مفهوم الشرف في يمن الاعاجيب ...

[طائر الأشجان]

الشرف والشرفاء .. ألفاظٌ استهلاكية كثُر ترديدها في الآونة الأخيرة وتصدّرت مقولات الخُطباء والسياسيين ، وكأنهم بهذا اللفظ إنما يختزلون الحكاية بأكملها ، ويسكبونها في مُجرد لفظ ، ومفهوم الشرف يخضع لمقاصد شتى ، ويوَظف لدى الجميع على حدٍ سواء ، ومع ازدياد وتيرة الحراك السلمي في الجنوب أصبح هذا اللفظ يقفز من فم كل متحدث ٍ يعتلي منبراً للخطابة ِ ، حتى وإن كان هذا المتحدث معروفاً بدَناءَتهِ وخِسته ، ولصوصيته وزئبقيته . وهنا نثبّت حقيقة يقررها الراسخون في العلم ، وهي أن المرأة التي تسرف في الحديث عن شرفها وعفتها ، ولا تنفك في كل مناسبة تتباهى بهذا الشرف ، يكون هذا الشرف وذلك العفاف عُرضةً للشك ، والرجل الذي يُبالغ في الحديث عن شجاعته وبطولاته ، يثير لدى الناس الشك في رجولته ، وهكذا هي المحصلة .. الريبة والشك . وهذا ما ينتاب جماهير الشعب حال تلقيها خطابات مفعمة بألفاظ الشرف والشرفاء . ولا تنتهي المسألة عند هذا الحد بل يُصاب الشرفاء الحقيقيون بخيبة أمل ، وإحباطٍ معنوي ، وهم يرون هذه القيمة السامية تتحول إلى مجرد شعار يتردد على ألسنة الأدعياء ، وخنجر يتابطه كل منافق ووصولي ، ورصاصة طائشة يُراد بها قتل الأبرياء .

والآن دعونا ننظر في حال الجنوبيين وموقعهم من الشرف في ضوء الأحداث القريبة والبعيدة ، فقد تحرر الجنوبيون من الإستعمار البريطاني ، ومنذ تحررهم وهم يحملون هموم إخوتهم في اليمن ، ويضعون نصب أعينهم خلاص هذا الشعب الذي يرزح تحت وطأة نظام متخلف ، لا يهمه سوى اقتسام الغنيمة مع شيوخ العشائر ، وكذا حصوله على حصته من كبار الملاك والتجار ، وليذهب الشعب إلى الجحيم ، وكان الجنوبيون صادقين فيما يعتزمونه ، ملتزمين بميثاق الشرف " بالشرف قد قسمنا ما نسامح كل مَن با يعرقل المسيرة " وكانوا لا يطمعون في مغنمٍ يحصلون عليه ، ولا يرمون إلى غايةٍ سوى تحرير إخوانهم من نظامٍ لم يقدّروا بأنهم سيصبحون عبيداً له ذات يوم . ومسيرتهم هذه تحت راية الشرف لم يقابلها تناغمٌ يُذكر من الطرف الآخر ، بل جحودٌ واستهجان ، إلا من قِلّةٍ وعلى استحياء .

كان الأملُ معقوداً على أن يشكل كل جنوبي حقنةَ لِقاح ، يتم من خلالها تطعيم المجتمع في اليمن الغالي ، وتبصير الأشقاء هناك بحجم المأساة التي تطوّقهم ، وإيجاد الوعي بضرورة التغيير السلمي وفقاً لمفاهيم الديمقراطية التي كانت عصابة النظام تمقتها لأنها لا تنسجم مع مصالحها ، ولكنهم اليوم يرفعونها شعاراً مع كل عطسةٍ يعطسونها ، ذلك هو الشرف الباحث عن مكامن المنفعة ومواطن الفيد . رضي الجنوبيون بأن تذوب دولتهم ، وكأنهم بهذا يتحللون من مطامع الدنيا في سبيل غايةٍ ظلوا ينشدونها ، فأي شرفٍ يُضاهي التخلي عن دولة ، وتحويل العاصمة عدن إلى مجرد قرية في بلد سوف تجعل منه الوحدة مثالاً يُحتذى ، وقبلة لعشاق الحرية والعدالة في أرجاء المعمورة ، ذلك هو الشرف حينما ترضى بأن تكون لا شيء في سبيل تحقيق كل شيء لأبناء الأمة جمعاء ، وكانت النتيجة إصرار الآخر على ضياعنا وإقصائنا من دائرة الوطن والمواطنة لأننا نشكل عقبة في طريق المناهب العليا التي يرعاها الشرفاء الوحدويون .

اعتملت في أذهان الجماعة الحاكمة وعلى رأسهم الشيخ علي عبدالله صالح فكرة التهام القرص بأكمله ، وبسط نفوذهم على كل شبرٍ في الجنوب ، يأتي هذا في الوقت الذي شعر فيه لصوص القصر الجمهوري في صنعاء باستحالة هضم الجنوبيين لعناصر الطبخة التي اعتاد عليها أكلة لحوم البشر ، فكانت هجمة 94 العسكرية كمحصلة للدسائس والمكائد التي حيكت لأربع سنوات خلت منذ توقيع الشراكة في العام 90 مع كافة الأطراف ذات المصلحة في ابتلاع الجنوب بمن فيهم العناصر الجنوبية التي دخلت الحرب لمجرد الأخذ بالثأر ، وتصفية حسابات قديمة ليس لها علاقة بالوحدة ولا بالتوحد .

كان من الطبيعي أن يُشَرّد قادة الجنوب ، وأن يُحكِم المحتل قبضته الحديدية على مفاصل الجنوب ، ولكنه ذهب إلى أبعد من ذلك فوضع في أجندته تقليم أظافر كل جنوبي حتى يصبح غير قادر على مجرد الخدش ، وأمعن في إذلالهم بمن فيهم أولئك الذين نصروه في مواطن كثيرة ، لأنه يدرك جيداً بأنهم أولاً وأخيراً جنوبيون بمعتقدات وأدبيات تتنافى ومعتقده الهش ، وإن أظهروا ولاءَهم له لكنهم أبداً لن يستمروا طويلاً في المداهنة ، والسير عكس تيار الضمير حاول المحتل إسكات هذا الضمير لدى أولئك الذين يشكلون خطراً محتملاً ، فأغدق عليهم أموالاً طائلة ، ومساكنَ فخمة ، وسيارات فاخرة ، واستطاع أن يلهيهم عن مبادئهم الوطنية بإغراءات لم يكونوا يحلمون بها ، وكان بالإمكان استمرار هذه العطاءات لولا أن هؤلاء الرفاق ليس بمقدورهم الصيرورة إلى شيوخ لعدم توفر العناصر البشرية المؤلفة لقبيلة تدين بالولاء لكل منهم على غرار حاشد وبكيل ، ولهذا اعتمدت أيدولوجية النظام الإستفادة المرحلية من بعض الشخصيات لحين الإستغناء التام ، بحسب الحاجة التي تمليها مصلحة السلب العليا ، ولهذا فهم شرفاء إلى حين .

أصبح الخطر الذي يتهدد المحتل على أرض الجنوب ينحصر في المواطن الجنوبي العادي ، لأن صراخه وأنينه غدا مسموعاً ، يصم آذان الكون ، ومجابهة المسيرات السلمية بالرصاص الحي لا يؤدي إلا لمزيدٍ من صب الزيت على النار ، ودفعت الإعتقالات بالكُتاب والمثقفين إلى الكتابة عن الحريات المذبوحة ، فعمدت السلطة إلى مزيدٍ من كبت الحريات ، وحظر دور النشر من مزاولة مهامها الأدبية والمهنية ، فهي اليوم ليست شريفة كما كانت بالأمس ، لهذا لا ضير حتى في قتل بعضهم – وهذا ما حدث - .

اعتبرت جمعيات الكتاب والصحفيين في خارج الوطن هذا على أنه جريمة وأد للصحافة وما تتبناه من رأي يمثل السلطة الرابعة ، المصرح لها بجس نبض الشارع ، وتجسيد معاناته بنشر الكلمة الحرة الصريحة دون تزييف ، وهذا بدوره أسهم في نقل الصورة إلى الرأي العام العالمي ، فانبرت صحفٌ دولية وقنوات فضائية ذات انتشار بثي واسع النطاق ، ووضعت الصورة في بعدها الكارثي وشرحت مأساوية الحدث . وظهر جلياً أن نظام صنعاء كان يعمد إلى تضليل المواطن العربي بتسييره لمسيرات في صنعاء وغيرها من مدن اليمن للمطالبة بمحاربة الفساد ، أو التنديد بغلاء المعيشة ، لكي ينطمرَ صوت الجنوبيين في خضم هذه الأصوات ، وغاب عن ذهنه بأن الجنوبيين سيستمرون في مقاومتهم السلمية ، وتحريك المسيرات بصورة متواصلة ، فهل يمكنه مجاراتهم بمسيرات مماثلة تدعو في كل مرة إلى تخفيض سعر رغيف العيش !. كما ظهر جلياً زيف النظام الحاكم وتضليله المستمر بتصوير الحراك السلمي على أنه مجموعة من الغوغائيين - لأنه يرى الجنوبيين هكذا في نظره - ، ويتمنى سحقهم ، ويصفهم بالحاقدين الجهلة ، بل وأنفلونزا الخنازير !.

لم يبق في يد المحتل إلا التلويح بورقته الأخيرة وهي التحذير من الصوملة والعرقنة ، وكأن تخليه عن أطماعهِ في الجنوب يعني موته المحقق . إنه المبدأ المنغرس في ذاكرة اليمني فهو على استعداد ليموت لمجرد حرمانه من درهم وقعت عينهُ عليه ، معللاً ذلك بدفاعه عن الشرف . وبإيعازٍ من البلاط السنحاني ارتفع صوت رجال الدين محذرين من الخروج عن طاعة الوالي ، هذا الوالي الذي لا يحفظ من كتاب الله جزؤ عم ، والذي ساقته الإنقلابات العسكرية على ظهر إحدى المدرعات ليجد نفسه في قصر الرئاسة ، هذا الوالي الذي درج على التزوير في صناديق الإقتراع ليبقى في الحكم إلى أن يأتيه اليقين ، وهو إمامٌ خلَفَ إماما ، وكان الأول بهم رحيما ، فبأي وجه سيلاقي علماء السلطة ربهم وقد كانوا للظالمِ تَبعا ! .

بقي أن نكشف النقاب عن حقيقة هي في حكم التنبؤ الأقرب إلى اليقين ، وبيانها كالتالي :

يحاول نظام صنعاء كإجراء سياسي أن يزجّ بأشخاص يمتلكون صفة القائد إلى ميادين الحراك مثل حميد الأحمر وطارق الفضلي ، ويقومون بدورهم على أكمل وجه ، بالخطابات الرنانة ، والعزف على الأوتار التي يطرب لسماعها الشعب في الجنوب على وجه الخصوص ، ويستمر أبطال هذه المسرحية في النضال بجهد ومشقة ، حتى يكون لهم قبولاً ومحبة لدى الجنوبيين ، ويمتلكون أطراف الخيوط في التفاوض باسم الجنوبيين ، وعلى أيديهم تتم التسويات البعيدة عن خيار ما يسمونه انفصالاً فيما يعتبره الجنوبيون فك ارتباط ، ويشترك في هذه اللعبة الزنداني ، وستظهر لنا وجوه أخرى جنوبية لأنها الأكثر تأهيلاً للعب هذا الدور بإتقان ، ويعتبر الصريمة أبرز المرشحين في الشخصيات القادمة ، وبعد كل هذا هل بقي معنى للشرف تفاخر به عصابة الحكم في يمن الأعاجيب ؟ !!!.

تحياتي
طائر الاشجان

[%الوحيد%]

اخي اليمنين لعبوا بكل اوراقهم في ثانيا الحراك الجنوبي السلمي السلمي ولم يفلح ذلك ولله الحمد ..احضر الرئيس اليمني ذوا الاصول الايرانيه سحرته ولم يفلح ونكشف امام العالم ..
هذا شعارا"
طلائعُ ثوارُ الجنوبِ تآزروا
وساروا على دربٍ عليه تدرّبوا
ألا إنّ شعبي اليومَ أمضى عزيمةً
وحربُكَ للمحتل يا صاح واجِبُ

[طائر الأشجان]

شكراً أخي الوحيد .. وعلى الدرب سائرون .

تحياتي
طائر الاشجان

[Fairlove]

فرعون وسحرته دوما يخترعون الجديد لخدمه الفرعون اولا ثم لخدمه انفسهم على حساب المستضعفين ,,
الخطابات في مثل هذا الوضع المنهار للمحتل شئ طبيعي ,, لان اليأس قد بدأ يدب في قلوبهم ,, فهم الآن كما نراهم قد استغلوا الدين كورقه لتشريع الاحتلال ,, باسم طاعه ولي الامر,,
سؤال لهم ,, صدام احتل الكويت فلماذا اسميتوه محتلا ومجرما ؟؟؟
هل من اخذ شئ بالقوه يصبح ولي الامر هكذا ؟؟ اذن فليأتي البيض ليأخذ حقه وسلطته وينقذ شعبه بالقوه ,و فهو ولي امرنا الأول ,,,

[طائر الأشجان]

عندما يُتخذ من الدين مطية للوصول لغايات رخيصة فإن الأمر جد خطير ، وسنرى في المرحلة القادمة مزيداً من ألاعيب المحتل ، وبقي على الجنوبيين أن يتسموا باليقظة والحذر دوماً ، فليس أقذر ولا ألعن من الزيدي في الخبث والمكر ، وبتوحدنا وإصرارنا سنقهر كل طامع في ارض الجنوب الحبيب ، مهما كلفنا ذلك من التضحيات الجسام ..

تحياتي
طائر الاشجان