القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
#1
|
||||
|
||||
القضية الجنوبيه ليست كوته نسائية
القضية الجنوبية ليست «كوتا نسائية»
«الأيام» محمد علي السقاف: كتب الزميل الدكتور عبدالله الفقيه (أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء) مقالاً في صحيفة «الوسط» بتاريخ 2007/5/30م تحت عنوان «المسكوت عنه في الوحدة اليمنية» تناول فيه عدداً من مظاهر التهميش السياسي و(الوظيفي) والاقتصادي.... لأبناء المحافظات الجنوبية بعد حرب 1994م، مقارنة بأوضاعهم قبل الحرب التي نالوا فيها أكثر من نصيبهم خلال السنوات الأربع الأولى من الوحدة وذلك على أساس قاعدة المناصفة برغم كونهم أقلية في دولة الوحدة، وبسبب حالة التهميش المتعدد الأوجه الذي أصاب أبناء المحافظات الجنوبية عبر عن قلقه الذي أصاب مشاعر الأقلية (الجنوبية) المعادية للوحدة والتي تنمو لديهم باستمرار مما يستدعي وقفة جادة قبل أن تصل إلى مرحلة الخروج عن السيطرة حسب تعبيره، مضيفاً بهذا الخصوص أنه ما لم تتمكن دولة الوحدة من تحقيق عملية دمج سياسي، اجتماعي، اقتصادي وثقافي للجنوبيين في إطار دولة الوحدة فإن الوحدة اليمنية ستظل وعلى نحو مستمر معرضة للمخاطر. لذلك فهو كأستاذ للعلوم السياسية طرح رؤيته للسياسات المطلوبة لتحويل الوحدة من وحدة جغرافية إلى وحدة مصالح ولن يتأتى ذلك إلا من خلال تبني شبكة من سياسات الدمج السياسي والاجتماعي والاقتصادي. فعلى المستوى السياسي الجمع بين نوعين من السياسات: الانتقال الواسع إلى الديمقراطية، وتخصيص نسبة معينة من جميع المواقع العامة (لأبناء الجنوب)، وبالنسبة للدمج الاجتماعي المطلوب فإنه يتحقق بدوره باتباع نوعين من السياسات أحدهما حسب ذكره في المقال يتمثل في تبني سياسات استراتيجية بعيدة المدى تقوم على إعادة توزيع السكان بما يتوافق مع الموارد...إلخ ذلك، وفي سياق تناول الدكتور الفقيه لهذه القضايا أشار إلى بعض التجارب الدولية (كالوحدة الألمانية) وانهيار تجارب وحدوية مفروضة بالقوة كالوحدة المصرية السورية والوحدة اليوغسلافية، والصومالية، لأن الوحدة حسب ملاحظته (كدارس) لأسباب انهيارها لا تثبت إلا بحدوث الدمج بأبعاده المختلفة حسب تعبيره. ويرى كاتب المقال هنا أنه وإن كان يتفق مع الدكتور الفقيه في استعراضه في المقال عناوين لبعض مظاهر التهميش لأبناء المحافظات الجنوبية لفترة ما بعد الحرب الأهلية، ولكنه يختلف معه ويستغرب أيضاً ?\?السياسات التي اقترحها بحصر رؤيته في الحل على توزيع الحصص أو (الكوتا) وكأن القضية الجنوبية هي قضية كوتا مثل مطالب نساء اليمن المشروعة بالحصول على حصص لهن وتمكينهن سياسياً واقتصادياً، بينما القضية الجنوبية أبعد وأخطر من تناولها بهذا الشكل وجعل حلها ومعالجتها مجرد كوتا تعطى لهم هنا وهناك مثل الكوتا النسائية، ومثل هذه المعالجات حين تصدر من شخص هو (أستاذ) في العلوم السياسية فواحد من اثنين، إما أن دراسته للعلوم السياسية تثير علامات استفهام حول جديتها وإما أنه درس فعلاً العلوم السياسية وتخصص فيها، وما طرحه في المقال من آراء وحلول هدف من ورائها تحقيق عدة أهداف سياسية، منها قياس ردة الفعل على ما جاء في مقاله خاصة من قبل نخب أبناء الجنوب. ومن هذه الزاوية فقد نجح فعلاً بدفعي إلى الكتابة للرد على ما جاء في مقاله لإبراز خطورة ما طرحه من آراء وتوصيف القضية الجنوبية «كأقلية» نالوا في دولة الوحدة أكثر من نصيبهم خلال السنوات الأربع الأولى، وهذا ما سيشكل المحور الأول من الرد حول مفهوم موضوع الأقليات في بعض التجارب العالمية، نتطرق بعد ذلك إلى تناول القضية الجنوبية هل هي قضية أقليات؟ لنختتم المقال في محور ثالث حول السياسات المقترحة كما جاءت في المقال والتي نرى فيها أن الهدف من سياسة الدمج وإعادة توزيع السكان إلغاء هوية الجنوب وحقه إذا أراد في تقرير مصيره إذا استمرت الأوضاع والسياسات كما هي دون تغيير! أولاً: مفهوم موضوع الأقليات في بعض التجارب العالمية كثير من الأزمات والحروب التي أدمت تاريخ القرن العشرين كان سببها الرئيسي وضع الأقليات. ومفهوم الأقليات يقصد به الجماعات التي تشكل عددياً بين سكان الدولة القومية أقلية تتمتع بخصائص اثنية، قومية، ثقافية، لغوية ودينية تشكل هوية جماعية مشتركة تميزها عن أغلبية سكان الدولة التي يعيشون في إطارها. وبتفكك الإمبراطورية (النمساوية المجرية) والإمبراطورية العثمانية (في نهاية الحرب العالمية الأولى) والإمبراطوريات الأوروبية (البريطانية، الفرنسة، البرتغالية والهولندية...إلخ) في نهاية الحرب العالمية الثانية ظهرت في مسرح المجتمع الدولي عدد كبير من الدول القومية إما بفعل ظروف تاريخية محددة، أو بفعل موجات حركات التحرر الوطنية التي نالت استقلالها والتي ساعدها على تحقيق ذلك تكريس ميثاق الأمم المتحدة في نصوصه لإعطاء بعض القوميات نظام الحكم الذاتي ووضعها في مرحلة أولى تحت الوصاية الدولية، وفي مرحلة تالية حصولها على استقلالها الكامل، وتأكيد الميثاق أيضاً لحق الشعوب في تقرير مصيرها. وانطلاقاً من نصوص ميثاقها توجت الأمم المتحدة جهودها بإصدار عدد من القرارات أولها القرار رقم (1514) بتاريخ 15 ديسمبر 1960 الذي يحث الدول الأعضاء على العمل على القضاء على الاستعمار ومنح الدول والأقاليم التي لا تحكم نفسها حرية حق تقرير المصير، تبع ذلك عدة قرارات أخرى، وإعداد والعمل على مصادقة الدول على بعض الاتفاقيات الدولية كالعهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الصادرين في عام 1966 واللذين صادقت عليهما اليمن في 1987/2/9م، وأكدت المادة الأولى لكل منهما أن «لكافة الشعوب الحق في تقرير المصير ولها استنادا لهذا الحق أن تقرر بحرية كيانها السياسي» ونصت الفقرة (2) أن «لجميع الشعوب تحقيقاً لغايتها الخاصة أن تتصرف بحرية في ثروتها ومواردها الطبيعية..». بعد النجاح الكبير الذي تحقق للدول المستعمرة في التحرر من الاستعمار الغربي بفضل مبدأ حق تقرير المصير ونالت بموجبه استقلالها تساءل البعض إذا كانت هذه الدول نفسها التي استقلت مستعدة بدورها لإعطاء حق تقرير المصير للأقليات التي تعيش في إطارها أم أنهم يستصرفون بالمنطق نفسه الرافض لمستعمر الأمس ويلتقون معه في القيم المبدئية التي كان يشهرها ضد استقلالهم فيشهرونها هم الآن أيضاً في تعاملهم مع الأقليات في دولهم فأي جهة خارجية تتعاطى مع حق تقرير المصير للأقليات في دولهم يعتبرون مواقفهم هذه بأنها «تدخل في الشؤون الداخلية للدول» وهو مبدأ أيضاً سبق إقراره من قبل الأمم المتحدة. إذا نظرنا الآن إلى طريقة معالجة الدول الأوروبية لأقلياتها فقد تفاوتت هذه المعالجات حسب الفترات الزمنية وطبيعة الأنظمة السياسية. اتبعت الأنظمة الديكتاتورية حلولاً راديكالية بنهج عملية نقل جماعي للسكان (ترانسفير) من منطقة لأخرى (مثل اقتراح الدكتور الفقيه) بإعادة توزيع السكان! أو من خلال الإبادة الجماعية التي نفذت في عهد أدولف هتلر مع الأقليات، بينما فضلت الأنظمة الليبرالية اتباع سياسة الدمج والاستيعاب لأقلياتها لمسخ هويتهم الثقافية لتندمج في إطار هوية الأغلبية العددية اعتماداً على مبدأين: مبدأ «الأغلبية» ومبدأ المساواة أمام القانون، الذي هو في الأساس يعكس مصالح الأغلبية دون مراعاة حقوق الأقليات، فإذا رفضت الأقلية الامتثال لقانون الأغلبية يشهر في وجهها أنها بذلك تكون قد خرجت عن الإجماع الوطني والثوابت الوطنية، ومن يقبله من أفراد الأقليات يكافؤون بدمجهم ضمن الدولة القومية. وقد تحقق لهذه السياسة في معالجة مسألة الأقليات قدر من النجاح في فرنسا وفشل تطبيقها في اسبانيا وبلجيكا، ولعل التقدم الأفضل الذي تحقق في نطاق احترام وحماية الأقليات بمصادقة الدول الأوربية على اتفاق هلسنكي لعام 1975، وصدور إعلان كوبنهاجن في يونيو 1990 الذي أكد فيه أن الحماية الحقيقية للأقليات لا تتحقق إلا في إطار دولة القانون وفي ظل النظام الديموقراطي ووجود قضاء مستقل. لكن هذا الحل تبين أنه لا يؤمن توازناً دائماً بين الأغلبية والأقلية لذلك تم البحث عن آليات أخرى للحل.. إما العمل من خلال الحد من السلطات المركزية دون إجراء تعديلات مؤسسية لبنية الدولة وإما عبر إعطاء ضمانات للحقوق العامة للأقليات مع إيجاد آليات لضمان هذه الحقوق بإعادة صياغة مؤسسات بنية الدولة تأخذ بعين الاعتبار تمثيل مصالح الأقليات فيها وإما من خلال المشاركة في السلطة وصناعة القرار بتبني نظام للحكم الذاتي في إطار إقليم الدولة القومية أو عبر خيار شكل الدولة الفيدرالية، فإقرار صيغة الحكم الذاتي لا يتخذ قانونياً وتنظيمياً شكلاً واحداً ولا يتحدد في ضوء مصدر واحد. فقد يتقرر وفق القانون العام الداخلي سواء أكان ذلك عن طريق الدستور أم عبر تعديلات دستورية تتسع لمفهوم الحكم الذاتي وتحدد صلاحياته التشريعية والتنفيذية ونطاق ومجال إنفاذه وتطبيقه. وسنقتصر في تناولنا هنا على تجربة اسبانيا وحصرها على مستوى إقليمي الباسك وكتالوينا كجماعتين قوميتين تتمتعان بالحكم الذاتي كأقلية اثنية لكل منهما لغتها الخاصة. كان للإقليمين قبل اندلاع الحرب الأهلية في الثلاثينات من القرن الماضي قدر من الحكم الذاتي تم إلغاؤه من قبل فرانكو ديكتاتور اسبانيا الذي وصل الحكم بخروجه منتصراً في الحرب الأهلية ضد الجمهوريين وبسبب وقوف ومحاربة أبناء إقليمي الباسك وكتالوينا مع الجمهوريين عاقبهما فرانكو بعد انتصاره بإلغاء اتفاقات الحكم الذاتي وخفض إلى أدنى مستوياته ما كانتا تحصلان عليه من دعم مالي من الموازنة العامة للدولة، واعتمد سياسة «تطهير» لإدارات ومؤسسات الدولة من عناصرها الباسكية والكتالونية، كما انتهج سياسية منهجية تهدف إلى تغيير ديموغوافي في الإقليمين بإحضار سكان من المناطق الإسبانية الأخرى، وحقق بذلك في الوقت نفسه مسخ هويتهم القومية.. ولحسن الطالع أدى توجه اسبانيا إلى النظام الديمقراطي بعد وفاة الجنرال فرانكو إلى تبني دستور جديد في عام 1978 أقر فيه للأقليات نظام حكم ذاتي تحدد فيه قائمتان للصلاحيات أولاهما صلاحيات الأقاليم المتمتعة بالحكم الذاتي (المادة 148) وثانيتهما صلاحيات الدولة المركزية (المادة 149) وقد أعطي إقليما الباسك وكتالونيا بالإضافة إلى الصلاحيات المقررة لهما في المادة (148) قسطاً من الصلاحيات المنصوص عليها في المادة (149) مثال ذلك التشريعات، الضبط والتنفيذ وذلك في حالة عدم احتفاظ الدولة بحق إقرار القواعد والتشريعات في مجملها، وعلى مستوى المؤسسات تتمتع الأقاليم المحكومة ذاتياً بمجلس تشريعي ينتخب أعضاؤه بالاقتراع السري المباشر وفق نظام التمثيل النسبي لمختلف مناطق إقليم الحكم الذاتي، ويتمتع أيضاً بحكومة إقليمية تمارس مهام السلطة التنفيذية والإدارية برئاسة رئيس للحكومة منتخب من قبل المجلس التشريعي المحلي ومن بين أعضائه يصدر بشأنه مرسوم ملكي، وتعتبر الحكومة ورئيسها مسؤولين سياسياً أمام المجلس التشريعي، وهناك محكمة عليا للعدل تمثل أعلى سلطة قضائية في الإقليم. وفي جانب الموارد المالية للأقاليم أعطت المادة (157) من الدستور عدة موارد منها «إيرادات» الضرائب التي تتنازل عنها الدولة كاملة أو جزئياً لصالح الأقاليم إضافة إلى الضرائب والرسوم التي تفرضها الأقاليم محلياً، واعتمادات الميزانية العامة للدولة المخصصة للأقاليم. فالتجربة الإسبانية في نطاق الحكم الذاتي للأقليات تحققت في ظل الدولة البسيطة لا فيدرالية ولا كونفدرالية ووفق القانون الداخلي المستند إلى نصوص الدستور. ونكمل هذا الاستعراض بالإشارة بإيجاز إلى ما سبق ذكره من نظام الحكم الذاتي الذي أقره ميثاق الأمم المتحدة وعلى أساس مبادئ القانون الدولي، حيث إن القرار برقم (742) وبتاريخ 1953/11/27م الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة وضمنت في ملحق القرار المذكور ثلاثة أجزاء نكتفي بذكر الجزء الثالث منه والخاص بمعايير الاتحاد والاندماج في دولة أخرى أو مجموعة من الدول وفي حال ما قرر ذلك بكل حرية شعب الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي يجب أن يتم في إطار من المساواة في التمثيل التشريعي بين سكان الإقليم والدولة التي يتحد بها، كذلك المساواة في حقوق المواطنة والتصويت، فإذا كانت الشرعية الدولية والقانون الدولي أقرا هذه الحقوق لأقاليم الحكم الذاتي وفق ما هو منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة فما بال الحال الذي سيكون عليه بالنسبة للدولة التي حظيت بالاستقلال تطبيقاً لمبدأ حق الشعوب في تقرير المصير، الذي بسبب الجهل به وعدم معرفته في الغالب أخذ الدكتور الفقيه يصنف مبدأ المناصفة الذي طبق في السنوات الأربع الأولى من الوحدة لا يستحقه أبناء الجنوب لكونهم أقلية في دولة الوحدة! وهذا ما سنتناوله لاحقاً. يتبع تعليقات الزوار |
#2
|
|||
|
|||
الحق لا يسقط بالتقادم
ما يكتبه الاستاذ القدير الدكتور محمد السقاف يستحق دائما ان يقرا مرات ومرات ويستفاد منه كمرجع مرجح للقضايا ذات العلاقة القانونية وهو في رده على الاستاذ الدكتور عبدالله الفقيه فند وكشف المستور عنه لدى المثقفين اليمنيين
وعرى زيف ادعاءاتهم بالعلمية والاكاديمية والخ وهو قد بين ضعف وضحالة الفكر العلمي عند الفقيه كما بين الحق الجنوبي الدائم في استعادة السيادة كاملة مؤكدا ان هذه الحقوق مكفوله بالقانون الدولي ... ارجو من الاخ المشرف ان يثبت هذا الرد مكتملا بعد ان نشرت الايام الجزء الثاني منه اليوم تعميما للفائدة اضافة الى اعادة النشر على نطاق واسع بما يؤمن توعية وتعريف بالحق الجنوبي ... للعلم ارى ان يتم النشر كاملا حتى يسهل الاستيعاب كما يسهل التوظيف في اشاعة الحق الجنوبي . |
#3
|
|||
|
|||
القضية الجنوبية ليست «كوتا نسائية» الجزء الثاني
القضية الجنوبية ليست «كوتا نسائية»
«الأيام» د.محمد علي السقاف: في تعليقنا على مقالة الدكتور عبدالله الفقيه أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء المنشورة في صحيفة «الوسط» بتاريخ 2007/5/30م تحت عنوان (المسكوت عنه في الوحدة اليمنية)، تناولنا في الحلقة السابقة ملخصاً لمقاله ثم وقفنا أمام ما قاله عن أبناء الجنوب بأنهم أقلية حصلت على المناصب أكثر مما تستحقه بإعطاء فكرة سريعة عن مفهوم الأقليات من خلال تقديم بعض التجارب العالمية. وفي حلقة اليوم نتساءل إذا كانت القضية الجنوبية هي فعلاً قضية أقلية، نتناول بعد ذلك تعليقنا حول السياسات التي اقترحها الفقيه في مقاله لمعالجة موضوع الأقلية الجنوبية. ثانياً:القضية الجنوبية هل هي قضية أقلية؟ ملاحظات أولية قبل الرد على هذا التساؤل مباشرة يجدر بنا إبداء بعض الملاحظات الاولية : أ- أن اليمن الجنوبي في ظل دولته (ج.ي.د.ش) يشكل مواطنوه أغلبية سكانه وإلا لما حصل على الاستقلال في نوفمبر 1967م من بريطانيا بفضل نضال قواه الوطنية لتصفية الاستعمار. - أن اليمن الجنوبي كشعب حر ومستقل حين حصل على الاستقلال لم تكن في أراضيه أقليات اثنية أو دينية أو مذهبية، فكلهم عرب يدينون الدين الإسلامي، جميعهم من السنة الشوافع ، والأقليات التي كانت متواجدة في أرضيته كمقيمين هم من أشقائهم من (ج.ع. ي) ومن بقية الدول العربية والأجانب. -وصف أبناء اليمن الجنوبي كشعب يعود من جهة الى مبادئ الامم المتحدة التي سبق تناولها في الحلقة السابقة، والتي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة (الفقرة 2 من المادة الاولى والمادة 55) التي أقرت بحق الشعوب في تقرير مصيرها، وبهذه الصفة (كشعب) حصل على استقلال في 1967م وفق مبادئ الأمم المتحدة والشرعية الدولية من قرارات واتفاقيات دولية، ويعود كشعب من جهة أخرى لكونه يتمتع (بهوية) ذاتية وطنية من باب ما يجمعه من روابط وقواسم مشتركة ثقافية واجتماعية .. تشكلت منذ فترة الاحتلال البريطاني للجنوب وفي ظل دولة الاستقلال، في العيش معا في ظل دولة قانون وما يعنيه ذلك من سيادة القانون وتطبيقه على الجميع دون تمييز حسب الوجاهة أو الانتماء القبلي أو العسكري في مجتمع حداثة ومدنية تفوقت وتصدرت فيها منطقة الجنوب دول محيطها الإقليمي على مستوى حقوق المرأة (أول قاضية تتولى هذا المنصب كان في عدن، بينما في مصر مؤخراً 2007-2006)، أقر للمرأة حق الولاية القضائية أو العمل النقابي والتعددية الحزبية ومنظمات المجتمع المدني وحرية إصدار الصحف، ناهيك عن صدور دساتير، وتنظيم انتخابات برلمانية (لم تعرف المناطق القريبة منها الدساتير والانتخابات البرلمانية والأحزاب إلا في الربع الأخير من القرن الماضي ومطلع القرن الحالي) مجمل هذه العناصر مجتمعة شكلت هوية واحدة لشعب جنوب اليمن. أما القول بعدم وجود أقليات في الجنوب بين أفراد الشعب، فهذا يقصي الأقليات التي كانت متواجدة قبل الاستقلال من الأوروبيين وبقية الجاليات اليهود، الهنود.... الذين رحلوا برحيل الاستعمار، أما الاقليات الصغيرة التي بقيت من الهنود والصومال إضافة إلى أبناء اليمن الشمالي الذين كانوا قد قدموا إلى عدن (أكبرالأقليات لأسباب اقتصادية أو كسياسيين) فقد اندمجوا في المجتمع الجنوبي وانصهروا فيه وأصبحوا جزءاً من مكونات الشعب في الجنوب في إطار دولة القانون والحياة المدنية العصرية السائدة حينها، بلغ الأمر في أطار مبدأ المساواة بين المواطنين إلى وصولهم أعلى المراتب في الدولة في رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة ناهيك عن إمساكهم مراكز قيادية في الهيئات الأمنية والمخابراتية، أكثر المراكز حساسية للدول ذات السيادة وذلك من منطلق تطبيق مبدأ المساواة بين المواطنين. ب- في مقابل (ج.ي. د. ش) فإن (ج.ع.ي) بعكس جنوب اليمن يوجد بها من بين المواطنين أقلية دينية (اليهود اليمنيين) وأقلية مذهبية (الزيود/الإسماعيليين) وأغلبية من السنة الشوافع مثل (ج.ي.د.ش) فأغلبية السكان هم من مواطني (ج.ع.ي) مع وجود أقليات من مواطني (ج.ي.د.ش) بصفة (جنوبي مقيم)، ومن جنسيات أجنبية أخرى وبسبب غياب دولة القانون وطبيعة النظام السياسي العسكري/القبلي، فإن الأغلبية الساحقة من السكان تشعر أنها مهمشة من قبل أقلية كما تعكس ذلك كتابات الزعيم أحمد نعمان وابنه محمد أحمد النعمان ومن يقرأ كتابات محمد أحمد النعمان التي جمعت في كتاب (الفكر والمواقف- من مطابع دائرة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة 2001م) يشعر بحجم الظلم والمعاناة والتمييز بين الشمال والجنوب في اليمن الشمالي وكأن التاريخ قد توقف ليشاهد الشيء نفسه بين الشمال والجنوب هذه المرة في ظل دولة الوحدة !! ج- بعد قيام دولة الوحدة أصبح اليمن الجنوبي أقلية سكانية لا أقلية مذهبية. فاختيار الدكتور الفقيه في مقاله مصطلح (الأقلية) لوصف أبناء الجنوب لم يكن اعتباطاً بهدف إظهار قلة عددهم رقمياً مقارنة ببقية عدد المواطنيين من الشمال، وإنما قصد من وراء ذلك مفهومي معنى (الأقلية). جاء الأول بالمعنى الرقمي في سياق قوله بعدم أحقيتهم في الحصول على المناصفة في المناصب بنيلهم أكثر من نصيبهم خلال السنوات الأربع الأولى من الوحدة واقتراحه بديلاً لذلك تخصيص نسبة معينة من جميع المواقع العامة، وجاء الثاني وهو الأخطر مفهوم الأقلية بمعنى مسخ وإذابة (الهوية الجنوبية) دون أن يفصح عن ذلك، ولكن السياسات التي (اقترحها) وأضع العبارة الأخيرة بين قوسين لأنها سبق أن أطلقتها عدة قيادات حزبية وطرحت كمشاريع ونفذت كسياسة من قبل الحكومة والمتمثلة باتباع سياسة الدمج وإعادة توزيع السكان والتي ستكون إحدى نتائجها بعد إزالة الهوية الجنوبية إبطال مفعول تخصيص النسب للجنوبين في المواقع العامة فكيف يمكن تعريف الجنوبي هذا إذا أخذ بمعيار مكان الميلاد، فسيفقد هذا المعيار معناه بحكم إعادة توزيع السكان الذين سينتشرون في المحافظات الجنوبية وأبنائهم من سيولدون فيها وتم تصنيفهم من أبناء الجنوب ...إلخ وعلى هذا الأساس هل يمكن رفض إعطائهم نسبة من الوظائف المخصصة مبدئياً للجنوبين؟ في غياب دولة القانون كما هو الحال عليه الآن أليس من المشاع شعبياً سهولة إمكان استخراج شهادة ميلاد بمعلومات غير صحيحة يمكنها ليس فحسب تغيير مكان الميلاد والسن لصاحب الطلب، بل أيضاً القول إنه من أبوين يمنيين، وهل نسي كثيرون قضية (المنقذ) التي ادعى بعض الأفراد ملكيتهم لأراض في كالتكس في عدن وفق صك ملكية صادر من قبل قدوم بريطانيا؟ السؤال الذي علينا الإجابة عنه هل القضية الجنوبية هي قضية أقلية؟ للإجابة على ذلك علينا تناول طبيعة الوحدة اليمنية وطبيعة دولة الوحدة من خلال تناول كيف نشأت دولة الوحدة . 2) الجمهورية اليمنية هي نتاج دمج دولتين ذات سيادة نصت اتفاقية الوحدة الأخيرة بتاريخ 22 أبريل 1990م في مادتها الاولى «تقوم بتاريخ 22 مايو عام 1990م بين دولتي الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ..وحدة اندماجية كاملة تذوب فيها الشخصية الدولية لكل منهما في شخص دولي واحد يسمى (الجمهورية اليمنية) ....». يفهم من هذا النص ميلاد دولة جديدة أساس تشكيلها يقوم على أنقاض دولتين قائمتين ذات سيادة كانتا عنصرين في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية قررتا تحقيق وحدة اندماجية كاملة بينهما لصالح شخصية دولية جديدة سميت (بالجمهورية اليمنية) سنوضح في (أ) بإيجاز مقارنة سريعة ببعض التجارب الدولية الأخرى ووضع دولة الجنوب (ب) ثم عناصرالدولة. (أ)- الوحدة اليمنية مثل الوحدة المصرية السورية 1958م 1961- تمت في إطار دولتين مستقلتين قائمتين بذاتهما أخذت شكل الوحدة الاندماجية بينهما لصالح ميلاد دولة جديدة سميت الجمهورية اليمنية (عندنا) والجمهورية العربية المتحدة عندهم، بعلم واحد ورئيس واحد وحكومة واحدة وسلطة تشريعية واحدة ودستور واحد. نقاط الاختلاف بينهما: في تسمية الدولة الجديدة، عندنا اسم الدولة لا يفصح عن كونه وحدة دولتين بعكس التجربة المصرية السورية بإضافة كلمة المتحدة إلى الجمهورية العربية المتحدة برغم أنها وحدة اندماجية ودولة بسيطة، أي دولة غير مركبة لا الكونفدرالية والفيدرالية عندهم لم تلغ هويتهم حيث بقيت البرامج التعليمية في كل من القطرين على ما كانت عليه قبل التوحيد بجانب احتفاظ كل إقليم بوحدته النقدية الوطنية (الجنية المصري) و(الليرة السورية)، عندهم المادة (58) من دستور الوحدة قضت بأن «تتكون ج.ع.م من إقليمين هما مصر وسوريا ويشكل لكل منهما مجلس تنفيذي يعين بقرار من من رئيس الجمهورية ويختص بدراسة وبحث الموضوعات التي تتعلق بتنفيذ السياسات العامة في الإقليم». بخصوص السلطة التشريعية نصت المادة (13) من الدستور على أن «يتولى السلطة التشريعية مجلس يسمى مجلس الأمة يحدد أعضاؤه ويتم اختيارهم بقرار من رئيس الجمهورية ويشترط أن يكون نصفهم على الأقل من بين أعضاء مجلس النواب السوري ومجلس الأمة المصري».ونقطة الاختلاف الأساسية الأخرى بيننا وبينهم أنه تقرر عندهم في 21 /2 /1958م استفتاء الشعبين على الوحدة والتصديق على الدستور والقاهرة كعاصمة وجمال عبدالناصر كرئيس للجمهورية، في حين عند جميع اتفاقيات الوحدة من اتفاق القاهرة 1972م حتى اتفاق عدن نوفمبر 1989م نص على إجراءات انتخاب مجلس النواب وإجراء الاستفتاء في إطار الشطرين ثم تعلن دولة الوحدة، وتم إلغاء ذلك في اتفاقية الوحدة الاخيرة، وبالتالي لم يتم استفتاء الشعب على الوحدة، وما تم بعد عام من قيامها في 16-15 مايو 1991م استفتاء على الدستور. في 28 سبتمبر 1961م انحلت سوريا عن مصر، وليس انفصال سوريا عن مصر، فمن الناحية القانونية والسياسية تعبير الانفصال SECESSION يختلف عن مصطلح الحل Dissolution . الانفصال يعني محاولة قيام جماعة من سكان دولة ما قائمة الخروج منها لإعلان دولتهم المستقلة وهم في الأساس لم يكن لهم كيان دولة قبل ذلك، بينما تعتبر (الحل) هي حالة دولة اتحدت مع دولة جديدة وقررت عودتها إلى ما كانت عليه كدولة مستقلة قبل التوحد كالمثال السوري، وأصاب الرئيس الخالد جمال عبدالناصر في بياناته بالحديث عن سوريا وروابطها الوحدوية مع مصر (وعلى الشتّامين من يصفون أبناء الجنوب أو بعض الكتاب بالانفصاليين البحث لأنفسهم عن تعبير آخر حتى يكونوا دقيقين على الاقل في توصيفاتهم !!) تجارب وحدوية أخرى، المانيا وكوريا وفيتنام لأسباب سياسية وتاريخية تصنف وفق القانون الدولي بالدول المقسمة (أو المجزأة) الى دولتين، فحينما تحققت الوحدة الألمانية في أكتوبر 1990 لم تذب الدولتان في دولة واحدة، وإنما ذابت واحدة منهما (المانيا الديمقراطية) وبقيت ألمانيا الفيدرالية التى عادت إليها وحدة أراضيها وشعبها. وبسبب تسارع الأحداث بسقوط جدار برلين اختير أحد نصي الدستور الألماني الفيدرالي عن الوحدة المادة (23)بديلاًعن المادة (146)التي نصت في حالة التحام الشعب والدولة أن يتم صياغة دستور جديد يتم الاستفتاء عليه، بينما تنص المادة (23) على صيغة تخصيص أقاليم (Londers) عند عودة المانيا الديمقراطية لتشكل جزءاً من أقاليم بقية المانيا، وهذا ماحدث، فقد خصصت 5 أقاليم ممثلة لمواطني المانيا الديمقراطية مقابل 10 أقاليم في حوزة اأمانيا الاتحادية + برلين، في حين سكان المانيا الديمقراطية في عام 1990 سنة الوحدة يبلغون 16.6مليون نسمة وبنسبة 21.7 %من إجمالي سكان المانيا الموحدة، ومساحتها 108.178 كيلومتر مربع وبنسبة 30.27 %من إجمالي مساحة المانيا الموحدة، يقابل ذلك في المانيا الفيدرالية عدد سكانها 60 مليون نسمة ومساحتها 249.14 كيلومتر مربع وقد دفعت خزينة الجزء الغربي (المانيا الفيدرالية) لإتمام عملية إدماج المانيا الديمقراطية مبلغ 1.2 تريليون مارك غربي، وهو ما يوازي بالضبط 540 مليار دولار حتى عام 2000 فقط. هنا نحن أمام أغلبية سكانية ومساحة أراضي الدولة أكبر وهي التي تمول الوحدة وتخصص (للأقلية السكانية) والأقلية في المساحة 5 أقاليم مقابل الـ10 أقاليم التي تمتلكها. وفي الحالة اليمنية يوصف الجنوب بالأقلية، وعددياً صحيح من ناحية السكان، برغم أن مساحته ثلثا مساحة دولة الوحدة وهو الذي يمول ميزانية الدولة بأكثر من 75 ? ويرى الدكتور الفقيه استبدال المناصفة بتحديد نسبة (كوتا) لهم! إنها خصوصية يمنية في الرؤى. في إطار الوحدة المصرية السورية وكثافة سكان مصر وكبر مساحتها الجغرافية مقارنة بسورية فوجئت فيما قرأته في ملف صحيفة «العربي» المصرية بتاريخ2004/2/22 م العدد 897 عن ذكرى وحدة مصر وسوريا ما جاء في بيان الرئيس جمال عبدالناصر الى الأمة العربية مساء 1961/10/5م يطالب فيه جامعة الدول العربية بأن تشكل على الفور لجنة تحقق فيما يلي: «أن كل احتياطي الذهب وغطاء العملة السورية كما كان قبل الوحدة موجود بكامله في البنك المركزي في دمشق وتتأكد أيضاً أن الخزينة السورية تلقت نقداً من الخزينة المصرية غداة إتمام الوحدة 13.5 مليون ليرة سورية لمواجهة عجز الميزانية السورية في السنة السابقة للوحدة، وتقديم الإقليم المصري كل سنة ما قيمته 3 مليون جنيه مصري، وتقديمه تحويلات خلال فترة الوحدة بمبلغ 9 مليون جنية استرليني نقداً لمواجهة مطالب الاستيراد ...إلخ ذلك» هذا مثال آخر لأغلبية سكانية وجغرافية ولدولة محدودة الإمكانيات هي التي تتولى أعباء الوحدة وتعطى مع ذلك وجود تمثيل برلماني للسوريين + مجلس تنفيذي في كل من الإقليمين ...الخ. وفي ختام استعراض هذه التجارب الوحدوية نشير إلى ملاحظة وردت في مقالة الدكتور الفقيه أن الوحدة التى يفرضها النظام بالقوة غالباً ما تنتهي بالانهيار. نوضح بهذا الصدد أن عودة ألمانيا الديمقراطية الى الفيدرالية تم بسقوط جدار برلين وزحف جماهير ألمانيا الشرقية نحو الغربية. والوحدة المصرية السورية جاءت أساساً بطلب سوري وحماس الشعبين للوحدة وحين قررت أطراف سورية حل وحدتها مع مصر جاء موقف الرئيس عبدالناصر (وفق البيان ذاته ونفس المصدرالمشار إلية أعلاه) قوله «إنكم لتعرفون أنني اتخذت منذ أيام قرارا بألا تتحول الوحدة العربية بين مصر وسوريا إلى عملية عسكرية، وبناء على ذلك فلقد أوقفت جميع العمليات العسكرية .. واليوم أعلن إليكم جميعاً أنني إذا كنت قد رفضت أن تكون الحرب العسكرية وسيلة إلى تدعيم الوحدة فأنا أرفض الآن أن تكون الحرب الأهلية بديلاً لذلك». إنها مفارقة كبيرة مقارنة بمن رفعوا شعار «الوحدة المعمدة بالدماء» أو «الوحدة أو الموت» (لا يعرف هل فعلاًمن أجل الوحدة أم من أجل الثروة والسلطة التي كان سيخسرها البعض من حل دولة الوحدة). جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة الأيام للصحافة و النشر Designed & Hosted By MakeSolution.com |
#4
|
||||
|
||||
يرفع عالياً للدراسة وأخذ الفوائد . شكراً أبن حضرموت |
#5
|
|||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||
فعلاً مفارقة عجيبة ... والأعجب من هذا .. أن فرعون اليمن يضع صورته في المقررات الدراسية بجانب صورة عبدالناصر والشيخ زايد كرواد للوحدة العربية تماماً كالصعلوك بين الملوك |
#6
|
||||
|
||||
القضية الجنوبية ليست «كوتا نسائية»
«الأيام» د.محمد علي السقاف: ملخص: بسبب كثافة النص في الحلقة الثانية أُجل نشر البقية إلى العدد التالي. ففي إطار المحور الثاني حول القضية الجنوبية هل هي قضية أقلية خصصنا البند (1) لملاحظات أولية وفي (2) بعنوان: الجمهورية اليمنية هي نتاج دمج دولتين ذات سيادة، تناولنا في (أ) أمثلة لبعض التجارب الدولية للوحدة تحدثنا فيها عن تجربة الوحدة الألمانية ثم عن الوحدة المصرية السورية وإظهار الاختلاف بينهما القائم على أساس أن الوحدة الألمانية لم ينتج عنها ذوبان الدولتين الألمانيتين في دولة موحدة جديدة، وإنما من خلال عودة ألمانيا الشرقية التي ألغي كيانها كدولة إلى ألمانيا الاتحادية التي بقيت محتفظة بكيانها كدولة قائمة أضيفت إليها ألمانيا الشرقية، أما في حالة الوحدة المصرية- السورية فلم تكونا في الأساس موحدتين ثم انفصلتا في دولتين ذاتا سيادة لتقررا من جديد التوحد مثل حال ألمانيا فالوحدة بينهما في عام 1958م تمت لأول مرة بذوبان الشخصية الدولية للدولتين لصالح شخصية دولية جديدة متمثلة في الجمهورية العربية المتحدة. وقرار سوريا في عام 1961م حل رابطتها بمصر وعودتها إلى كيانها الأصلي قبل الوحدة مع مصر كدولة مستقلة. ونتناول الآن وضع دولة ج.ي.د.ش. في إطار العنوان الجمهورية اليمنية هي نتاج دمج دولتين ذات سيادة من منطلق الرد على مقالة الدكتور الفقيه بتخصيص نسب لتمثيل أبناء الجنوب كون المناصفة التي حظوا بها في السنوات الأولى من الوحدة لا يستحقونها وهو يتعارض مع مبدأ المساواة بين الدول أساس نشأة الجمهورية اليمنية كوحدة تمت بين دولتين ذاتا سيادة. (ب) وضع دولة ج. ي.د.ش استقلال اليمن الجنوبي في 30 نوفمبر جاء في إطار حق الشعوب في تقرير مصيرها المستند إلى بنود ميثاق الأمم المتحدة، وبهذه الصفة انضمت إلى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، فهي دولة قائمة بحد ذاتها تمتلك عناصر الدولة الثلاثة: الشعب، الإقليم، السيادة والهيئة الحاكمة، فقرار اتحادها باليمن الشمالي يحكمه مبادئ القانون الدولي المبني على المساواة الكاملة بين الدول التي تقيم اتحادا فيما بينها، وعلى أساس حق الشعوب في تقرير مصيرها الذي يجب أن يعبر عنه بكامل حريتها، دون ضغوط أو تهديد بالضم والإلحاق ويتم التعبير عن هذا الحق باستفتاء الشعب حول رغبته في التوحد أو الاتحاد مع دولة أخرى وهذا ما تم في الوحدة السورية- المصرية، ولم يتم في إطار الوحدة اليمنية، وهو أمر يؤسف له، أن الشعوب التي كانت تقع تحت نظام الحكم الذاتي للأمم المتحدة ولم تكن بعد دولاً ذات سيادة تم استفتاء شعوبها إما لحصولهم على الاستقلال للتحول كدولة مستقلة وإما في حالة رغبتهم في التوحد مع دولة أخرى، ومع ذلك حين نستعرض عناصر الدولة التي تتكون منها الدول: الشعب، الإقليم والسيادة، فإن تعداد أفراد الشعب لا يؤثر في المركز القانوني للدول، أي أن تكوين الدولة لا يتوقف على توافر حجم معين من السكان، وتوفر عنصر الإقليم في تكوين الدولة هو من العناصر المهمة التي تباشر الدولة عليها سلطاتها فلا دولة بدون إقليم بل إن تحديد قوة الدولة يعود إلى مدى اتساع رقعة الإقليم الذي تقوم عليه ومدى ما يتوفر لها من ثروات طبيعية، فالعناصر المكونة لإقليم الدولة هي 3 عناصر: الإقليم البرى ويشمل الأرض القائمة، والإقليم البحري من مياه داخلية أي المساحات البحرية التي تضم الموانئ والمضايق وكل المياه الموجودة قبل الخط الأساسي للمياه الإقليمية، ومياه إقليمية تباشر عليها الدولة سيادة كاملة باستثناء حق المرور. العنصر الثالث هو الإقليم الجوي ويشمل طبقات الجو التي توجد فوق إقليمي الدولة البري والبحري، فالحكم على اليمن الجنوبي في إطار الوحدة على أساس المعيار السكاني فقط لتبرير المكون الثالث للدولة السيادة والهيئة الحاكمة التي يقتضي وجودها في الدولة لتنفرد بالحكم هو أمر يخالف القوانين وواقع تكوين الدولة، فاليمن الجنوبي بفضل ثروته النفطية نحو 80% من إجمالي الثروة النفطية والغازية لدولة الوحدة وأكثر من 75% من موارد ميزانية الدولة مصدرها من إيرادات النفط واتساع طول اقليمها البحري، وما يزخر به من ثروات بحرية وبيئية واضافة مواقع استراتيجية من باب المندب إلى المحيط الهندي جعل من دولة الوحدة الوحيدة في المنطقة التي يجمع موقعها إطلالة على البحر الأحمر وبحر العرب والمحيط الهندي بعكس بقية القوى الإقليمية المحاذية لها، فمن السخافة إذن الحكم وتقييم أي دولة بعدد سكانها مجردة من عنصرها الإقليمي الذي تمثل فيه اليمن الجنوبي ثلثي مساحة الدولة الجديدة، لذلك لم يفت هذا الأمر على صاحب المقال الدكتور الفقيه. وسنتناول الآن الأفكار الموضوعة للسياسات المقترحة. ثالثاً: السياسات المقترحة تهدف إلى طمس وإلغاء الهوية الجنوبية وهي بدأت منذ البداية في تسمية الجمهورية اليمنية وكأنها دولة واحدة وليست دولتين في دولة كالـ (ج. ع.م) واتساقاً مع ذلك الحديث عن تشطير اليمن، ثم نادراً ما يذكر اسم (ج. ي. د.ش) وتسميته بدلاً من ذلك بالمحافظات الجنوبية في حين سمكن إطلاق هذا المسمى نفسه على تعز، إب والبيضاء. -1 سياسة الدمج: من الواضح أن مطالبة عبدالله الفقيه بإجراء عملية دمج سياسي واجتماعي وثقافي ليس لها هدف آخر إلا إلغاء الهوية الجنوبية فأساس الهوية هي الثقافة وحين يدعو إلى دمج الثقافة بحكم أن الذي يضع الثقافة هو الذي يحدد إلى حد كبير هوية المجتمع وفق رؤاه السياسية، فبدلاً من قبول وجود دولة تعدد الثقافات يفضل وجود دولة أحادية الثقافة التي هي ثقافة النخبة الحاكمة. -2 موضوع إعادة توزيع السكان: وهذه تعتبر من أخطر المقترحات التي دعا إليها الدكتور عبدالله الفقيه، وتذكر بتجارب أكثر الأنظمة الاستبدادية في التاريخ سواء من خلال سياسات الترانسفير للسكان من منطقة لأخرى أو إعادة توطين مجموعات بشرية من سكان المحافظات الشمالية لزرعها في المناطق الجنوبية عبر البدء بسياسة تدريجية من إطلاق شعار مسح آثار التشطير بين البلدين استعملت فيها أداة التقسيم الإداري، ومثال على ذلك تشكيل محافظة الضالع وفكها عن محافظة لحج بضم مديريات أخرى إليها، وتعديل قانون السلطة المحلية لعام 2000م الذي وضع شرطاً من شروط الترشيح بأن يكون المرشح مقيماً أو له محل إقامة ثابتة في الوحدة الإدارية في حين كان قانون عام 1991م قبـل الحـرب الأهليـة يشـترط أن يكون المرشـح من أبناء المنطقة المقيم فيها منذ سنوات طويلة. إطلاق رئيس الجمهورية منتصف 2006م بأنه بدلاً من تزاحم الناس ومشاكل الأراضي حيث يصعب حصول الشباب على قطع من الأرض لهم، اقترح توزيع أراض لهم في المناطق الساحلية في كل من عدن، لحج، وحضرموت وقامت الهيئة العامة للأراضي والتخطيط الحضري بالمسح والتخطيط لتحقيق هذا الغرض. إن إعادة توزيع السكان التي جاءت في مقالة الفقيه ستكون إحدى نتائجها إفراغ مضمون الاقتراح الذي كان قد أطلقه رئيس الجمهورية عند تدشينه للمجالس المحلية عدن (نوفمبر 2006م) بأنه اذا نجحت المجالس المحلية سيأتي عام 2010م وقد أصبحت حكومات محلية، ولكن برغم هذه الخطوة المتقدمة في اللا مركزية إلا أنها ستعني تحقيقها بعد أن تم إعادة توزيع السكان وطمس الهوية الجنوبية وتحولهم من الأغلبية السكانية في مناطقهم إلى أقلية سكانية ليس على مستوى دولة الوحدة فحسب بل أيضاً في إطار محافظاتهم الجنوبية. فأي حكم ذاتي قد يقر مستقبلاً لا معنى له إذا كان سكان المناطق الجنوبية أقلية في مناطقهم. إن الوحدة الوطنية معرضة للخطر في حال تنفيذ مثل هذه المقترحات التي تتعارض مع الأهداف من قيام دولة الوحدة وتتعارض مع أبسط مفاهيم الديمقراطية ويجب الوقوف ضدها والعمل على البحث عن حلول تتوافق مع متطلبات العصر أكثر من حلول فات عليها الزمان. تعليقات الزوار |
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
|
|
الساعة الآن 04:00 PM.