القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
#1
|
|||
|
|||
عوامل قيام الدولة في الجنوب
كان الأمل الذي يحدو اليمنيين في وحدة 22 مايو 1990 م , أنها ستأتي لهم بدولة جديدة في شكلها وجوهرها تضع حداً للصراعات والإخفاقات وتهيئ اليمن في الشمال والجنوب للانخراط في رحاب الحياة الإنسانية المعاصرة ,لكن وللأسف الشديد ان الوحدة لم تأتي بدولة ولم تغير من واقع الآمر شيئا بقدر ما أسهمت في تعزيز وجود الدولة التقليدية التي كانت تحكم فيم كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية فكانت الوحدة صدمة حقيقية لأبناء الجنوب على المستوى السكاني , في الوقت الذي لم يشعر أبناء الشمال بذات الشعور المفاجئ كونهم يدركون حجم الممانعة لقيام الدولة وعوائقها المختلفة, كما ان حرب 94غيبت العنصر الجنوبي المشارك الفعلي من الدولة وأعفت قيادة الحرب من اتفاقيات 22مايو وهنا كانت الصدمة الثانية للجنوبيين على المستوى السياسي .
لذلك التزم يمنيون الشمال بالصمت الجمعي ولم يكن واقع ما بعد الحرب جديدا عليهم ، لكن يمنيون الجنوب لم يتسعهم الصبر ولم يروق لهم التفريط بحقوقهم السياسية والمدنية فاثروا الخروج من أنفاق الصمت للتعبير عن رفضهم واحتجاجاتهم على استمرارية الوحدة بهذا الشكل العبثي واللا متوازن .وهنا تكمن سببية المفارقة في المواقف والتي تدفعنا إلى البحث عن عوامل قيام الدولة اليمنية الحديثة في الجنوب وعوائق قيامها في الشمال وقبل الحديث عن بناء الدولة المفقودة أود التذكير ,إننا معشر اليمنيون على مدى نصف قرن من الزمن مضى ، لم نجيد سوى عملية الهروب إلى الأمام ولم ننجز سوى فنون المكابرة على واقعنا وإشكالاته المعقدة التي نبذناها وراء ظهورنا واهمين بتجاوزها وها نحن نجدها متراكمة أمامنا كلما اقترابنا من مرحلة النهاية ، وأدركنا مؤخراً أن غياب دولة المؤسسات من وعينا وخارطة مشاريعنا هو السبب الرئيسي لتراكم مشاكلنا واحتقان أثارها السياسية ,كما ان الدولة التقليدية القائمة حالياً بتركيبتها الجهوية وثقافتها العشائرية وعلى مدى ثلاثون عاما، أسهمت الى حد كبير في توسيع حجم الإخفاقات وزادت من تراكم المشاكل وتراتبيتها ، وضاعفت من أخطارها ولم تقدم أي حلول مجديه على الواقع السياسي والاقتصادي ، ليس هذا فحسب بل ان الدولة الجهوية جسد ت في تركيبتها كل عاهات الحكم وأمراضه التاريخية . كما إن الدولة الحالية قد أجهدت قواها في إنتاج الهدم القيمي وإفساد الضمائر وقضت على كل المرجعيات الأخلاقية بما فيها القيم الدينية والقيم القبيلة التي تعرضت للمسخ الرسمي ، ولم يعد للقبيلة وظيفة سوى دعم النظام وتغذيته بالجند والغباء مقابل إباحة الفيد للقبيلة ، أضف إلى ذالك ان مشكلة المذهبية المنتشرة في شمال الشمال عائق اخر لقيام الدولة تعززه ثقافة الفيد المحيطة بصنعاء ، أما أبناء محافظتي تعز وآب فقد تم تطبيعهم على العبودية ودفع الخراج والواجبات الزكوية لقبائل الشمال بواسطة الدولة من عهد الدولة القاسمية وقد كان لهم أملا كبيرا في وحدة مايو وسرعان ما خاب ذالك الأمل في نفوسهم وانطوى إلى غير رجعة ، بالإضافة الى ان تمترس مثقفيهم وسياسيهم في محاريب ايدلوجية متهالكة ، هو الأخر يعد من أهم العوامل المعيقة لقيام الدولة المرتجاة . ولهذا تبدو المراهنة على قيام دولة يمنية موحدة , في ظل هذا التناقض السكاني هو رهان خاسر خسرانا مبين . وما دام الأمر كذالك .. فلماذا لا ننتقل إلى يمن الجنوب لنبحث بهدوء وموضوعية عن العوامل السياسية والاجتماعية اللازم توفرها لتأسيس دولة ذات طابع مدني موسسي حديث . و لكي نحقق شروط الموضوعية لابد أن نتحرر من سلطة الأيدلوجية الوحدوية وندحض مزاعم واحديه التأريخ والثورة ولا بد أيضا أن نقر بحتمية الفصل بين شمال اليمن وجنوبه من حيث تجارب الانسان وأحداث تاريخه التي أحدثت تراكم تجريبي في خارطة الوعي الفردي وأنتجت تمايزا في المواقف الجمعية لصالح الجنوب حيث الحراك والحيوية قائمان . ومن عوامل البناء التي نود الإشارة إليها أن سكان الجنوب اكتسبوا مجموعة من القيم الحضارية عن الاستعمار البريطاني الذي يوصف أنه( أكثر القوى الاستعمارية الأوربية عدلاً )وبفضله عرف أبناء الجنوب الحياة المدنية قبل غيرهم من سكان المنطقة العربية ، و انغرست في نفوسهم قيم حب النظام واحترام سيادة القانون ,وتعلم اليمني في الجنوب كيف يدير فنون المقاومة ضد المستعمر بأساليب مدنية عبر الصحافة والنقابات والمجلس التشريعي ، في الوقت الذي كان أبناء الشمال مشغلون بعمل التماتم والحروز وتعليقها على صدورهم وسواعدهم تحصنا من الجن والشياطين ويمرغون جباههم وجباه أبنائهم بالقطران تنفيذاً لتعاليم أمير المؤمنين احمد حميد الدين . في الجنوب أفضت المقاومة السلمية ضد المستعمر الانجليزي الى كفاح مسلح الذي قاد أبناء الجنوب الى حقبة الحكم الوطني ، التي لم يجدوا فيها بغيتهم النضالية المتمثلة في الدولة , بقدر ما وجدوا حزباً شموليا أغرقهم بأوهامه الأيدلوجية وجعل منهم وقوداً لصراعات دموية غير مجدية، ادركو حينها ان الكفاح المسلح أوقعهم في فخ تحت شعارات الحرية ورايات التحرر وبداو يهتفون باسم وحدة اليمن وينشدون قدومها معولين عليها الخلاص من دولة الحزب الواحد مرتقبين قدوم الدولة اليمنية الموحدة وللأسف الشديد حضرت الوحدة في إعلان مايو 90 م , وغابت الدولة ولم تمضي أكثر من ثلاثة أعوام على إعلان وحدة مايو حتى بدا أبناء الجنوب يتوجسون خيفة من الثمن الذي يتوجب عليهم دفعه جراء ذلك الحماس الوحدوي الذي سيطر عليهم عقوداً من الزمن وبدا الوعي الجمعي يدرك أن الوحدة سالفة الذكر لم تكن أكثر من مغامرة لحكام الجنوب وصفقه لنظرائهم من الشمال وأن الحزب لم يستشر السكان في قرار كهذا ولم يتبنى إستراتيجية لحماية مصالحهم فقرر اغلبهم خذلان قيادة الحزب في صيف 94 . وبعد الحرب بدأت تتضح حقيقة الوحدة العسكرية وملامح مشروعها الجهوي الانفصالي إلى حد كبير فأصدرت قيادة الحرب قائمة بإعدام ستة عشر شخصا سياسياً كلهم من أبناء الجنوب ,وبدأت القيادة ألمظفرة بالنصر تعين محافظي الألوية ومدراء الأمن وقادة الوحدات العسكرية من أبناء الشمال وصار كل جنوبي في نظر دولة الوحدة متهم حتى تثبت إدانته ، واستمرت سلسلة الإجراءات التنكيلية بهوية الجنوب وكلما يمت إليها بصلة الأمر الذي كرس النزعة الانفصالية في نفوس أبناء الجنوب وتحول الانفصال إلى موقف سكاني لديهم بقدر ما تحولت الوحدة إلى احتلال عسكري وكلما استمرت شرعية الحرب كلما تقوى مطلب الانفصال. المهم في الأمر أن طبيعة التجارب مع الأحداث التاريخية قد صنعت لدى الوعي الجمعي في الجنوب تفكيرا بأهمية قيام دولة يمنية حديثة تتجاوز في بنائها العلاقات العشائرية والتركيبة الجهوية والتهويمات الحزبية، فبدا الموقف الجنوبي يتشكل على هذا ألا ساس وتتضح تباشيره من خلال العودة إلى الهوية الجنوبية والتمترس حولها ومغادرة أقبية الأيدلوجيات وإعلان الرغبة في التصالح والتسامح يوم الثالث عشر من يناير2008، حتى لا تبقى الضغائن السياسية عائقا , كما أن الاصطدام مع أحزاب اللقاء المشترك في الضالع ورفع العلم لما كان يعرف باليمن الجنوبي بدون النجمة الحمراء هو دليلاً بالغ الوضوح على جدية التوجه نحو أقامة الدولة مع توفر القناعات بعدم جدية العمل السياسي داخل الأطر الكرتونية لما يعرف بأحزاب اللقاء المشترك ، وبكل تأكيد إن احتجاجات الجنوب لن تفضي إلى كيانات عشائرية ولن تقبل بوجود رموز شعباوية مدمرة , وما نتوقعه ونتوخاه ان الوعي الجماعي لأبناء الجنوب حاليا منشغل برسم ملامح الوجه الإنساني للدولة القادمة في الجنوب.. ( بقلم : فيصل الصفواني ) |
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
|
|
الساعة الآن 06:27 PM.