قائمة الشرف



العودة   منتديات مركز صوت الجنوب العربي (صبر) للحوار > قسم المنتديات العامة > منتدى تاريخ و معالم الجنوب العربي

القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن

عاجل



آخر المواضيع

آخر 10 مواضيع : الأثنين القادم فعالية تأبين كبرى لـ«فقيد» الوطن اللواء د عبدالله أحمد الحالمي في عدن (الكاتـب : nsr - مشاركات : 0 - المشاهدات : 5393 - الوقت: 12:13 AM - التاريخ: 07-04-2024)           »          الرئيس الزبيدي يلتقي دول مجلس الأمن الخمس في الرياض (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 19446 - الوقت: 03:28 PM - التاريخ: 11-22-2021)           »          لقاء الرئيس الزبيدي بالمبعوث الامريكي بالرياض ١٨ نوفمبر٢٠٢١م (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 9195 - الوقت: 09:12 PM - التاريخ: 11-18-2021)           »          الحرب القادمة ام المعارك (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 15725 - الوقت: 04:32 AM - التاريخ: 11-05-2021)           »          اتجاة الاخوان لمواجهة النخبة الشبوانية في معسكر العلم نهاية لاتفاق الرياض (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 9016 - الوقت: 05:20 AM - التاريخ: 11-02-2021)           »          اقترح تعيين اللواء الركن /صالح علي زنقل محافظ لمحافظة شبوة (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 8907 - الوقت: 02:35 AM - التاريخ: 11-02-2021)           »          ندعو لتقديم الدعم النوعي للقوات الجنوبية لمواجهة قوى الإرهاب (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 8993 - الوقت: 08:52 AM - التاريخ: 10-31-2021)           »          التأهيل والتدريب (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 8644 - الوقت: 04:49 AM - التاريخ: 10-29-2021)           »          الرئيس الزبيدي يجري محادثات مع وفد رفيع المستوى من الاتحاد الأوروبي (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 8898 - الوقت: 12:56 PM - التاريخ: 10-27-2021)           »          تحرير ماتبقى من اراضي الجنوب العربي (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 8933 - الوقت: 02:53 AM - التاريخ: 10-15-2021)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-21-2009, 01:02 PM
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 16
Thumbs up حضرموت تطالب بالخلافه الاسلاميه

ي سنة 129للهجرة نهض عبد الله بن يحيى الكندي مطالبا بالخلافة لنفسه كان حاد الذكاء بعيد النظر فصيحا بليغا شجاعا كريما ، على جانب عظيم من الورع والتقوى والصلاح ، ذهب إلى اليمن فرأى المظالم ضاربة أطنابها في طول البلاد وعرضها ، والفساد ينخر عظام الأمة ويهدد كيانها ، فنقم على الخليفة مروان بن محمد ورماه بالضعف في السياسة والإهمال في تأدية واجبات الخلافة ، ونقم على ولاة اليمن ومكة والمدينة أشد النقم . وفي سنة 128ذهب إلى مكة للحج ، فوافى أبا حمزة المختار ابن عوف الأزدي البصري الخارجي ورآه يدعو إلى خلاف مروان وآل مروان ، فقال له عبد الله بن يحيى الكندي : يا رجل إني أسمع كلاما حسنا وأراك تدعو إلى حق فانطلق معي فإني رجل مطاع في قومي ، فخرج به حتى ورد حضرموت ، ولما رأى أبو حمزة المختار إجلال الناس لعبد الله بن يحيى الكندي و إكبارهم له بايعه على الخلافة وعاد إلى البصرة . جمع عبد الله بن يحيى عظماء كندة وحرضهم على الخروج لإزالة ! المظالم والمنكرات ونشر العدالة والصلاح ، وقال : ما يحل لنا المقام على ما نرى ولا يسعنا الصبر عليه ؛ وكتب إلى أبى حمزة المختار وأبى عبيدة ومسلمة بن أبى كريمة مولى بني تميم وبلج بن عقبة بالبصرة يشاورهم في الخروج ، فكتبوا إليه : إن استطعت أن لاتقيم يوما واحدا فافعل ، فإن المبادرة بالعمل الصالح فضل ، ولست تدري متى يأتي عليك أجلك ، ولله خيرة في عباده يبعثهم إذا شاء لنصر دينه ، ويخص بالشهادة من يشاء ؛ وشخص إليه أبو حمزة المختار وبلج بن عقبة في رجال من الأباضية وحرضوه وقومه على الخروج ، وقالوا لهم : إذا خرجتم فلا تغلوا ولا تغدروا ، و اقتدوا بسلفكم الصالحين وسيروا سيرتهم ، فقد علمتم أن الذي أخرجهم على السلطان العبث لأعمالهم ؛ فاجتمعت كندة وبايعت زعيمها عبد الله بن يحيى الكندي على الخلافة إلا ملكهم إبراهيم بن جبلة بن مخرمة الكندي في دمون فإنه امتنع عن البيعة ، ولكن عبد الله بن يحيى سار إليه في جماعة من عشيرته وأخذوه وحبسوه يوما ثم أطلقوه ، فرحل إبر اهيم إلى صنعاء ، وقام بالأمر عبد الله بن يحيى ،فنشر العدل والأمن ، وبنى المساجد و أطعم الفقراء والمعسرين ، فأحبه الناس وكثر جمعه واحتشد ح! وله الأنصار والأعوان وهابته القبائل، وأكبروا فيه همته وورعه وصلاحه وتقواه ، وسموه طالب الحق .


ولما أحس في نفسه القوة للقيام ضد الخليفة مروان بن محمد انتخب من أبطال قومه ألفين وتوجه بهم إلى صنعاء بعد أن أستخلف على حضرموت عبد الله بن سعيد الحضرمي فبلغ ذلك القاسم بن عمر عامل مروان على صنعاء ، فاستحلف على صنعاء الضحاك ابن زمل ، وخرج في بضعة آلاف من جيشه لملاقاة عبد الله بن يحيى الكندي ، فلقيه الكندي في بلج وكان الليل قد أظلم ، وقاتلهم فقتل منهم كثيرا ، وانهزم القاسم وعسكر قريبا من صنعاء ، فلحقهم الكندي وهزمهم شر هزيمة ، واستولى على صنعاء ، وأخذ الضحاك بن زمل وإبراهيم بن جبلة بن مخرمة الكندي ملك دمون المخلوع وحبسهما ، وجمع الخزائن والأموال ، وخرج إلى الجامع وخطب الناس ، فقال بعد أن حمد الله عز وجل وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم : (( إنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وإجابة من دعا إليهما ، الإسلامُ ديننا، ومحمد نبينا ، والكعبة قبلتنا ، والقرآن إمامنا ؛ رضينا بالحلال حلالا لا نبغي به بديلا ، ولا نشترى به ثمنا قل! يلا ، وحرمنا الحرام ونبذناه وراء ظهورنا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله وإلى الله المشتكى وعليه المعولَّ ؛ من زنى فهو كافر ، ومن سرق فهو كافر ، ومن شرب خمرا فهو كافر ، ومن شكّ في أنه كافر فهو كافر . (( ندعوكم إلى فرائض بينات وآيات محكمات وآثار مقتدى بها ، ونشهد أن الله صادق فيما وعد ، عدل فيما حكم ، وندعو إلى توحيد الرب ، واليقين بالوعيد والوعد ، وأداء الفرائض ، والأمر بالمعرف والنهي عن المنكر ، والولاية لأهل ولاية الله ، والعداوة لأعداء الله . أيها الناس ؛ إن من رحمة الله أن جعل في كل فترة بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إذا اهتدى ، ويصبرون على الألم في جنب الله تعالى ، يُقتلون على الحق في سالف الدهور شهداء ، فما نسيهم ربهم وما كان ربك نسيا . أوصيكم بتقوى الله وحسن القيام على ما وكلكم الله بالقيام به ، فابلوا الله بلاء حسنا في أمره وذكره . أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم )) .


أقام عبد الله بن يحيى الكندي في صنعاء أشهرا ، أزال في خلالها المظالم والمفاسد ، ونشر العدل والأمن وأحسن السيرة ، ولان للناس جانبه ، فأحبوه وأثنوا عليه ومدحه الشعراء ، وأتته السراة من كل أرجاء اليمن ، وفي أواخر شهر ذي القعدة سنة 129للهجرة جهز سبعمائة رجل من جيشه وأرسلهم إلى مكة تحت قيادة أبى حمزة المختار وبلج بن عقبة وأبرهة بن الصباح ، فراسلهم عبد الواحد بن سليمان وهو يومئذ على مكة المدينة ودعاهم إلى الهدنة حتى ينفر الناس النفر الأخير من الحج ، فأجابه أبو حمزة إلى ذلك ، ثم نزل عبد الواحد بن سليمان بمنى ،وبعث إلى أبى حمزة المختار عبد الله بن حسن ابن الحسن ومحمد بن عبد الله بن عمر بن عثمان وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد وعبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن ربيعة بن أبى عبد الرحمن ، فكشر في وجه العلوي والعثماني ، وانبسط إلى البكر! ي والعمرى ، وقال لهما : ما خرجنا إلا بسيرة أبويكما .فقال له عبد الله بن حسن : ما جئنا للتفضيل بين آبائنا وإنما جئنا برسالة من الأمير .
ولما كان النفر الأول مضى عبد الواحد بن سليمان إلى المدينة ، وخلى مكة لأبى حمزة المختار ، فدخلها بدون قتال ، وحين أقبل أبو حمزة على مكة ، فزع الناس حين رأوهم وحاولوا أن يدافعوا عن أنفسهم ، فقال لهم أبو حمزة خلوا لنا سبيلنا لنسير إلى من ظلمكم وجار في الحكم عليكم ، ولا تجعلوا حدنا بكم ، فإنا لا نريد قتالكم . وأخبرهم بخلافة مروان والتبرِّى منه .


أما عبد الواحد بن سليمان فإنه لما وصل إلى المدينة كتب إلى مروان يعتذر لخروجه من مكة ، فكتب مروان إلى عامله على المدينة عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز يأمره بإرسال الجيش إلى مكة لإستردادها من أيدي جيش أبى حمزة . فجهز عبد العزيز ثمانية آلاف رجل أغلبهم من التجار لا علم لهم بالحرب . ولما بلغ ذلك أبا حمزة المختار استخلف على مكة إبراهيم بن الصباح . ولما كان على مقربة منهم أرسل إليهم بلج ابن عقبة في ثلاثين فارسا من أبطال كندة وتميم . ولما جاءهم سألهم أن يطيعوا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يكفوا عنهم ويعودوا من حيث أتوا ، فشتمهم أهل المدينة وقالوا لهم : يا أعداء الله نحن نخليكم وندعوكم تفسدون في الأرض ؛ فقال بلج : يا أعداء نحن نفسد في الأرض ، إنما خرجنا لنكف أهل الفساد ونقاتل من قاتلنا ونستأثر بالفى واخلعوا من لم يجعل الله له طاعة ، فإنه لا طاعة لمن عصى الله ، وادخلوا في السلم وعاونوا أهل الحق ثم رجع بلج وأصحابه إلى أبى حمزة المختار وأخبره . فقال : كفوا عنهم ، ولا تقاتلوهم حتى يبدءوكم بالقتال . فرمى رجل من أهل المدينة أبا حمزة بسهم فأخطأه وأصاب رجلا آخر ، فقال أبو حمزة : شأنكم الآن فقد حلّ قتالهم ، فحملوا عليهم حملة شديدة وهزموهم وقتلوا منهم 3230 ومن قريش 450 رجلا ومن الأنصار 80 ومن القبائل و الموالي 1700 ، فقال علي بن الحصين الكندي لأبى حمزة : اتبع القوم أو دعني أتبعهم ، فأقتل المدبر وأدفف على الجريح ، فإن هؤلاء شرّ علينا من أهل الشام ، فلو جاءوك غدا لرأيت من هؤلاء ما تكره ، فقال له : لا أفعل ولا أخاف سيرة أسلافنا ،ثم استولى أبو حمزة على المدينة وذلك سنة 130 للهجرة .



ولما هدأت الأحوال وخمدت الاضطرابات ، خرج أبو حمزة إلى الجامع وخطب الناس فقال بعد الحمدلة والثناء على الله : (( أتعلمون يا أهل المدينة أنا نخرج من ديارنا وأموالنا أشرا ولا بطرا ، ولا عبثا ولا لهوا ، ولا لدولة ملك نريد أن نخوض فيه ، ولا ثأر قديم نيل منا ، لكنا لما رأينا مصابيح الحق قد عطلت ، وعنِّف القائل بالحق وقتل القائم بالقسط ، ضاقت علينا الأرض بما رحبت ،وسمعنا داعيا يدعو إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن ، فأجبنا داعي الله ، ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض ،فأقبلنا من قبائل شتى ، النفر منا على بعير واحد ، عليه زادهم وأنفسهم ، يتعاورون لحافا واحدا قليلون مستضعفون في الأرض ، فآوانا الله وأيدنا بنصره ، وأصبحنا والله بنعمته إخوانا ؛ ثم لقينا رجالكم بقديد فدعوناهم إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن ، ودعونا إلى طاعة الشيطان وحكم مروان
! وآل مروان ، فشتان لعمر الله ما بين الغيّ و الرشد ، ثم أقبلوا يهرعون ويزفون ،قد ضرب الشيطان فيهم بجرانه وغلت بدمائهم مراجله وصدق عليهم ظنه ، وأقبل أنصار الله عصائب وكتائب بكل مهنّد ذى رونق فدارت رحانا واستدارت رحاهم بضرب يرتاب منه المبطلون . وأنتم يا أهل المدينة إن تنصروا مروان وآل مروان يسحتكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ، ويشف صدورهم قوم مؤمنين . يا أهل المدينة إن أولكم خير أوّل وآخركم شر ّ آخر . يا أهل المدينة الناس منا ونحن منهم ، إلا مشركا عابد وثن أو كافر من أهل الكتاب أو إماما جائر . يا أهل المدينة من زعم أن الله كلف نفسا فوق طاقتها أو سألها عما لم يؤتها فهو لله عدو ولنا حرب ؛ يا أهل المدينة أخبروني عن ثمانية أسهم فرضها الله تعالى في كتابه على القوى على حبه للضعيف ، فجاء التاسع وليس له منها ولا سهم واحد ، فأخذ جميعها لنفسه مكابرا محاربا لربه ما تقولون فيه و فيمن عاونه على فعله ؟ يا أهل المدينة بلغني أنكم تنتقصون أصحابي ، قلتم هم شباب أحداث وأعراب جفاة ، ويحكم يا أهل المدينة ، وهل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شبابا أحداثا ، شباب والله مكتهلون في شبابهم غ! ضيضة عن الشرّ أعينهم ، ثقيلة عن الباطل أقدامهم ، قد باعوا أنفسهم تموت غدا بأنفس لا تموت أبدا ، قد خلطوا كلالهم بكلالهم ، وقيام ليلهم بصيام نهارهم ، منحنية أصلابهم على أجزاء القرآن ، كلما مروا بآية خوف شهقوا خوفا من النار ، وإذا مروا بآية شوق شهقوا شوقا إلى الجنة ؛ فلما نظروا إلى السيوف قد أنتصبت وإلى الرماح قد أشرعت وإلى السهام قد فوقت ، وأرعدت الكتيبة بصواعق الموت استخفوا وعيد الكتيبة عند وعيد الله ، ولم يستخفوا وعيد الله عند وعيد الكتيبة ، فطوبى لهم وحسن مآب ، فكم من عين في منقار طائر طالما بكى بها صاحبها من خشية الله ، وكم من يد أبينت عن ساعدها طالما اعتمد عليها صاحبها راكعا وساجدا ، أقول قولي هذا وأستغفر الله من تقصيرنا – وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب )) .


وقال هارون أن جده أبا حمزة قد أحسن السيرة في أهل المدينة حتى استمال الناس وسمع بعضهم كلامه في قوله على منبر النبي صلى الله عليه وسلم من زنى فهو كافر ، وقال : إنه سمع أبا حمزة يخطب بالمدينة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : (( يل أهل المدينة مالي رأيت رسم الدين فيكم باقيا وآثاره دارسه ، لا تقبلون عليه عظة ، ولا تفقهون من أهله حجة ، وقد بليت فيكم جدته ، وانطمست عنكم سنته ، ترون معروفه منكرا والمنكر من غيره معروفا ، إذا انكشفت لكم العبر وأوضحت لكم النذر ، عميت عنها أبصاركم ، وصمت عنها أسماعكم ، ساهين في غمرة لاهين في غفلة ،تنبسط قلوبكم للباطل إذا نشر ، وتنقبض عن الحق إذا ذكر ، مستوحشة من العلم مستأنسة بالجهل ، كلما وقعت عليها موعظة زادتها عن الحق نفورا ، تحملون منها في صدوركم كالحجارة أو أشدّ قسوة من الحجارة ، أو لم تلن لكتاب الله الذي ! لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله . يا أهل المدينة ما تغنى عنكم صحة أبدانكم إذا سقمت قلوبكم ، إن الله قد جعل لكل شيء غالبا ينقاد له ويطيع أمره ، وجعل القلوب غالبة على الأبدان ، فإذا مالت القلوب ميلا كانت الأبدان لها تبعا ، وإن القلوب لا تلين لأهلها إلا بصحتها ، ولا يصححها إلا المعرفة بالله وقوة النية ونفاذ البصيرة ، ولو استشعرت تقوى الله قلوبكم لاستعملت بطاعة الله أبدانكم . يا أهل المدينة داركم دار الهجرة ومثوى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نَبَتْ داره وضاق به قراره وآذاه الأعداء وتجهمت له فنقله إلى قوم لعمري لم يكونوا أمثالكم ، متوازرين مع الحق على الباطل ، ومختارين للآجل على العاجل يصبرون للضراء رجاء ثوابها ، فنصروا الله وجاهدوا في سبيله وآووا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصروه ، واتبعوا النور الذي أنزل معه ، وآثروا الله على أنفسهم ولو كانت بهم خصاصة ،قال الله تعالى لأمثالهم ولمن اهتدى بهداهم (( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون )) ، وأنتم أبناؤهم ومن بقى من خلفهم تتركون أن تقتدوا بهم أو تأخذوا بسنتهم ، عمى القلوب صم الآذان ؛ اتبعتم الهوى فأرداكم عن اله! دى وأسهاكم ، فلا مواعظ القرآن تزجركم فتزدجروا ، ولا تعظكم فتعتبروا ولا توقظكم فتستيقظوا . لبئس الخلَف أنتم من قوم مضوا قبلكم ، ما سرتم بسيرتهم ، ولا حفظتم وصيتهم ولا احتذيتم مثالهم ، لو شقت عنهم قبورهم فعرضت عليهم أعمالكم لعجبوا كيف صرف العذاب عنكم )) .



لما بلغ مروان بن محمد انتصار الأباضية واستيلاؤهم على المدينة خاف أن يزحفوا إلى الشام ويستولوا عليها ويتولوا الخلافة لذلك جمع 4000 رجل من أبطال جيشه ، وأعطى كل منهم مائة دينار وفرسا ووعدهم ، وجعل عليهم عبد الملك بن عطية ، ولما بلغ أبا حمزة الخبر بعث بلج بن عقبة في ستمائة من عسكره فالتقى الجيشان في وادي القرى في شهر جمادى الأولى سنة 130 للهجرة ، فدعاهم بلج إلى التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله ، فشتمهم أهل الشام وقالوا نحن على حق وأنتم على باطل ، فثارت الحرب بين الطرفين ودامت ثلاثة أيام ، فقتل بلج بن عقبة وسبعون رجل من جيشه ونصب عبد الملك بن عطية رأسه على رمح ؛ أما أبا حمزة فقد استخلف على المدينة أحد أعيانها يقال له الفضل ، وسار إلى مكة ليحصنها ، ولم! ا علم عبد الملك ابن عطية بخروج أبى حمزة من المدينة جمع رجاله وهجم على المدينة ، فدعا الناس عمر بن عبد الرحمن بن أسيد الخطاب لقتالهم ، فاجتمع إليه تجار المدينة والبربر والعبيد وخرجوا لمقاتلة ابن عطية ، فانهزموا شر هزيمة ، وقتل الفضل وكثير من رجاله ، واستولى ابن عطية على المدينة ثم سار إلى مكة ، فلقيه أبو حمزة بالقرب من مكة ، وأراد جيشه الهجوم على ابن عطية وقومه فمنعهم وقال : لا تقاتلوهم حتى تختبروهم ،فصاح بهم ما تقولون في القرآن والعمل به ؟ فقال ابن عطية : نضعه جوف الجوالق ، قال ما تقولون في مال اليتيم ؟ قال نأكل ماله ونفجر بأمه ، فأمر أبو حمزة جيشه بالقتال ، فقتل أبو حمزة وقتلت امرأته مريم ، وكانت ذات شجاعة وإقدام ، وأسر ابن عطية 400 رجل من جيشه ثم قتلهم جميعا، ولما بلغ ذلك عبد الله بن يحيى الكندي خرج من صنعاء في جماعة من أصحابه ومن اليمانيين لقتال ابن عطية ، فالتقى به بأسفل مكة ،فهزمهم أهل الشام وأكثروا فيهم القتل ، فترجل عبد الله بن يحيى الكندي في ألف فارس وأظهروا من الشجاعة والإقدام ما حير عقول أهل الشام ، وكاد النصر يكون حليفهم لولا كثرة جيش ابن عطية التي أحاطت بهم من كل جانب ، وطال القتال حتى قتلوا رجال الكندي جميعا ، وجز ابن عطية رأس الكندي وبعثه مع ابنه يزيد ابن عبد الملك بن عطية إلى مروان .


وسار ابن عطية إلى صنعاء واستولى عليها وأرسل جيشه يتتبع أصحاب عبد الله ابن يحيى الكندي ويقتلهم ، ثم ظهر يحيى بن كرب الحميري وأعلن العصيان والتمرد على ابن عطية ، وخرج عليه وانضمت إليه قبيلة شداد الأباضية ، فخاف ابن عطية أن يستفحل أمرهم ويتسع نفوذهم وتتقوى سطوتهم ، فأرسل لقتالهم جيشا تحت قيادة أبى أمية الكندي في الوضاحية ، فالتقوا بهم بالساحل على مقربة من الحديدة وقتلوا من الأباضية مائة رجل ،وهرب بعضهم إلى حضرموت والتجئوا بعبد الله بن معبد الحضرمي وحرضوه على ابن عطية ، فصاح عبد الله بن معبد في قبائل حضرموت ، فأتاه خلق كثير من كندة ونهد وتميم وهمدان واحتشدت الجموع في شبام ، وامتلأت مخازنها بما تبرع به الأغنياء وأهل اليسار من البلح والطعام وغير ذلك للجيش . ولما بلغ ابن عطية الخبر استخلف ابن أخيه ! عبد الرحمن بن يزيد بن عطية على صنعاء وتوجه بجيشه إلى حضرموت فلقيه الحضارم بالكسر والتحمت بينهم الحرب ، وكان جيش الشام عالما بفنون الحرب ، ولما جاء الليل وكان حالك الظلام كثير الرياح أرسل ابن عطية من ناحية الجبل الجنوبي جزء ا من جيشه إلى شبام لاحتلالها ونهب ما فيها من الذخائر والمؤن ، فوصل هذا الجيش إلى شبام عند مطلع الفجر وتسوروا السور واحتلوا الحصون وقتلوا من فيها من الحرس ، فاستيقظ الناس من مراقدهم وذعروا مما رأوا ، وحاولوا الدفاع عن أنفسهم وأموالهم فلم يستطيعوا إلى ذلك سبيلا ، وأنى لهم أن يدافعوا والحصون في يد العدو يمنع كل من أراد الدخول إلى شبام أو الخروج منها . حدث ذلك كله دون أن يعلم عبد الله بن معبد الحضرمي . ولما طلع النهار قاتل عبد الله بن معبد بن عطية حتى انتصف النهار ،ثم تحاجزوا ، ولما جاء الليل ووضعت الحرب أوزارها انسل ابن عطية وبقية جيشه إلى شبام .
ولما بزغ النهار لم ير الحضارم أثر للعدو ، فأدركوا المكيدة وهرعوا إلى شبام فوجدوها محتلة بالعدو ، وحاولوا إخراجه فلم يقدروا . ثم اضطروا للاستسلام ولكن ابن عطية جعل يقتل من يقدر عليه وينهب الأموال قهرا . ثم أراد أن يرسل جيشه إلى سيون وتريم ودمون ولكن مروان بن محمد بعث إليه كتاب يأمره بالتعجل إلى مكة ليحج بالناس ،فجمع ابن عطية أعيان شبام ، وصالحهم على أن يرد إليهم ما عرفوا من أموالهم ، ويولى عليهم من يختارون فأجابوه إلى ذلك ، ثم سار متعجلا في جماعة من قومه . ولما كان بأرض مراد لقبه جماعة من الأباضية وقتلوه ومن معه ، ويقول المدائنى إنه لما شخص ابن عطية إلى مكة خرج إليه جمانة وسعيد ابنا الأخنس في جماعة من قومهما ورجل من نهد بقال رمانة وثلاثة من مراد وخمسة من كندة ، فقصدوا حيث توجه ابن عطية فأدركوا أصحابه وكانوا أربعين رجلا فقتلوهم جميعا وأد! رك سعيد وجمانة ابن عطية فضرباه وطعناه وصرعاه من فرسه وقعد سعيد على صدره فقال له ابن عطية هل لك يا سعيد في أن تكون أكرم العرب أسيرا ، فقال يا عدو الله أترى الله كان يمهلك أو تطمع في الحياة وقد قتلت طالب الحق ( عبد الله بن يحيى الكندي ) وأبا حمزة وبلجا وأبرهة ، ثم قتله وبعثوا برأسه إلى شبام وبلغ الخبر ابن أخيه عبد الرحمن بن يزيد بن عطية وهو بصنعاء ، فأرسل شعيبا البارقى في جيش كثير أغلبه أجلاف قساة همج من سكان جبال اليمن ، وجاءوا حضرموت من طريق الكسر فقتلوا الرجال والنساء والصبيان ونهبوا الأموال وأخرجوا دور هينن وقعوضة والمخينيق وحورة وكثيرا من دور شبام ولم يبقى أحد من قتلة ابن عطية ولا من الأباضية إلا وقتلوه ، ثم عادوا إلى اليمن حاملين معهم الأموال الطائلة والحلى الثمينة وقد احمرت أراضى حضرموت من الكسر غربا إلى شبام شرقا بالدم .




انكماش دولة كندة

كان خروج شعيب البارقي بجيشه الهمج إلى حضرموت أشبه بالضربة القاضية على الدولة الكندية و الصدمة الرجعية في الأهلين ؛ ولا غرابة فإن قتل الصبيان وبَقْرَ بطون النساء من الأهوال العظام والخطوب الجسام أهوال لم يعهدها الحضارمة من قبل ولم يحدث في تاريخهم الواغل في القدم . انكمش ملوك كندة وقبع كل منهما في مقاطعته يحكم في هدوء وسكون وفي خمول وكسوف ، وكره الشعب التخاصم والتنازع وكل ما يجرهم إلى التناحر والتصادم ، وكأن تلك الفجائع التي أتتهم من اليمن علمتهم كيف يتعاونون ويتناصرون ويتكاتفون ويتساندون ، كأنها وجهت أنظارهم إلى إصلاح أمورهم وتنظيم شئونهم ، فقد اتحدت قبائل دوعن ووجهوا عنايتهم نحو عمارة أرضهم وعمران بلادهم وتنظيم معايشهم ، وكذلك الشأن في حضرموت الوسطى ، فقد هبّ جميع السكان يصلحون ويعمرون وخضعوا لولاة أمورهم كل الخضوع ، وأطاعوهم كل ! الطاعة رغبة في السكون وحبا في السلام ، فأصبحت الأراضي جنات غناء ومزارع فيحاء ، بفضل التعاون و التساند في تعميرها وزراعتها ، وانتشر الرخاء ورخصت الأسعار ، وتنشطت أسواق العروض و هينن و شبام و تريم و دمون وزادت حركتها ، وعادت إليها حياتها الأولى ، وأصبحت القوافل تأتي الواحدة تلو الأخرى من ظفار واليمن وحبان وبيحان وشبوة بأنواع المتاجر وأصناف السلع فعظمت أرباح التجار وتضاعفت مكاسبهم واتسع نطاق ثرواتهم ، اتساعا ما كانوا يحلمون بمثله من قبل .



دخول حضرموت في طاعة العباسيين

في سنة 213 للهجرة انتشرت دعوة العلويين باليمن واتسع نطاقها وخاف اليمنيون عاقبة تلك الدعوة ، وما ستجلبه لهم من البلايا والرزايا ، فأرسلوا وفدا من صفوة عقلائهم إلى الخليفة المأمون ، وكان في مقدمة هذا الوفد محمد بن زياد بن عبد الله بن زياد ابن أبى سفيان ، فاستعطف الخليفة وضمن له صيانة اليمن من العلويين ، فوصله وولاه على اليمن وقضى على دعوة العلويين وفتح تهامة ، وبسط حكمه على جميع بلاد اليمن ، وأرسل رسله إلى حضرموت يأمر الولاة بالدخول في طاعة العباسيين فأجابوه إلى ذلك . ولما مات ولى بعده ابنه إبراهيم ، ثم ابنه زياد بن إبراهيم ، ثم أخاه أبو الجيش إسحاق ابن إبراهيم ، وفي كل أيام هؤلاء الولاة ظلت حضرموت في طاعة العباسيين ، ولكن هذه الطاعة كانت اسما إذ لم يولوا على الحضرميين أحد منهم يحكم البلاد بالنيابة ، فكان الحضرميون يحكمون أنفسهم بأنفسهم .ولما ! قتل المتوكل سنة 247 وخلع المستعين سنة 252 ، واستبد الموالى على الخلفاء خلعت حضرموت طاعة العباسيين ، واستقلت كل الاستقلال في جميع شئونها الداخلية والخارجية ، واستمر الحضرميون ينظمون أمورهم في هدوء ويعمرون بلادهم في سكون ، بينما اليمن تموج بالفتن الداخلية ، وتنوء من الاضطرابات والقلاقل ، فقد ظهر هناك يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن طباطبا بدعوة الزيدية ، واستفحل أمره ، وهجم على صنعاء واستولى عليها قهرا بالسيف .
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:34 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
الحقوق محفوظة لدى منتديات مركز صوت الجنوب العربي (صبر) للحوار 2004-2012م

ما ينشر يعبر عن وجهة نظر الكاتب أو المصدر و لا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة