عن السجناء الفارين وإعادتهم والقبض على المسئول عن جريمتهم". والمطالبة "بأن يتم تحديد العقوبة المناسبة لكل المتورطين في عملية الهرب كلا بحسب مهمته"، واعتبر أن "إحدى أفضل الطرق لتحميل اليمن المسئولية هي مواصلة إلصاق هذا الخبر على الصفحات الأولى لوسائل الإعلام في إنحاء العالم. والطريقة الأخرى هي إدخال الأمم المتحدة في هذا النزاع وإلزامها بفتح تحقيق".
صحيفة الثورة الرسمية وفي افتتاحيتها اليوم قالت أنه "وبعيدا عن كل الفرضيات القاصرة أو التي تحاول الاصطياد في المياه العكرة يتأكد تماما من أن هروب عدد من العناصر المتطرفة والإرهابية من أحد السجون -مؤخرا- لا يمكن أن يُضعف من عزيمة اليمن ودورها الإيجابي في مواجهة ظاهرة الإرهاب أو ينال من قدرتها في ملاحقة العناصر المتورطة في الأعمال الإجرامية".
الافتتاحية التي اعتبرت أن من أهداف الإرهاب "تقديم المبررات لاستهداف (اليمن) وتحويلها إلى ساحة مفتوحة للتدخلات الخارجية". قللت من تأثير "الهروب خلسة من السجن" على "تشويه سمعة جهازنا الأمني المشهود له بالأداء المقتدر" معتبرة الهرب "رد فعل انتقامي من تلك العناصر الإرهابية التي أغاضها النجاح الذي أحرزه الجهاز الأمني في تعقبها وإسقاط رهاناتها الدنيئة وإفشال مخططاتها التآمرية بحق وطنها الذي لم يعرف منها سوى العقوق والجحود والنكران". متفائلة بقدرة "أجهزتنا الأمنية على ضبط الفارين وإعادتهم إلى السجن، كما ضبطوا في السابق". مشيرة إلى أن الأحداث تؤكد أنه "لا يوجد أحد بين اليمنيين من يتعاطف مع تلك العناصر الضالة.. مما يعني معه أن مآل أولئك الفارين ومصيرهم المحتوم هو السقوط بيد العدالة".
معتبرة أن "من تسول له نفسه احتضانهم أو إخفاءهم سيخضع للمساءلة" باعتبار أن "من يأوي إرهابيا يعد شريكا في الجريمة وهي حماقة لن يجرؤ عليها أحد".
وجددت الصحيفة حديثها عن أن التعاون اليمني مع الحرب الدولية ضد الإرهاب ".. وفي وقت كانت فيه العديد من دول العالم، غير عابئة بمخاطر تلك الظاهرة العنيفة" جاء ضمن "خيارها الوطني الحر بعيدا عن أية تأثيرات خارجية في مواجهة تلك النفسيات المريضة والحاقدة التي تمردت على الإجماع ولجأت إلى العنف والتطرف". مؤكدة أن "اليمن بتلك الخطوة قد انطلقت من قناعة وطنية ، وإرادة ذاتية ، مشفوعة بالإدراك العميق من أن الإرهاب هو فعل تدميري تحركه نوازع التعصب والغلو والدوافع العدوانية". خاتمة بالقول أنه "ومن شذ شذ في النار!!".
واستغرب ليفين، وهو عضو في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، استخدام "الناطق باسم البيت الأبيض والناطق باسم الخارجية، نفس العبارة (مخيب للآمال) في وصفهما لما حدث، وكأنهما يقرآن من ورقة واحدة كتبت لهما حول القضية، والواقع أن ما حدث لم يكن مخيبا للآمال فحسب، بل أمر مروع بكل تأكيد".
وقال ليفين إن هناك أسئلة يجب على حكومة الرئيس بوش، أن تحصل على إجاباتها، ومن بينها ملابسات الهروب، وكيف حدث ذلك الحفر الهائل للنفق؟ ولماذا لم يتم اكتشاف عملية الحفر قبل الهروب؟ ومن هم الشركاء الخارجيين في عملية الحفر من داخل المسجد؟ وهل هناك شركاء متواطئون داخل الاستخبارات اليمنية في عملية الهروب؟»، وأضاف «نريد أن نعرف ما إذا كانت الاستخبارات اليمنية مخترقة من قبل متعاطفين مع القاعدة؟". واعتبر أن «الأهم من كل هذا ليس الرد القوي فقط على ما حدث، بل الضغط الجدي على الحكومة اليمنية، لقبول مساعدة أميركية (في التحقيقات)، لأنه لم يكن واضحا من تصريحات الناطق باسم الخارجية، ما إذا كانت واشنطن قد ضغطت على صنعاء، لقبول فريق تحقيق أميركي أم لا، رغم أن الناطق أبدى استعداد واشنطن لتقديم المساعدة في حال تلقيها طلبا من الحكومة اليمنية بذلك".
من جانبه وصف السيناتور شومر، وهو عضو في اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ، هروب السجناء بأنه تطور مثير للرعب، والأكثر إزعاجا من ذلك هو «أن تهز حكومتنا كتفيها وتصف ما حدث بأنه مخيب لآمالها».
وأعرب شومر عن دهشته من هذا التناقض قائلا، إن الحكومة الأميركية أمضت شهورا تدافع عن التجسس على هواتف المواطنين الأميركيين، بدون موافقة قضائية في سبيل القبض على عناصر «القاعدة»، وهذا هدف جيد، ولكن الأفضل هو مراقبة واعتقال عناصر «القاعدة» ( في البلدان الأخرى)، لدى اعتقالهم وعند هروبهم.
وواصل شومر حديثه مخاطبا الحكومة الأميركية «لديكم معلومات جيدة عن العثور على عناصر في القاعدة.. لقد اعتقلوهم ثم حاكموهم وبعد ذلك هربوا!.. والسؤال هنا لكي نكسب الحرب على الإرهاب، ألا يمكننا أن نقوم بعمل واحد فقط.. يجب أن نقوم بعمل كل شيء، وليس التجسس على هواتف مواطنينا فقط، من دون أن نعير اهتماما كافيا للمنبع الأم للإرهابيين في اليمن، فهروبهم يظهر أننا لسنا بحاجة إلى زعامة قوية، بل قيادة قادرة وكفؤة لكسب الحرب على الإرهاب». ورفض ليفين وشومر القول بأن السجون السرية هي الحل الأنسب لتجنب هروب السجناء، وقالا إن السجون السرية لا تضمن عدم انتهاك حقوق الإنسان، ولا عدم هروب السجناء ايضا، والأهم من ذلك هو تأمين السجون ضد الهروب، سواء كانت معروفة أو سرية بمعرفة السلطة القضائية في البلدان التي يحتجزون فيها. وشدد ليفين على أنه في حالة الهروب يجب أن تقدم الدولة التي هرب السجناء منها، ضمانات فورية بأنها ستحقق في كيفية حدوث الهرب، ومحاسبة المتورطين من مسؤولي ذلك البلد، وقبول المساعدة المعروضة عليهم من قبل أناس ذوي خبرة في سبيل إعادة إلقاء القبض على الفارين.
وأعلن عن تنسيق يمني سعودي، في البر، وأميركي في البحر لمنع العناصر الفارة من مغادرة الأراضي اليمنية.