القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
#1
|
|||
|
|||
لكنه اختار طريقا آخر لا رجعة فيه
كان الرئيس الصالح جالساً في مكتبه الفاخر بقصر العروبة يقرأ في هدوء تقريراً لعلي الانسي بعدما انتهى لتوه من قراءه آخر لسلطان البركاني وتقرير اللوزي عن مدى تعلق الجماهير به.
ظهرت ابتسامة الرضا على مُحيّاه، ورفع رأسه ثم إدار وجهه ناحية النافذة وجال ببصره وكأنه يجمع في خياله في لحظة واحدة كل أحلام وسطوة القوة للسنوات القادمات. فجأة سمع الرئيس حركةً في غرفة المكتب فالتفت ليرى بجوار الباب إبليس متقدما في اتجاههه دون أن ينظر إليه، ثم سحب مقعدا بمسندين وجلس بهدوء. لم يضطرب الرئيس الصالح فهو قائد سابق وتيس للظباط في محافظه نعز. ورابط الجأش في أحلك لحظات الخطر حتى عندما رأى الموتَ بأمّ عينيه مرات كثيرة. نظر الرئيس إلى إبليس نظرة متفحصة فهو يعرفه جيدا، ثم قال له: ما الذي جاء بك في هذه الساعة المتأخرة من المساء؟ إبليس: جئت لأحذرك فقد عرفت أن قوى الخير والحرية وقوى الحراك وقوى الحوثيين تُصعّد معارضتها لك، وأخشى عليك أن تتوب إلى الله، وتفرج عن المعتقلين، وتنهي معاناة رعيتك، وتبدأ حملة مطاردة الفساد. الرئيس: ماسمعت ماتقول؟ لقد كانت الفرصة أمامي عندما اختبرني رب العرش العظيم، وطرق عزرائيل البابَ عدة مرات وأنا على فراش المرض، ولما شفيت صرت أكثر إصرارا وتشددا وتمسكا بالسلطة والسطوة ولم يدر بذهني قط أن أكون رحيما أو رؤوفا أو متسامحا مع هؤلاء اليمنيين وخاصه بقايا الهنود والصومال! إبليس: لقد بذلت جهدا كبيرا معك، وقدمت لك طوال ثلاثين عاما مساعدات لا حصر لها جعلتك تدوس باطمئنان على رقاب عشرين مليونا أو يزيد؟ الرئيس: في الحقيقة فإن الفضل فيما أصاب بلدي ورعيتي يعود إلي وحدي، أما أنت فدورك ثانوي! إبليس وقد تطاير الشرر من عينيه وضرب على حافة المكتب بقبضته: ذاكرتك ضعيفة أيها الصالح، فبصماتي واضحة على كل شئ في بلادك أذقت فيها شعبك كل أنواع الذل والمهانة. هل تظن مقالات المديح والنفاق والتطبيل والتزلف لك من كبار الكتاب والمثقفين خوفا منك أم حبا فيك؟ إنها تحمل توقيعي بجانب اسم كتابها وناشريها- لقد اصبح لك في كل محافظه بركاني . هل تظن صمت وسكوت وخوف اليمنيين من التمرد والانتفاضة ضدك نتيجة طبيعية لقوتك وسيطرتك الأمنية؟ إنها ايعازات مني لكل واحد على حدة بأن جحيماً ينتظره على أيدي جلادين الأمن في عهدك فركن الجميعُ، إلا ندرة قليلة، لسكون مطبق وساقية تجره في روتين حياه بطيئه من المهد إلى اللحد. الصالح: لكنك كنت توسوس لي ثم تتركني وقتا طويلا بمفردي أذيق أبناء شعبي مُرّ الحياة المهينة وأجعل زيارة عزرائيل لملايين منهم رفاهية لا يحلم بها أكثرهم تشاؤما! إبليس: أنت ناكر للجميل، ولو نظرت حولك لوجدت استمرار حكمك بفضلي أنا! هل تعرف أن لي مقعدا ثابتا في مكاتب كبار المثقفين والكتاب والاعلاميين، وعندما تمرر عينيك صباح كل يوم على مقالات تعدد انجازاتك ومكتسبات الشعب وتزيف الواقع فهي ممهورة بهمساتي في آذان كبار مثقفي بلدك. لماذا لا يجتمع رؤساء الأحزاب الكبرى والجماعات المناهضة لحكمك على كلمة سواء في حب اليمن؟ لأنني أقف لهم بالمرصاد، وأجعل كل فئة أو طائفة أو جماعة تظن أنها صاحبة الحق في تولي السلطة بعد غيابك. إنني أجعلهم يخشون عيون أمنك، ويشعرون باحباط شديد، ويعقدون الأمل على لجوئك إلى الملائكة بدلا مني لعل قلبك يرق لرعاياك، وينفطر حزنا لآلامهم، وينزل الله سكينته عليك– ياناكر الجميل الم يكن المشترك يؤرقك في الايام الاخيره – الم اجعلهم يعقدون الامل فيك مره اخرى بعدما ثبت كذبك عليهم في كل جوله. معظم رجالك ووزرائك ومحافظيك وأعضاء مجلس النواب والشورى تربطني بهم علاقة عاطفية شديدة، يطيعونني، ويغضون الطرف عن الفساد، ويكرهون الأمانة، وينافقونك، ويتزلفون إليك، ويقومون بتزوير أوراق وطن كاد يشهر افلاسه. الصالح؟: لا أنكر دورك في اقناعي بالاحتفاظ بأكثر الفاشلين، وبادخالك الطمأنينة إلى قلوبهم بأن الفشل والتراجع والفساد والنهب والسرقة والهبر والاجرام كلها أمور لا يكترث لها رئيسهم ماداموا مطيعين كالخدم، وجبناء كالفئران، وجشعين ، لكنني كنت أراقبهم، وأوحي لكل منهم بأن الولاء لي قبل الوطن، وأبتهج لتملقهم إياي ليلا ونهارا، حقا أو كذبا. فأنا في ثلاثين عاما صنعت العبودية المختارة، وجعلت لذة الذل أشهى طعما من الشهد، بل إنني تركت آلاف المعارضين يناهضون حكمي في صحافة يقرأها أبناء شعبي ثم يلقون بها خلف ظهورهم لأن الأمل مفقود تماما في استبدالي أو العثور على يمني واحد يأتي من بعدي ويحل محل ابني احمد الذي أصبح سيد اليمنيين رغم أنوفهم. إبليس: كفاك غرورً، سيدي الرئيس، لأن استمرارك مرهون بوجودي الدائم في مجلس النواب، فهم الذين سيطيعوني ويعصون الله والضمير والايمان وحب الوطن ليعلنوا ترشيح أغلبية أعضاء مجلس الكيف والقروض والفساد والأمية لك ولابنك من بعدك سيدا فوق رؤوسهم . الرئيس: لعلك نسيت، صديقي العزيز، أن الملائكة لم تعد تنزل على قلوب الكثيرين كما كانت تفعل من قبل مما سهّل مهمتك، أما أنا فأضرب بعُرض الحائط كلَّ القيم والمباديء والمثل والأخلاق، فانا القانون والفانون انا، وأرفض الافراج عن المعتقلين الأبرياء، وأطرب كلما أفرغ لصوص عهدي بنكا أو شركة أو مصنعا يملكه اي فرد في الشعب، ويخرج اللصوص من مطار صنعاء الدولي كأنهم أسياد العالم ترفع رؤوسها بوقاحة وتبصق مثلما أفعل في وجوه الناس التي تنتظر ملائكة مسومين ترسلهم العناية الالهية . إبليس: لكنني أفرق المعارضة، وأجعل قوة أحزابهم وجماعاتهم ضعفا مختفيه خلف إدارات فاشلة، أو مساومات على ثمن السكوت. الرئيس: لعلك تشير إلى المظاهرات التي تندلع في كل مكان، ثم تذوب كما يذوب لوح الثلج في صيف حار يزيد عذاب اليمنيين، أليس كذلك؟ إبليس: أنك لا تستطيع أن تترك السلطة في أي حال من الأحوال، فضاعفت من تكبرك واستبدادك وتحديك لمشاعر شعبك. الرئيس: لا أريدك، عزيزي الشيطان، أن تغضب مني أو تعاتبني فنحن نستعد لأكبر تحالف وتعاون بيننا منذ أن توليت حكم اليمن.هل تعرف أن تصعيدا من احزاب المشترك ترافقه جرأة شديدة لدى اليمنيين، وتحركات من ( الحراك)، تحركات يقوم به الحوثيين لانقاذ اليمن، وتعاطف من بقيه الاحزاب والمستقلين قد يجعل مهمتنا أكثر صعوبة؟ إبليس: لا تكترث لهم أو تهتم باستعراضاتهم ، فأنت تملك بين يديك أرواح شعب يستعذب الهوان ويغتبط بالظلم الواقع عليه. الرئيس: هل بلغك نبأ الدعوة إلى عصيان مدني ؟ وهنا لم يتمالك إبليس نفسه من الضحك – ولم يفهم الصالح سبب هستيريا الضحك التي أصابت الشيطان. ثم هدأ قليلا، وعاد إلى مقعده، وطلب من الرئيس أن ينتبه جيدا إلى ما سيقوله: لقد قرأت بيان العصيان في مواقع عدة على الانترنيت، وتابعت الردود –وكلها كانت عن تمنيات بالنجاح مع أمل مفقود، أو تأكيد حقيقة واحدة أجمع عليها كل اليمنيين وهي أن الجبن هو القيمة الكبرى للأمن والسلام. هل تعرف أن دعوة العصيان المدني التي أطلقت لم يقرأها في بعض المواقع سوى عشرون أو ثلاثون شخصا حتى على سبيل الفضول؟ إنها دعوة ستموت قبل أن تولد، وسيغتالها معارضوك قبل مؤيديك، وسيهيل عليها الترابَ مناهضوك قبل منتقديك. الرئيس: ماذا لو التقط هذه الدعوةَ مخلصون وشرفاء وشجعان في كل مكان، وانتشرت في الجامعات والمدارس وبين كل القوى الأخرى المستقلة؟ إبليس: ألا تثق في قدرتي على همسة واحدة مني في أذن من سيقرأها ويتحمس لها، فينساها قبل أن يقوم من مقامه أو يرتد إليه طرفه؟ بيان العصيان المدني الذي يدعى إليه فاشل بكل المقاييس، فهو يدعو إلى المساواة الكاملة بين كل اليمنيين على اختلاف مذاهبهم وأفكارهم مما يستدعي رفضا من قوى الغطرسة والتكبر والاستعلاء التي تظن أنها صاحبة الرؤية الصحيحة في انقاذ الوطن. وهو يدعو إلى المواطنة الكاملة لكل اليمنيين، فلا تمييز في القانون أو السلوكيات أو المشاعر أو التعليم أو الاعلام أو الوظائف ولا أظن أن ثقافة التمييز والطائفيه التي قمت أنا بجهد في تثبيتها تقبل هذا البيان. وهو يدعو إلى محاكمة عادلة لك يقوم عليها قضاة شرفاء لا يخافون في الله والحق لومة لائم، ولا يكتفي فقط بالطلب منك الرحيل، على الرغم من أن كل قوى المعارضة تكتفي برحيلك وعودتك مواطنا كأنك لم ترتكب جريمة واحدة في حق الوطن. الرئيس: لكن الاختيار وقع على يوم الحريه حيث من الصعب تطبيق اي قانون على ملايين اليمنيين الذين سينتشرون في الشوارع والحدائق ... ثم تصعيد العصيان المدني في اليوم التالي ورفض العمل وعدم الدخول للمحاضرات والمصانع ودور العبادة، والانتشار في كل مكان، واخراج النساء والأطفال حتى لا نستطيع أن نطلق النار أو نتهم القوى الأضعف بأنها مشاكسة أو مشاغبة. إبليس: لو نجحت هذه الدعوة وتبناها اللقاء المشترك بالتعاون مع الحراك وبقيه الاحزاب والمستقلين والطلاب والقيادات المناهضة وجماعات حقوق الانسان فإنني أعزيك مسبقا وأعزي نفسي، فلن يمر اليوم الثالث قبل أن تهرب أنت وأسرتك من الباب الخلفي للقصر الجمهوري، وربما تطلب اللجوء لسفارة واشنطون أو برلين أو باريس. الرئيس: وهل هناك أمل في نجاحها؟ إبليس: قطعا لا، وعليك ان تعيد ثقتك في ملك العصاة فأنا أقف بالمرصاد لأي خير أو جمال أو شرف أو نزاهة أو حرية أو ديمقراطية أو الحفاظ على كرامة مواطنيك، ولذا فلن أجعل قوى المعارضة تتبنى هذه الدعوة. الرئيس: وكيف ستساعدني؟ إبليس: أن أجعل كل يمني يشعر بأنه ينتمي لشعب من الجبناء، وأنه إنْ لبى الدعوةَ للعصيان المدني فربما لن يشاركه أكثر من حفنة تعد على أصابع اليد الواحدة، وأن الأمن المركزي لهم بالمرصاد، وأن لقمة العيش ستصبح أكثر مرارة مع العصيان المدني. أما إذا استجاب خمسون فقط للدعوة، وأقنع كل من تصله عشرين آخرين فإن متوالية حسابية بسيطة تجعل اليمن في خلال ثلاثه ايام بركانا هائلا قد يطيح بك وبابنك ويحاصر مجلس النواب وقصرك وينضم إليه الجيش، أو يقف على الحياد، ويعصي أوامرك كبارُ ضباط مباحث أمن الدولة والمخابرات في ضرب أفراد الشعب. الرئيس: حتى أنت، أيها الشيطان الرجيم، تخشى يقظة الشجاعة والنبل والخير والضمير والوطنية، وتشكك في وقوفي فوق رؤوس اليمنيين ما بقي لي من عمر ليكمل المهةَ ابني ووريثي احمد الصالح! إبليس: دعني أتركك الآن فلدي عمل كثير، وأمامي مقالات الصحف الكبرى، وزيارات لأقسام الشرطة، وتجميع مئات الآلاف من المغيبين والمخدَرين والخائفين والساذجين والبلهاء من اشبال حزب المؤتمر، ومهمتي في اقناع اليمنيين بأنك أفضل من المجهول، وأن لا فائدة في حريتهم، وأنهم لا يساوون جناح بعوضة، وأن ابنك قادم لا محالة لاستحمارهم واستغفالهم وقهرهم وقمعهم. إنني، سيدي الرئيس، أعتمد على ذاكرة اليمنيين الضعيفة، فأكثر الذين سيقرأون الدعوة للعصيان المدني لن يستجيبوا لها. وهنا سمع الرئيس رنين الهاتف، فرفع السماعة ليأتيه صوت تمتزج فيه المذلة والخنوع والتزلف قائلا: مبروك ياريس اليمنيون كلهم يؤيدوك ويحلفون بحياتك. وخرج إبليس بهدوء وعلى وجهه علامة الرضا، وكانت الملائكة تحلق فوق القصر ظنا منها أن الرئيس سيتوب إلى العلي القدير ويرفع الظلم والجور والعذاب عن شعبه، لكنه اختار طريقا آخر لا رجعة فيه............... |
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
|
|
الساعة الآن 06:09 PM.