بقلــــــم صـــالـــح الجـــبوانـــي اللعبـــــة انتهـــت

[منير العولقي]

بعد صمت بيني وبين القلم لأكثر من خمس سنوات ، ورغم معاناته وعتبه وأنينه ومعاناتي انا أيضا وآلامي أبتسم ليلة البارحة .. كان يظن أن السيف الذي يطول بقاءه في غمده يصدى .. نعم هو على حق ولكن ليس من السهولة علي قول أي كلام لان الساقية التي تصل للبحر – كما يقول كاتب عظيم – وترى امامها المدى الأزرق اللا متناهي ، وتختلط بالأمواج العظيمة ، يجب ان لا تنسى النبع العالي في الجبال الذي منه بدأ طريقها فوق الأرض ، ذلك الطريق الحجري الضيق ، الكثير المنحدرات والمتعرج التي قطعته ..


أجل أنا ساقية جبلية ، أحب نبعي ، مصدري ومجراي .. أحب الجنوب بحصاه وأشواكه ولهيب رمضاه وصدور أبناءه العارية وهم يتصدون لأدوات التخلف والماضي القبلي العصبوي المقيت .. الجنوبيون يريدون العودة الى النبع الذي شربوا من مياهه روح التمدن وحس النظام وهيبة القانون وعادة الانضباط ، فهل هم مذنبون ؟ ، الجنوبيون يريدون ان يبنوا حياتهم بالطريقة التي يرونها مناسبة لكي يؤمنوا على مستقبل أطفالهم ، فهل هم مذنبون ؟ .
الجنوبيون جاعوا وثروتهم تنهبها عصابات ليس لها مثيل في جهات الأرض الأربعة .. الجنوبيون يتكدسون في الشقق والبيوت التي لم تعد تتسع لهم وأراضيهم أصبحت فيدا للعصابات ذاتها .. الجنوبيون سئموا حمل السلاح لقتل بعضهم بعض بعد أن ألهب حدادو العصابة كير الثأر ولهب العصبية حتى أصبح الجنوبي يحرس فناء داره بعد أن كان يحرس وطنا مسيجا بالأمن والاستقرار والقانون .. البحر وزعوه بينهم قطاعات والنفط قسموه بينهم بلوكات والتاريخ زوروه في مناهج المدارس والشهود عليه أحياء .. صارت بلادنا كعكة يلتهمونها قطعة قطعة ونحن نتفرج كاليتامى ، وبعد هذا كله يحدثونك عن الوحدة !! ربما يعتقدون أنهم توحدوا مع شعب من المريخ او أشباح ذلك ما تنبئ عليه تصرفاتهم نحونا .
الجنوب العظيم الذي أنتفض ويقدم طوال الثلاث السنوات الماضية دما ودموعا ويواجه رصاصا وأصفادا وتشريدا هل يفعل ذلك عبثا ؟ كما تدعي الأجهزة إياها .. لا وألف لا .. بلغ السيل الزبى والقهر مداه والفقر والحرمان ابعد حدوده .. لم تعد الناس تحتمل .. ويفون النضال السلمي بعمل الدهماء والمخربين لكي يستخدموا القوة لأنهم لا يعرفوا لغة غيرها .. هم بعيدون حتى عن ابسط قواعد الأخلاق ويبين ذلك تعاملهم مع شعب أعزل .. ضاقوا بالديمقراطية لانها كشفت عوراتهم وحاصروا " الايام " الاطقم العسكرية وحينما سئلوا قالوا لجناية أرتكبها .. يا الله هشام باشراحيل يقتل من يصدق .. ومتى كنتم تضبطون القتلة والقتل والخطف يجري وسط صنعاء نهارا جهارا .. ماذا نفعل بعد كل ما حدث ؟ نعتذر منكم لأنكم دمرتم كل أحلامنا في وحدة يسود فيها العدل والإخاء والمساواة والشراكة ونقول لكم جربوا ما شئتم فنحن جاهزون كحقل تجارب .. لا أظن أن يقبل ذلك حر على نفسه ، فاللعبة انتهت والوحدة التي حولتموها الى مسرحية مؤلمة تكاد تلفظ أخر فصولها .. الدبابات والمدافع والمليون الجاهزين للشهادة لإبادة شعب لن تجدي بل أنها لم تدمر الوحدة فحسب ولكنها تدمر الان الوشائج والروابط الاجتماعية والمصالح التي نشأت بين أبناء الشعب في الشمال والجنوب .. فكروا في طريق أخر والجلوس الى مائدة التفاوض هو اول الخطوات الصحيحة في هذا الطريق .
اما ما يعنينا نحن ويجب على قياداتنا الميدانية في الداخل وقيادتنا السياسية في الخارج ان تعيه جيدا هو ضرورة السعي لتوحيد قوى الحراك في الداخل وتوحيد القيادة السياسية في الخارج ، وما طرحه الأستاذ المناضل الدكتور محمد حيدرة مسدوس مؤخرا يجب أن يأخذ بعين الاعتبار ليكون الأساس الذي يبنى عليه من قبل الكل لكي نختصر معاناة والآلام شعبنا ان كنا قد استفدنا من تجارب الماضي .
في الأخير أحب أن اشكر ثلاثة رجال فقد كانوا الصديق وقت الضيق والرفيق في وحشة الطريق ، أعانوني في درب الآلام الطويل ولازالوا فخامة الرئيس علي ناصر محمد والأستاذ الدكتور محمد حيدرة مسدوس والأستاذ المناضل محمد علي احمد ( ابو سند ) ، اما صديقي الرائع الأستاذ لطفي شطارة لم يفتح لنا موقعه فحسب ولكن قلبه وهل أطمع في أكثر من هذا .. لهم جميعا الشكر والمحبة ولشعبنا العظيم التقدير والإجلال .