القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
#1
|
|||
|
|||
من سجل البطولات الخالدة لشعب الجنوب
من سجل البطولات الخالدة لشعب الجنوب
اربعون عامآ لانتفاضة 20يونيو 1967م المجيدة اطل عام 1967م و الثورة الشعبية المسلحة في الجنوب العربي تدخل منعطف حاسم في مسيرتها الظافرة . فقد انقضى عام 1966م و قد أثبتت الجبهة القومية قدرتها على السير منفردة بعد رفضها قرار الدمج و ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية والفدائية ضد قوات الاحتلال وعملائها وبشكل خاص بعد قرار المؤتمر الثالث للجبهة القومية الذي انعقد في حمر بتاريخ29/11/1966م وانتخاب القائد الشهيد سالم ربيع علي (سالمين) مسؤلآ عن العمل العسكري لجيِش التحرير والقطاع الفدائي0 وهكذا اطل عام 1967 مترافقا مع مجموعة من العوامل التي كانت تشير بما لا يقبل اللبس إن بريطانيا تغرق أكثر فأكثر في مستنقع الجنوب الثائر : _ فقد سحب البريطانيون مهمات الأمن الداخلي من البوليس المدني وسيطروا عليها عبر القوات البريطانية نفسها وقد كان دافعهم لذلك شكوكهم المتزايدة في ولاء بوليس المستعمرة لهم خاصة بعد القبض على احد مفتشي البوليس بتهمة الانضمام للثورة0 - إخفاق سلسلة ألإجراءات التي اتخذتها السلطة الاستعمارية في عدن إيقاف او حتى عرقلة مسيرة الثورة المظفرة مثل :توحيد أجهزة المخابرات القائمة ، رفع عدد كتائب لواء عدن (إيدن بريجيت ) من ثلاث إلى خمس كتائب ثم أضيف إليها لواء (24), تقسيم عدن الى أربعة محاور أمنية هي:المنطقة الغربية ( التواهي و القلوعة)، والمنطقة الوسطى(المعلا)، والمنطقة الشرقية (كريتر وخور مكسر)، والمنطقة الشمالية( الشيخ عثمان والمنصورة)، وتم توزيع القوات على أساس تلك المحاور 00وغيرها من الإجراءات التي لم تحقق اهدافها0 - نجاح الثورة في تصفية عدد من رؤوس أجهزة المخابرات محليين و بريطانيين كاد أن يقضي على فاعلية قسم المخابرات في عدن ولم تفد عملية دمج أجهزة المخابرات في تحقيق النتائج المرجوة 0 - التطور الواضح و الخبرة العسكرية التي اكتسبها الثوار حيث زاد نشاطهم كما و كيفا وتحسن إعدادا وتخطيطا وتنوعت الأسلحة المستخدمة في العمليات الفدائية و أصبح الفدائيون أكثر جرأة في الاقتراب من القوات البريطانية و الالتحام معها أثناء الاشتباكات. - الالتفاف الوطني الكبير حول الثورة والدعم الشعبي الحاسم الذي حظيت به. - قوة و صلابة البناء التنظيمي للجبهة القومية الذي يقوم على أساس نظام الخلايا السرية و حسن الاختيار للأعضاء والإعداد الصارم لهم للنهوض بمهمات العمل السري. - ومن العوامل المباشرة في زيادة وتيرة الكفاح المسلح الإعلان البريطاني في ورقة الدفاع البيضاء الصادرة في 22فبراير1966م بأنها ستنسحب من الجنوب عام 1968م. لقد مهدت كل هذه المتغيرات و الإحداث لاندفاعه أقوى للثورة المسلحة عام1967 , حيث انقضى عام 1966م وقد شهدت عدن لوحدها(480 )عملية فدائية (حسب التقارير البريطانية) . وكانت دعوة الجبهة القومية إلى الإضراب العام في التاسع عشر من يناير67 في ذكرى احتلال عدن استعراض واضح لقوة الجبهة القومية ولشعبيتها وقدرتها الجماهيرية والعسكرية 0 وبفعل النجاح الساحق للإضراب العام ولقوة العمليات الفدائية التي أدت إلى إلحاق (14)إصابة في صفوف قوات الأمن فيما استشهد فدائيان , قررت الجبهة القومية استمرار الإضراب في اليوم التالي كذلك 0 وعادت الجبهة القومية لتكتيك الإضراب العام مرة اخرى في11 فبراير 1967 ذكرى قيام الاتحاد الفيدرالي ,حيث تهيأت السلطات البريطانية للموقف بسحب صلاحيات حفظ الأمن نهائيا من البوليس المدني والبوليس المسلح إلى قوات الأمن البريطانية , وبالرغم من الإجراءات المشددة وقرار المندوب السامي بفرض منع التجول فقد شهدت عدن اشتباكات ضارية ومتعددة في مختلف المناطق وفي الشيخ عثمان بالذات , حيث بلغت عدد الهجمات ضد قوات البريطانية خلال الفترة 11 – 13 فبراير (66) هجوما ,لذلك اعتبرت الجبهة القومية يوم11فبراير يوما للشهداء0 و تواصلت العمليات الفدائية و النشاطات الجماهيرية المعادية للاستعمار و عملائه خلال ما تبقى من شهر فبراير ومارس 1967م . وشهد شهر إبريل1967م موجة جديدة من الصدامات الضارية التي ترافقت مع زيارة بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في الجنوب العربي، و التي بدأت زيارتها في الثالث من إبريل1967م حيث سبقتها حركة إضراب شامل لمدة سبعة ايام،توقفت خلالها الأعمال و المواصلات و لم تنقطع المظاهرات والاشتباكات. فمنذ اليوم السابق على وصول البعثة تفجرت المظاهرات التي حاولت القوات البريطانية تفريقها بإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع عليها من طائرات الهيلوكبتر فكانت الجموع تتفرق عند إلقاء قنابل الغاز...إلا أنها سرعان ما تعود للتجمع بعد انتهاء مفعول الغاز . و في الشيخ عثمان حاصرت الجموع الثائرة مركز البوليس و لم تفك الحصار إلا نجدة من القوات البريطانية المعززة بالمدرعات. وقد تمكن احد الفدائيين من تدمير إحدى مصفحات صلاح الدين حيث استشهد أثناء العملية. وكانت حصيلة العمليات الفدائية في أول ايام وجود البعثة في عدن (71) عملية فقدت خلالها القوات البريطانية (15) فردا من قواتها بين قتيل و جريح،فيما استشهد الفدائي البطل الذي دمر المصفحة. و في اليوم الثاني (الرابع من إبريل) تجنبت القوات البريطانية النزول الى الشوارع و تسيير الدوريات..إلا أن مواقعهم ظلت عرضة لإطلاق النار من قبل الفدائيين. اما في اليوم الثالث (الخامس من إبريل) فقد حاصر الثوار بعثة الأمم المتحدة نفسها عند زيارتها للمعتقلين في سجن المنصورة من خلال مهاجمة القوات البريطانية، المحيطة بالسجن و المتمركزة داخلة، بمختلف أنواع الأسلحة. و لم تستطع السلطات البريطانية إخراجها منه إلا تحت جنح الظلام و بواسطة طائرة هيلوكبتر. وكان اليوم الرابع(السادس من ابريل) هو الأشد على القوات البريطانية حيث تعرضت لأربعين هجوم في منطقة الشيخ عثمان وحدها و كانت المعارك فيها تأخذ طابع المواجهة مع القوات البريطانية وجها لوجه. و غادرت لجنة الأمم المتحدة عدن في السابع من ابريل و هي على قناعة تامة بالموقف الشعبي الكاسح المؤيد للاستقلال. و قد بلغت حوادث تلك الخمسة ايام (280) حادثة. و ابتداءآ من شهر مايو1967م بدأت القوات البريطانية في إجلاء المدنيين و الأسر البريطانية، كما بدأت عبر ميناء عدن ترحيل أجزاء من مكونات القاعدة البريطانية و مستودعاتها تمهيديا للانسحاب الكامل و المقرر في 1968م. و تم في نفس الفترة تعيين مندوب سامي جديد،حيث ثم استبدال السير ريتشارد ترينبول بآخر و هو السير همفري تريفليان الذي حددت له مهمة ترتيب انسحاب بريطانيا من دون كارثة،فقد كانت سلطة السلاطين في ولاياتهم تزداد تدهورا،و أصبح الاتحاد بلا قوة فعلية،و انقسم الجيش و الأمن بين ولائاتها القبلية و ولاء قطاع كبير منهما للثورة ،و ثبوت انغماس عدد متزايد من جنود و ضباط الجيش و البوليس في العمليات الفدائية ضد الاستعمار البريطاني و تهريب الأسلحة للفدائيين. لذلك كان من الضروري إعادة ترتيب أوضاع الجيش الاتحادي كي يصبح قادرا على تسلم زمام الأمور بعد الانسحاب البريطاني المقرر في 1968م. فصدر قرار السلطات البريطانية في الأول من يونيو1967م بإنشاء جيش الجنوب العربي من خلال توحيد خمس كتائب من جيش الاتحاد النظامي و أربع كتائب من الحرس الاتحادي، و التي وضعت تحت إشراف العميد داي(بريطاني). و تم تعيين العميد ناصر بريك العولقي قائدا للجيش، بينما توزعت المناصب الرئيسية الأخرى بصورة لم تقنع ضباط الجيش الجديد، فكان ذلك بمثابة إضافة جديدة للتوتر الحاصل في الجنوب بأسره بصورة عامة وفي صفوف الجيش بصورة أخص. حيث تقدم(12) من كبار ضباط الجيش بمذكرة إلى المجلس الأعلى لحكومة الاتحاد و المندوب السامي البريطاني يعبرون فيها عن عدم ارتياحهم للأوضاع في الجيش و قدموا عدد من المطالب التي رأوا أنها تساعد على تعزيز الانضباط و الوحدة في صفوف الجيش. و بينما هذه التفاعلات تعصف بالمنطقة...حدث زلزال الخامس من يونيو1967م وتلقت الجيوش العربية في مصر و سورية و الأردن هزيمة منكرة على يد الجيش الإسرائيلي الذي أستطاع احتلال أراض واسعة في كل من مصر وسورية والأردن و بسط سيطرته على كامل المدينة المقدسة (القدس). وبدلا من أن تسبب هذه الهزيمة حالة من الانكسار والتراخي وفقدان الثقة بالنفس في صفوف المجاهدين العرب والجماهير العربية إلا أن ألمرارة التي شعرت بها وعاشتها الجماهير كانت دافعا للصمود والتحدي. ولم يكن شعب الجنوب استثناء في ذلك فقد كان الإحساس الشعبي بأن بريطانيا حليفا لإسرائيل و ما أبداه جنود الاحتلال البريطاني من شماتة لهزيمة العرب وزعامة جمال عبد الناصر وزهوهم بالانتصار الإسرائيلي،دافعا للفدائيين لتشديد الضربات لرد الاعتبار للعروبة المجروحة وللقومية العربية. في هذا الجو المشحون بالتوتر كان من الطبيعي أن يؤدي ابسط احتكاك إلى إشعال حرائق.وكانت بداية الأحداث عندما قامت الحكومة الاتحادية بإيقاف أربعة ضباط من الذين وقعوا مذكرة المطالب التي رفعت إلى المجلس الأعلى لحكومة الاتحاد و إلى المندوب السامي البريطاني في 14/6/1967م. و كان ابرز الموقوفين كل من العقيد حيدر بن صالح الهبيلي و العقيد حسين عثمان عشال. وكان ذلك الموقف يعبر عن جهل وعدم إدراك لحجم الاستياء والنقمة لدى أفراد الجيش والشرطة العرب . وعند تسرب أمر التوقيف،قررت قيادة الجيش و الأمن وبالتنسيق مع الجبهة القومية (ذات التأثير الكبير في أوساط ضباط الجيش والأمن) قبول التحدي واستباق القرار عبر القيام بحركة تمرد بداية الدوام الأسبوعي أي السبت 20يونيو1967م . لكن ارتفاع حدة التوتر ادى الى تفجر المواجهة يوم الجمعة 19 يونيو أثناء محاولة ضباط وجنود معسكر (فقم) في البريقة الاستيلاء على المعسكر لكن القوات البريطانية نجحت في وأد الانتفاضة والسيطرة على الموقف. وفي نفس اليوم أعلن وزير الخارجية البريطانية من لندن سياسة حكومته القاضية بتحديد تاريخ الاستقلال وكذلك توفير دعم جوي من حاملات الطائرات البريطانية الراسية قرب شواطئ المنطقة للحكومة الاتحادية بعد الاستقلال. وبدلا من أن تكون تلك رسالة تطمين تساهم في تهدئة الأوضاع المتوترة،ساهمت من حيث لا يرغب مرسلوها،في تفاقم و تعقيد الموقف و زادت من إصرار الجبهة القومية و عناصرها في الجيش والأمن بضرورة اخذ زمام المبادرة والسير في مشوار التحدي والمجابهة إلى نهايته من خلال تصعيد الخلاف حول الضباط الموقوفين خاصة بعد أن اصبح من المؤكد سعي قوات الاحتلال وعملائها لتصفية خلايا الجبهة القومية المتغلغلة في صفوف الجيش والأمن. وفي يوم 20يونيو1967م كانت معسكرات الأمن والجيش التالية ساحة اندلاع انتفاضة20يونيو الباسلة:معسكر صلاح الدين ( في البريقه ) ، معسكر ليك (الشهيد عبد القوي حاليا) ، ومدينة الاتحاد (مدينة الشعب) ، ومعسكر شامبيون (النصر حاليا) ، ومعسكر البوليس المسلح (20يونيو حاليا)،وإن كان المعسكر الأخير هو الساحة الرئيسية لهذه الانتفاضة،وقد سارت تفاصيلها كما يلي وفق روايات من عايشها،حيث أن بعض التفاصيل المتعلقة بما حدث ذلك اليوم المشهود تم تجاهلها في بعض مما كتب حينها عن الحدث او ان ما تم تدوينه قد تم بعد مرور سنوات طويلة : 1. كانت البداية ليس في معسكر عبد القوي (معسكر ليك) بل في معسكر صلاح الدين في منطقة البريقة،ففي الصباح الباكر وفي تمام الساعة الخامسة فجرا اقتحم ضباط وأفراد الكتيبة العاشرة بقيادة المقدم احمد صالح بن لحمر مستودع الأسلحة واستولوا على ما فيه وسيطروا على المعسكر وأعلنوا تمردهم. 2. في السادسة صباحا قام الضباط والأفراد والمتدربون في معسكر ليك (عبد القوي) بمنع السيارات من نقل الموظفين الإداريين إلى أعمالهم في المعسكرات الأخرى،ثم تصاعد الشغب حيث قاموا بمداهمة مقر فرقة موسيقى الجيش وحطموا معدات وآلات الفرقة ثم هاجموا نادي الضباط وأشعلوا النيران فيه و احتلوا غرفة الحراسة وأطلقوا سراح المسجونين وقاموا باحتلال المعسكر وإطلاق النار وإحراق بعض المباني . 3. حوالي التاسعة امتد الهيجان إلى معسكر شامبيون (النصر) في خور مكسر حيث قام رجال الأمن بقيادة قائد المعسكر العقيد علي بن احمد العبدلي بتحطيم أبواب مخازن السلاح واستولوا على الأسلحة والذخيرة وتمركزوا فوق البنايات وعلى سور المعسكر وقاموا بإطلاق النار على الدوريات البريطانية الواقعة بين معسكر النصر ومعسكر ردفان فقتلوا وأصابوا (15) جنديا بريطانيا . اثر ذلك تقدمت قوة بريطانية نحو معسكر النصر من جهة المطار لاقتحامه وإعادة السيطرة علية فاطلقت عليها النيران وتوقفت واكتفت بحصار المعسكر من جهة المطار 0 4. وفي حوالي العاشرة قامت كتيبة الأمن المتمركزة في مدينة الإتحاد ( الشعب ) بقيادة المقدم محمد حسين الجنيدي باحتلال مبنى السكرتارية العامة والذي يضم معظم الوزارات العامة , كما احتلوا أيضا مقر المعتمد البريطاني في مدينة الاتحاد ومزقوا الإعلام البريطانية وحطموا زجاج بعض النوافذ . 5 . وفي معسكر البوليس المسلح (20يونيو) علم أفراد المعسكر أن القوات البريطانية تهاجم زملائهم في معسكر النصر , وللتأكد من ما يحدث كلف عبدالله العوسجى احد القياديين الرئيسيين للمجال التنظيمي للجبهة القومية في البوليس المسلح واحد العناصر المنخرطة في القطاع الفدائي , اثنين من العناصر لاستطلاع الأمور عن قرب , وهما الملازم ثاني عبد الله محمد الدباني وجندي سائق محمد صالح , وعند وصول سيارتهما إلى أمام معسكر النصر (شامبيون) أطلقت القوات البريطانية عليها النار واستشهد الاثنان على الفور . . وكانت الساعة حينها قد بلغت حوالي الحادية عشرة ظهرا . ولما علم زملائهما في معسكر ( 20 يونيو ) باستشهاد الاثنين دعت القيادة التنظيمية في المعسكر و التي كان من رموزها كل من عبدالله سالم العوسجي وسالم محمد باهرمز وآخرين جنود وضباط المعسكر الى التسلح لمواجهة القوات البريطانية والانتقام للمذابح التي تنفذها القوات البريطانية ضد جنود الجيش والأمن في مختلف المعسكرات . وبعد الاستيلاء على المعسكر اتصل المتمردون بقائد امن عدن العقيد عبدالهادي شهاب الذي حضر وابلغهم بضرورة ضبط النفس وعدم التهور والاحتفاظ بالذخيرة والامتناع عن إطلاق النار بلا مبرر ووجههم بضرورة الانتشار على أسطح البنايات المقابلة للمعسكر. وما ان اتخذ الجنود مواقعهم حتى تقدمت حوالي الساعة الثانية عشر ظهرا باتجاه المعسكر على شارع الملكة أروى سيارتي جيب دورية بريطانية وبلا أدنى تردد هاجمها جنود المعسكر فقتلوا (8) جنود بريطانيين فيما أصيب واحد تمكن من الاختباء في مدخل إحدى العمارات . وعلى دوي إطلاق النار أمام معسكر البوليس المسلح تقدمت سيارتان أخريان من موقع تجمع القوات البريطانية قرب المحكمة على الطريق البحري واطلقت عليها النيران كذلك فترجل ضابط وثلاثة جنود للاحتماء في محطة البترول الواقعة امام المعسكر بينما عاد البقية لطلب النجدة،لكن الرصاص لاحق الضابط والجنود الثلاثة فقتلوا جميعا. ونظرا لهذه الخسائر دفع البريطانيون في الثانية عشرة والنصف بمدرعة عسكرية وسيارتا جيب محملة بالجنود لكن كثافة النيران واستهداف جنود المعسكر المتمركزين على أسطح البنايات وخلف المتاريس التي تم إعدادها،للجنود البريطانيين الواقفين على برج المصفحة أرغم الطابور البريطاني على التراجع هو الأخر. كما حاولت طائرة هيلوكبتر التحليق فوق منطقة الاشتباك إلا أن النيران أطلقت عليها من المعسكر ومن أسطح العمارات وأصيبت إصابة مباشرة فسقطت على جبل شمسان. عند هذا الحد قررت القيادة البريطانية حشد قوة كبيرة معززة للهجوم على كريتر فبدأت بتجميع قوات على محورين الاول العقبة على طريق المعلا والثاني الخليج الامامي على طريق خور مكسر . وخلال توقف الاشتباكات ابلغ المواطنون قيادة المعسكر بوجود الجندي البريطاني الجريح المختبئ في مدخل إحدى العمارات.في هذا الموقف تجلت القدرات القيادية والخبرة والحنكة للعقيد عبد الهادي شهاب مدير امن عدن الذي لازم جنود المعسكر منذ لحظات التمرد الأولى فقد قرر استغلال الموقف إلى أقصى حد ممكن،حيث طلب من خمسة جنود لبس ملابس مدنية (معاوز ومشاد) ليظهروا كأنهم من الفدائيين مع أسلحتهم وابقى خمسة آخرين بالزي العسكري وطلب من الذين يلبسون الملابس المدنية التصرف وكأنهم يريدون قتل الجندي البريطاني بينما يقوم العسكريون بالدفاع عنه وحمايته ..وهكذا انطلت الحيلة على الجندي البريطاني المرعوب فأبلغ قيادته أن الذين يقاتلون هم الفدائيين بينما يحمي الجنود المدينة والمواطنين.. وفعلا تم تأجيل الهجوم البريطاني الذي كان مقررا لاقتحام المدينة واكتفى البريطانيون بمحاصرتها . واتصلت القيادة البريطانية بالعقيد عبدالهادي شهاب طالبة منه اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لحماية المؤسسات والمرافق في المدينة كما طلبوا سرعة سحب جثث الجنود البريطانيين القتلى . فأبلغهم العقيد شهاب ضرورة وقف اطلاق النار حتى يتمكن جنود الامن من سحب الجثث ونقلها . كانت تلك ساعات ضرورية لكي يتمكن المتمردون من تنظيم انفسهم وحتى يتمكن العقيد شهاب والمجال التنظيمي للجبهة القومية من تقييم الموقف وتحديد سبل التصرف . كانت كل تلك الأحداث تعمم أولا بأول للقيادات السياسية والعسكرية والأمنية عبر غرفة عمليات جيش الإتحاد التي كان يديرها منذ فجر ذلك اليوم كل من:المقدم عبد الله محمد محرن والرائد احمد صالح حاجب والرائد صالح أبو زنجبيله. وبينما كانت الاشتباكات بين الجنود المتمردين والقوات البريطانية تشتعل في كل المعسكرات في عدن..تحركت الكتيبة الرابعة المتمركزة في العند باتجاه عدن بقيادة المقدم سالم عبد الله المحلائي وقد دخلت فعلا مدينة الحوطة في لحج والجنود يطلقون النار في الهواء كتعبير عن إصرارهم الدخول إلى عدن لمساندة الانتفاضة الوطنية هناك. في ذلك الوقت تقريبا _حوالي الثانية عشره ظهرا_ استقبل العقيد حيدر بن صالح الهبيلي رئيس اركان جيش الاتحاد ( الموقوف عن العمل ) في منزلة في مدينة الشعب كل من: وزير الدفاع فضل بن علي العبدلي و وزير الأمن صالح بن حسين العوذلي و وكيل وزارة الأمن المستر ديلي،الذين ابلغوه بما آلت إليه الأوضاع..وابلغوه انه قد صدر قرار بعودة الضباط الموقوفين إلى العمل وان الخبر سيذاع عبر الإذاعة وطلبوا منه ابلاغ الضباط بذلك والتدخل لوقف حدوث المزيد من التدهور في الاوضاع ,وكان ذلك فعلاً مايقلق الضباط الموقوفين خاصةً وان القوات البريطانية قد بدأت بآتخاذ أوضاع واجراءات توحي بنيتها استخدام اقصى درجات القوة لإخضاع المعسكرات والجنود المتمردين مما سيؤدي الى سقوط الكثير من الضحايا ويلحق دماراً كبيراً . وبالفعل اتصل الهبيلي بعشال وشرح له الموقف ..واتفقا على الاتصال بكل من العقيد محمد سعيد شنظور والعقيد أحمد محمد عرب وتوجهوا جميعاً الى معسكر النصر اولاً حيث تم اللقاء بجنود المعسكر بقيادة العقيد علي بن احمد العبدلي وطلبوا منهم الهدوء واعادة الاسلحة الى المستودع , واكدوا لهم تراجع القيادة البريطانية عن قرار توقيف الضباط الاربعة ,فأستجاب جميع افراد المعسكر . ثم توجه القادة الاربعة الى الجانب الآخر من معسكر النصر الواقع جهة المطار حيث مواقع القوات البريطانية وطلبوا منهم الانسحاب كذلك فنفذوا الامر . فور اعادة الهدوء الى معسكر النصر توجه القادة الاربعة الى دار سعد لمنع الكتيبة الرابعة التي يقودها المقدم سالم عبدالله المحلائي والقادمة من معسكر العند من دخول عدن لأن القوات البريطانية قد استعدت لمواجهتها ومنعها من دخول عدن عند نقطة دار سعد وهو ما يعني تعرض الكتيبة لخسائر كبيرة بل وربما ابادتها على يد القوات البريطانية التي وضعت في حالة توتر قصوى بسبب الخسائر التي لحقت بها خلال الصدامات في ذلك اليوم . وفعلاً استطاع الضباط الاربعة الالتقاء بطابور الكتيبة الرابعة على الطريق عند نقطة بئر ناصر الواقعة بين دار سعد والحوطة ,وهناك اجتمعوا بهم و اوضحوا لهم مخاطر الاصرار على دخول عدن في هذا الظرف وانه لاداعي لاعطاء القوات البريطانية المتأهبة في دار سعد ذربعة الاصطدام بالكتيبة . وقد اقتنع ضباط وجنود الكتيبة واستداروا عائدين الى معسكرهم في العند . وبينما الضباط الاربعة عائدين الى منازلهم في مدينة الشعب التقوا بكل من المعتمد البريطاني و وزير الدفاع و وزير الامن على البوابة , فأبلغوهم بما حدث في مدينة كريتر ,عن التمرد وعن قتل البريطانيين واسقاط طائرة الهيلوكبتر وعن مسؤلية مقاتلين مدنيين وعناصر من شرطة عدن عن ذلك , وان قيادة الجيش البريطاني قد كلفت لواء مشاة مدعم بالمصفحات للدخول بالقوة الى كريتر لاخراج جثث القتلى البريطانيين مهما كان الثمن ومهما كان الدمار الذي سيلحق بالمدينة . عند ذلك قرر الضباط التوجه الى كريتر والدخول اليها عبر طريق العقبة ..وهناك قابلوا قائد اللواء البريطاني مع قواته وهم في حالة غضب شديد , فأبلغوه انهم سيدخلون الى كريتر لوقف اطلاق النار وسحب جثث القتلى الانجليز , لكن عليه بالمقابل تأجيل عملية الاقتحام للمدينة حتى يتم التفاهم مع القيادة العسكرية البريطانية . وكانت الساعة قد بلغت السادسة مساءاً تقريباً عندما دخلوا مدينة كريتر عبر العقبة وبعد تجاوز قمتها وبدأوا بالنزول من الجهة الاخرى لاحظوا وجود الفدائيين بملابسهم المدنية كتف بكتف بجوار جنود المعسكر والذين كانوا منذ ظهيرة ذلك اليوم يطلقون النار على القوات البريطانيه ويصدون هجماتها لاستعادة المدينة . ولاحظ العقيد الهبيلي مع المقاتلين شخص يعرفه وهو المناضل محسن موافي وعندما تعرف عليهم الثوار حيوهم بأطلاق النار في الهواء . فور وصولهم الى معسكر 20 التقى الضباط بقيادة المعسكر وعلى رأسهم العقيد عبدالهادي شهاب مدير امن عدن وقائد المعسكر فضل رامي وطالبوهم بضرورة الانضباط والاسراع بتسليم القتلى الانجليز للقوات البريطانية والذين تم وضعهم على سيارة نقل عسكرية وسلموا الى موقع القوات البريطانية على الطريق البحري (الخليج الأمامي ) حوالي السادسة مساءا . وخلال هذه الزيارة القصيرة ابلغ عبد الله سالم العوسجي العقيد حسين عشال (باعتبارهما ينتميان للجبهة القومية) أن الذخيرة على وشك النفاذ وأنهم بحاجة ماسة لذخيرة بشكل عاجل فرد عليه العقيد عشال بأنه سيرسل إليهم الذخيرة فور وصوله..وبالفعل أرسلت سيارتي نقل محملة بالذخيرة،لكن القوات البريطانية منعتها من المرور عندما حاولتا الدخول عبر الطريق البحري إلى كريتر. ومن جانب آخر التحم عناصر القطاع الفدائي المتواجدين في عدن عند اندلاع الاحداث مع اخوانهم من جنود وضباط الجيش والامن والذين كان عدد كبير منهم يشكلون الجزء الرئيسي لهذا القطاع الى جانب المنخرطين من المدنيين . لكن مساهمة القطاع الفدائي في الجبهة القومية لم تنحصر على قيادة وعناصر المجال التنظيمي في معسكر البوليس المسلح ( 20 يونيو ) بل تعداه الى القيادة السياسية والعسكرية بأهم وابرز رموزها . فمنذ اللحظات الاولى التحقت مجموعة الفدائيين المتواجدين في عدن بالمتمردين في المعسكر واشتركوا معهم في صد محاولات القوات البريطانية استعادة السيطرة على الموقف ... وكان على رأس هؤلاء الشهيد عبد النبي مدرم ... ومنهم الشهيد عدالله سالم طيحل (عباس ) والشهيد علوي حسين (فرحان ) والشهيد علي سالم يافعي , وآخرين .. تم تعززت هذه المشاركة بصورة حاسمة مع وصول القائد الشهيد سالم ربيع علي – المسؤل العسكري للجبهة القومية يرافقه عدد من العناصر القيادية والفدائيين منهم : علي صالح عباد (مقبل ) والشهيد عوض عبدالله ميسري , الشهيد الدهمشي وآخرين ... واتخذوا من مركز شرطة الحريق الواقع خلف معسكر البوليس المسلح مقراً لهم .. وشرع سالمين فوراً بالتنسيق مع المجال العسكري للمعسكر ومع العقيد عبدالهادي شهاب لتأمين الوضع وضمان السيطرة على المعسكر وعلى المدينة بأسرها من خلال الانتشار كذلك في المواقع المشرفة على الخليج الامامي والطريق البحري لقطع الطريق على عودة القوات البريطانية لأن هدف المواجهة لم يعد حماية المعسكر بل السيطرة على كريتر نفسها . يتبع في الاسفل |
#2
|
|||
|
|||
وهكذا استطاع العقيد عبد الهادي شهاب ان يوفر للثورة فرصة ذهبية لاحكام السيطرة على كريتر واحراز نصر سياسي وعسكري هام في تلك الاثناء .لقد احست القيادة السياسية العليا في الجبهة القومية بأهمية مايحدث . لذلك تحرك القائد الشهيد فيصل عبد اللطيف الشعبي من منطقة المعلا سيراً على الاقدام وعبر الطرق الجبلية الى كريتر حيث وصل الى منزل يعرفه في كريتر وطالما زاره واجتمع فيه بعناصر قيادية .. ذلك هو منزل المناضل سالم محمد باهرمز والواقع ضمن المنازل المدنية المحاذية للمعسكر ... وتم ارسال من يستدعي صاحب المنزل الذي كان منشغلاً بالاحداث الدائرة .. فحضر على عجل ليفاجئ بوجود قائد الثورة شخصياً في منزله .. وكانت الساعه حينها قد بلغت الخامسة بعد الظهر و بعد الاحاطة السريعة بالموقف ... اصدر القائد فيصل عبداللطيف توجيهاً بضرورة عقد لقاء سريع لقيادات المجالات المتواجده والمعنية بالاحداث لاتخاذ الاجراءات اللازمه للحفاظ على المدينة والسيطرة عليها اطول فترة ممكنة .
وهكذا دخلت القطاعات الجماهيرية والشعبيه الى الواجهة وتولت المناضلة نجوى مكاوي وعناصر القطاع الجماهيري مهمة دعم المقاتلين وتموينهم بالمياه والاغذيه .. بعد قطع المياه عن المدينة ونقل الاسر المتواجدة قرب مواقع الاشتباكات الى اماكن آمنة ، وهي الاجراءات التي مكنت الثوار من السيطرة على مدينة كريتر لمدة (18) يومآ رغم الحصار البريطاني . وعندما اسدل المساء استاره على مدينة كريتر لأول مرة وهي بيد الثوار .. كانت كريتر قد اصبحت ساحة لمعركة ارادات ومصائر .. تواجهت فيها العقول قبل البنادق ... ولكن المؤكد ان ثوار الجنوب الابطال قد انتصروا في المواجهة ... ولم تسقطهم سوى خناجر الغدر والتآمر . مهفوف ابين الباسلة |
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
|
|
الساعة الآن 01:53 PM.