قضية شعب أراد الحرية والسيادة

[اسدالجنوب]

بقلم / حسين زيد بن يحيى
ليس صحيحا أن ثورة شعب الجنوب ومقاومته من اجل الحرية والسيادة كما أريد أن يؤرخ لها من 14اكتوبر 63م .
التاريخ والذاكرة الجمعية للامة الجنوبية سجلت بأحرف من نور مقاومته منذ اللحظة الذي وطأت إقدام الاحتلال البريطاني عدن 19/ يناير /1839م . ومثل كل مقاومة في العالم حينا تشتد وأحايين أخرى تخفت . وتمثلت صفحاتها بإشكال مختلفة من هبات وتمردات وانتفاضات شعبية وقبلية ومقاومة فردية وجماعية إلى رفض وتململ هنا وهناك حتى30نوفمبر1967م تحقق الاستقلال الوطني الأول لشعب الجنوب .
طبعا مع احترامنا وتقديرنا لروعة النضال التحرري للجبهة القومية ,إلا إن الحقيقة التي لا يمكن القفز عليها إن الاحبة في \"الجبهة القومية\" لم يكن يحملون تفويضا معتبرا من شعب الجنوب يجيز لها التفاوض باسم شعب الجنوب..وبشكل منفرد أعلن عن دولة \"ج.ي.ج.ش\"و عاصمتها \"عدن\".نعم, وهذا يحسب لها \"الجبهة القومية\"توحيد 22مشيخة وأمارة وسلطنة ومستعمرة في دولة مركزية واحدة . إلا أن كل الحقائق المعاشة تؤكد إن أبناء الجنوب قد حققوا وبشكل طوعي وسلمي اندماجا وطنيا رائعا ما قبل الاحتلال البريطاني وإثناءه . تعمد تغييب حق تقرير المصير لشعب الجنوب الذي أوصت به لجنة تصفية الاستعمار وأقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ووافقت عليه الدولة المستعمرة \"بريطانيا\" حال دون التواصل لحل جذري للقضية الجنوبية وبما يرضي قناعات سكانه بحرية وطوعية..وتجاوزا لكل ذلك ,إذا اعتبرنا أن الانتماء في الدول والمجتمعات المدنية يقوم على أساس المواطنة الحقوقية المتساوية الذي ينظمها ويضمنها القانون ,وهو ما كان سائدا إثناء الفترة الاستعمارية وما بعد قيام الدوله الوطنية الجنوبية .إلا انه مع الأسف هنالك من كان ولاءه لغير مواطنته الجنوبية وبدا يشرعن لفلسفة الفرع والأصل والشطرين والوطن الأم والعاصمة التاريخية في مفردات الحركة الوطنية السياسية الجنوبية !!.
وكل جنوبي حصيف عند تتبع مسببات صراعات الجنوبيين السياسية بعد ذلك نجد أن من ينظر لها ويدفع إليها ذلك التيار ؟!. من قومية وتحرير ورابطة إلى جريمة اغتيال الشهيد فيصل عبد اللطيف الشعبي.. وعند معرفه من نفذها ؟!.ومن أوعز بتنفيذها ؟!. تستشف خيوط مؤامرة أنهاك الجسد الجنوبي وخلخلة وحدته الوطنية من خلال أثارة صراعات سياسية تحت عناوين مصطنعة كحركة 20 مارس وانتفاضه 14مايو وخطوه 22يونيو التصحيحية ويمين ويسار ويسار انتهازي صفي فيه ابرز القيادات الجنوبية ممثله بالرئيس الشهيد سالم ربيع علي \"سالمين\" , وصولا لإحداث 13يناير الذي كان طرفي ضحاياه جنوبيين,وبها وصل الجسد الجنوبي إلى أقصى درجات إنهاكه ,وفي تلك اللحظة التاريخية الحرجة يتم دفعه لوحدة 22مايو 90م ..لماذا؟!.وبعيدا عن استفتاء الشعب واحترام الشكل البرتوكولي للاتفاقات الدولية بتجاوز توقيع رئيس الدولة الجنوبية الرسمي المهندس حيدر أبوبكر العطاس .كل ذلك يؤكد الشكوك بوجود مؤامرة حاولت تغييب حقيقة إن الجنوب دولة وشعب بل هو الأكثر مساحة وثروة وأهميه جيو - سياسيه .رغم ذلك تم احتساب نسبة تمثيله في دوله الوحدة \"الجمهورية اليمنية\"بمجلس النواب بما يقترب ونسبة تمثيل محافظة من المكون الشمالي لدوله الوحدة.مع كل تلك التنازلات الجنوبية والنوايا الحسنة إلا أنها لم تشفع له واستمر الطرف الأخر يضمر خنجر الغدر والخيانة . ويلاحظ ذلك من طريقة طلبه لانتشار قواته العسكرية على شكل سهم باتجاه \"عدن\" قاد فيما بعد إلى احتلالها . ليس ذلك فحسب, ومن اللحظة الأولى بدأت عمليه الاغتيالات والتفجيرات التي تستهدف الرموز الجنوبية في العاصمة \"صنعاء\".وهو ما استوجب بالمقابل حالة وعي جنوبيه مبكرة دفاعا عن الهوية المستهدفة بعد ما أوقع ساسته به بمثالياتهم الوحدوية الذي تشربوها بمدرسة\"حركه القوميين العرب\".وتجلت حالة الصحيان الجنوبي في سلوك حضاري جسدوه في انتخابات 27ابريل 93م التي صوت فيه كل الشعب الجنوبي للجنوب حتى دائرة احور التي فاز بها السيد مهدي الحامد \"رحمه الله\" على اعتبار انه خرج من عباءة \"الجبهة القومية\".
وهو ما دفع صنعاء بعد ذلك لاختيار 27ابريل 94م موعدا لإعلان الحرب على الجنوب بعد أن تأكد له استحالة ضمه وتطويعه وأذابة هويته الوطنية سلميا وعبر الازاحه السكانية تدريجيا فكان خيار القوه العسكرية وبانتصار\"القوات الشمالية\" في 7/7/94م تكون قد سقطت الوحدة السلمية الطوعية المتوافق عليها \"الجمهورية اليمنية\"واستعاد المنتصر دولته \"ج.ع.ي\"بكل رجعيتها وتخلفها . وهنا نقول أيضا أن الحراك الجنوبي التحرري الثاني بداياته كان مع مقاومة سياسات الضم والإلحاق والاستيطان التي انتصرت فيه \"القوات الشمالية\"لأسباب عدة أهمها استفادة المنتصر وبلؤم من التشققات والتصدعات التي اعترت الجسد الجنوبي من الصراعات السياسية الجنوبية-الجنوبية. ودخول الجنوب للوحدة دون اكتراث قيادته حينها لأهمية الوحدة الوطنية ..
إما إن تكون ساحة معارك حرب صيف 94م ارض الجنوب وجه رسائل ايجابية عدة داخليا وخارجيا عكسها قراري مجلس الأمن رقم\"931,924\"الذي عبرا عن وعي المجتمع الدولي لحقيقة الحرب وطرفيها شمال وجنوب وليس كما أريد أن تصور كصراع بين شرعيه وطرف متمرد في إطار دولة واحده .
وكل ما حدث في الجنوب بعد ذلك أكد طابع الاحتلال الاستيطاني بدأ من إقدام نظام صنعاء على منتجة صورة رفع علم دوله الوحدة على القصر المدور بالتواهي - عدن وما لذلك من رمزيه لمكوني كيان\"الجمهورية اليمنية\",وعلى ذلك السياق كل ماله علاقة بالجنوب تم تصفيته من القطاع العام ومزارع الدولة والتعاونيات في سابقه غير معهودة ثم نهب واستباحه كل ما هو على ارض الجنوب باعتباره ارض القبيلة ثم استعادتها في 7/7الاسود المشئوم حيث سرح كل منتسبي الجهازين العسكري والمدني لدوله الجنوب ,وهو ما يعني عمليا عدم الاعتراف بشراكة المكون الجنوبي ودولته وشعبه.لهذا يصر نظام صنعاء دوما على رفض إي حديث عن \"الوحدة اليمنية\". حيث الخطاب الرسمي يتحدث عن \"الوحدة الوطنية\"، وتكرار مقولة استعادة دولة الوحدة في 22مايو 90م وهي مغالطة تاريخية مفضوحة .
السلوك الاحتلالي \"للقوات الشمالية\" كان من الطبيعي إن يواجه بتملم شعبي تحريري بدأ بمقاومة الاغتيالات والحرب ، الايجابي والأروع انه تحول بعد ذلك إلى حراك تحرري سلمي حضاري على شكل تظاهرات بدأتها بجدارة مدينه المكلا عام 97م حيث سقط أول شهيدان للحراك التحرري الجنوبي \"بارجاش وبن همام \" وكان قد سبق انتفاضة المكلا قيام حركة تقرير المصير \"حتم\" وحركة موج واللجان الشعبية إلى التجمع الديمقراطي الجنوبي \"تاج\" الذي يؤرخ له كأول حزب جنوبي فكراً وتنظيماً.. ودون التقليل من قيمة وأهمية تلك الإرهاصات الثورية الا أن توصل قناعات قوى التحرر والتقدم الجنوبية إلى أهمية حركة التسامح والتصالح بوابة ترسيخ الوحدة الوطنية الجنوبية التي بترسيخها وتحولها لثقافة وسلوك انتقلت إلى مرحلتها الأرقى في \"التضامن\" الذي تجلى في المشاركة الأوسع مع اعتصامات جمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين والعاطلين عن العمل وهيئات الفعاليات السياسية.
وفي تلك المسيرة النضالية التحررية لشعبنا الجنوبي سقط عشرات الشهداء واضعافهم من الجرحى ومئات المعتقلين والمطاردين وكان كل ذلك يتم تحت شعارات تحررية استقلالية واضحة :
- برع .. برع يا استعمار
- ثورة.. ثورة ياجنوب
- بلادي.. بلادي بلاد الجنوب .. جمهورية عاصمتها \"عدن\"
شعور نظام صنعاء بالخطر من تصاعد نضال شعب الجنوب باتجاه استعادة هويته وحقوقه وكرامته ودولته الوطنية المستقلة دفع قوى الحرب والتكفير للإيحاء بالاستعداد لتقديم التنازلات بعد ان فشلت كل رهاناته بالحرب واستخدام القوة والترغيب والترهيب وهو ما دفع رئيسه بمهرجان السلطة 29/نوفمبر/2008م بعدن بطلب الحوار .
ولانه نظام قبلي رجعي متخلف يتناقض مع نفسه نجد رأس النظام نفسه وبعيدا عن حصافة رئيس الدولة في 2/12/2008م من زنجبار يبشر بالبهررة بالعين الحمراء ونثر ثقافة الكراهية بين أبناء الجنوب بتذكيرهم بصراعات الماضي السياسية . ولان أمير الحرب والتكفير ضد الجنوب أصبح يعرف أكثر من غيره بأنه محتل بنظر كل الجنوبيين، بالمقابل كجنوبيين لم يعد من خيار امامنا غير استعادة دولتنا \"ج.ي.د.ش\" وعاصمتها \"عدن\" ولأننا نعي الاختلال في موازين القوة لصالح المحتل لا خيار أمام شعبنا الجنوبي إلا أن يختار أسلوب النضال السلمي لاستعادة حريته وسيادته على أرضه .
منسق ملتقى أبين للتسامح والتصالح والتضامن
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]